العلماء يهوون الهواتف الخليوية، والباحثون يستخدمونه، وهو الحاضر دوما، كمحطة متنقلة محمولة للتنادي، وكأداة تعقب واستشعار أيضا. والآن يسعى علماء الكومبيوتر إلى استخدام الهواتف الجوالة لتبادل المعلومات والبيانات.. من دون استخدام الشبكات الهاتفية، ولا الاتصال مباشرة مع الأبراج الخليوية، أو المحطات المركزية، أو الشبكات اللاسلكية التي توجد بالقرب منهم مصادفة.
هذه هي رؤية مجموعة من علماء الكومبيوتر الذين يعتقدون أن نشر البيانات، مثلما تنتشر الفيروسات، من شأنه فتح نوع جديد من التطبيقات في ما يتعلق بشبكات الأجهزة الجوالة العاملة على تطبيقات «الند إلى الند»، التي تعرف باسمها الرسمي وهو «شبكات الجيوب المتنقلة» pocket ـ switched networks (أي التي تنقل المعلومات من «جيب» إلى «جيب» آخر، عند مرور الأول قرب الثاني).
* اتصالات بلا شبكات
* مثل هذه الشبكة من شأنها أن تتيح لضحايا الكوارث الطبيعية تمرير الرسائل من شخص إلى آخر، حتى ولو كانت الأبراج الخليوية مدمرة. وفي سيناريو آخر يمكن لزوار مواقع معينة الحصول على معلومات مهمة محولة لهم عبر الأجهزة الخاصة بالسكان المحليين. كما يمكن لمجموعة من الأصدقاء أن يتنادوا فيما بينهم للاتفاق على المكان الذي سيتناولون فيه العشاء في ذلك المساء من دون استخدام الإنترنت. «فإذا حصل ذلك، نأمل أن يخرج المصممون بمجموعة كاملة من التطبيقات» كما يقول جون كروكروفت أستاذ علوم الكومبيوتر في جامعة كمبردج في بريطانيا ورئيس فريق الباحثين الذين يعملون على حل هذه المشكلة.
والتقنيات مثل «شبكات الجيوب المتنقلة» هي شكل من الشبكات التي تدعى «القابلة للتأخير» وكأنها شبة إنترنت كونية تعمل ما بين النجوم والكواكب. وهذه الشبكات الأخيرة هي صنف من تضم البنية الأساسية لها أي مجموعة من العقد التي تكون أحيانا متصلة بالشبكة، وأحيانا أكثر منفصلة عنها الشبكة لفترات طويلة. وهي تحول الرسائل كلما سنحت الفرصة لها.
و«شبكات الجيوب المتنقلة» تتألف نموذجيا من مجموعة متناثرة من الأجهزة التي هي مفصولة عن بعضها بعضا في غالبية الأوقات، وهي بالطبع جوالة. وتجري الاتصالات عن طريق «بلوتوث»، أو لاسلكيا بين الأجهزة المختلفة هذه عن طريق استخدام أسلوب «النشر والاشتراك»، وذلك وفقا لأفضليات المحتويات الخاصة بصاحب الجهاز.
* برمجيات مطورة
* ويقول كيفين فول كبير المهندسين في مركز أبحاث «إنتل» في بيركلي، الخبير في شؤون «الشبكات القابلة للتأخير» «إنها محاولة تقل قليلا عن إنشاء البنية الأساسية، فأنت لا تحتاج هنا إلى محطات مركزية، أو أبراج وصوار خليوية.. ولكن فقط إلى مجرد وجود جهاز تحمله هنا وهناك يمكنه من التواصل مع الأجهزة الأخرى»، في حديث لمجلة «تكنولوجي ريفيو» الإلكترونية الأميركية الصادرة عن معهد ماساشوستس للتكنولوجيا.
ومع ذلك فإن الشيء الوحيد الذي لا تملكه التقنية هو البساطة. لذلك يأمل كروكروفت وفريقه حل المشكلة هذه. وقبل أسبوعين كشفت مجموعة البحث لغة برمجة أكثر بساطة مصممة للبرامج المعقدة التي يجري تطويرها. وتعرف هذه اللغة بـ «دي 3 إن» D3N التي تتيح للبرامج البسيطة، الانتفاع من الخصائص الموروثة عن «شبكات الجيوب المتنقلة» بما في ذلك الاتصالات غير المتزامنة، والتساؤلات والاستفهامات البسيطة التعبير. واللغة هي تقريرية (أي تصريحية بيانية) مباشرة تتيح للمبرمج التركيز على المنطق التطبيقي، بدلا من الحسابات الكومبيوترية الخاصة بـ «شبكات الجيوب المتنقلة». «فأحد أهدافنا هو البساطة بحيث يمكن للأشخاص تحويل الأمور المعقدة إلى تطبيقات مثيرة بسهولة» على حد قول كروكفورت.
وتعتمد لغة «دي 3 إن» على مشروع F# من «مايكروسوفت». وتضيف اللغة تحكما توافقيا بغية معالجة الطبيعة المعقدة الخاصة بتبادل المعلومات والبيانات بين عدد متنوع من العقد غير المتزامنة. ومن شأن التساؤلات والاستفهامات والمهام المتشابهة الأنماط أن تسهل اختيار المعلومات من العقد المتوفرة في الشبكة المحلية على أساس متعادل.
وفي العام الماضي قامت مجموعة من الباحثين بتشييد إطار عمل برنامجي مختلف يعرف باسم «هاغل» Haggle لأغراض «شبكات الجيوب المتنقلة». وتضيف مكتبة هاغل مجموعات من الرموز لدعم استغلال البيانات في هذه الشبكات مستخدمة مجموعة متنوعة من المنصات، بما فيها «ويندوز»، و«ويندوز موبايل»، ونظام «ماك أو إس»، و«آي فون»، و«أندرويد» من «غوغل»، و«لينوكس».
والفرق بين «هاغل» و«دي 3 إن» هو ما إذا كان الذكاء، أي معرفة كيفية التفاعل مع «الشبكات المتنقلة بين الجيوب» هي وريثة اللغة، أو هي من مكتبة رموز منفصلة. وتقوم «دي 3 إن» ببناء المعرفة حول أسلوب عمل «شبكات الجيوب المتنقلة» داخل لغة البرمجة. وهذا ما يجعل البرمجة لأغراض هذه الشبكات أكثر بساطة. والبرامج المكتوبة بلغة «دي 3 إن» يمكنها على سبيل المثال التقاط البيانات من الشبكة بأسلوب بسيط. بيد أن المطورين العاملين مع «هاغل» يمكنهم مع ذلك التقاط هذه البيانات، غير أن البرمجة هي أكثر تعقيدا.
ويمكن اختبار رمز «دي 3 إن» بكل سهولة أيضا، وهي ميزة مهمة إذا ما أمكن إقناع مزودي الخدمات السماح للبرامج هذه لكي تستخدم في هواتفهم. و«يبدو أن مزودي خدمات الهواتف الجوالة راغبون في التأكد تماما من أن البرمجيات التي ستركب في أجهزتهم موثوق منها تماما»، كما يقول كروكروفت. «لذلك قد تحتاج إلى نوع من البديل» لتسهيل إنتاج تطبيقات لأغراض «الشبكات المتنقلة بين الجيوب»، على حد قول فول من «إنتل». «وقد قمنا بذلك مع «هاغل»» كما يؤكد.
ولغة «دي 3 إن» الوليدة و«الشبكات المتنقلة بين الجيوب» بصورة عامة لا تزال قضايا لم يجر التعامل معها بعد. ومثال على ذلك أن أحد الموضوعات السيئة الدراسة هو موضوع الأمن في «شبكات الجيوب المتنقلة» إذ إن نقل البيانات من هاتف إلى آخر من شأنه تسهيل انتشار البرمجيات الضارة، علاوة على أن المهاجمين قد يغرقون الشبكة بالمواد الرقمية الملوثة كالبريد المتطفل، لأن التلوث هو نظام ند إلى ند، كما أنه مشكلة عويصة الحل، لكن «آمل ألا تقضي على المسألة هذه» كما يقول كروكروفت.
وإقناع الناس باستخدام «شبكات الجيوب المتنقلة» قد يمثل مشكلة أيضا، لكون التواصل اللاسلكي و«بلوتوث» يستهلكان الطاقة بسرعة. فنقل البيانات إلى المستخدمين الآخرين من شأنه تقصير خدمة شحنة البطارية. غير أن مجموعة البحث هذه تعمل على نموذج من الاتصالات الهجينة التي تستخدم «بلوتوث» منخفضة الطاقة للبحث عن البيانات المهمة بين العقد الشبكية، ومن ثم استخدام نظام الشبكات اللاسلكية الكثيفة الطاقة المشيد داخل الهواتف لنقل هذه البيانات.
وإذا ما جرى حل هذه المشكلات واقتنع منتجو الهواتف الجوالة أن مثل هذه المهمة الإضافية هي مفيدة ومأمونة، فإن من شأن هذه الشبكات أن توفر للمستخدمين أسلوبا بديلا عالي النطاق للاتصالات.
* «شبكات الجيوب المتنقلة».. للرعاة * أفضل مثال لـ«شبكات الجيوب المتنقلة» هي الشبكات التي تستخدم في مناطق القطب الشمالي لدى مربي الوعول من الرعاة في المناطق الثلجية. فهؤلاء الرعاة يتجولون عبر مناطق شاسعة باستخدام مركباتهم التي تتزحلق وتسير على الجليد لمتابعة قطعانهم. ولا توجد في تلك المناطق أي أبراج أو صوار للاتصالات الهاتفية الخليوية، ولذا فإن الرعاة يكونون منعزلين لفترة طويلة عن العالم تقريبا. وتوفر لهم «شبكات الجيوب المتنقلة» الاتصالات اللازمة إلى حد ما، إذ يحمل كل منهم في مركبته جهاز كومبيوتره المحمول (لابتوب)، كما توضع أعداد من الكومبيوترات الأخرى المستقرة في أماكن محددة في تلك المناطق الثلجية لديها نطاق جغرافي من الاتصالات اللاسلكية. وعندما يحتاج أحد الرعاة إلى أي خدمة مثل إرسال رسالة، فإنه يكتبها على كومبيوتره الذي يختزنها لإرسالها لاحقا عندما تمر المركبة في دائرة نطاق اتصالات واحد من الكومبيوترات الثابتة، التي تقوم بدورها بخزنها ثم إرسالها عند مرور مركبة أخرى متوجهة نحو المنطقة المطلوب توصيل الرسالة إليها! وهذه الوسيلة هي أسرع من الانتظار لحين العودة إلى المزرعة وإرسال رسالة من هناك مثلا.
مقتطفـات مـن صفحة
محليات سعوديةالعشوائيات في السعودية.. «بثور» في وجوه المدن خطة عمل لدمج نزيلات المؤسسات الإصلاحية بالمجتمع «حلوة الجوف» الفاكهة التي لا تغيب عن منازل أهالي المنطقة إطلاق خدمة «الإسعاف الطائر» خلال شهر.. والبداية في الرياض ومكة المجتمع السعودي