من العجب إلحاحك في طلب أغراضك وكلما زاد تعويقها زاد إلحاحك .
وتنسى أنها قد تمتنع لأحد أمرين ، إما لمصلحتك فربما معجل أذى ، وإما لذنوبك فإن صاحب الذنوب بعيد من الإجابة .
فنظف طرق الإجابة من أوساخ المعاصي .
وانظر فيما تطلبه هل هو لإصلاح دينك ، أو لمجرد هواك ؟
فإن كان للهوى المجرد . فاعلم أن من اللطف بك والرحمة لك تعويقه.
وأنت في إلحاحك بمثابة الطفل يطلب مايؤذيه فيمنع رفقاً به.
وإن كان لصلاح دينك فربما كانت المصلحة تأخيره ، أو كان صلاح الدين بعدمه .
وفي الجملة تدبير الحق عز وجل لك خير من تدبيرك ، وقد يمنعك ماتهوى ابتلاء ليبلو صبرك . فأره الصبر الجميل تر عن قرب مايسر .
ومتى نظفت طرق الإجابة من أدران الذنوب ، وصبرت على مايقضيه لك. فكل مايجري أصلح لك ، عطاءً كان أو منعاً .
من كلام الإمام أبي الفرج عبدالرحمن بن الجوزي - رحمه الله -
في كتاب " صيد الخاطر " .