النوم رحلة يومية للإنسان ورغم ذلك فهو لا يمل منها.. فهو فيها سلطان متوج يعيش في مملكة مسحورة يصعد فيها إلى السطح وينزل إلى الأعماق.. وكل فرد في هذه الرحلة له شخصيته الخاصة وطقوسه، واستعداداته بما يلائم هذا العالم المسحور..
النوم قديمًا وحديثًا
النوم عند الإغريق القدماء كان إلها يُعبد يسمى (هينوس) (hypnos) صُنعت له التماثيل، وصوروه على شكل طائر له جناحان يلمس بهما جباه البشر؛ فينقلهم إلى عالم الأحلام والسحر، وتم تصويره أيضًا على هيئة صبي غلب على عينيه النعاس الذي يمس رؤوس المتعبين فيرسلهم إلى مملكته، وتارة صوروه بصورة شيخ تعب من الحياة فنام على عصاه أثناء سفره..
وزعم (هوميروس) صاحب الإلياذة أن إله النوم يقيم في جزيرة اسمها (لمنوس) إحدى جزر بحر إيجه.
ولم يأخذ النوم اهتمام القدماء فقط بل اهتمت به الدراسات الحديثة.. ففي إحصائية أمريكية قام بها الباحثان "نورمان أودون" و"أليس شفاتز" تمت الإشارة إلى أن الإنسان يقضي ثلث عمره نائمًا، ورغم ذلك:
- فإن أكثر من 50% من الأشخاص الناضجين في العالم الغربي لا يستطيعون النوم بصورة جيدة.
- وإن ثلث هؤلاء يعانون من اضطرابات شديدة في النوم تجعلهم لا يذهبون إلى السرير إلا بعد تناول الحبوب المنومة.
- هناك 9 ملايين أمريكي يتناولون حبوب منومة بشكل منتظم.
- 15% من الشباب في العشرينيات مصابون باضطرابات النوم بسبب المراهقة ومشكلاتها.
- 75% ممن تجاوزوا الخمسين مصابون باضطرابات النوم بسبب الشيخوخة ومتاعبها.
طقوس خاصة
ولأن لكل رحلة استعداداتها الخاصة فإن للنوم كذلك طقوسه الخاصة.. فلكل منا طريقتهاالخاصة للإبحار في هذه الرحلة اليومية اعتاد عليها ولا يستطيع التخلي عنها..
يقول "أحمد إسماعيل" -23 سنة-: لا أستطيع النوم إلا مع وجود "راديو" بجانبي طوال فترة نومي سواء كان ذلك في الظهيرة أو المساء؛ فهذا يعطيني إحساسًا بوجود رفيق معي يؤنس فترة الليل.
وتخبرنا "شيماء أحمد" -21 سنة- بأنها قبل النوم تطلق العنان لخيالها؛ فتقوم بتأليف قصة كاملة تكون هي بطلتها؛ حيث تلتقي بشخصيات تعرفها أو تتخيلها، ويتم ذلك في حوالي نصف ساعة يوميًا قبل النوم وفي كل ليلة..!!
وتتذكر "أميرة مهدي" -22 سنة- موقفا حدث لها؛ فتقول: قبل النوم يجب أن أقوم بالاتصال بإحدى صديقاتي لنتحدث في بعض الأمور الخاصة بكل منا، ولكن في ليلة اتصلت بصديقة لي فلم أجدها وعندما استسلمت للنوم حلمت "بكابوس" عن هذه الصديقة فاستيقظت واتصلت بها في الرابعة فجرًا وبالطبع كان الوقت غير مناسب للاتصال، وهو ما سبب لي حرجًا كبيرًا!!
ويبدأ "معتز منصور" -25 سنة- طقوس النوم باختيار الوسادة التي تريح رقبته في البداية، ثم يغلق باب غرفته ليبدأ في القراءة وخاصة الروايات العربية، ثم يستسلم للنوم لأكثر من 10 ساعات حيث يمثل النوم له سعادة بالغة.
حدد شخصيتك
والغريب أن طريقة نوم الفرد يمكن من خلالها تحديد شخصيته وعاداته؛ ففي كتاب (أوضاع النوم.. اللغة الليلية للجسم) يشير د. صمويل دونكل خبير علم النفس التحليلي الأمريكي إلى 11 طريقة للنوم يتخذها الفرد عند نومه، وعلى أساسها تتحدد شخصيته:
الطريقة الأولى: تسمى "الوضع الجنيني" -أو الكروي- حيث تقترب الركبتان من الرأس؛ فيكون الجسد منحنيًا، والذراعان منثنيتين حول الوسادة أو البطن، والرأس يكون اتجاهه لأسفل. وصاحب هذه الطريقة انطوائي يخاف من المجتمع، متمسك بعلاقاته الأسرية، متقلب، اتكالي يحتاج للحماية.
الطريقة الثانية: تسمى "الوضع الانبطاحي" -أو النوم على البطن-، ويكون الظهر لأعلى. وصاحب هذه الطريقة محب للسيطرة، ذو علاقة بالآخرين، يكره المفاجآت والأشياء غير المتوقعة، يهتم بالتفاصيل، مرتب ودقيق، وهذا الوضع تفضله السيدات.
الطريقة الثالثة: تسمى الوضع "نصف الجنيني"؛ حيث يكون النوم على أحد الجانبين، ويكون الساقان متطابقتين واليدان كذلك. وصاحب هذا الوضع يحب التوافق والمصالحة مع الحياة، متزن يشعر بالطمأنينة، سعيد، يستطيع التكيف مع الظروف، يتصرف بشكل يرضي الآخرين.
الطريقة الرابعة: "وضع السباحة" حيث يستلقي الإنسان على ظهره، ويداه تحت رأسه ويضع ساقًا على ساق. وصاحب هذه الطريقة شخصية مفكرة يلجأ للعقل في تفسيره للحياة، وقد يدل على أن صاحبه مهموم.
الطريقة الخامسة: تسمى "وضع أبو الهول" حيث يمتد فيها جسم الفرد، ووجهه للأسفل، وركبتاه قريبتان من رأسه؛ فيكون الجسم كالقوس أو القنطرة. وهذا الوضع معروف بين الأطفال وخاصة الذين يخافون النوم. أما أصحابه من الكبار فهم يعانون من قلة النوم. ويعبر عن الرفض للاستسلام للنوم، ويعبر عن الحب في العودة لليقظة.
الطريقة السادسة: تسمى وضع "الصليب المعقوف" حيث يمتد الفرد على صدره ويكون رأسه جانبيًا، ويمد الساق السفلى، والعليا تكون منثنية، يده السفلى إلى الوراء والأخرى إلى الأمام.. ويدل على أن صاحبه مرتاح ومسترخ أيضًا، ويهرب من تعب نومه. فهذا الوضع أكثر راحة للجسم.
الطريقة السابعة: تسمى "الوضع الملكي" حيث يمتد الفرد على ظهره يمد رجليه إلى أقصى مدى، وتكون يداه بجانبه ملاصقتين للجسم أو بعيدتين. وصاحب هذا الوضع متعال نسبيًا، يحب أن يعترف الآخرون بعظمته، يثق بنفسه، يشعر بالأمان، ذو شخصية قوية، يرفض الاستسلام.
الطريقة الثامنة: تسمى "الوضع شبه الجنيني"؛ فيكون النوم جانبيًا مع مد إحدى الساقين السفلى أو العليا، وتكون الأخرى منثنية سواء السفلى أو العليا والذراع تحت الرأس. صاحب هذا الوضع يتكيف مع متطلبات الحياة، يشعر بالاطمئنان والرضا والقناعة، لا يخشى المجتمع والآخرين.
الطريقة التاسعة: تسمى وضع "السندوتش"؛ حيث توضع إحدى الساقين فوق الأخرى؛ فتكونان في وضع الالتصاق واليدان حرتان أو على الأجناب، وصاحب هذا الوضع يحب الامتثال والطاعة في حياته الشخصية، يسعى لإقامة علاقة متجانسة مع العالم.
الطريقة العاشرة: تسمى وضع "المومياء" حيث يضع الشخص الأغطية فوق رأسه مقيدًا نفسه بها، وهذا الشخص يكون منطويًا على نفسه يختبئ من العالم، ومن صفاته الجبن وعدم الشجاعة، ويخشى المواجهة مع الحياة.
الطريقة الحادية عشر: تسمى وضع "السلسلة المركبة"؛ حيث توضع القدمان أو إحداهما تحت الفراش، أو تكون القدمان مدلاتين على جانب السرير والكاحلان متقاطعين. وصاحب هذه الطريقة قلق، عاجز عن تحقيق تقدم، يخشى المجهول والغموض.
منقوول من إحدى المنتديات
;)