العيد ..
الحياة فيه جميلة حين لا نحمّلها ما لا تحتمل , أو نفرط كثيرا في ما يجب أن نفعله خلالها .. هي جميلة حين يكون فيها مقدار المشاعر السلبية في حدّهِ الأدنى .. هي جميلة إذا عرفنا أنها ـ الحياة ـ مرحلة كل من فيها سيغادرون في النهاية , ولذلك يجب أن يغادروا بحب ..!!
الحياة وإن كانت طافحة بالفقد والوحشة والشعور بخذلان الأصدقاء .. وحتى أن الأيام الجميلة تهرب منا حينما نصل إلى أوردتها ونحن نجري عمي البصر ، ونوشك على الإمساك بها هنا وهناك ..ولكن لا يبقى منها بين أيدينا إلا طريقة هروبها ..!!
إلا أنك أقبلت ياعيد كعادتك تعزف على وتر التسامح والدفء والجمال .. تأتي يا عيد كالسحابة البيضاء المحملة دائماّ بالمطر , أينما تهطل
تأتينا خراج كلماتك البيضاء , وبوحك الشفاف , ليحول الجدب الذي افترش أروحنا إلي مساحات خضراء تتمدد كلما تجدد , غيث كلماتك , وتناثر مطر بوحك , وتنحسر كلما توقفت أو كففت في لحظة ما عن الهطول ..!!
لذا أنت دائماّ في حالة عطاء لا محدود , عبر ما تطرحه بيننا من تواصل وتقارب , والنسيان ولو مؤقتا لكل خصوماتنا .. وتجعل أخلاقنا الإسلامية هي الموغلة في ملامسة أعماقنا ..!
نركض أو نحاول تسلق "طموح إنساني " ربما يكون زائفا ونحن نرفرف حوله كما النوارس التي تبحث عن شط أليف وآمن وخصوصا في كل مرحلة من العمر ..!!
عيد وفي غَرْبِهِ حجٌ ..
وفي جنوبه أنين حرب ..!!
فأينما حللنا وأينما وجهنا طريقنا للعيد .. فقط علينا أن نحمل معنا حفنة تراب من أرض وطننا ،
نشم فيها رائحة الحنين ،
ونعانق من خلالها ..
عصارة السنين ،
وهي وحدها سوف تتولى جاهدة ..
مدّنا بطاقة فكرية
تنبثق من شذى حب الوطن ،
ومن طين ووحول أساس المسكن
ومن شذى الرياض العابق برائحة الياسمين ..
هي التي سوف تدعونا إلى احترام دوام الانصهار بالموطن الأصلي ...!! رغم أن النازحين في الجنوب تركو كل متاعهم إلا أنهم سيحتفلون بيوم العيد ..
ونحن حتماً سننعم ..
ما بالنا لا نجعل أيامنا كلها كيوم العيد ..؟!!