فتوا
جامعة الملك عبدالله.. علوم أو علمنة؟!
رقم الفتوى
34835
تاريخ الفتوى
13/10/1430 هـ -- 2009-10-02
السؤال
شيخنا أحسن الله إليك :
صُدم المجتمع السعودي بانحراف جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لدراسة الماجستير والدكتوراه.
لأنها لا تخضع لأحكام الشريعة ، ولا للنظام الأساسي للحكم ، ولا لسياسة التعليم العالي في مملكتنا الحبيبة الغالية.
ومدير الجامعة غير مسلم وقال في خطابه الرسمي :"جامعة لا تتقيد بالنظم التقليدية، جامعة بلا حدود.. أكثر من مجرد مكان للعلم والتعلم".
والكثير من الأساتذة والطلاب كفار من دين النصرانية وغيرها، أما السعوديون من الأساتذة والطلاب فهم الأقلية.
ومدير المدارس من سن الثلاث سنوات وحتى نهاية المرحلة الثانوية غير مسلم ، وفي هذه المدارس قاعات للموسيقى واختلاط بين الجنسين ، ولا يوجد بها علوم شرعية.
ودراسة المرأة فيها كالدراسة في الدول الأجنبية الكافرة؛ فالمرأة تخالط الطلاب والأساتذة ولا تلتزم بالحجاب الشرعي.
وقد استنزفت الجامعة مليارات الدولارات من خزينة المال العام لمملكتنا الحبيبة؛ عشرون مليار دولار للبناء والتكاليف الأولية. وعشر مليارات وقف على الجامعة في قروض بنكية تعود بفوائد ربوية ثابتة.
وقد نقلت صحيفة " رويترز " عن " جميل الدندني " نائب رئيس جامعة الملك عبد الله لشؤون العلاقات الخارجية قوله :" إن أجواء حرية الحركة واختلاط الجنسين داخل الجامعة ستتشابه مع الوضع القائم حالياً داخل مجمعات أرامكو التي تشبه جيوباً من ضواحي المدن الأمريكية المزروعة في الجزيرة العربية .. " كما نقلت عنه أيضاً قوله " إن الملك عبد الله وضع حجر الأساس للجامعة هذا الشهر مشيراً إلى أن دعمه هو الذي سيضمن بقائها حرة من قيود المؤسسة الدينية ذات النفوذ على التعليم في بقية الأماكن التعليمية في السعودية .. " ونقلت عنه أيضاً :" وسيعطي الملك منحة مالية تديرها لجنة من الموثوق بهم من خارج المملكة للحفاظ على استقلالية جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية". كما نقلت عن محمد سماحة وهو النائب المؤقت لرئيس الجامعة لشؤون الأبحاث قوله :" إن الحرم الجامعي قد تترأسه امرأةً.. "
وقد صرح د.مصطفى السيد الحائز على جائزة الملك فيصل 1990، والحاصل على أرفع وسام أمريكي للعلوم 2008يصرح هذا العالم الفيزيائي في إحدى القنوات الفضائية مثنياً على جامعة الملك عبدالله بأن النساء سيلبسن المايوه على الشواطئ مع الرجال.
وهذه النقول كلها تؤكد بأن الهدف من إنشاء الجامعة هو التغريب وليس التعليم أو نفع المسلمين، وفيه اتهام خطير للقيادة بأنها ستكفل هذا الخط المنحرف.
وقد أظهر موقع الجامعة الرسمي في الإنترنت صورة مجموعة من الطلاب تتوسطهم طالبة ، وكذلك تكريم امرأة سافرة وسط مجموعة من الرجال ، وكذلك صورة لإحدى عضوات هيئة التدريس بلا حجاب ، وطالعتنا صحيفة الرياض بصور مشابهة.. وغيرها.
أليست الجامعة تخالف أحكام الإسلام ؟!
وتخالف المادة السابعة من الباب الثاني في النظام الأساسي للحكم ونصها:" المادة السابعة: يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة"اهـ. وتعميم خادم الحرمين الشريفين الصادر برقم 759/8 في 5/10/1421هـ ونصه :"وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها أوفي أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال فهذا خطأ يجب تلافيه وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه"اهـ.
ولما أنكر معالي الشيخ الدكتور سعد الشثري الاختلاط في الجامعة بأسلوب هو في غاية اللطف رماه الليبراليون في الصحف عن قوس واحدة.. .
فضيلة الشيخ إن الأمر خطير جدا وننتظر من علمائنا القيام بالواجب عليهم.. ؟ وبيان الواجب الشرعي تجاه ذلك كله ؟
الإجابة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.
إن عالميةَ الجامعة وتخصصها في العلوم الهندسية والتقنية إذا كان في خدمة الإسلام والمسلمين هو أمرٌ محمود للغاية، لكن الإشكال في عدم التزام الجامعة بحكم الشريعة وهو أمر بالغ الخطورة، ولا يجوز بذل المال العام في أي مشروع لا يلتزم شرع الله تعالى، فالمسلمون أحق به تعلماً وتعليماً. فالمنكر أخطر وأبعد من كونه اختلاطا فقط كما يظنه الكثيرون.
والواجب شرعاً إصلاح الجامعة لتكون موافقةً لأحكام الإسلام ، وأن يكون مديرها مسلماً وكذلك مدير مدارسها، وأن يكون طلابها من المسلمين من أي بلد كان ، ولا نلجأ إلى أستاذ كافر إلا في حال الاضطرار أو الحاجة الملحة، فالأخوة هي إخوة الإيمان، وإحلال الأخوة في الإنسانية بديلاً عنها مصادم لأصل من أصول الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة وهو عقيدة الولاء والبراء، قال الله تعالى:" إنما المؤمنون إخوة".
أما الحديث عن الاختلاط والسفور في الجامعة فقد أشبعه العلماء تنبيها وتحذيراً ، وهو من علامات الانهزامية النفسية والتبعية العمياء للحظيرة الغربية.
لقد كتب العلماء والمحتسبون مئات الخطابات في استنكار انحراف الجامعة منذ بداية بنائها ولا يزالون ، وهذا لا يكفي فالواجب المزيد بالوسائل المشروعة، والحكمة والموعظة الحسنة، وعدم اليأس، وإحسان الظن في المسؤولين بالإصلاح ، وحفظ المصالح الشرعية ، ووضع المال العام في موضعه.
وممن ينبغي أن يشارك في الاحتساب على هذا المنكر أصحاب الشأن من أساتذة الهندسة والحاسوب والعلوم الطبيعية وسائر المجتمع.
أما الكتاب الذين اعتدوا على معالي الشيخ سعد الشثري حفظه الله فما زاده والله إلا رفعة، إنما المصيبة لو امتدحوه وأثنوا عليه، فهنيئاً له ذم المنافقين له وثناء الصالحين عليه، وهذا من عاجل بشرى المؤمن.
لقد فضح هؤلاء الكتاب أنفسهم بعقولهم المتحجرة، والنظرة المتخلفة، والوقوف أمام حرية الكلمة.
وحقيقة عدوانهم ليس على شخص الشيخ، وإنما هو التعبير عن الحقد على الدين الذي يحمله.
وقد تحقق بمقالات المنافقين على الشيخ سعد خيرٌ كثير من اجتماع كلمة أهل الخير والصلاح، وتعاونهم على البر والتقوى ، وتنشيط العمل الاحتسابي والدعوي والإعلامي ، وزيادة العاملين فيه، وإدراك حقيقة المشروع الليبرالي في إبعاد الشريعة، بما لا تحققه عشرات الدورات التدريبية المكثفة والبرامج الإعلامية ، ولكن المنافقين لا يفقهون. قال الله تعالى :" لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ". وبالله التوفيق.
قاله وكتبه :
د. يوسف بن عبد الله الأحمد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام
13/10/1430هـ