السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرض كاواساكى من امراض الإلتهاب المناعى بالاوعية الدموية يصيب الشرايين متوسطة الحجم بما فيها الشرايين التاجية بالقلب ويكون مصحوب بارتفاع شديد فى درجة الحرارة . وقد تم وصف هذا المرض فى عام 1967 بواسطة العالم اليابانى توميساكو كاواساكى ولذلك سمى باسمه . واهمية المرض تكمن فى إصابة الشرايين التاجية بالالتهاب والتمدد واحيانا بالانسداد وذلك كان يحدث فى حوالى 20 % من الحالات قبل اكتشاف العلاج وهذا المرض ياتى فى مقدمة امراض القلب المكتسبة فى الاطفال فى بعض الدول مثل الولايات المتحدة اما فى مصر وغيرها من البلدان النامية فمازالت الحمى الروماتيزمية التى تصيب صمامات القلب تحتل الصدارة .
سبب المرض :
سبب المرض مازال مجهولا ولو ان المؤشرات البيئية والإكلينيكية توحى بوجود عدوى ميكروبية وراء الالتهاب المناعى الذى يسبب المرض وقد يكون هناك استعداد وراثى للتفاعل المناعى فى هذه الحالات . كما ان ندرة حدوث المرض فى الرضع قبل سن 4 شهور يؤشر الى وجود مناعة مكتسبة من الام وكذلك غياب المرض تقريبا فى البالغين قد يعنى وجود مناعة مكتسبة لديهم . والمرض فى الاطفال ليس نادرا حيث يتم تشخيص 3000 حالة سنويا فى الولايات المتحدة وحدها وقد تم الإبلاغ عن 170000 حالة فى اليابان منذ اكتشافه وقد كثر تشخيص المرض فى مصر مؤخراً وهو يحتاج إلى حس اكلينيكيى متيقظ من الاطباء لاكتشافه وقبل وصف المرض كان الاطباء فى كل مكان بالعالم يخطئون فى تشخيصه كإحدى حالات الحصبة الشديدة او الحمى القرمزية او بعض انواع امراض المناعة الذاتية .
الظواهر الإكلينيكية :
يصيب المرض اساساً الاطفال الصغار حيث تظهر 80% من الحالات قبل سن 5 سنوات ونادرا ما يحدث فى المراهقين او البالغين . ويبدا عادة بحمى تصل إلى 40ه م او اعلى وحتى عندما تنخفض الحرارة لا تصل إلى المعدلات الطبيعية كما لا تستجيب للعلاج بالمضادات الحيوية . وقد يستمر ارتفاع درجة الحرارة إلى اسبوع او اسبوعين فى حالة عدم تناول العلاج المناسب وقد تطول المدة إلى 3 او 4 اسابيع فى بعض الحالات وكلما طالت مدة الحمى كلما زادت إحتمالات تاثر الشرايين التاجية .
ويصاحب المرض احمرار شديد بالعينين ولكن بدون إفرازات (عماص) وكذلك إحتقان شديد بالصور حلق واللسان وجفاف وتشقق بالشفتين وتورم وطفح جلدى احمر اللون باليدين والقدمين كما قد يحدث طفح جلدى بباقى الجسم وخصوصاً منطقة المقعدة والعانة والتى قد يحدث بها تسلخ شديد. ومن اعراض المرض ايضاً حدوث تضخم بالغدد الليمفاوية وخصوصا بالرقبة على ناحية واحدة ويكون قطر الغدة الواحدة اكثر من 1.5 سم من حيث المقاس .
وبعد اسبوع على الاقل من ظهور الاعراض يبدا تقشر الجلد حول اظافر اليدين والقدمين وقد ينتشر التقشير فيشمل اليد او القدم كلها وقد يصحب المرض ايضاً حالة من البكاء والتهيج الشديد وخصوصاً فى الرضع كما قد يحدث فى بعض الاحيان التهاب بمفاصل اليدين او الركبتين او الفخذين فى بداية المرض او خلال الاسبوع الثانى او الثالث منه . ونادراً قد يحدث إسهال او التهاب بمخرج البول او بالاذن الوسطى او الكبد او المرارة او اغشية المخ .
واهم اعراض مرض كواساكى هى تلك التى تصيب القلب حيث قد يحدث التهاب بعضلة القلب وزيادة بالنبض او التهاب بالغشاء التيمورى وارتشاح بسيط حول القلب خلال الاسبوع الاول من المرض . اما الشرايين التاجية فتصاب فى حوالى 20 % من الحالات التى لا تتلقى اى علاج وعادة ما يحدث هذا خلال الاسبوع الثانى او الثالث من المرض فيحدث التهاب بجدار الشريان التاجى مما قد يسبب تمدد فى الجدار يصل احياناً إلى درجة التمزق او الانفجار او يحدث تجلط وانسداد بالشريان التاجى وبالتالى ذبحة صدرية . وقد يصيب المرض الشرايين باماكن اخرى من الجسم ولو ان هذا اقل شيوعا .
طرق التشخيص :
لا يوجد اختبار معملى يجزم بوجود المرض ولكن التشخيص يكون فى المقام الاول بالفحص الإكلينيكى الواعى والدقيق . ويتم تشخيص المرض عند استمرار ارتفاع درجة الحرارة ارتفاعا شديداً لاكثر من 5 ايام بدون سبب واضح مع وجود اعراض مصاحبة من السابق ذكرها . ونادرا ما يحدث المرض بدون وجود كل الاعراض مما يمثل تحدى حقيقى للطبيب حتى يتمكن من التشخيص ويطلق عليها الحالات غير الكاملة ويتطلب هذا درجة عالية من اليقظة والحس الإكلينيكى وفى كل الاحوال فإن وجود إصابة بالشرايين التاجية مع ارتفاع شديد بدرجة الحرارة كاف لتشخيص الإصابة بمرض كواساكى .
ومن اكثر الظواهر المعملية حدوثا فى مرض كواساكى وجود ارتفاع فى سرعة الترسيب وعدد خلايا الدم البيضاء والبروتين التفاعلى سى (C-reactive Protein) ونقص فى نسبة الهيموجلوبين . كما يزداد عدد الصفائح الدموية بصورة ملحوظة بعد الاسبوع الثانى حيث قد يصل عددها فى بعض المرضى إلى معدلات عالية جداً وقد يستمر هذا لاسابيع عديدة حتى بعد خمول اعراض المرض.
ومن اهم الاختبارات التى يجب ان تجرى للطفل تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية (Echocardiography) وذلك لتشخيص الإصابات التى تحدث بالشرايين التاجية او عضلة القلب او الغشاء التيمورى ويجب عمل هذا الفحص عند التشخيص ثم بعد اسبوعين ثم بعد 6 او 8 اسابيع من بداية الاعراض ولو لم تحدث اى إصابة للشرايين التاجية حتى الاسبوع الثامن يكون الطفل إن شاء الله بمامن من حدوثها ولو ان بعض المراكز تفضل فحص القلب مرة اخرى بعد سنة من بداية المرض للتاكد من سلامته . وفى حالة وجود إصابة بالشرايين التاجية يتم إعادة الفحص بالموجات فوق الصوتية على مسافات اقرب ولمرات متعددة وقد يحتاج الطفل فى بعض الاحيان لعمل قسطرة لتصوير الشرايين التاجية بالصبغة .
علاج المرض
يجب علاج الطفل بالاجسام المضادة المناعية بالوريد فور التشخيص وذلك بالمستشفى وتحت اشراف طبى دقيق حيث تحقن بالتنقيط على مدى 10 – 12 ساعة كما يعطى الطفل عقار الاسبرين تحت الإشراف الطبى بالجرعة المناسبة ثم تقلل إلى جرعة اصغر كثيرا بعد انتهاء المرحلة الحادة من المرض ويستمر ذلك خلال فترة النقاهة . وهذا ويجب التاكد من عدم وجود انيميا الفول قبل العلاج بعقار الاسبرين .
ومركبات الكورتيزون ليست من العلاجات المناسبة لهذا المرض إلا فى حالات نادرة جداً والطبيب المختص وحده هو الذى يستطيع تحديدها . وقد يحتاج بعض الاطفال إلى علاجات اخرى مثل موانع او مذيبات تجلط الدم او التدخل الجراحى لعلاج الشرايين التاجية فى بعض الحالات . هذا ويجب الرجوع للطبيب قبل إعطاء اى ادوية اخرى او تطعيمات اثناء مسار المرض .
المضاعفات ونتاج المرض :
يكون الشفاء كاملا وبدون آثار دائمة إذا لم تصاب الشرايين التاجية وهذه يمكن علاجها ايضا بفضل الله . والعلاجات الحديثة قد جعلت المرض سهل المداواة وخصوصاً لو بدات فور حدوث الاعراض اى ان التشخيص المبكر يكون شديد الاهمية وبهذا فإن نسبة الوفاة تكون اقل من واحد فى كل الف حالة ونادرا ما يحدث تكرار لهذا المرض وذلك فى 1 – 3 % من الحالات فقط . ويكون المرض اكثر شدة فى الرضع خلال السنة الاولى من العمر وفى الذكور وفى الاطفال الذين تستمر الحمى لديهم لاسابيع عديدة او الذين ترتفع درجة حرارتهم مرة اخرى بعد إنحسارها لفترة او عند وجود بعض الظواهر المعملية مثل الانيميا او نقص الصفائح الدموية فى بداية المرض او الارتفاع الشديد فى كرات الدم البيضاء او انخفاض الالبومين والاجسام المناعية ج فى الدم وتحتاج هذه الحالات بالذات الى رعاية خاصة وفحص دقيق لشرايين القلب .
عن الجمعية المصرية للحساسية ومناعة الاطفال.