في الصحيحين عن جبير بن مطعم–رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم- يقول: (إنّ لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي والعاقب الذي ليس بعده نبيّ)(1).
أما محمّد: فهو اسم مفعول من حمّد فهو محّمد إذا كان كثير الخصال التي يحمد عليها ولذلك كان أبلغ من محمود, فإنّ محمودا من الثلاثي المجرّد ومحمّد من المضاعف للمبالغة فهو الذي يحمد أكثر مما يحمد غيره من البشر ولهذا –والله أعلم- سمّي به في التوراة لكثرة الخصال المحمودة التي وصف بها هو ودينه وأمته في التوراة.
وقد ورد في القرآن في عدة مواضع:
1-في سورة "آل عمران": قال-تعالى-: {وما محمّدإلّا رسول قد خلت من قبله الرّسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ اللّه شيئا وسيجزي اللّه الشّاكرين}آل عمران:144.
2- في سورة "الأحزاب" : قال-تعالى-: {ما كانمحمّد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول اللّه وخاتم النّبيّين وكان اللّه بكلّ شيء عليما} الأحزاب:40.
3- في سورة"محمد" : قال-تعالى-: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وآمنوا بما نزّل على محمّد وهو الحقّ من ربّهم كفّر عنهم سيّئاتهم وأصلح بالهم} محمد:2.
4- في سورة"الفتح": قال-تعالى-: {محمّد رسول اللّه والّذين معه أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم تراهم ركّعا سجّدا يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السّجود ذلك مثلهم في التّوراة ومثلهم في الأنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزّرّاع ليغيظ بهم الكفّار وعد اللّه الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} الفتح:29 .
·وأما أحمد: فهو اسم على زنة أفعل للتفضيل ومشتق من الحمد(2). وقد ورد في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة " الصف" قال-تعالى-:" وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول اللّه إليكم مصدّقا لما بين يديّ من التّوراة ومبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلمّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحر مبين" الصف:6.
فائدة: لا يصحّ في فضل التّسمية بمحمّد أو أحمد حديث :
لم يصحّ في فضل التّسمية بمحمّد أو أحمد حديث بل قال الحافظ أبو العبّاس تقي الدّين ابن تيميّة الحرّاني -رحمه الله تعالى-: كلّ ما ورد فيه فهو موضوع. ولا بن بكير جزء معروف في ذلك كلّ أحاديثه تالفة(3).
·الأمّي: وهو الذي لا يحسن الكتابة.
·المتوكّل: في صحيح البخاريّ عن عبد الله بن عمرو, قال: قرأت في التوراة صفة النّبيّ-صلّى الله عليه وسلّم-: محمد رسول الله عبدي ورسولي وسميته المتوكّل ليس بفظّ ولا غليظ ولا سخّاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله).4 وهو-صلّى الله عليه وسلّم-أحقّ النّاس بهذا الاسم لأنّه توكّل على الله في إقامة الدّين توكلا لم يشركه فيه غيره(5).
·وأما المقفّي: هو الذي قفّى على آثار من تقدمه فقفّى الله به على آثار من سبقه من الرسل وهذه اللفظة من القفو يقال قفاه يقفوه: إذا تأخر عنه ومنه قافية الرأس وقافية البيت فالمقفّي: الذي قفّى من قبله من الرسل فكان خاتمهم وآخرهم.
·نبي التوبة: فهو الذي فتح الله به باب التوبة على أهل الأرض فتاب الله عليهم توبة لم يحصل مثلها لأهل الأرض قبله وكان -صلّى الله عليه وسلّم- أكثر الناس استغفارا وتوبة حتى كانوا يعدّون له في المجلس الواحد مائة مرة (رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم)(6).
·نبي الرّحمة: فهو الذي أرسله الله رحمة للعالمين فرحم به أهل الأرض كلهم مؤمنهم وكافرهم أما المؤمنون فنالوا النصيب الأوفر من الرحمة وأما الكفار فأهل الكتاب منهم عاشوا في ظله وتحت حبله وعهده وأما من قتله منهم هو وأمته فإنه عجلوا به إلى النار وأراحوه من الحياة الطويلة التي لا يزداد بها إلا شدة العذاب في الآخرة.
·الفاتح: فهو الذي فتح الله به الهدى بعد أن كان مرتجا وفتح به الأعين العمي والآذان الصم والقلوب الغلف وفتح الله به أمصار الكفار وفتح به أبواب الجنة وفتح به طرق العلم النافع والعمل الصالح ففتح به الدنيا والآخرة والقلوب والأسماع والأبصار والأمصار.
·الأمين: معناه القوي الحافظ الذي يوثق بأمانته ويرغب في ديانته فهو أحق العالمين بهذا الاسم فهو أمين الله على وحيه ودينه وهو أمين من في السماء وأمين من في الأرض ولهذا كانوا يسمونه قبل النبوة: الأمين.
·الضّحوك القتّال:اسمان مزدوجان لا يفرد أحدهما عن الآخر فإنه ضحوك في وجوه المؤمنين غير عابس ولا مقطب ولا غضوب ولا فظ قتّال لأعداء الله لا تأخذه فيهم لومة لائم.
·البشير: فهو المبشر لمن أطاعه بالثواب والنذير: المنذر لمن عصاه بالعقاب.
وقد سماه الله عبده في مواضع من كتاب منها قوله: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه}الجن: 20 وقوله: {تبارك الّذي نزّل الفرقان على عبده}الفرقان: 1 وفي الحديث الصحيح أنه قال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر)(7).
·سراجامنيرا: سماه الله سراجا منيرا وسمى الشمس سراجا وهاجا.
والمنير: هو الذي ينير من غير إحراق بخلاف الوهاج فإنه فيه نوع إحراق وتوهج(8).
نسأل الله أن يرزقنا حب نبينا وأن يجعلنا من المتبعين له والمقتفين أثرة والمستنين بسنته وصلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين.
1 - البخاري- الفتح- كتاب المناقب باب ما جاء في أسماء رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- (6/641) رقم (3532) ومسلم كتاب الفضائل باب في أسمائه -صلّى الله عليه وسلّم- (4/1828) رقم(2354).
2 - زاد المعاد (1/89).
3 - راجع: سبل الهدى والرّشاد (1/415).
4- البخاري كتاب التفسير باب: ((إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا)) (8/449) رقم (4838) وكتاب البيوع باب كراهية السخب في الأسواق (4/402) رقم (2125).
5 - راجع: زاد المعاد (1/93-94).
6 - الترمذي (3430) وأبو داود (1516) وابن ماجه (3814) وأحمد (2/84). وصححه ابن حبان وقال الترمذي حسن صحيح. وقال الألباني: صحيح. انظر صحيح أبي داود رقم (1342).
7 - الترمذي وابن ماجه وأحمد وقال الألباني: صحيح. انظر الجامع الصحيح رقم (1468).
8 - انظر: زاد المعاد (1/93-97).