قصة من الواقع :
صور ماقبل الحادثة ؟
مازلت في الخامسة والعشرين من عمري , وكانت الحياة تبتسم لي وتعدني بتحقيق أحلامي , املك أشياء جميلة في هذه الحياة منها زوجة أحبها وابنتين صغيرتين جميلتين , إحداهما في الثالثة والكبرى لم تتجاوز الخامسة من عمرها , اسكن مدينة ( الدمام ) والتي أراها أجمل مدن الدنيا وتكون أجمل ما تكون في الصباح الباكر, حين تكتسي بمسحة ضبابية تصنع تلك المسحة منها مدينة ساحرة , أمضي كل يوم مع الطيور للقيام بعملي , لا أخفيكم إن الطريق إلى عملي جميل جداً , طرق نظيفة مليئة بالأشجار الخضراء التي رتبت بشكل جميل , محاطةٌ بجنان من الورد وتلك المساحات الخضراء التي تكسو مابين الارصفة , طريق عملي يمر بساحل البحر اتعمد إنزال نوافذ السيارة حتى اشم رائحتة ولاقذف ببصري على وجهة الا متناهي , رغم أني أشاهد هذه المناظر كل يوما تقريبا غير أن عيناي لم ولن تمله أبداً , كنت احمل هذه الباقة من الصور البصرية الجميلة في عقلي وأنا في طريقي للعمل كل يوم , نسيت أن أخبركم !! فأنا اعمل موظف إدارياً في احد الأقسام ويقع عملي قرب احدى الورش الفنية التابعة لعملي , هذا الورشة هي ملتقى جميع الزملاء لوقوعها في منطقة تصل بين جميع الأقسام , ولوجود كم من الأصدقاء ذوي القلوب البيضاء الطاهرة في ذلك القسم , والذين أشعر معهم بان الناس لا يزالون بخير كما يقال , هناك نتبادل الاخبار و القصص نتحاور ثم نفترق بعد نهاية عملنا , أعود للمنزل اقبل جبين زوجتي ادخل على ابنتاي فأجدُهن يقُمن بعملِهِن اليومي وهو مشاهدة البومات الصور, حيث أني أمارس في اوقات فراغي هواية التصوير بشكل احترافي وامتلك عدة كاميرات حديثة وكذلك املك من الصور المئات إن لم يكن الآلاف , عيناي هما وسيلتاي لتلمس الحياة , كنت اشعر باستمرار أنني أرى الأشياء بشكل مختلف عن الاخرين !!, كانت عيناي تُحور كل ما تشاهده ليبدو جميلاً وساحراً في نظري , اشعر في بعض الأحيان ودون مبالغة , بأنني مجرد عينين تحلقان في هذا الوجود , كنت أخشى على هذه الجوهرتين الجميلتين في وجهي , فهما الحبل الذي يربطني بالعالم من حولي , ذات ليلة استيقظت في ساعة متأخرة من الليل على غير عادتي ؟, كان حلماً مفزعاً , جاهدت نفسي للعودة للنوم مرة أخرى فلم استطع , وفي الصباح خرجت كعادتي متوجهاً للعمل , العجيب انني كنت أرى الأشياء واسمع الأصوات في ذلك اليوم وكأني أراها واسمعها لأول مرة !! كانتا عيناي تلتهم كل شيء في طريقهما ذلك اليوم بشكل عجيب وكأنهما لا تريدان أن يفوتهما شيئاً ؟!!, وصلت إلى العمل كان كل شيئ قد ازداد وضوحاً وبهاءً في عيناي بشكل غير طبيعي وعلى غير عادتة !!, الأشكال , الألوان , الوجوه , الأصوات , هناك شيء ما ؟؟؟!, عندما أنهيت ما لدي من عمل هممت بالتوجه لزملائي في القسم الفني , لأشرب معهم الشاي والقهوة وأتبادل معهم الحديث انها بعض لحظات سعادتي , وعند اقترابي من المكان كنت اسمع أصواتهم قبل أن ادخل للقسم , كانوا يتنادون فيما بينهم بسبب وجود مشكلة على ما يبدو في احد الإطارات العالقة في آلة الإصلاح , حيث لم يستطيعون اخراجة من قبضة تلك ألآله , أسرعت من فوري للإطلاع ولتقديم أي عون لهم , وعند وصولي واقترابي منهم !! كانت تفاصيل ذلك المشهد وتلك الحظات قد انطبعت في ذهني بشكل عجيب , كل التفاصيل!! , صورالزملاء , ملابسهم , المعدات المبعثرة في المكان , أصواتهم , تعابير وجوههم , رائحة المكان , وكأني أرى للمرة الاولى , ثم ...؟؟ ثم..؟؟ لم اعد أرى أو اسمع أي شيء !!!!! الظلام يملاء كل شيئ , الأصوات اختفت , إنطفأت وسيلتي لتلمس الحياة !! اختفت تلك الجوهرتين في وجهي !!؟ ما حدث هو أن ذلك الإطار قد انفجر وقذف بشظاياه الحديدية في وجهي ليسلبني إحدى عيني فوراً , ثم لينتزع مني العين الأخرى بعد محاولات مضنية من الأطباء لإنقاذها , أفقت من الحادث وانا أتساءل , هل لازلت أحلم بكابوس تلك الليلة المفزع ؟؟؟ لا يبدو ذلك , نجوت من الموت المحتم كما يقولون , وكانت صور ما قبل الحادث هي أخر ما استطعت التقاطها بتلك العدسات الجميلة , أدركت بعد ذلك ان جمال الرؤية في ذلك اليوم ماكان الا وداعاً من عيناي لكل الصور الجميلة في هذه الحياة !! أما ألان فليس لدى سوى الكثير من الظلام والقليل من الصور التي احتفظ بها في ذاكرتي الذهنية , عدت بعد أشهر من العلاج من إصابات لحقت بوجهي وراسي , عدت لاهلي ولمنزلي ولكن من دون تلك الجوهرتين , وداعاً , لكم كُنت اُحِبُكُما . ؟
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
