[mark=CCCCCC]مشاعري صاغها فاروق جويدة في قصيدته مادام يحكمنا الجنون [/mark]
مادام يحكمنا الجنون..
سنرى كلاب الصيد تلتهم
الأجنة في البطون
سنرى حقول القمح ألغاماً
وضوء الصبح ناراً في العيون
سنرى الصغار على المشانق
في صلاة الفجر جهراً يصلبون
وحين يحكمنا الجنون
لا زهرة بيضاء تشرق
فوق أشلاء الغصون
لا فرحة في عين طفل
نام في صدر حنون
لا دين.. لا إيمان.. لا حق
ولا عرض مصون
وتهون أقدار الشعوب
وكل شيء قد يهون
مادام يحكمنا الجنون
أطفال بغداد الحزينة يسألون
عن أي ذنب يقتلون
يترنحون على شظايا الجوع
يقتسمون خط الموت.. ثم يودعون
شبح "الهنود الحمر" يظهر في صقيع بلادنا
ويصيح فينا الطامعون...
من كل صوب قادمون
من كل جنس يزحفون
تبدو شوارعنا بلون الدم
والكهان في خمر الندامة غارقون
تبدو قلوب الناس أشباحاً
ويغدو الحلم طيفا عاجزاً
بين المهانة.. والظنون
هذي كلاب الصيد
فوق رؤوسنا تعوي
ونحن إلى المهالك مسرعون..
أطفال بغداد الحزينة
في الشوارع يصرخون
جيش التتار
يدق أبواب المدينة كالوباء
ويزحف الطاعون
أحفاد "هولاكو"
على جثث الصغار يزمجرون
جثث الهنود الحمر تطفو
فوق أعمدة الكنائس والثرى يغلي
صراخ الناس يقتحم السكون
أنهار دم فوق أجنحة الطيور الجارحات
مخالب سوداء تنفذ في العيون
مازال دجلة يذكر الأيام..
والماضي البعيد يطل من خلف القرون
عبر الغزاة هنا كثيراً.. ثم راحوا
أين راح العابرون
هذي مدينتنا.. وكم باغ أتى
ذهب الجميع ونحن فيها صامدون
سيموت "هولاكو"
ويعود أطفال العراق
أمام دجلة يرقصون
لسنا الهنود الحمر
حتى تنصبوا فينا المشانق
في كل شبر من ثرى بغداد
نهر.. أو نخيل.. أو حدائق
وإذا أردتم سوف نجعلها بنادق
سنحارب الطاغوت فوق الأرض
بين الماء.. في صمت الخنادق
إنا كرهنا الموت لكن
في سبيل الله نشعلها حرائق
ستظل في كل العصور وإن كرهتم
أمة الإسلام من خير الخلائق
أطفال بغداد الحزينة
يرفعون الآن رايات الغضب
بغداد في أيدي الجبابرة الكبار
تضيع منا.. تغتصب
أين العروبة.. والسيوف البيض
والخيل الضواري.. والمآثر.. والنسب
أين الشعوب وأين كهان العرب
في معبد الطغيان يبتهل الجميع
ولا ترى غير العجب..
البعض منهم قد شجب
والبعض في خزي هرب
وهناك من خلع الثياب
لكل جواد وهب..
في ساحة الشيطان
نقرأ "" الدولار
يسعى الناس أفواجاً
إلى مسرى الغنائم والذهب
والناس تسأل عن بقايا أمة تدعى"العرب"
كانت تعيش من المحيط إلى الخليج
ولم يعد
في الكون شيء من مآثر أهلها
ولكل مأساة سبب
باعوا الخيول..
وقايضوا الفرسان في سوق الخطب
فليسقط التاريخ.. ولتحيا الخطب
أطفال بغداد الحزينة يصرخون
يأتي إلينا الموت في لبن الصغار
يأتي إلينا الموت في اللعب الصغيرة
في الحدائق.. في الأغاني
في المطاعم.. في الغبار
تتساقط الجدران فوق مواكب التاريخ
لا يبقى لنا منها.. جدار
عار على زمن الحضارة أي عار
من خلف آلاف الحدود
يطل صاروخ لقيط الوجه..
لم يعرف له أبداً مدار
ويصيح فينا:
أين أسلحة الدمار
هل بعد موت الضحكة العذراء فينا
سوف يأتينا النهار
الطائرات تسد عين الشمس
والأحلام في دمنا انتحار
فبأي حق تهدمون بيوتنا
وبأي قانون
تدمر ألف مئذنة.. وتنفث سيل نار
تمضي بنا الأيام في بغداد
من جوع.. إلى جوع
ومن ظمأ.. إلى ظمأ
ووجه الكون جوع.. أو حصار
يا سيد البيت الكبير
في وجهك الكذاب
تخفي ألف وجه مستعار
نحن البداية في الرواية..
ثم يرتفع الستار
هذي المهازل لن تكون نهاية المشوار
هل صار تجويع الشعوب
وسام عز وافتخار
هل صار قتل الناس في الصلوات
ملهاة الكبار
هل صار قتل الأبرياء
شعار مجد وانتصار
أم أن حق الناس في أيامكم
نهب.. وذل.. وانكسار
الموت يسكن كل شيء حولنا
ويطارد الأطفال من دار.. لدار
مازلت تسأل:
أين أسلحة الدمار