من الدوري الأسباني إلى نظيره الإيطالي مروراً بالدوري الإنجليزي، وصولاً إلى فتوى صادرة من دار الإفتاء المصرية تجيز للاعبين الإفطار في نهار شهر رمضان وما صاحبها من ردود أفعال واسعة، يتجدد في كل عام مع بداية شهر الصوم جدل كبير حول موقف اللاعب المسلم المرتبط بمباريات رسمية من أداء فريضة الصيام.
وقد ارتفعت وتيرة الجدل العام الحالي بشكل غير مسبوق، فالأندية الأوروبية الكبرى وعلى رأسها إنتر ميلان والبارسا والريال واليوفي وأرسنال وتشيلسي وغيرها تضم في صفوفها عدد كبير من اللاعبين المسلمين، ولم يعد الأمر قاصراً على الأندية الصغيرة البعيدة عن الرصد الإعلامي، وأصبحت القضية مطروحة للنقاش بصوت مسموع على المستويين العربي والعالمي بعد أن كان طرحها في السنوات الماضية يأتي على استحياء شديد.
</SPAN>لا للتفريط في الفريضة
كعادته أصر فريدريك كانوتيه نجم أشبيليه على صيام شهر رمضان رغم ارتباطه بمباريات فريقه في الدوري الإسباني، وقال كانوتيه في تصريحات لموقع «جول»: «احترام ديني وألتزم بتعليماته قدر المستطاع، أحياناً يكون من الصعب الالتزام بالصيام خاصة ان حرارة الجو تكون مرتفعة في جنوب إسبانيا، ولكنني قادر على تحمل الصعوبات وأشكر الله على ذلك، وهناك العديد من اللاعبين المسلمين في مختلف الدوريات بإنجلترا وإسبانيا وفرنسا لا يعلم أحد عنهم شيئا، لأنهم لم يفصحوا عن ذلك حتى لا يضطروا إلى الالتزام بواجبات دينهم».
بنزيمة والثنائي ديارا
وأشار تقرير لصحيفة «آس» الإسبانية ان ثلاثي ريال مدريد كريم بنزيمة ومحمد ديارا ولاسانا ديارا لا يتنازلون عن الصوم، وسوف يستفيدون من برنامج تدريبي خاص ونظام تغذية معين أعده الجهاز الفني والفريق الطبي للنادي الملكي بشكل خاص لهؤلاء النجوم طوال شهر رمضان لكي لا ينخفض مستواهم البدني ولا يحدث تعارض بين أداء الفريضة والمشاركة في المباريات. ونقلت الصحيفة تصريحات للاعب وسط الريال محمد ديارا قال فيها: «سألتزم بالصوم مهما بلغت صعوبة الأمر، فكل مدرب تعاملت معه كان يحترم ذلك، إنه شهر واحد ولا يوجد أي ضرر إذا التزمنا بصومه». وفي الدوري الإيطالي يتمسك لاعب اليوفنتوس محمد سيسوكو بالصيام، وعلى خطاه يسير أنيلكا نجم تشيلسي، كما يتمسك غالبية النجوم العرب في أوروبا بفريضة الصوم. على الجانب الآخر أعلن سمير نصري لاعب أرسنال وكولو توريه لاعب مانشستر سيتي «خلال تواجده مع أرسنال سابقاً» انهما لا يستطيعان الصوم في الأيام التي تقام خلالها المباريات الرسمية، ووفق المنهجية ذاتها في التعامل مع فريضة الصوم ووفقاً لما أوردته صحيفة «سبورت» الإسبانية فقد أعلن ثلاثي فريق برشلونة يحيى توريه وإيريك أبيدال وسيدو كيتا أنهم لا يستطيعون الصوم في الأيام التي تقام خلالها المباريات، ويحافظون على الفريضة في بقية الأيام على أن يقوموا بتعويض الأيام التي أفطروها فيما بعد. وخلال الموسم قبل الماضي اصطدم الفرنسي فرانك ريبيري «بلال» نجم بايرن ميونيخ مع مدرب الفريق في حينها أوتمار هيتسفيلد الذي طالبه بعدم الصوم للحفاظ على لياقته البدنية، ولكن اللاعب أصر على الصيام، قبل أن يلجأ إلى أحد رجال الدين بناء على نصيحة زوجته الجزائرية للحصول على فتوى بجواز الإفطار في أيام المباريات. المحترفون العرب في أوروبا على مدار السنوات والعقود الماضية واجهوا مشاكل كبيرة مع أنديتهم في شهر رمضان، نتيجة إصرار بعضهم على الصيام، رغم الضغوط المختلفة التي تعرضوا لها من المدربين. وكانت البداية لتفجير القضية من خلال نور الدين النيبت قائد المنتخب المغربي ولاعب توتنهام وديبورتيفو لاكورونا المعتزل الذي كان يصوم رمضان مهما كلفه ذلك من عواقب. وأكد النيبت انه لم يستطع أن يعتدي على قيمه الاسلامية التي تطبع شخصيته أينما حل، حيث قال :»لا يوجد من يستطيع منعي من الصوم، مهما كلفني ذلك لأنني تعودت على تطبيق فرائض الدين الإسلامي، ثم إن كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لله وحده وهو يجزي به» كما سبق أن أشار النجم المغربي المعتزل عزيز بودربالة الذي احترف في عد أندية بسويسرا وفرنسا، انه كان يصر على الصوم رغم معارضة الأندية التي لعب لها، مؤكداً انه تمكن من إقناع المدربين بالسماح له بذلك، وقال إن الله كان له عونا حيث لم يظهر دون مستواه المعهود في أي مباراة خلال شهر رمضان، بل كان يشعر بقوة خفية تحفزه على بذل الجهود، والأمر نفسه أكده صلاح الدين بصير، المحترف الأسبق في ديبورتيفو لاكورنا. وارتبط اسم لاعب المنتخب المصري أحمد حسن خلال تواجده في أندرلخت البلجيكي بمعاناة اللاعب العربي في أوروبا خلال شهر الصيام، فقد تم حرمانه من مباريات فريقه في دوري أبطال أوروبا بسبب تمسكه بالصوم، وفيما بعد رضخ مدرب أندرلخت لرغبة اللاعب ومنحه فرص المشاركة وهو صائم، فظهر أحمد حسن بشكل جيد أجبر الجميع احترام رغبته . وكان الحارس المغربي السابق بادو الزاكي خلال تواجده في مايوركا الأسباني يحافظ على الصوم عدا أيام المباريات، وهو ما كان يفعله المصري أحمد حسام «ميدو» خلال 9 سنوات أمضاها في الملاعب الأوروبية، ومن نجوم الجيل الحالي الذين يتعاملون مع شهر رمضان بالطريقة ذاتها الجزائري عبد القادر غزال لاعب نادي سيينا الإيطالي الذي أكد ان صيامه يقتصر على أيام الإجازات فقط، حيث أكد قناعته ان اللاعب لا يستطيع تقديم أقصى قدراته أثناء الصيام. وفي تصريحات لشبكة «يورو سوبرت» قال : «كنت ملتزما بصيام رمضان كاملاً من قبل، ولكنني الآن أصوم فقط أيام الإجازات، وأفطر أيام التدريبات والمباريات، وأوضح أن بعض اللاعبين المسلمين يفطرون فقط أثناء المباريات ويصومون في التدريبات المعتادة، مثل زميله حسين خارجة لاعب جنوة». وعلى العكس من غزال هناك العديد من اللاعبين العرب قد أكدوا أنهم لا يتنازلون عن أداء فريضة الصوم في الشهر الفضيل، وفي مقدمتهم الجزائري مجيد بوقرة لاعب جلاسكو رينجرز الأسكتلندي. ومن جانبه قال لاعب جزائري آخر وهو عنتر يحيى لاعب بوخوم: «من المستحيل أن أتخلى عن الجذور، أنا متمسك بتعاليم الدين الإسلامي وأصوم بشكل اعتيادي».