قول الله تعالى معقبا على قصة سيدنا نوح عليه السلام {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين} (هود: 49).
عجيبة هي تلك الخاتمة القاسية التي انتهت بها قصة سيدنا نوح عليه السلام، أناس يبكون ويصرخون من الفزع وغرقى وصرعى في كل مكان وقد انفتحت ابواب السماء بماء منهمر وتفجرت الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر ووسط هذا المشهد العظيم تسير سفينة بسيطة متواضعة دون ان تتأثر بما حولها وكأن نواميس الكون قد انقلبت الا على تلك السفينة وركابها.
ولكن لماذا اختار الله هذه النهاية القاسية؟ لماذا تتغير نواميس الكون بهذا الشكل الغريب من اجل ثمانية عشر مؤمنا؟ ولماذا تتغير نواميس الكون اصلاً؟ فما دام الله تعالى قد قضى بموت الكافرين فلماذا تكون نهايتهم بهذا الشكل؟ لماذ لم تقبض ارواح الكافرين وهم في بيوتهم دون هذا الهول العظيم؟.
إن الله تعالى لا يفعل شيئا عبثا (ونحن اقل من أن ندرك حكمة الله تعالى) ولكن نقول ان الله تعالى يرسل برسالة الى المؤمنين الصابرين ان الله تعالى معكم حتى لو قل عددكم وكثر عدد عدوكم.. لا تيأسوا من روح الله، إن الذي غير موازين الكون من اجل ثمانية عشر مؤمنا، وان الذي غير مقاييس الزمن من أجل فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى، وان الذي شق القمر لنبينا (صلى الله عليه وسلم)، لهو اقدر على ان يغير نواميس الكون من اجلكم لهو قادر أيضاً على ان يقلب موازين النصر والهزيمة من أجلكم.