مازلنا مع وصايا التغيير الإثنا عشر التي بدأناها في المقال السابق، وقد وصلنا إلى الوصية الخامسة ..
إن أي نعمة لا يغتنمها العبد تتحول ولابد إلى نقمة، ورمضان من أعظم النعم، فمن عصى الله فيه، فعقوبته قادمة لا محالة، قد تتأخر لكنها نازلة نازلة، كالنار تحت الرماد ..
ويكفي أن من لم يجتهد في رمضان لكي يُغفَر له، فإنه مطرود من رحمة الله ..
فما بال من يُضيِِّع أفضل أيام العام في مشاهدة المسلسلات؟ وملأ البطون بالطعام؟!
"إن جبريل عرض لي، فقال: بَعُدَ من أدرك رمضان فلم يُغفر له، قلت: آمين .." [صحيح الترغيب والترهيب (1677)]
مما يُلقي في حسِّك ووجدانك أن لا تتعامل مع هذا الشهر كغيره من الشهور؛ في اغتنامك لوقته واستغلالك لفرصه، ويجعل إضاعة الوقت فيه وبذله في التفاهات جريمة مضاعفة وخسارة فادحة، لن يدركها صاحبها إلا حين يجد الأرباح تُوزَّع أمام عينيه يوم القيامة ليس له فيها نصيب!
يقول ابن القيم: "كل نَفَس يخرج في غير ما يقرِّب إلى الله فهو حسرة على العبد".
فكيف إذا خرج هذا النَفَس في ما يكره الله بل في ما يُغضبه؟!
تفتح بذلك صفحة جديدة مع الله .. وكأنك لم تولد إلا الآن ..
أيها الشاب.. ماذا تنتظر؟!
أما سمعت عن حوادث السير والحافلات يخطف بها الموت الآلاف كل عام؟!
أما بلغك خبر موتى الفجأة يغادروننا دون سابق مرض أو إنذار؟!
لماذا تستبعد أن يكون الدور عليك؟! أو أن يطرق ملك الموت بابك اليوم أو غدًا؟
فاعرف نفسك وميولك، وابدأ بما سهل عليك، لتقوى بعدها على بلوغ ما صعب وظننته مستحيلاً،،
1) أوامر أمرك الله بها .. أو 2) نواهي نهاك عنها ..
ففتِّش عما فرَّطت فيه من أوامر أو وقعت فيه من نواهي، وابدأ به.
10) ابدأ حيثُ أنت، لا حيثُ الآخرين ..
إن كثيرًا من حالات الفشل في التغيير نابع من هذا الباب؛ فمِنْهُم مَن يُبالِغ في الاندفاع الحماسي في التغيير فيصدق عليه قول عبد الله بن عمرو: "إنَّ هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغِّضوا إلى أنفسكم عبادةَ الله، فإنَّ المنبتَّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى"
فمن يحاول أن يركب فرسه لمسافة طويلة دون توقُّف فإنَّه يفشل بسبب انْهيار الفرس وربَّما موتها، فلا الفَرس سلِمت، ولا هو قطعَ المسافة ..
والغاية أن يحترم الإنسان الطبيعة البشرية بالتدرُّج في التَّغيير،،
إن الفراغ إن لم يشغله شيء، يؤدي حتمًا إلى ترهل الأداء وتسلل الكسل وغزو الشيطان وإصابة الإيمان في مقتل.
تفاءل.. بدِّد يأسك .. لو لم يرد بك الخير ما بلغك هذا الشهر ..
غيرك مات قبل أن يدركه، ولعله غادرنا قبل بدء الشهر بيوم أو يومين، وأنت الذي عشت!!
لعل الله تعالى أراد من إمداد عمرك أن يرفع قدرك.
المواضيع المتشابهه
كيف تُغيِّر نفسك في رمضان؟ (2)
العرض العادي
