كثيرا ما تتحطم الاحلام الوردية التي يرسمها المقبلون علي الزواج على
ارض الواقع، أو سرعان ما ينغمس الزوجان في مشاكل الحياة اليومية
والضغوط المتزايدة التي تهدد العلاقة الزوجية بالتفكك.
وبالطبع هناك عوامل عديدة تلعب دورا مهما في تفكك أو تماسك العلاقة بين
الزوجين، منها ما يتعلق بمستوى الوعي والثقافة العامة، والحالة المادية
والظروف الاقتصادية، اضافة إلى البيئة والوسط الذي تعيش فيه الاسرة.
وللاسف نقول ان الاطفال يدفعون ضريبة كبيرة من جراء الحرب الباردة التي
تتميز بها الكثير من العلاقات الزوجية هذه الايام، اذ ان الاطفال تتأثر
حالتهم النفسية والجسدية والذهنية ايضا، فيصابون من جراء ذلك بالاكتئاب
والشرود الذهني وعدم التركيز، والتأخر الدراسي والاضطرابات المرضية،
وذلك تبعا لنوع الصراع القائم بين الزوجين، مدى حدته.
الوعي والاحترام تتعرض العلاقة الزوجية للتصدع لاسباب عديدة كما اشرنا،
والتي يمكن معالجتها اذا ما امتلك كل من الزوجين الوعي واحترم الواحد
منهما الاخر، واذا ما كان الحوار هو اللغة السائدة بينهما، اذ ان
الحوار الهاديء هو الوسيلة المثلى لتجاوز الازمات مهما بلغت ومعالجتها
بالشكل الامثل.
ولكن ما يحدث بين العديد من المتزوجين يتجلى بغياب لغة الحوار الهاديء
اذ يحل مكانه الانفعال والصراخ، ووصف الاخر بسيل من الاتهامات، ولهذا
نرى ان الوضع يتفاقم تدريجيا، وتزداد الهوة بين الزوجين مع مرور
الايام، اذ عندما ينعدم الاحترام تذوي المحبة وتموت، وتتجلى خطورة هذه
المشكلة اذا كان الاطفال هم المشاهدون الصامتون للمسرحية التي تتكرر
بين الحين والاخر، ولأتفه الاسباب، اذ يؤثر ذلك في صحة الطفل النفسية،
لكونه يجد نفسه غير قادر على حل الصراعات المتتالية، ولان الزوج أو
الزوجة يقحم الواحد منهما الاطفال في مشهد من مشاهد المسرحية.
فالطفل من جراء ذلك، ينطوي على نفسه، يبكي حينا، ويدفن حزنه في اعماقه
حينا اخر، ويصاب بالاكتئاب والقلق والوهن العام، وتضعف قدرته على
التركيز ويكثر من احلام اليقظة بحثا عن حل لهذه المشكلة، ومن جانب اخر
تزداد المسافة بين الزوجين ويصابان بالفتور العاطفي والجنسي، وتستمر
العلاقة بينهما كزوجين من حيث الظاهر حيث يعيشان تحت سقف واحد ولكن
تفصلهما عن بعضهما مسافات شاسعة جدا، ويتحول البيت الذي كان يطلق عليه
عش الزوجية السعيد، إلى قفص من حديد، يحاول كل واحد من الزوجين الخروج
منه بمفرده دون الاخر، لان كل زوج يدور في فلك خاص به، وبسبب التباعد
النفسي والتصدع الذي طال البنيان العائلي والعلاقة بين الزوجين، فان
محاولات الانتحار تكثر، والادمان بأنواعه يزداد، إذ يصبح البيت بمثابة
الفندق أو القبر المظلم.
ارشادات تبدأ المشكلة بين الزوجين لاسباب تافهة في البداية، فقد تكثر
الزوجة من الطلبات رغم الظروف المادية التي لا تسمح بتحقيق ذلك، أو قد
تكثر الشكاوى والتذمر والاتهامات المتبادلة بالتقصير والتي تتفاوت بين
التصريح والتلميح، وشيئا فشيئا تزداد الهوة التي يصعب ردمها مع مرور
الوقت.
لهذا كله وللحفاظ على علاقة جميلة ومتجددة مليئة بالحب والحيوية ننصح
باتباع الارشادات التالية: ـ الاحترام المتبادل.
ـ الثقة بالنفس وبالشريك.
ـ التضحية في سبيل تحقيق السعادة للطرف الآخر.
ـ الفصل بين مشاكل العمل والبيت.
ـ تنظيم المهام من جهة ومشاركة الزوجين للاعمال المنزلية.
ـ تخصيص وقت كاف للحوار الصريح والنقاش الهادف وتبادل وجهات النظر بما
يتعلق بالبيت وظروف الحياة المادية والعلاقات الاجتماعية وغيرها.
ـ عدم التذمر أو الصراخ أو القيام بأي سلوك سلبي امام الاطفال، ولدى
الضرورة يفضل مغادرة المنزل بعيدا عن الاطفال، الذين لم يخلقوا
ليتجرعوا مرارة التعاسة.
ـ احترام كل زوج لخصوصية الاخر.
ـ تخصيص اوقات لتبادل الاحاديث الودية وكلمات الاطراء واسترجاع
الذكريات الجميلة.
ـ الاحتفال بالمناسبات الخاصة المتعلقة بالزوجين والحياة العائلية.
ـ عدم الجلوس لساعات طويلة امام التلفزيون أو بين صفحات الجرائد، حيث
يسود الصمت لوقت طويل، اذ ان الصمت يهدد العلاقة الزوجية بالفتور.
ـ القيام برحلات خاصة أو ممارسة الرياضة كل صباح.
الاتصال بالهاتف بين الحين والاخر بالشريك والحديث معه ولو لبرهة
قصيرة.
الورود والشموع والعطور وغيرها تضفي مزيدا من الحيوية على العلاقة بين
الزوجين لهذا ينبغي عدم اغفال هذا الامر.
واخيرا نعود لنذكر بضرورة رمي كافة الهموم والمشاكل قبل الدخول إلى
البيت، لكيلا ينعكس ذلك على افراد الاسرة، فالبيت هو الواحة الغناء
المليئة بالسعادة والمفعمة بالحيوية والتي تبعث في النفس المزيد من
الصفاء وفي العاطفة المزيد من التأجج، واذا ما تحقق ذلك فاننا لا نحافظ
على علاقة زوجية ناجحة فحسب وانما اسرة سعيدة متماسكة ومتوازنة، يزينها
الاطفال بضحكاتهم وعيونهم المفعمة بالامل والمستقبل.