[align=center]
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة يتداولها العامة اليوم يقولون عن بعض ضعاف التربية وضعاف العزم والهمة، يقولون عنه:
تربية امرأة!
وهذه الكلمة ليس على إطلاقها
فكم من الأئمة الأعلام ربتهم أمهاتهم وكانوا هداة مهتدين
يأتي على رأسهم إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد - رحمه الله -
فكم قدمت له أمه من عناية ورعاية حتى أصبح إماما للدنيا ولها إن شاء الله مثل أجره.
كذلك الحافظ ابن حجر - رحمه الله - فقد ربّته أخته سِتّ الرَّكب بنت علي بن محمد بن محمد بن حجر.
قال ابن حجر: وُلِدتْ في رجب سنة سبعين في طريق الحج، وكانت قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء وهي أمي بعد أمي.
وغيرهم كثير هذا في الماضي
أليست الخنساء من شواهد التاريخ على صدق التربية؟؟
وعلى شدتها؟؟
وعلى علو همتها؟؟
وقبلها أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - وعن أبيها
وقد يُقال:
هذا كان في الزمن الماضي يوم لم تكن هناك مغريات وفتن ونحو ذلك
فأقول:
بل حتى في هذا الزمن نساء صادقات وفي التربية جادّات
نساء ممن عاصرناهم وعاصرونا
امرأة أعرفها شخصياً
زوجة أحد الأقارب توفي زوجها وترك لها ستة أبناء
فلما عُرِض عليها الزواج بعد انقضاء عدتها بَكَت
فقيل: ما يُبكيك؟
قالت: أخشى أن أترك تربية أبنائي لغيري فيضيعوا.
فلم تتزوج بعد زوجها، بل أوقفت حياتها على أبنائها.
فَسَعَتْ في تربيتهم وتعليمهم وتحفيظهم القرآن.
فحفظ بعضهم القرآن كاملا
واليوم
أكبر أولادها نال الشهادة العالية (الدكتوراه)
وأصغرهم يدرس في كلية الطب
والبقية بين معلّم وموظف وطبيب
وهم من خيار أهل البلد إذا عُـد الأخيار
هذه نتيجة جهد امرأة صادقة لا تركض ولا تلهث خلف (الموضة) ولا تجري وراء كل جديد
وحدثني أحد المشايخ عن امرأة عندهم في الحي
لها ثلاثة أولاد
كأنهم أيتام وما هم بأيتام!!
تخلّى عنهم أبوهم فشمّرت الأم عن ساعد الجد، وسعت في تربيتهم تربية جادة
يقومون الليل
بعضهم يحضر للمسجد قبل الأذان، بل أحدهم يؤذن أحيانا لصلاة الفجر، عندما يتأخر المؤذن.
ألحقَتْهُم بحلقات تحفيظ القرآن الكريم
يقول محدثي: أرى فيهم الجدية وعلو الهمة وصدق التآخي
وما هذه النسوة حفظهن الله إلا خير شاهد على صدق التربية، وجدية النشأة، وقوّة العزيمة.
إذاً لماذا يقول بعض الناس عن الخامل: تربية امرأة؟!
لأن بعض الأمهات العصريات ممن همهن الجري وراء كل جديد، واللهث خلف سراب الموضة، والركض إثر شهوات النفس ومتعها وملذاتها
آثرن ذلك على حساب أولادهن
فيومٌ للسوق
وآخر للحديقة
وثالث للملاهي
ورابع للتمشية
وضاع الابن بين أوقات الأم وتمشياتها وزياراتها
وآخر ما تسأل عنه الأم أولادها من بنين وبنات!!
ولا يهمها سوى أن يُوفـَّـر للابن سيارة
لماذا؟
لتذهب وتعود وتغدو وتروح حسب مزاجها
وليَضِعْ الابن بعد ذلك!!!
وبعض الأمهات الجادات لا تُريد أن يُوفر لأولادها سيارات حفاظاً على أولادهن، وحرصاً على مضيِّهم في تعليمهم ودراستهم، بعيداً عن الفوضى والعبث.
هذا هو السبب في نظري في رخاوة تربية بعض الأمهات في هذه الأزمنة.
إذا ليس العيب أن يتربى الرجل على يد امرأة، فكم من عظماء الرجال تربوا على أيدي أمهاتهم فأفادوا أممـاً لا أمَّـة واحدة!
ولكن العيب في بعض النساء واهتماماتهن
كذلك يُقال عن بعض الرجال
فأعرف رجلا من الأقارب لا يهش ولا ينشّ!! في تربية أولاده
وأولاده أحق بوصف الرخاوة والضياع
وليس هذا من باب الشماتة. بل من باب الذِّكر والتذكير
ومن باب الإنصاف
أن يُذكر ما للرجل وما عليه، وما للمرأة وما عليها.
فبارك الله في نساء مؤمنات تفوق إحداهن عشرات الرجال.
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
المصدر
http://www.midad.me/arts/view/aut/25192
المســـــــافر[/align]