فيما لم تعد السمنة حالة عرضية يواجهها بعض الأطفال، وتتزايد مغريات الأطعمة الجاهزة والسريعة وتقلّ النشاطات البدنية، تقع الإرشادات الخاصة بالتعامل مع الطفل الذي يعاني هذه المشكلة ضمن خطة متكاملة تتضمّن تضافر جهود الأبوين والعائلة والمدرسة والاختصاصيين في التغذية وعلم النفس.
سمنة الأطفال مرآة لسوء تغذيتهم، تنتج عن قلّة الوعي بالثقافة الغذائيّة التي تقود نحو تراكم الدهون في خلايا الجسم الدهنية. ويستهلّ الخطر عندما يتجاوز وزن الطفل الوزن الطبيعي بنسبة 20%، وتتوازى هذه الخطورة مع السكري وضغط الدم، ما يتطلّب حلاً جذرياً للسيطرة على المرض والحدّ من مخاطره.
أسبابها...
_ العامل الوراثي: يعدّ السبب الأول في الإصابة بالسمنة، خصوصاً إذا كان أحد الوالدين يعاني منها.
_ العامل الثقافي وتدنّي الوعي الاجتماعي بالغذاء الصحي والمفيد.
_ العامل النفسي: تتغيّر أنماط سلوك الطفل مع تغيّر مراحله ومزاجه، وقد يزيد وزن الطفل احتمالاً لحالته النفسيّة.
_ نمط الحياة السريع والمتغيّر للأسرة كتناول الطعام أمام التلفاز والبعد عن ممارسة النشاط البدني.
مرحلة الخطر
وثمة مؤشرات تدلّ أنّ الطفل بلغ مرحلة خطرة، هي: التنفس السريع وعدم القدرة على المشي والشعور بالألم في الصدر والتعرّق المستمر والعطش، بالإضافة إلى الإصابة بأمراض القلب نتيجة الجهد المبذول والمضاعف وتصلّب الشرايين نظراً إلى النمط الغذائي المشوب بالدهون الذي تكون أعراضه ارتفاع نسبة الكوليسترول والسكري وارتفاع ضغط الدم والمفاصل والالتهابات الجلدية.
التدخّل الطبي
ويتوجّب على كل أم تشعر بأنّ طفلها تجاوز الوزن المثالي بعشرين بالمائة اللجوء إلى الطبيب حتى تسلم من نتائج قد تكون خطرة. وتشير الاختصاصيّة النفسية نداء ظاظا ومديرة التربية الخاصة لمركز السيدة خديجة عطار لذوي الاحتياجات الخاصة بمستشفى الدكتور سليمان فقيه إلى أنّ نجاح البرنامج الغذائي لأطفال السمنة لا بد أن يتشارك والبرنامج النفسي، حيث يشكّل هذا الأخير داعماً قوياً في تخطّي أية عوامل نفسيَة متراكمة نتيجة السمنة أو مشكلات قد يواجهها المريض. وهناك أشخاص لا بد من توعيتهم قبل أن نبدأ بالطفل المريض بالسمنة وهم:
*الأب والأم: يجدر بالوالدين اتّباع إرشادات الاختصاصي النفسي، حتى تكتمل خطوات البرنامج بنجاح، أبرزها:
_ الابتعاد عن نعته بألفاظ جارحة أو تشبيهه بتشابيه قاسية، من باب: أنت سمين، أنت مثل الفيل، أنت لا تشبع...
_ الابتعاد عن إهانته أمام الناس بالضرب أو الصراخ أو الاستهزاء.
_ الابتعاد عن التمييز بين الطفل ذي الوزن الطبيعي والآخر السمين، أو التقليل من شأن الثاني.
_ تشجيعه على الأكل الصحي وتثقيفه بالمعلومات الغذائيّة.
_ مشاركته التمارينات الرياضيّة.
*الإخوة والأقارب: يجدر بالأم أن توجّه إخوة الطفل السمين وأقاربه إلى الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبوه في تحفيز أخيهم المريض بالسمنة، وذلك عن طريق:
_ تشجيعه على ممارسة الرياضة ومشاركته والاهتمام به.
_ دعمهم الدائم له، والقول إنّه مصدر فخر لهم.
_ التحفيز عن طريق الأجر والثواب على ما يقدّمونه لأخيهم مريض السمنة.
* المدرسة والأصدقاء: لا بدّ أن تعي المعلمة أنّ هناك علامات تظهر على الطفل المصاب بالسمنة، وأنّه يجدر بها أن تتبع الإجراءات في نصح الأم بزيارة اختصاصي غذائي ونفسي، هي:
_ عدم التركيز على المعلومات التي تلقى عليه.
_ عدم الاهتمام بما يدور حوله.
_ الخمول والكسل بدرجة مفرطة.
_ ضعف الثقة بالنفس.
_ الأكل والشعور بعدم الشبع.
ويجدر بالمعلمة أن ترشد من حولها من معلمات وطلاب على التعامل الحسن مع الطفل، من خلال التحفيز والدعم المعنوي والتشجيع على أن يكون أفضل.
بدورها، توضح مديرة الشؤون الأكاديميّة والاختصاصية في قسم تثقيف المرضى بسنت حسن حمد أهم الإرشادات التي يجب أن تتبعها كل مربية في تثقيف الطفل المصاب بالسمنة والعادات السليمة لانتقاء الأطعمة الصحيحة، أبرزها:
• لتحسين عادات الأكل عند الطفل:
- امنحيه الوقت الكافي لكي يأكل.
- اطلبي منه مساعدتك في إعداد الطعام.
- قدّمي له الأطعمة الجديدة بكميّات صغيرة.
- قدّمي الطعام دافئاً، وأعدّيه بصورة جذّابة لناحية اللون والطعم والشكل.
• اتبعي أساليب الطبخ الصحية في أثناء إعداد الوجبات:
- اختاري خبز القمح والحبوب الكاملة.
- اختاري اللحوم قليلة الدسم والأسماك والدجاج.
- استعملي الحبوب المجفّفة والخضر المنوّعة الطازجة.
- اشوي اللحوم أو حمّصيها في الفرن.
- قدّمي الفاكهة الطازجة من غير إضافة سكر.
• لا تعطي أهمية كبيرة إلى ضرورة أن يتناول طفلك وجبات ثلاث متوازنة في اليوم، بل عوّضي عن ذلك بأخرى خفيفة مغذّية لتساعده على الحصول على المواد الغذائيّة المطلوبة.
• شجّعيه على ممارسة اللياقة البدنيّة ووفّري له بيئة سليمة وآمنة للعب خارج المنزل.
• حدّدي الوقت الذي يمضيه في مشاهدة التلفاز، بما لا يتجاوز ساعة واحدة أو ساعتين يومياً.
• تفادي تقديم الأطعمة الغنيّة بالدسم والسكر مكافأة على سلوكه الإيجابي.
• تذكّري أنّ المشروبات الغنيّة بالسكر والمرطبات والحلويات لا تغذّي طفلك، بل تحتوي على سعرات حراريّة عالية من غير فائدة.
• وفّري لطفلك وجبات صحيّة ومغذّية (الزبادي والفاكهة والبسكويت الهش).
• ضعي بعض القوانين لتناول الطعام، مثل:
- لا طعام أثناء مشاهدة التلفاز.
- لا قراءة في أثناء وقت تناول الطعام.
• شجّعيه على أن يأكل حسب حاجته، بمعنى أنّه هو من يقرّر متى وماذا وما هي الكميّة التي يأكلها، ما سيساعده على أن يأكل فقط عندما يجوع، حيث يتعرّف على حاجته للتوقّف عند إحساسه بالاكتفاء.
• ساعديه على التمييز بين الحاجة إلى الطعام والحاجة إلى الاهتمام، فبعضهم يطلب الطعام حينما يشعر بالحاجة إلى الحنان والاهتمام.
• جهّزي الأكل على الطاولة عندما يكون جائعاً، فالأطفال يتوقّعون عادة أن يأكلوا بمجرد جلوسهم إلى المائدة، فإذا لم يكن الطعام جاهزاً فإنه سيملأ بطنه بالمقبلات والخبز بدون أن يترك مكاناً للوجبة الرئيسية.
صفات المرشدة في التثقيف الصحي
• عندما تكوني المرشدة في التثقيف الصحي للطفل المصاب بالسمنة، لا بد أن تتوافر فيك شروط وصفات هامة، هي:
- أن تكوني مستمعة جيدة له أو للمصاب.
- لكل مصاب طريقة في تلقّي المعلومات من المتخصّص أو المرشد، فمن غير الممكن أن نتبع خطوات واحدة لكل المرضى المصابين بالسمنة.
- اسألي أسئلة مفتوحة النهايات، مثل: كيف كان يومك؟ أين تدرس؟ ما يساعدك على فهم مستوى تفكيره ودرجة ثقافته وعاداته التي يتبعها.
- لا تنهي بصورة مجرحة، فقد يؤدي ذلك إلى نتيجة عكسيّة.
- تقديم المعلومة بصورة اقتراح، ومشاركة الطفل في هذا الاقتراح. اسأليه، على سبيل المثال، عن الوقت المناسب لممارسة الرياضة.
- احترام الطفل وخصوصيته، مهما كان عمره.
- عند فشل الطفل، اتركي له الأسباب واطرحيها في صيغة سؤال مفتوح النهايات حتى يتحدّث (ما هي العوامل التي أدّت إلى عدم ممارستك للرياضة؟).
- يجدر بالأم أو المربية أن تشارك الطفل في وضع خطة عند الفشل، لمواجهة الأخطاء.
تؤكّد مديرة النادي الصحي لمستشفى سليمان فقيه والاختصاصيّة البدنيّة ميشيل الياس على أهميّة البرنامج الرياضي للأطفال، ومزاولة التمرينات بمعدل مرّات ثلاث أسبوعياً، ومن بينها رياضة كرة القدم والقفز والركض وركوب الدرّاجة