بأقلامهم
في تعقيبه على مقال «خذلوه» للزميل بتال القوس
مونس: ابن داخل يتحمل الإخفاق .. اعتماده على «الداعم» خطأ
«الاقتصادية» من الرياض
حمل مونس شجاع، اللواء محمد بن داخل رئيس الاتحاد مسؤولية الإخفاق الذي لازم إدارته، بموافقته على الجلوس على كرسي الرئاسة اعتماداً على وعد بتبرعات شخصية من شخص واحد "العضو الداعم"، فإن هذا القرار الذي اتخذه وصدقه شخصيا، يعتبر هو المدخل إلى فشل ذريع ستجنيه إدارته، وهو ما حدث بالفعل.
وشدد مونس الذي يحمل درجة الماجستير في الإدارة الرياضية، في سياق تعليقه على مقال الزميل بتال القوس بعنوان "خذلوه" الذي نشرته "الاقتصادية" في عددها الصادر يوم الـ19 من حزيران (يونيو) الماضي، على أن الأخير نسي أو تناسى أن مشكلة التمويل هي مشكلة كل الأندية السعودية وليس الاتحاد، ولذلك كان يجب أن يناقش المعضلة المالية كما لو كانت مشكلة عامة، مطالبا بتفعيل الهيكل الإداري، وضرورة تعيين مدير تنفيذي مؤهل ولديه مواهب مالية وإدارية تمكنه من تنويع مصادر الدخل للنادي، وجاء التعقيب على النحو التالي:
لفت انتباهي مقال لبتال القوس بتاريخ 19 حزيران (يونيو) الماضي في "الاقتصادية" بعنوان "خذلوه"، وبين فيه أسباب استقالة اللواء محمد بن داخل رئيس الاتحاد، نظرا لقناعته أن مسيرته ستتوقف لخذلانه من قبل الاتحاديين كما صرح، بأن كل الاتحاديين مسؤولون عما حدث بسبب قلة الدعم.
ويبدو أن أخانا بتال القوس نسي أو تناسى أن مشكلة التمويل هي مشكلة كل الأندية السعودية، ولذلك كان يجب أن تناقش المعضلة المالية كما لو كانت مشكلة عامة تعانيها جميع الأندية دون أن نناقشها كمشكلة اتحادية فحسب.
ولكن مع هذا نستطيع القول إن قرار ابن داخل منذ البداية كان قراراً إدارياً خاطئاً، وكنا نتوقع له الفشل الذي جر على نادي الاتحاد وتاريخه كل هذه الإخفاقات!
إذا كان ابن داخل قد وافق على رئاسة إدارة نادي الاتحاد اعتماداً على وعد بتبرعات شخصية من شخص واحد (العضو الداعم)، فإن هذا القرار الذي اتخذه وصدقه ابن داخل يعتبر هو المدخل إلى فشل ذريع ستجنيه إدارته، وهو ما حدث بالفعل.
ولكن الإداري الناجح هو الذي يتخذ القرار الموضوعي المؤدي إلى تحقيق النجاح في الإدارة، فالقرار الموضوعي السليم هو القرار الذي يعقبه تحقيق النتائج الإيجابية.
ولو كان ابن داخل قد اتخذ قراره على رئاسة نادي الاتحاد اعتماداً على تفعيل جميع قنوات موارد النادي، وفي مقدمتها القضاء على التسيب الإداري والمالي، وكذلك إعادة هيكلة الاتفاقات التجارية بما يزيد من إيرادات النادي، وكذلك وضع برنامج شفاف لزيادة الاشتراكات، وكذلك تنويع مصادر التبرعات لتأسيس مجموعة أعضاء داعمين وليس عضواً داعماً واحداً، وكذلك إنشاء مورد جديد كالوقف المالي.
إذا اتخذ ابن داخل قراره برئاسة النادي على أساس تفعيل كل هذه الموارد وتشغيل كل وظائف الإدارة الفعالة، فإن نجاحه في إدارة دفة النادي كان يمكن أن يكون موفقاً وناجحاً. فالاعتماد على شخص واحد (العضو الداعم) غير مضمون مقامرة ومغامرة غير محسوبة العواقب، ستؤدي بالضرورة إلى فشل ذريع.
وهذا ما حدث لابن داخل وحدث لغيره من قبله، وسيحدث لكل رئيس ناد يعطل الفكر الإداري الرصين ويعرقل ميكانيزم وظائف الإدارة العلمية، ويعتمد على وعد شخصي (غير علمي) قابل للمصادرة والتراجع لأي ظرف وفي أي وقت.
إذ إن الفكر الإداري الصادر عن خلفية علمية له الدور الأساسي في إنتاج حلول عملية قادرة على حل هذه المعضلة الدائمة والمتجددة والتي ستستمر، ما لم يتم العمل في الأندية وفق معايير إدارية حديثة وبقيادة كفاءات مؤهلة قادرة على وضع خطط استراتيجية مبنية على أسس علمية يمكن التنبوء بنتائجها وكذلك قياسها.
فلا بد أولا من القضاء على الهدر المالي في النادي، فما نسمعه من الدفع لبعض اللاعبين مبالغ طائلة وبعد فترة ينكشف أن ذلك اللاعب لا يستحق ربع ما دفع لأجله، كذلك عدم استثمار ميزانية النادي على الوجه الأمثل وتبديد الأموال بلا عائد، ويتم القضاء على ذلك بتفعيل دور الرقابة والمراجعة الداخلية لكل صفقة أو عملية بحيث يتم وضع لائحة داخلية تنظم عمل لجنة المراجعة الداخلية وتكون على ارتباط بالرئيس مباشرة.
ويجب تفعيل الهيكل الإداري للنادي ووضع المهام لكل عضو فيه ويتم الاستعانة بنظام (بطاقة الأداء المتوازن) بحيث يخضع الجميع للمراجعة الدورية لتقييم ذلك الأداء وتقويمه أو حتى استبدال من لا يلتزم بما حدد له من مهام عمل، فبهذه الطريقة يعرف كل عضو في هذا الهيكل ما هو مطلوب منه وما حقوقه والتزاماته وواجباته، وبالتالي تتحدد آلية اتخاذ القرار ومسؤوليته وكيفية المحاسبة عليه ويتم إقفال باب الاجتهادات الفردية والقرارات غير المدروسة، حيث إن العجز الإداري في الأندية هو العائق الذي يحول دون تقدمها.
ولعل من أهم القرارات الإدارية المفصلية هي أن يتم تعيين مدير تنفيذي مؤهل ولديه مواهب مالية وإدارية تمكنه من تنويع مصادر الدخل للنادي، ففي الغرب بدأ التوجه إلى المديرين الناجحين في المصارف من قبل الأندية والمؤسسات الرياضية، فمثلاً تخلى بول دايتون عن شراكته في بنك جولدمان ساكس ليصبح رئيساً تنفيذياً للجنة لوكوج وهي اللجنة المنظمة في لندن للألعاب الأولمبية لعام 2012.
وكذلك آندي مارتين الذي كان المدير التنفيذي في بنك باركليز التجاري وأصبح الرئيس التنفيذي لنادي اتحاد الرغبي، ولا يخفى ما قامت به إدارة نادي مانشيستر يونايتد والنقلة النوعية للنادي التي حولته من فقير جدا إلى غني جدا، فمنذ عام 2008 يعتبر النادي الأكثر غنى في العالم، وذلك وفقا لمجلة "فوربس" المختصة، التي أكدت أن النادي المملوك لعائلة جلايزر الأمريكية منذ عام 2005 هو أكثر الأندية ربحا في 2011 بربح صافي بلغ مليار و860 مليون دولار.
حيث قال ريتشارد آرنولد المدير التجاري للنادي على الموقع الإلكتروني للنادي "سمعة مانشستر يونايتد بنيت بسواعد لاعبيه ورموزه الكبار وإنجازاته المميزة، مبارياتنا يشاهدها أكثر من مليار نسمة حول العالم"، فإذا كان لديك قاعدة من الجماهير تزداد يوما بعد يوم فإنك في الطريق الصحيح إلى النجاح، فاستثمار النادي هو الشغل الشاغل الآن لجميع الأندية والاتحادات الرياضية على مستوى العالم.
عليه يجب أن يكون للإدارة التنفيذية للنادي المهارة والقدرة على استثمار جميع خدمات وتسهيلات ومحتويات النادي، بحيث تتم المتاجرة بشعار النادي وبيع حقوق الدعاية والإعلان في المقر والملاعب والملابس بيع الهدايا كأشرطة الفيديو والسيديهات والملابس والشارات والأعلام والساعات والميداليات والأقلام والدروع والأعلام وبيع حقوق النقل التلفزيوني الحصري وبيع وشراء عقود اللاعبين وبناء وتشغيل الأكاديميات الرياضية وبيع وشراء الأندية والتجارة في العقار وأهمها بناء الأسواق التجارية والفنادق وتأجيرها، والمرابحة في بيع وشراء الأراضي، إضافة إلى الموارد التقليدية ممثلة في الإعانات الحكومية "الرئاسة العامة لرعاية الشباب ومؤسساتها الفرعية" ودخول المباريات والاشتراكات، وأخيرا التبرعات والهبات غير التقليدية كالوقف الذي ما زال لم يستغل لصالح الأندية لما له من دور في مصلحة الشباب بصفة عامة.
وأهم تحديات تلك الإدارة هي تفعيل دور العلاقات العامة لتغيير مفهوم النادي لدى المجتمع.
فالملاحظ أن بيئة غالبية الأندية طاردة للجماهير بل حتى طاردة للاعبين، إن العلاقات العامة هي الرابط الأساسي بين النادي وأعضائه وإدارته وجماهيره، وعليها مسؤولية كبيرة في جذب وزيادة القاعدة الجماهيرية للنادي وحث المجتمع على الاشتراك بالأندية والمشاركة بها، ففي دول عربية قريبة قد يدفع البعض عشرات الآلاف من الريالات إضافة إلى تزكيات من أعضاء لكي يتمكن من الاشتراك في النادي.
ولكن ذلك بسبب أن النادي فعال اجتماعيا ولديه من الأنشطة والفاعليات المستمرة على طوال العام ما يجذب عشرات الآلاف من المشتركي، فكلما زاد عدد المشتركين كلما زاد دخل النادي وزاد الإقبال على شراء منتجات النادي الدعائية وزاد حضور المباريات.
بالواقع كل شيء سيكون في ازدياد وهناك مثال حي جار العمل عليه حاليا وهو جزيرة منتجع ريال مدريد المزمع إقامتها في رأس الخيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قررت إدارة النادي استثمار جزيرة مساحتها 430 ألف متر مربع بالشراكة مع إمارة رأس الخيمة بتكلفة مليار دولار وذلك بسبب تواجد قاعدة جماهيرية للنادي قرابة 300 مليون مشجع في آسيا يمثلون نصف عدد جماهير النادي فلولا هذه القاعدة لما اختارت إدارة النادي الإسباني الاستثمار في الخليج العربي على بعد آلاف الكيلو مترات.
سيساعد على نجاح هذا العمل ما هو مطبق عالميا وجار العمل عليه حالياً ألا وهو الخصخصة، فالخصخصة ستحول النادي بصورة جذرية إلى الاستثمار وإلى الاحترافية في كل شيء بدأ من الإدارة وانتهي باللاعبين، وسينتهي الاعتماد على الأفراد بصفة شخصية ويتم الانتقال إلى العمل المؤسساتي الذي يحكمه النظام ويخضع الجميع له بلا استثناء.
وفي اعتقادي أن أهم عناصر نجاح العمل هو التخطيط الكفء والإدارة الجيدة، التي تقدم المصلحة العامة للنادي على أي مصلحة خاصة وتعمل على حل أي صراع والقضاء عليه فلا يمكن تحقيق أي هدف إلا بوحدة القيادة ووحدة الفريق وتعاونه، وهذا ما يأمل به أي مهتم بالحركة الرياضية عامة وهو الحل الأمثل والمجرب عالميا والله الموفق.