بسم الله الرحمن الرحيم
بر الوالدين
ـــــــــــــــ
لم يستطع أحد أن ينكر نعمة الأولاد ، ولم يستطع أحد أن ينكـر فضل الآباء على الأبناء ، فالأبوان هما الحاضنان للبذرة الطفولية المهداة من ربّ العزة والجلال ، وهما الساهران على رعايتها ليلا ونهارا ..
كما يحتظن الطائر بيضه
ولهذا
خاطب الأبناء بقوله واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا .
فهما من ينظفان تلك القطعة المتسخة من اللحـم ويحميان جسدها من الحر والبرد بالملابس القطنية والصوفية ، ويحملانها بالعطف والحنان على كفوف الراحة وينهمران عليها باللثم والتقبيل .
ويحيطانها بالأمن والأمان والغذاء والدواء حتى يكتمل نموهـا وتزدان شكلا ونموا وحسنا وعندها
يأخذ الأبوان يعلمانها السير والنطق ويعرفانها بما يحيط بها من خطـر .
فهذا صوص ، وهذا ثعبان ، وهذا بابا ، وهذه ماما ، ثم يرتقيان بتلك النفس البشرية المهداة ..
فيعلمانها أصول العقيدة ، مادينك ونبيك ودستورك؟
وهذه من أجمل الكلمات التى يعلّم بها المسلم مولوده الصغير لينشأ على الفطرة السليمة .
وعندما يشب ذلك المولود ويقترب من سنّ المراهقة والشباب ، تلوح أمامه مطالب الحياة من حب للمال والجاه ليكون مساويا لغيره في محيط مجتمعه ، فهذا يتمنى الحصول على شاة وذاك على جمل وذاك على سيّارة وتجـوال ..
وهنا تبدأ الاختلافات الأسرية بين الآباء والأبناء .
فالابن تعود الأخذ ولم يتعود العطاء ، والأب تعود العطاء ولم يتعود تنفيذ الأوامــر
ويعجـز الآباء في تلبية كلّ طلبات الأبناء لفقرهـم وتقلب الأحوال بهـم ..
فيفقدون احترامهـم أمام أبنائهـم بحسب منظور الأبناء الضيّق ، ومن ثمّ قد يلجأ الشاب للسرقة من الآباء وربما شتمهـما وبالغ في ازدرائهـما لأنه لم يعد طفلا مقدورا عليه بكلمات معسولة .
فالأب أصبح شيخا والأم عجوزا وكلاهما لايستطيعان كسب عيشهما كما كانا في السابق وردع طفلهما
فيتنمّـر عليهما ذلك الطفل الذي عقداعليه آمالهما في الكبر ،
إذ تحوّل من صديق إلى عدو غادر ولئيم .
كما قالت تلك الشاعرة في ولدها ..
ربيته حتى إذا تمعـددا ... كان جزائي بالعصا أن أجلـدا
ومن ثمة ..
يبدأ الوالدان بالنفور من الأبناء والدعاء عليهم بعدم التوفيق .. والويل كل الويل لمن دعت عليه أمه أوأبوه ..
وقد نهانا رسولنا الكريم أن ندعو على أنفسنا أو أبنائنا فيستجيب الله دعاءنا فيهلك أطفالنا وشبابنا فنكون عرضة للحزن والإثم
وإنما علينا بالصبر وبذل الدعاء لهما ندع لهما بالصلاح والتوفيق .
فالدعاء بصلاح الناس خير من الدعاء بفسادهـم .
ومن منطلق التراحم في الدين الإسلامي قرن الله طاعته بطاعة الوالدين فاعبدوا الله وبالوالدين إحسانا . أي أحسنوا إلى أبائكم أيّها الناس ..
وفي الحديث الشريف ، رغم أنف امرء أدرك أبويه أو أحدهما ولم يدخلاه الجنّة
وعلى الآباء مسئولية تعليم أبنائهم وتربيتهم التربية السليمة التى تساعدهم على حب آبائهـم فلا يفرضون عليهـم أفكارا غريبة عليهـم ، ولم تكن في عصرهم حتى لا ينفروا
من النصائح والتوجيهات ويتركون لهـم حريّة الاختيار في الملبس والمأكل والزوّاج
وإنما يوجهونهـم بحسب التجربة ومعرفة النافع من الضار ، ويتذكر الأب أو الأم
أنّ الجدال الدائم مع الأولاد أومع بعضهما البعض يورث عدم الاستقرار وجيلا غير
قادر على اتخاذ القرار.
قال تعالى : إنّمـا أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم ..
وذكـر في قصص بنى إسرائيل ، أن البقرة التى بيعت من موسى بملء جلدها ذهبا كانت لرجل بار بأسرته وخلّف طفلا يتيما لم يعرف والده فبرّ بأمه فلما صار غلاما قالت له أمّه إنّ أبا ك ترك لك بقرة فلا تبعها إلا بإذني وأنا من يحدد سعرها ..
وقالت لولدها اذهب وبعها بثلاثة دراهم بالسوق ، فجاء إليه ملك في سورة رجل فقال : أعطيك ستة دراهم ، بشرط لا تخبر أمك فقال : لا حتى تعرف ثم 12 درهما فقال : لا حتى تعرف .
ثمّ لمّا أعياه الغلام قال : له سوف يشتريها موسى بملء مسكها ذهبا ..والمسك يعني الجلد ..
وهذا الرزق كله بسبب طاعة الوالدين وفضل برّهما وفي ختام حديثي
يامعشر الشباب بروا بآبائكم يبركم أبناءكــم ..
والله ولى التوقيـق