من أجل الحكم الصحيح و المنصف على أي أمر يجب تحليله و دراسته من جميع الجوانب و من جملة هذه الأمور عملية المديح لأي جهة كانت سواء أفراد أو مؤسسات أو دول فإذا قمنا بتحليل هذه العملية فنجد أنها تتكون من الآتي :
أ- المادح :
و هو الذي يقوم بالمديح و قيمته تكون على حسب هدفه فإذا كان هدفه عالي فهو كذلك و إذا كان دني فهو كذلك و الحكم على المادح يكون من خلال الأمور التي يثني عليها و من خلال سلوكه
فإذا كان سلوكه ملتزم و متزن و منضبط و بالتالي سوف تكون كتاباته و كلامه كذلك فهذا يدل على أنه من الفريق الذي اجتهد فأصاب فله أجران أو اجتهد فأخطأ فله أجر
و أما إذا كان سلوكه غير منضبط و مستهتر و متحلل و هدفه مادي بحت فإن كتاباته سوف تكون كذلك لأن الإناء ينضح بما فيه و سوف تكون له سقطات كثيرة تظهر للجميع لأن من يتستر بالدين من أجل الدنيا سوف يفضحه الله و لو بعد حين .
ب- صيغة المدح أو الأمور التي يتم المدح عليها:
و هذه أهم شيء في هذه العملية لأنه من خلالها يتم الحكم على صفة المدح بأنها محمودة أو مذمومة فإذا كانت هذه الأمور موجودة و محقة تكون هذه الصفة محمودة لأن لها فوائد كثيرة دينية و دنيوية على مستوى الأفراد و المجتمعات لأنها تدخل في باب الشكر فبالشكر تدوم النعم و في باب تشجيع الممدوح على الثبات و الاستمرار في العطاء و في باب حث المقصر على النهوض و في باب دلالة الذي ضل الطريق على الطريق الصحيح
أما إذا كانت هذه الأمور غير موجودة في الممدوح فلها احتمالين إما أن يكون المادح اجتهد فأخطأ فله عندئذ أجر
أو أنه يعلم أن هذه الأمور غير موجودة و لكنه يقوم بذلك من باب المداهنة أو النفاق أو المصلحة المادية فهذه صفة مذمومة و مستهجنة ومرفوضة لأنها مضللة و لها آثار سلبية كثيرة .
و بسبب سياسة خلط الأوراق و تشويه الحقائق التي يتبعها البعض من الذين مصالحهم الشخصية تتضرر باهتداء الأمة للحق و الحقيقة فإن هذه الأمور التي يتم المدح عليها أصبحت محل خلاف كبير بين الناس و بالتالي أفضل حل هو اللجوء إلى النتائج و الآثار الواقعية الموجودة على الأرض و ليس إلى الشعارات الرنانة و الكلام الذي فقد قيمته في واقعنا المعاصر
ج – وسيلة المدح :
هناك و سائل متعددة لمدح جهة معينة فإما أن تكون بشكل مباشر وجهاً لوجه أو عبر و سائل الإعلام المختلفة أو عبر المؤسسات التربوية و التعليمية أو في المجالس الخاصة بغياب الممدوح أو عبر المنتديات و الشبكة العنكبوتية
و أبعد هذه الوسائل عن أي شبهة سلبية هي ما يتم في المجالس الخاصة و بغياب الممدوح أو عبر المنتديات و الشبكة العنكبوتية لأن الممدوح لا يعلم بالمادح غالباً لظهوره باسم مستعار.
د- الممدوح :
و هو المقصود بالمدح وهو إما أن يكون صاحب سلطة و إمكانات مادية و هذا سوف يختار الوسيلة التي تظهر محاسنه وإيجابياته لأكبر عدد ممكن من الناس و هي الفضائيات و الصحف و المناهج التعليمية و غيرها و سوف يختار أيضا كتاب أو مفكرين أو دعاة أو صحفيين معروفين لهم حضور و تأثير في الناس و ليس لمن يوصل صوته للعشرات أو المئات و باسم مستعار.
و هذا من حقه إن تم استخدامه بشكل صحيح لأن ذلك يؤدي إلى تقوية الصلة بين الراعي و الرعية و تقوية الحس الوطني في الشعب فالتركيز على السلبيات يؤدي إلى ضعف الحس الوطني و الشعور بالإحباط.
أو أنه لا يملك السلطة و المال و هذا مدحه في الحق يدعم الخير و يقويه و ذمه بالباطل يدعم الشر و يقويه
و هنا أود أن أزن في هذا الميزان ما أكتبه من مقالات تخص السعودية حكومةً و شعباً
1- القائم بالثناء و الذي يظهر تحت اسم مستعار عبد الحق صادق :
مهنتي مهندس و ناجح في عملي و مكتفي مادياً و الحمد لله فلست بحاجة للنفاق و المال الذي فيه شبهة .
و طبيعة عملي تأخذ الكثير من وقتي وإنني اغتنم الفرص لأكتب و جميع مقالاتي من كتاباتي و من محض أفكاري و آرائي .
و من أكبر نعم الله علي أن وهبني قلباً حياً ينقبض لأدنى مخالفة شرعية و إنني أجد راحة و طمأنينة عندما أنشر هذه المقالات.
و إنني أكره المداهنة و النفاق لأي جهة كانت و هذه الصفة واضحة لمن يعرفني عن قرب و هي تسبب لي الكثير من المتاعب في عملي و علاقاتي العامة.
2-صيغة المدح :
إن ما أقوم به من ثناء ليس تغني بأمجاد ماضية سطرها التاريخ لأهلها و ذهبت و ليس على شعارات رنانة لا تسمن و لا تغني من جوع بل على أعمال و أفعال معاصرة لها نتائج واقعية ايجابية ملموسة.
و هذا الأمر احتمال الخطأ فيه ضعيف لأنه مبني على الواقع الملموس و المشاهد وعملية إثبات صحته سهلة و لا تحتاج لكثير من العناء و الجهد .
بينما الحكم على الأقوال و الشعارات يكون عرضة لكثير من الاحتمالات و الظنون و بالتالي احتمال الخطأ و الصواب فيه كبير و إثباته يحتاج لكثير من العناء و الجهد و الحجة.
و بالتالي الوسيلة الوحيدة لقبول هذه الأفكار و الأطروحات هو المصداقية و العقلانية و الحجة و الدليل الواضح.
3-وسيلة المدح:
إن ما أقوم به من الثناء عبر المنتديات ابعد ما يكون عن أي شبهة .
فالمنتديات ليست مجالا للتطبيل و التذمير و الارتزاق بل هي مجال للفضفضة و نشر الغسيل و قول الحق و بذل المال لأن المشاركين في المنتديات يظهرون بأسماء مستعارة غالباً فلا يعرفهم الممدوح أو المذموم .
4-الممدوح :
و هي المملكة العربية السعودية إنها تتمتع بإمكانات مادية كبيرة تستطيع أن تنشأ الفضائيات و الصحف و المناهج و توصل صوتها لملايين الناس من قبل كتاب و شخصيات معروفة
و ليست بحاجة لمن يوصل صوتها للعشرات أو المئات عبر المنتديات و بأسماء مستعارة .
و في الحقيقة ليست غايتي المدح لذاته
و لكن غايتي الدعوة لمنهج تم تطبيقه بشكل عملي من قبل الممدوح و اثبت نجاحاً و أعطى نتائج ايجابية ملموسة و في هذا خير للأمة و العالم اجمع .
و كذلك القيام بواجب الجهاد الفكري ضد الغزو الثقافي الخطير الذي تتعرض له السعودية و الذي نجح مؤخراً باختراق هذا الحصن الذي ظل مستعصياً طيلة الفترة الماضية.
و كذلك دعوة الشباب السعودي الذين وقعوا ضحية هذا الغزو فانحرفوا عن جادة الصواب لكي يعيدوا حساباتهم حتى لا يكونوا سبباً لنزول المكروه بالمجتمع السعودي و زوال هذه النعم عنه .
و كذلك دعوة غير السعوديين الذين وقعوا ضحية التشويه لسمعة السعودية و الذين لا هم لهم سوى الطعن في السعودية حكومةً و شعباً بشكل عام أن يكفوا عن ذلك احتراما لمقدساتهم لأن هذا يضعف الحمية على المقدسات فيؤدي إلى طمع الأعداء في بلاد الحرمين.
و اخشي ما أخشاه أن يتم استدراج إيران من قبل أعداء الإسلام للاعتداء على هذا البلد المبارك من أجل إيجاد ذريعة للتدخل في شؤون بلاد الحرمين و التي هي هدف استراتيجي لهم لمكانتها و أهميتها و الخوف ليس من الاحتلال فالسعوديون و من معهم من المسلمين قادرون – بعون الله- على طرده و لكن الخوف مما سيحصل بعد زوال الاحتلال من صراعات محلية و إقليمية فيصبح حلم الناس الشعور بالأمن و الأمان و زيارة الأماكن المقدسة بأمان و يسر و سهولة.
و كذلك تركيز الذم على أفضل الموجود عربياً له نتائج سلبية خطيرة أكبر مما نتصور .
لأن البداية الصحيحة للسير في طريق النهوض و التحرر و الكرامة هو التعرف على المنهج الصحيح المجرب و القيادة الكفء .