كم تساوي الحياة بلا حب ؟ وكم يساوي الحب بلا صدق ؟ و لماذا يتقاتل الناس
من أجل حطام زائل ، و حياة فانية ، و أشكال تافهة لا قرار لها !! ثم بعد ذلك
يرفعون شعارات مزخرفة يستهوون بها عامة النّاس لاستمالتهم و السيطرة على
عواطفهم ...إنّ حلاوة الحب لا يتحصل عليه الإنسان بمجرد و صف الشعراء ، أو
در الأمراء ، إلاّ إذا اغترفه من ينبوعه الصافي النازل من السماء ، و الذي
يسع جميع الأناسي بلا استثناء ، و لا تمييز ، حتى الحيوان يناله هذا النصيب...
إنّ تركيبة الإنسان عجيبة ، تنطوي على أسرار غريبة يخفيها في أعماقه ، و لا
يبوح بها إلاّ لمن رأى فيه الكفاءة و النزاهة ، و قلّما يجد الإنسان ذلك الكبريت
الأحمر في حياة الناس النابضة بالتغييرات ، والميولات الخاضعة للأهواء،،، قد
تسمع في كثير من الأحيان و المناسبات كلاما معسولا يقطر من الأفواه كالشهد
المذاب ، أو يلوح كالبرق يخطف الأبصار ، و لكنك إذا تتبعت أثره و ذقته بلسان
قلبك وجدته مُرّا علقما ، و سرابا مظلما ، لا يزيدك إلاّ وحشة و بعدا عن موارد
الأحبّة... لأنّه من المحال أن يفصح لك الإنسان عن أسراره أو يبوح لك بأفكاره
،،، و لهذا كثيرا ما يفر الإنسان من بني جنسه إلى الطبيعة ليستأنس بها و
يحاكيها ؛ لأنها طبيعية لا تعرف الكذب ، أو يميل إلى براءة الحيوان لأنه كذلك
،،،كما يحدث عند الغرب الآن إذ أصبح الرجل منهم يربي جروكلب أفضل له من
أن يربي ولدا له ..و إن ادعوا غير ذلك عبر أفلامهم... لأنه ببساطة فقدوا ذوق
الحب ، جراء التلوث الذي أصاب أرواحهم ، من شدة ضربات الحضارة الصماء
التي أفقدتهم وعيهم ، و خمرت عقلهم ، و عكرت صفو ينابيعهم حتى صارت
آسنة لا تروي غليلا و لا تشفي عليلا ،، و لهذا قال أرباب السلوك :
شراب الحب يُعرف بالمذاق *** و ما كل السقاة له بساق .
فسلامي كل سلامي على من ذاق حقيقة الحب و لم يبخل به على غيره ...
ومن بخل به و استعلى ظانا نفسه أنه مع سرب الأحبة ، فقد خاب و انتكش؛ لأنه
صار سجينا في أعماق نفسه بعيدا عن ميادين البذل و الإيثار ،، و إنسان هذا
ديدنه سيموت بلا ريب ظمآنا بلا شراب في لجج السراب ، و لن تكون سبيله
سهلة إلى الجنان التي وعد بها الرحمان عباده الأصفياء .[ والذين آمنوا أشدوا
حبا لله ]
وتقبلوا تحياتى