بسم الله الرحمن الرحيم
يجلس كل منا أمام حاسوبه .. كل يحدّق في شاشته .. ونتساءل .. ما هذا العالم العنكبوتي؟! .. وماذا يعني لنا؟!
تبدأ الرحلة في هذا العالم العجيب .. يسيطر علينا الذهول .. والفضول .. ومع هذا نستمر نضرب على لوحة المفاتيح ..
لتئن تحت وطأة أنامل لا تتوقف .. ونحرك الفأرة يمنة ويسرة .. نفتح هذه النافذة ونغلق تلك
نختار روابطاً .. نتبعها لنرى أين تقودنا .. نبحر في عالم غامض بعمق بحر بلا قرار .. ندخل غرفاً ودردشات ..
ونتنقل بين مواقع ومنتديات .. نبحث عن حقائق وأوهام !!
قد نبحث عن الفائدة .. وأشياء نحتاجها .. مهارية ومعارفية .. لتطوير الذات ولتوسيع المدارك والمعارف ..
وقد نستهلك الوقت للتسلية .. أو حتى للتعارف
حيث نبحث .. ربما .. وبعشوائية المفتقد لحب أو صُحبة عن أشخاص .. لا نعرف حقيقتهم .. لنقترب منهم تدريجياً ..
فنعتاد عليهم .. ويعتادوا علينا
نحادث بعضنا .. ونتحدث عن همومنا ..
اهتماماتنا .. نتسامر .. ونتحاور
وحين نجتمع في ملتقى واحد .. قد نشكل مجموعات صغيرة .. ونتحد أحياناً ضد خصوم مزعومة ..
نختلق معها صراعاً .. أو اختلافاً
ونكتب .. وننتظر أن تبرز أسمائنا .. بإطراء الآخرين ومديحهم .. وننشد الإنصاف لما نطرح .. أو حتى تنطلي علينا المجاملات كوسيلة للتقرب .. حين نكون محط الأنظار .. أو الهدف
نبحث عمّن يهتم بنا .. ويلحظ تواجدنا ..
ويفرح بلقائنا من خلال بوحنا .. وقرائتنا في حروفنا
نصدّق المعرّفات .. وهي تخفي وراءها ما تخفي من الأشخاص .. والأجناس .. والنوايا .. والرزايا .. فتتمكن منا نشوة القرب إلى معرّفات معينة .. مزيّفة أو حقيقية .. أو قسوة الابتعاد عنها
في أحاديثنا .. " ماسنجرياً أو منتدياتياً " .. قلوب تلتقي بعفوية وصدق .. تحتضن بعضها بصدق مشاعر .. ونقاء سرائر
وقلوب يعشق أهلها التلاعب .. كما هي الثعالب .. فتخلق الألم .. من الوهم .. بزائف علاقات .. ومغامرات
حماقات .. وصفعات .. تلطم القلوب .. وتخجل منها الوجوه .. فتقتل الأمل في الصدق .. والنقاء
وعبث .. في جسور صدق ممدودة .. وخبث في نفوس مصدودة
نثق .. نفضفض .. ونجد من ينصت .. ونحترق .. فننثر ألماً ما .. نـَصدُق .. ونجد من يشمت .. ويمقت
آهات .. ونزف .. نغمات .. وعزف ..
وإبداعات .. يرسمها الحرف
نمازح هذا .. نداعب ذاك .. نعيش اللحظات بعفوية ..
بإحساس الفرد داخل أسرته .. وقد نلقى القبول ..
وكذلك الرفض ..
فليست كل النفوس تقبل التوشح بثياب السرور ..
وليست كل الوجوه بشوشة فهناك .. من اعتاد الكآبة ..
ليُجرّم الآخرين على لحظات المرح .. أو حتى الفرح
ابتسامات .. ضحكات .. إيحاءات .. اختلافات .. خلافات .. افتراءات .. اتهامات .. وافتقادات في الغياب ..
وتجاهلات في الحضور ..
وتناقضات في التعاطي مع مختلف الحالات .. وفي شتى الأمور
انتقادات وحساب .. على كل صغيرة وكبيرة ..
ربما دون وضوح للأسباب
فالسياط جاهزة لمن يخالف الرأي ..
والمديح حاضراً لمن ينضم إلى الركب !!
أقلام تشارك .. تتلمس طريق الإبداع .. وأقلام تبارك ..
وتهوى الاستمتاع .. وأقلام تعشق خوض المعارك ..
من لا شيء .. ولا تقبل الإقناع !!
معلقات تكتب في قلوب مجهولة .. ومذكرات .. تـُسلـَب .. وتـُنسَب لعقول مشلولة .. شلل فكر .. وإعاقة ابتكار
سرقات .. وبجاحة .. وإدعاءات .. بوقاحة
معرّفات .. تسرق الحرف .. وتخالف العُرف ..
فتقلب الحق باطلاً .. والباطل حقاً .. دون رادع .. أو وازع
وهناك .. حيث تسكن النوايا الصادقة .. أقفاص أرواح واثقة .. تنشأ صداقات .. فعلية .. ونقية .. تتكون تلقائياً .. وتتوثق وتقوى بالمحبة في الله .. فتتجه بصدقها خارج محيط العنكبوتية ..
لتصبح واقعاً يُعاش .. فتبقى لأمد
مشاعر مختلفة .. متفاوتة .. لحياة نشعر بجمالها .. متناقضاتها .. حقيقتها المؤقتة .. وما نلبث إلا ونصحو على وهم .. أو ربما .. صدمة .. أو شعور صادق بصدق قلوب أشخاص حقيقيين !!
كل منا .. له من المشاكل ما يضنيه .. ويحتاج من يستمع إليه .. يحاوره .. يشاوره .. يشد من أزره .. ويواسيه
جرأة ووضوح .. وإقدام على التعبير والبوح .. وأسرار تـُقال .. وأعذار .. وأهوال .. وشكاوى من الأقدار
أشياء لا نقولها للأشخاص الحقيقيين في حياتنا .. القريبين منا .. ولكن .. لا نتردد في سردها من خلف شاشة ..
لمن نعتقد أنهم محل ثقة .. حتى وإن كانوا .. وهماً
رغم جنون الفكرة .. في مجملها .. وربما غبائها أصلاً .. تبقى الحقيقة أننا نرتاح لأسماء وهمية .. كأصحابها ..
وأننا نثق في أصدقاء بلا وجوه .. !!
هكذا نحن دائما بصفاء القلوب نعشق المجهول ..