إذا حصل وكانَ هُنالكَ زوغَان إملائي ، فأعتَذر ..
الطُرق الموحلة لا تَشتَكي قُبحها .
فقط تَحملُ الأصحابَ الأحذية الفارهة إلى منازلهم مَع مزيد مِن الوحل العالق أسفَل الحِذاء
تُجيدُ فن الإنتقام
***
لا يهُم كَم عددُ المرات التي إستقبلني فيها المَطر عندَ أرصفة البلدة .
أو النار !
الألم لا يرحَلُ بعيداً , السماء غائمة دائماً في بلدتي .
الخيال مُجرد أشجار تصدِرُ حَفيفاً كَ أصواتِ الرعود ، في بلدَتي .
لا يُوجد خيال !!
صوتُ الرعد حَقيقِي ، و لا أشجار هنا ..
فقط عُشبٌ أصفر رطب بالدم ، و فأرة رآجفه مبتلّه بماء المطر !!
***
كَم عددُ القَطرات التي تسقُط من فُوق ؟
لا أحد يعُد ...!
هَل هي قطراتُ مطر ، أم قطراتٌ من حديد ؟
لَم يسأل أحد ..!
ربما أسقطَت الأرملة العجُوز دلوها الموحل من فُوق سَقيفتها لتسقُط على مظلة الشيخ الهَرم فَ يقُول :
" ماعادَت يدي تتحَملُ وقعَ المَطر ، على ما يَبدو !! "
و يَمضي "((
لا أحد يُفكر مِن أينَ أتى ..
أو هَل ما ينزُلُ من سماءِ مدينتنا مطر ؟!
أو هل تلكَ السّماء غائمة ؟ أم هُو تَلوث الهواء !!
وهل تلكَ الرعود تصادُم سحاب ؟ أم صوتُ مدن تتنَهد قاذفة من جوفها أرواحَ البشر ؟
لا أحد يسأل ..
مادُمتَ حياً ، لا شَيء يهُم سوى ذلك ، في مدينتي !!
***
المَطر ، دائماً . دائماً . دائماً
الرجال بأوشِحة سوداء !
النساء بقفاز أسود .
الأطفال بحذاء أسود و بنطال بُني ، ربما لأنهُم أبرياء ... مازالوا !!
الطُرق مكان للعُبور فَقط ..
لا باعَه ، لا متَسولين ، لا سائقي أجره ! و لا عُشاق ..
فقط مكان لركل قَطرات الماء الساقِطة ،و بقايا المخلوقات ، و المضي قُدماً مَع حذاء متسخ .
لا ملمّع للأحذية في بلدتي ..
***
في بلدتي .
السماء دائماً غائمة .
لا كُسوفَ للشمس و لا صباح ..
فقط أبخره قَهوة على عتبات المقاهي ، تخبِرُنا أن نستيقظ . و أن الصبحَ أتى ..
الليل و النهار لا يميزُهما إلا تُوقف المذياع بعدَ الساعة العاشرة ، و خلودُ العجائز للنوم ..!!
الرعد لا يتُوقف مع حلول الليل .
و السماء تبرُق دائماً ..
و الأطفال مَرعُوبون تحتَ الفراش ، يتقاذفونَ الدور الأول ..!
***
الجَميع يمتَلكُ مجرى للدموع على خديه .. إذا لم يكُن الدمعُ حفرها فقد حفرتها قطراتُ المطر ..
أو قد شوهتها المدافع .!
البكاء معتادٌ في مدينتي ، لا أحد يرغب أن يراه الناس يضحَك ..
السماء في المدينة غائمة ، قلوب البَشر غائمة أيضاً ، المياة هنا لا جَفافَ لها ..
وَ البُكاءُ أصبَح عادة مفرحَه ، ربما !!
الكُل يتباشَر بزفافِ أطفالِه إلى السماء ..
نحنُ البشر في بلدَتي نمتَلكُ معجِزة كبيرة ، نَستطيعُ الطيران إلى السماء دُون طائرة ! دُون جناح أيضاً ..!!
***
السماء غائمة ، لا نجومَ و لا قمر و لاشمس ..
البحر يمتلِكُ لونَ العتمة فقط .
لماذا تخبرنا الجرائد أن البحر أزرق اللون . جَدتي أيضاً تَقُول أنه كانَ أزرقاً !!
إنهُ رمادِي كَلونِ السماء ،
لا ألوان ..
فقط بقَعُ الدم على الأرصفة ..
و عدا ذلك فلا يملِكُ لوناً حتى وأوجُه النساء ..!
السماء غائمة في مدينتي ، و لون المَطر يتحول إلى الأحمر غالباً !!
لدينا رجال يتقمصون دور نافورَة الماء ، لكِن لا أحد يستَمتِع بهذا ، كما يحدُثُ في " السيرك " ، غالباً !!!
لدينا نهر بلون أحمر ، لكِنه لم يسجَل كأحد غرائب العالم !!
و لَم يخلق منه مركزاً للسياحة !!
***
في بلدَتي ، لا أحد !
فَقط الموت وَ الإحتضار ...
لَم تُخلف السماء الغائمة الكَثير ..
أخذتهُم جَميعاً إليها ..
لكِنها أعطتنا الكثير من المطر ، و الكثير من الثقة ، وَ الرغبة في الإنتقام !!
وتاريخ طويل ، حافل .. سيضجَرُ أبنائنا من دراستِه ، بينما نَموت نحنُ بداخِله "((