للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 51
" أيما أهل بيت من العرب والعجم أراد الله بهم خيراً أدخل عليهم الإسلام , ثم تقع الفتن كأنها الظلل " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 80 :
رواه أحمد ( 3 / 477 ) , والحاكم ( 1 / 34 ) , والبيهقي أيضاً في " الأسماء " ( ص 117 ) , وابن الأعرابي في " حديث سعدان بن نصر " ( 1 / 4 / 1 ) .
وقال الحاكم : " صحيح وليس له علة " . وأقره الذهبي وهو كما قالا .
وروى الحاكم ( 1 / 61 - 62 ) من طريق ابن شهاب قال : " خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح , فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة , فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه , وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة , فقال أبو عبيدة : يا أمير المؤمنين , أأنت تفعل هذا ?! تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك , وتأخذ بزمام ناقتك و تخوض بها المخاضة ?! ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك ! فقال عمر : أوه لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ! إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام , فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله " .
وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي , وهو كما قالا .
وفي رواية له : " يا أمير المؤمنين , تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على حالك هذه ? فقال عمر : إنا قوم أعزنا الله بالإسلام , فلن نبتغي العز بغيره " .
( الظلل ) : هي كل ما أظلك , واحدتها ظلة , أراد كأنها الجبال والسحب .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 52
" إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 81 :
وسببه كما رواه " أبو أمامة " رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ماله ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له , فأعادها ثلاث مرات , يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له . ثم قال .... " فذكره .
رواه النسائي في " الجهاد " ( 2 / 59 ) وإسناده حسن كما قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4 / 328 ) . والأحاديث بمعناه كثيرة تجدها في أول كتاب " الترغيب " للحافظ المنذري .
فهذا الحديث وغيره يدل على أن المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إذا لم يقصد به وجه الله عز وجل , وفي ذلك يقول تعالى : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً , ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ) . فإذا كان هذا شأن المؤمن فماذا يكون حال الكافر بربه إذا لم يخلص له في عمله ? الجواب في قول الله تبارك وتعالى : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً ) .
وعلى افتراض أن بعض الكفار يقصدون بعملهم الصالح وجه الله على كفرهم , فإن الله تعالى لا يضيع ذلك عليهم , بل يجازيهم عليها في الدنيا , وبذلك جاء النص الصحيح الصريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو : " إن الله لا يظلم مؤمناً حسنته , يعطى بها ( وفي رواية : يثاب عليها الرزق في الدنيا ) ويجزى بها في الآخرة , وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا , حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 53
" إن الله لا يظلم مؤمناً حسنته يعطى بها ( وفي رواية : يثاب عليها الرزق في الدينا ) ويجزى بها في الآخرة وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 82 :
أخرجه مسلم ( 8 / 135 ) , وأحمد ( 3 / 125 ) , ولتمام في " الفوائد " ( 879 ) الشطر الأول .
تلك هي القاعدة في هذه المسألة : أن الكافر يجازى على عمله الصالح شرعاً في الدنيا , فلا تنفعه حسناته في الآخرة , ولا يخفف عنه العذاب بسببها فضلاً عن أن ينجو منه .
وقد يظن بعض الناس أن في السنة ما ينافي القاعدة المذكورة من مثل الحديث الآتى : عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب , فقال : " لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار , يبلغ كعبيه , يغلي منه دماغه "
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 54
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب , فقال :
" لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 83 :
رواه مسلم ( 1 / 135 ) , وأحمد ( 3 / 50 - 55 ) , وابن عساكر ( 19 / 51 / 1 ) وأبو يعلى في " مسنده " ( ق 86 / 2 ) .
وجوابنا على ذلك من وجهين أيضاً :
الأول : أننا لا نجد في الحديث ما يعارض القاعدة المشار إليها , إذ ليس فيه أن عمل أبي طالب هو السبب في تخفيف العذاب عنه , بل السبب شفاعته صلى الله عليه وسلم , فهي التي تنفعه . ويؤيد هذا , الحديث التالي :
عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : يا رسول الله , هل نفعت أبا طالب بشيء , فإنه كان يحوطك ويغضب لك ? قال : " نعم , هو في ضحضاح من نار , ولولا أنا ( أي شفاعته ) لكان في الدرك الأسفل من النار " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 55
عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : يا رسول الله , هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويغضب لك ? قال :
" نعم هو في ضحضاح من نار ولولا أنا ( أي شفاعته ) لكان في الدرك الأسفل من النار " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 83 :
رواه مسلم ( 1 / 134 - 135 ) , وأحمد ( 1 / 206 , 207 , 210 ) . وأبو يعلى( 213 / 2 و 313 / 2 ) , وابن عساكر ( 19 / 51 / 1 ) واستقصى طرقه وألفاظه .
فهذا الحديث نص في أن السبب في التخفيف إنما هو النبي عليه الصلاة والسلام , أي شفاعته - كما في الحديث قبله - وليس هو عمل أبي طالب , فلا تعارض حينئذ بين الحديث وبين القاعدة السابقة , ويعود أمر الحديث أخيراً إلى أنه خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم , وكرامة أكرمه الله تبارك وتعالى بها حيث قبل شفاعته في عمه وقد مات على الشرك , مع أن القاعدة في المشركين أنهم كما قال عز وجل : ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) , ولكن الله تبارك وتعالى يخص بتفضله من شاء , ومن أحق بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنبياء ? عليهم جميعاً صلوات الله .
والجواب الثاني : أننا لو سلمنا جدلاً أن سبب تخفيف العذاب عن أبي طالب هو انتصاره للنبي صلى الله عليه وسلم مع كفره به , فذلك مستثنى من القاعدة ولا يجوز ضربها بهذا الحديث كما هو مقرر في علم أصول الفقه , ولكن الذي نعتمده في الجواب إنما هو الأول لوضوحه . والله أعلم .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 56
" كان يأكل القثاء بالرطب " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 84 :
رواه البخاري ( 2 / 506 ) , ومسلم ( 6 / 122 ) , وأبو داود ( رقم 3835 ) والترمذي ( 1 / 339 ) , والدارمي ( 2 / 103 ) , وابن ماجه ( 3325 ) وأحمد ( 1 / 203 ) , وأبو الحسن أحمد بن محمد المعروف بابن الجندي في " الفوائد الحسان " ( ق 2 / 1 ) , من حديث " عبد الله بن جعفر " مرفوعاً ,
واللفظ لأبي داود , والترمذي , وقال الآخرون : " رأيت " , بدل : " كان " .
وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .
وفي رواية لأحمد ( 1 / 204 ) بلفظ : " إن آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى يديه رطبات , وفي الأخرى قثاء , وهو يأكل من هذه , وبعض من هذه " .
وفي إسناده نصر بن باب وهو واه . وعزاه الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 38 ) للطبراني في " الأوسط " في حديث طويل , وقال : " وفيه أصرم بن حوشب وهو متروك " .
وكذلك عزاه إليه فقط الحافظ في " الفتح " ( 9 / 496 ) وقال : " في سنده ضعف " .
وفاتهما أنه في " المسند " أيضاً كما ذكرنا , وفي عبارة الحافظ تهوين ضعف إسناده مع أنه شديد كما يشير إلى ذلك قول الهيثمي في رواية : " وهو متروك " .
ولذلك أقول : إن الحديث بهذه الزيادة ضعيف , ولا يتقوى أحد الإسنادين بالآخر لشدة ضعفهما , نعم له شاهد من حديث أنس بن مالك بلفظ : " كان يأخذ الرطب بيمينه والبطيخ بيساره , فيأكل الرطب بالبطيخ , وكان أحب الفاكهة إليه " .
ولكنه ضعيف أيضاً شديد الضعف , فقال الهيثمي : " رواه الطبراني في " الأوسط " , وفيه يوسف بن عطية الصفار , وهو متروك " .
ومن طريقه أخرجه الحاكم ( 4 / 121 ) , وذكر أنه تفرد به يوسف هذا .
قال الذهبي : " و هو واه " .
وقول الحافظ فيه : " وسنده ضعيف , فيه ما قلناه آنفا في قوله المتقدم في حديث ابن جعفر . وهو مع الضعف المذكور فقد ذكر " البطيخ " بدل القثاء . لكن لهذا أصل عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أنس رضي الله عنه و يأتي بعد هذا .
وأخرج أبو داود ( 3903 ) وابن ماجه ( 3324 ) عن عائشة قالت : " كانت أمي تعالجني للسمنة , تريد أن تدخلني على رسول الله صلى الله عليه وسلم فما استقام لها ذلك حتى أكلت القثاء بالرطب , فسمنت كأحسن سمنة " .
وإسناده صحيح . وعزاه الحافظ لابن ماجه والنسائي , وكأنه يعني في " السنن الكبرى " . قال : " وعند أبي نعيم في " الطب " من وجه آخر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبويها بذلك " .
قلت : وينظر في إسناده .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 57
كان يأكل البطيخ بالرطب فيقول :
" نكسر حر هذا ببرد هذا وبرد هذا بحر هذا " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 86 :
رواه الحميدي في " مسنده " ( 42 / 1 ) , وأبو داود ( 3835 ) , والترمذي ( 1 / 338 ) وأبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري في " الفوائد " ( ق 144 / 1 ) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 103 ) , وكذا أبو جعفر البحتري في " الفوائد " ( 4 / 77 / 2 ) , وأبو بكر بن أبي داود في " مسند عائشة " ( 54 / 2 ) من حديث " عائشة " رضي الله عنها .
وقال الترمذي :" حديث حسن غريب " .
قلت : وإسناد الحميدي صحيح على شرط الشيخين , وإسناد أبي داود حسن , والزيادة له , وعزاه الحافظ ( 9 / 496 ) للنسائي بدونها وقال : " سنده صحيح " .
وله شاهد من حديث أنس مثل رواية النسائي أخرجه ابن الضريسي في " أحاديث مسلم بن إبراهيم الأزدي " ( 5 / 1 ) بسند رجاله ثقات . ورواه ابن ماجه ( 3326 ) من حديث سهل بن سعد , لكن إسناده واه جداً , فيه يعقوب بن الوليد كذبه أحمد وغيره . ففي حديث عائشة غنية .
قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 3 / 175 ) بعد أن ذكره بالزيادة : " وفي البطيخ عدة أحاديث , لا يصح منها شيء غير هذا الحديث الواحد , والمراد به الأخضر وهو بارد رطب , وفيه جلاء , وهو أسرع انحداراً عن المعدة من القثاء
والخيار , وهو سريع الاستحالة إلى أي خلط كان صادفه في المعدة , وإذا كان آكله محروراً انتفع به جداً , وإن كان مبروداً دفع ضرره بيسير من الزنجبيل ونحوه وينبغي أكله قبل الطعام , ويتبع به , وإلا غثى وقيأ .
وقال بعض الأطباء : إنه قبل الطعام يغسل البطن غسلاً , ويذهب الداء أصلاً " .
وهذا الذي عزاه لبعض الأطباء قد روي مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه لا يصح , وقد سبق الكلام عليه في " الأحاديث الضعيفة " ( رقم 144 ) , فليراجعه من شاء .
وقوله : " المراد به الأخضر " , هو الظاهر من الحديث . ولكن الحافظ رده في " الفتح " وذكر أن المراد به الأصفر , واحتج بالحديث الآتي , ويأتي الجواب عنه فيه . وهو : " كان يأكل الرطب مع الخربز يعني البطيخ " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 58
" كان يأكل الرطب مع الخربز . يعني البطيخ " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 87 :
رواه أحمد ( 3 / 142 , 143 ) وأبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 105 / 2 ) والضياء في " المختارة " ( 86 / 2 ) عن جرير بن حازم عن حميد عن " أنس " مرفوعاً .
ثم رواه الضياء من طريق أحمد حدثنا وهب بن جرير حدثني أبي به نحوه ثم قال : " وروي عن مهنا صاحب أحمد بن حنبل عنه أنه قال : ليس هو صحيحاً , ليس يعرف من حديث حميد ولا من غير حديث حميد , ولا يعرف إلا من قبل عبد الله بن جعفر .
قلت : - والله أعلم - رواية أحمد له في " المسند " يوهن هذا القول أو ( يؤيد ) رجوعه عنه بروايته له وتركه في كتابه وحديث عبد الله بن جعفر في " الصحيحين " . قال : " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب " .
قلت : وإسناده صحيح , ولا علة قادحة فيه , وجرير بن حازم وإن كان اختلط فإنه لم يحدث في اختلاطه كما قال الحافظ في " التقريب " , ولذلك صحح إسناده في " الفتح " ( 9 / 496 ) بعد أن عزاه للنسائي . يعني في الكبرى . ثم قال : " و( الخربز ) وهو بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء وكسر الموحدة بعدها زاي نوع من البطيخ الأصفر , وقد تكبر القثاء فتصفر من شدة الحر فتصير كالخربز كما شاهدته كذلك بالحجاز , وفي هذا تعقب على من زعم أن المراد بالبطيخ في الحديث الأخضر واعتل بأن في الأصفر حرارة كما في الرطب , وقد ورد التعليل بأن أحدهما يطفئ حرارة الآخر .
والجواب عن ذلك بأن في الأصفر بالنسبة للرطب برودة , وإن كان فيه لحلاوته طرف حرارة . والله أعلم " .
أقول : وفي هذا التعقب نظر عندي , ذلك لأن الحديثين مختلفا المخرج , فالأول من حديث عائشة , وهذا من حديث أنس فلا يلزم تفسير أحدهما بالآخر , لاحتمال التعدد والمغايرة " لاسيما وفي الأول تلك الزيادة " نكسر حر هذا ببرد هذا ... " ولا يظهر هذا المعنى تمام الظهور بالنسبة إلى الخربز , ما دام أنه يشابه الرطب في الحرارة . والله أعلم .
من فوائد الحديث
قال الخطيب في " الفقيه والمتفقه " ( 79 / 1 - 2 ) بعد أن ساق إسناده إلى عبد الله بن جعفر : " في هذا الحديث من الفوائد أن قوماً ممن سلك طريق الصلاح والتزهد قالوا : لا يحل الأكل تلذذاً , ولا على سبيل التشهي والإعجاب , ولا يأكل إلا ما لابد منه لإقامة الرمق , فلما جاء هذا الحديث سقط قول هذه الطائفة , وصلح أن يأكل الأكل تشهياً وتفكهاً وتلذذاً . وقالت طائفة من هؤلاء : إنه ليس لأحد أن يجمع بين شيئين من الطعام , ولا بين أدمين على خوان . فهذا الحديث أيضاً يرد على صاحب هذا القول ويبيح أن يجمع الإنسان بين لونين وبين أدمين فأكثر " .
قلت : ولا يعدم هؤلاء بعض أحاديث يستدلون بها لقولهم , ولكنها أحاديث واهية , وقد ذكرت طائفة منها في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " , فانظر( رقم 241 , 257 ) .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 59
" يا علي أصب من هذا فهو أنفع لك " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 89 :
رواه أبو داود ( 3856 ) والترمذي ( 2 / 2 , 3 ) وابن ماجه ( 2442 ) وأحمد ( 6 / 364 ) والخطيب في " الفقيه والمتفقه " ( 225 / 2 ) من طريق فليح ابن سليمان عن أيوب بن عبد الرحمن بن صعصعة الأنصاري عن يعقوب بن أبي يعقوب عن " أم المنذر بنت قيس الأنصارية " قالت : " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي رضي الله عنه , وعلي ناقه ولنا دوالي معلقة , فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها , وقام علي ليأكل , فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي : مه إنك ناقه , حتى كف علي رضي الله عنه , قالت : وصنعت شعيراً وسلقاً , فجئت به , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره " .
و قال الترمذي : " حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث فليح " .
قلت : وهو مختلف فيه وقد ضعفه جماعة , ومشاه بعضهم واحتج به الشيخان في " صحيحيهما " , والراجح عندنا أنه صدوق في نفسه وأنه يخطىء أحياناً فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى إذا لم يتبين خطؤه . وقد أخرج حديثه هذا الحاكم في " المستدرك " ( 4 / 407 ) وقال : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . وإنما هو حسن فقط كما قال الترمذي . والله أعلم .
قال ابن القيم رحمه الله في " زاد المعاد " ( 3 / 97 ) بعد أن ساق الحديث : " واعلم أن في منع النبي صلى الله عليه وسلم لعلي من الأكل من الدوالي وهو ناقه أحسن التدبير , فإن الدوالي أقناء من الرطب تعلق في البيت للأكل بمنزلة عناقيد العنب , والفاكهة تضر بالناقه من المرض لسرعة استحالتها وضعف الطبيعة عن دفعها , فإنها بعد لم تتمكن قوتها , وهي مشغولة بدفع آثار العلة وإزالتها من البدن , وفي الرطب خاصة نوع ثقل على المعدة , فتشتغل بمعالجته وإصلاحه عما هي بصدده من إزالة بقية المرض وآثاره , فإما أن تقف تلك البقية , وإما أن تتزايد . فلما وضع بين يديه السلق والشعير أمره أن يصيب منه , فإنه من أنفع الأغذية للناقه , ولاسيما إذا طبخ بأصول السلق , فهذا من أوفق الغذاء لمن في معدته ضعف , ولا يتولد عنه من الأخلاط ما يخاف منه " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 60
" نهى عن الوحدة : أن يبيت الرجل وحده , أو يسافر وحده " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 90 :
رواه أحمد ( 2 / 91 ) عن عاصم بن محمد عن أبيه عن " ابن عمر " مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد صحيح , وهو على شرط البخاري , رجاله كلهم من رجال الشيخين , غير أبي عبيدة الحداد واسمه عبد الواحد بن واصل فمن رجال البخاري وحده وهو ثقة . وعاصم بن محمد هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري و قد روى عن العبادلة الأربعة ومنهم جده عبد الله بن عمر . والحديث أورده في " المجمع " ( 8 / 104 ) وقال : " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح " .
وقد رواه جماعة عن عاصم بلفظ آخر , وهو :
" لو يعلم الناس في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده ( أبداً ) " .