اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات العامة > المنتدى الإسلامي
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-01-2012, 05:34 AM   رقم المشاركة : 21
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

جزاك الله خير ع مجهودك و استمرارك







التوقيع :



اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي







اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
.
.

رد مع اقتباس
قديم 19-01-2012, 04:40 AM   رقم المشاركة : 22
اهل الصفاء
ـ عضو موقوف ـ
الملف الشخصي






 
الحالة
اهل الصفاء غير متواجد حالياً

 


 

شكرا أختى الكريمة دانة الكون وبارك الله فيك







رد مع اقتباس
قديم 19-01-2012, 04:43 AM   رقم المشاركة : 23
اهل الصفاء
ـ عضو موقوف ـ
الملف الشخصي






 
الحالة
اهل الصفاء غير متواجد حالياً

 


 

تأليف القلوب
لقد فطر الله عزوجل حبيبنا ونبيينا على الكمالات العليا من الأخلاق الإلهية وخلع أوصافه على حبيبه فصارت جبلِّة وطبيعة له فهي هبة له من الله ليس بجهاد ولا مجاهدة وليس بتكلف فجعله بذلك مثلاً ونموذجاً قويماً يحتذى به لجميع البشرية فهو النموذج الأكمل والمثال الأعظم في كل أخلاقه و تعاملاته وأحواله سواء مع أهل بيته أو مع جيرانه أو مع إخوانه من المؤمنين أو حتى مع أعدائه من الخلق أجمعين وهكذا ورد خلقه في التوراة والإنجيل - كما أسلفنا الذكر - وهكذا كان هديه طوال حياته الدنيوية هذا لأن الله عزوجل جعله قطباً جاذباً للعالم أجمع بأوصافه وبأخلاقه التي كمَّله بها الله فلا يراه إنسان مهما كانت قساوة قلبه أوغلظة طبعه إلا رقَّ لهذه الأخلاق وحنَّ إلى هذه الصفات وتمنَّى أن يتجمَّل بهذه الجمالات لأنها جمالات الله جلَّ في علاه سر قوله{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}أو كما قال أهل القراءة الأخرى{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقِ عَظِيمٍ }خلق مضاف وعظيم مضاف إليه والعظيم هو الله أي أنك على خلق الله جل في علاه و من سر هذا فقد جعل الله مع هديه في صوته وفي حركاته وسكناته الشفاء من كل داء هذا النبي الذي وجد في أمة كانت أسوء الناس أخلاقاً وأشرس الناس تعاملاً وكانوا كما وصفوا كالأوابد المتوحشة لم تكن هناك أمة في مثل جفوتهم وقسوتهم وغلظتهم فبالخلق العظيم أو بخلقِ العظيم ما زال يرقِّق قلوبهم ويليِّن أفئدتهم ويجمِّل أخلاقهم ويحسِّن طباعهم ويألِّفهم ويتآلفهم حتى صاروا كما قال الله عزوجل في قرآنه واصفاً لهم {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}إلى آخر الآيات الكريمات كيف تحوَّلوا؟وكيف تغيروا؟وكيف تبدَّلت أخلاقهم وصفاتهم؟كيف حدث لهم هذا؟كيف ألَّف الحبيب بين صحبه؟بل وكيف ألَّف العرب قاطبة إلى دين الله وإلى كتاب الله؟لم يكن هذا أبدا بالخطب الرنَّانة ولا بالكلمات الطنَّانة وإنما حدث كل هذا التغيير و التحول بما رأوه عليه من جمال وكمال حلاّه وجملَّه به الواحد المتعال فقد فطر الله حبيبه ومصطفاه على هذه الأخلاق وتلك الكمالات حتى قال حكيمهم أكثم بن صيف بأوصافه الطيبة وبأخلاقه الحميدة التي كان عليها النبى" لو لم يكن ما جاء به محمد ديناً لكان في أخلاق الناس حسناً "وأنتم تذكرون جميعا عندما خطب جعفر بن أبي طالب في النجاشي ومن معه وأراد أن يبيَّن جمال الإسلام ونبي الإسلام فلم يذكر العبادات ولا أحكام التشريعات وإنما ذكر جمال الصفات :كنا أمة نعبد الحجارة ونأكل الميتة وكذا وكذا من أوصاف الجاهلية فجاءنا نبيٌّ نعرفه ونعرف نسبه ونعرف أوصافه فصيَّرنا إلى كذا وكذا ولكى يحبِّبنا فيما فيه تآلف القلوب ولم الشمل و جمعه على علاّم الغيوب نبَّه مراراً وتكراراً من الذي يريد أن يكون معه ويريد أن يحظى بفضـل الله معه ويريد أن يكون يوم الدين معه وأن يحشر في الجنة معه؟بيّن وقال{ أحبكم إلى الله أقربكم مني مجلساً يوم القيامة}هل أكثركم عبادة أو أطولكم قياما ًأكثركم صياماً أعظمكم ذكراً؟لم يقل هذا ولا ذاك لأن هذه الأعمال المهم فيها هو القبول والقبول لا يحكم به في الدنيا إلا جهول فإن القبول متروك لله جل وعلا لكنه قال{إنَّ أحبَّكم إلى الله أحاسِنكم أخْلاقاً الموطَئونَ أكنافاً الذين يَألَفون ويُؤلَفون} {إنَّ من أحبِّكم إلىَّ و أقربُكم مني مجلساً يومَ القيامة احاسنكم أخلاقا} وبشرح آخر وبفهم نستقيه من معانى كلام الله فكل هذا الإنقلاب الهائل الذي حدث لأمة العرب يرجع لهذا النبي الكريم وهذا الرسول العظيم وهذا هو الذي ذكَّر الله عز وجل المؤمنين أجمعين به وبهديه إلى يوم الدين فقال لنا أجمعين{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}ونعمة الله في هذه الآية هو رسول الله لأن النعمة الموصوفة في الآية يقول الله فيها لأهل العناية هذه النعمة{إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}فكانت هذه الآية إشارة إلى الطريقة السديدة والمنهج الرشيد في دعوة الخلق إلى الله وهو الطريق الذي مدحه وأثنى عليه الله في كتاب الله ألا وهو تأليف القلوب على الحبيب المحبوب وهو لا يتم إلا بأوصاف الحبيب المحبوب التي تجمل بها من حضرة علام الغيوب ولذلك يقول الله عزوجل في آية أخرى مبيناً هذه الحقيقة أن الذي ألَّف هو جمال الله وكمال أوصاف الله التي خلعها على حبيب الله ومصطفاه {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}يتحمَّل الأذى من الجميع وبشرح ثالث و بنور ساطع من آية أخرى من كتاب الله لترى كيف ألَّف القلوب وجذبها بشدة إلى أنوار الواحد المحبوب{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} هذا ما أمره به ربه وهذا ما تخلَّق به حقا و صدقا فى كل أحواله و فعاله وأنفاسه و أوقاته وانظر إلى العربى الذى دخل علي النبى بكل الغلظة والجفاء فقد كان الرجل مشهورا بغلظ الطبع و جفاء النفس وقسوة العريكة فلما دخل على النبى تبسم له ولاطفه وألان له الكلام – مع أنه كان قال لهم عندما استأذنوا له( بئس أخو العشيرة هو فقالت السيدة عائشة بعد خروجه : يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له قال ياعائشة إنَّ شرَّ الناس عند الله من اتقاه الناس مخافة فحشه) وفى رواية أخرى لنفس السياق(ياعائشة إن الله لا يحبُّ الفاحش المتفحش)فعائشة رضى الله عنها رأت منه عجباً فأفهمها أنه ليس فاحشاً ولا متفحشا ولا قاسياً ولا فظاً ولا غليظاً فهو لا يستطيع أن يقول القول الجافي ولا أن يعامل الخلق بمعاملاتهم ولا أن يسيء إليهم وإن أساءوا لأن الله فطره على ذلك فبعفوه وبإعراضه عن أهل الجهالة وسوء الخلق بل وبتحمله للأذى من الجميع ألَّف قلوبهم وألان جافى طبائعهم وبدَّل أوصافهم ولكى نزيد الأمر إيضاحا نقول أنه ما رد على أحد إساءته لماذا؟لأنه لو رد على كل إنسان إساءته فإنهم لن يقبلوا أبداً على دعوته وهو يريد أن يدعوهم إلى كتاب الله وإلى شرع الله وإلى دين الله فبين لهم بدعوته وبحاله وبخلقه أن هذا هو دين الله والذي يتحمل نبيه الإساءة في سبيل نشر كلام الله وفي سبيل بيان دين الله لجميع خلق الله خذوا مثالا آخر ولكنه مع قوم أخطر وأنكى مع المنافقين فإنه بعد غزوة حنين وبعد أن نصر الله رسوله في هذه المعركة جاء بالكافرين الذين انطووا تحت لوائه صاغرين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر وهو يعرفهم لأن الله قال له{تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ}ويعلم مطالبهم ومآربهم فجاء بواحد منهم وهو أمية بن خلف وقال له : تكفيك هذه الأغنام؟وكانت تملأ ما بين جبلين قال: زادك الله شرفاً يا رسول الله . قال : لك هذه الأغنام التي بين الجبلين ومثلها معها فذهب الرجل لقومه وهو يقول : لقد ذهبت إلى محمد وما على وجه الأرض رجل أبغض إلىَّ منه فما زال يعطيني ويتألفني حتى ما صار على وجه الأرض رجل أحب إلَّي منه لقد أعطى عطاءاً لا يجود به الملوك؟فلا يجود به إلا نبي لأن الله جعل الدنيا في أيديهم ولم يجعلها في قلوبهم وهذه النماذج لو استرسلنا فيها لاحتجنا إلى وقت طويل كيف كان النبي يعامل أعداءه ليؤلفهم إلى دين الله ويهديهم إلى شرع الله ويسمعهم كتاب الله؟إن هذا هو الذي قال فيه مولاه فى محكم التنزيل{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}مع الإساءة قال له : اعفوا عنهم واستغفر لهم بل وشاورهم في الأمر تأليفا لهم أما إخوانه المسلمين والمؤمنين فكان يقول لهم دوماً كلما جلسوا معه وأرادوا أن يخوضوا في أعراض إخوانهم أو أن يذكروا مثالب بعضهم(لايبلغنى أحد من أصحابى عن أحدٍ شيئا فإنى أحبُّ أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر)فلم يكن يسمح في مجالسه لأحد أن يسيء إلى أحد فلا يسمع في مجلسه غيبة ولا نميمة ولا كلمات هجر ولا سب ولا فحش وإنما كانت مجالسه كما وصفوها وقرروها مجالس علم ونور ورحمة وحلم وكرم أخلاق فهو صلى الله عليه و سلم فى مجالسه بل و فى حياته كلها من أولها إلى آخرها ما عاب بشراً قط ولا سب إنساناً قط ولا ضرب بيده أحداً قط إلا إن كان في ميدان الجهاد يضرب في سبيل الله.

[1] رواه ابن أبى الدنيا عن أبى هريرة
[2] أخرجه الألبانى فى سلسلة ألحاديث الصحيحة
[3]عن عروة بن الزبير عن عائشة رواه الترمذى







رد مع اقتباس
قديم 20-01-2012, 07:51 AM   رقم المشاركة : 24
اهل الصفاء
ـ عضو موقوف ـ
الملف الشخصي






 
الحالة
اهل الصفاء غير متواجد حالياً

 


 

سلوك النهج القرآنى فى الرد على من أساء إلى رسول الله ولاتستوى الحسنة و لا السيئة :
قدم الله لنا المنهج الكريم في التعامل مع أهل الإساءة لنا أجمعين فقال تعالى{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ}إذاً ماذا نفعل؟{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}ما النتيجة؟{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}هذا هو منهج القرآن الذي أنزله الرحمن على النبي العدنان وعمل به المسلمون في كل وقت وآن وهذا المنهج واضح في أكثر من موضع في القرآن وأول من طبق هذا المنهج هو رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنتم تعلمون جميعا أن أهل مكة قد وصفوه بأقبح الصفات وأشنعها وعلى الرغم من ذلك وتطبيقا لهذا المنهج القرآنى السامى أمره الله عز وجل ألا يرد عن نفسه وقال له في قرآنه{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}فإذا قالوا شاعر يرد الله عز وجل في قرآنه الكريم ويقول{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ}وإذا قالوا مجنون فيرد من يقول للشيء كن فيكون ويقول{وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ}فتولى الله بذاته الرد على إساءة الكافرين والمشركين والجاحدين على حبيبه ومصطفاه وقال له منبهاً ومعلماً{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين}لأن هذا هو الذى يؤدى إلى النتيجة التى ذكرها الله{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}ثم يتناول القرآن الكريم هذا المنهج فى موضع آخر فيبين الله عزوجل لمن يرد على السيئة بالسيئة فيقول{وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}وهنا إشارة لطيفة : فلنقرأ " وجزاء سيئة " ثمَّ وقْفٌ فى القراءة ، ..." سيئة "، ثُمَّ وقفٌ ثانى " مثلها " وهذا يعنى : أن جزاء السيئة ( أى الرد عليها )سيئة أيضا أو بتعبير آخر إنك إن قوبلت بسيئة فى حقك فانتصرت لنفسك ورددت عليها فقد ارتكبت إذا سيئة مثلها فمن يرد على السيئة بالسيئة يصبح مثله ماذا أفعل إذاً؟فمن عفا وأصلح فأجره على الله هذا هو المنهج القرآنى فى الرد على الإساءة وتعالوا نأخذ بعضا من الأمثلة التى طبق النبى فيها هذا المنهج على نفسه وفى بيته وبين أصحابه حتى لم يدع مجالا لمتشكك أو مرتاب فى جمال و كمال و سماحة هذا الدين ومهما اشتدت الإساءات و توالت عل أى أحد فإنه لا يوجد من تعرض لإساءات أشد مما تعرض لها رسول الله من أهل مكة حتى أنه يوضح ذلك فيقول فرعوني أشد علىَّ من فرعون أخي موسى عليه وفرعونه كان أبو جهل ومع ذلك عندما دخل مكة فاتحاً جمع أهل مكة وجاءوا خائفين - فقد فتحت مكة عنوة - وقال لهم كما تعلموا أجمعين : ماذا تظنون أني فاعل بكم ؟فقالوا بأطراف ألسنتهم وليس من قلوبهم : خيراً أخ كريم وابن أخ كريم . قال: إذهبوا فأنتم الطلقاء لا أقول لكم إلا كما قال أخي يوسف لإخوته{لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}ومثال آخر لترى كيف أن عدم مقابلة الإساءة بمثلها يلين الطبع الجافى بل و يحول العدو إلى صديق و افى عندما تيقن ابن فرعون الأمة عكرمة بن أبي جهل أن النبي داخل مكة لا محالة هرب ولم يكن يدري إلى أين يتجه فاتجه إلى اليمن فلما رأت امرأته صنيع رسول الله عند فتح مكة أرسلت إليه رسالة على عجل : يا عكرمة أقبل على رسول الله فإنه يعفو ويصفح ويصل الرحم ويحمل الكلَّ فوصلت الرسالة إلى عكرمة وهو على أهبة أن يركب سفينة إلى بلاد الحبشة فرجع وعفا عنه رسول الله وكانت نتيجة العفو أن نذر أن يجاهد في سبيل الله وظل يجاهد حتى استشهد في معركة اليرموك في فتح بلاد الشام ولو أن سيدنا رسول الله عامله بمثل صنيعه لمات كافراً ولكنه وهو الرحمة المهداة أراد أن يجمع الخلق على الله ويحببهم إلى ذات الله لا أن ينفرَّهم من طريق الله وقد ورد في شأنه وفي خلقه أنه كان لا يغضب لنفسه قط إذا سبّوه أو إذا أهانوه فقد كان لا يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله وخذوا مثالا على ذلك اشتهر فى كتب السنة وفيه أنوار جلية و أسرار سنيَّة فقد جاءه رجل من الأعراب و هو جالس في وسط أصحابه فى عزِّته و منعته وقام بجبذه جبذا شديدا من حاشية ثوبه حتى حمَّر رقبته وهو يقول له في جفاء و غلظة شديدة : يا محمد أعطني فإن المال ليس مالك و لا مال أبيك وعندها غضب أصحابه بشدة و كادوا يهمون بالرجل ليبطشوا به لتطاوله إلا أن النبى اوقفهم بل و أمرهم ألا يتحركوا من أماكنهم حتى يأذن لهم ليحمى الإعرابى من غضبتهم لعلمه بشدة حبهم له وقال له : صدقت إن المال ليس مالى ولا مال أبى ودخل منزله وأحضر له عطاءا و أجزل له ثم سأله : أرضيت ياإعرابى؟هل أحسنت ؟ فقال : لا أحسنت و لا أجملت لكن إعطنى وكررها ثانية فمازال عليه الصلاة و السلام يعطيه و يسأله إن كان قد رضى و يقول لا والنبي يزيده حتى رضي الرجل ومدح رسول الله و زاد فى مدحه فقال له النبى : فإن كنت قلت ذلك فاخرج إلى أصحابي فقل عندهم مثل ما قلت لأنك أغضبتهم بفعلتك فخرج وفعل فرضي أصحابه وطابت نفوسهم فصارت الواقعة مثلا واقعيا يحتذى به و درسا عمليا و افيا علَّمه لأصحابه فى كيفية التصرف مع من أساء إليه صلى الله عليه وسلم وفى هذه الواقعة على روياتها المتعدده وصيغها وطرقها المختلفة إشارات سامية وتوجيهات عالية إلى الآداب السلوكية فى مواجهة الإساءة أو الرد على فاعلها :
أولها : هذا فعله عليه الصلاة و السلام مع مسلم المفروض بديهة أنه يعرف المبادىء الأولية عن قدره الشريف ومدى حب المسلمين له ؟ وعلى الرغم من ذلك فانظر كيف عالج الموقف؟وكيف التمس له العذر فى غلظته و سوء تصرفه؟فما بالنا لو صدرت الإساءة ممن لايعرف قدره لا مقامه؟بل فما بالك لو جاءت الإساءة ممن عمى عقله عن الحقيقة بالدعايات المغرضة والأقاويل الباطلة التى تنزل عليه ليل نهار؟هل كان يواجهه بمثل إساءته بعد أن فقهت هذه الواقعة ؟
تانية : بل أنظر كيف حمى الرجل من غضبة أصحابه ؟ وأمرهم ألا يبرحوا مكانهم إلا بأذنه و الإساءت تتوالى على شخصه الشريف وأصحابه تغلى نفوسهم و يودون لو يطيحوا برقبته لشدة إساءته
وثالثة : أنظر كيف حلم عليه وثابر على ذلك ؟ ولم يزده إغراق الإعرابي فى الإساءة إلا مزيدا من الحلم و الصبر و التماس العذر ّ
ورابعة : وفى رواية أن النبى قال له لا أعطيك ياإعرابى حتى تقيدنى من جبذتك التى جبذتنى ( رواية النسائى عن أبى هريرة)ولكن الإعرابى لم يسمع وكرر طلبه بصلافة و النبى يقول : لا حتى أقتد منك ما فعلته بى ويكررها والإعرابى لايسمع أو يسمع و يقول لا أقيدكها والنبى يكرر ليبرهن لأصحابه أن الرجل قد أصمَّه غضبه فلما استبان للجميع أن الرجل قد أعمته رغبته حتى عن السمع أو الفهم نزلت رحمته و أخذ يعطيه ويعطيه ليعلمنا بذلك أنه : إن عمى خصمك أو أصم أذنيه فأنت أيها المسلم أحوج ماتكون ساعتها للبصيرة ولضبط النفس حتى يمكنك أن تساعده فى رفع الغشاوة عن عينيه أو إعادة الإستماع لصوت العقل ولكن إن عمى المسيىء إليك الجاهل بقدرك وجرَّك بقبح فعله فعميت مثله ؟فما هو الفرق بيننا ؟ وكيف تكون النتيجة ستزداد العداوات و تتقطع الأواصر و يفتح باب الشقاق و الفرقة ودخول أطراف أخر بقصودها – انظر كيف منع أصحابه من التدخل – وعندها تصبح العودة إلى الصواب أصعب وأشد على النفس و أنكى بل قد تستحيل والتاريخ ملىْ بعشرات الأمثلة علي هذا و التى غيَّر مجراه فيها صبر فرد على أذية أو عكس ذلك .
وخامسة : بعد انتهاء الواقعة و عودة الإعرابى إلى جادة الصواب صفح عنه النبى ولم يذكر موضوع القصاص ثانية لأنه لا يهمه سوى تحوَّل الرجل من الغلظة و الشدة إلى اللين و الاستجابة وهذه بداية التغيير وقبلها لافائدة .
السادسة : فى النهاية لم يدعه النبى يمشى حتى طلب منه أن يسمع أصحابه ما قاله له فى بيته عن رضائه وسرور نفسه ليشهدهم بأنفسهم نتيجة الصبر على الأذى وتحمل الإساءة وكيف صيَّرت الأعرابى إلى النقيض فيكون تعليما لهم وليذهب غضبة نفوسهم عليه فيصفو المجتمع من الشحناء وتزول العداوات والبغضاء ولذلك فإن حضرة النبي الأعظم وأنتم تعلمون فلا يوجد إيذاء تعرَّض له رسول الله أكثر من إيذاء المنافقين الذين كانوا معه وتظاهروا بالإسلام هل إيذاء المنافقين له أكبر أم إيذاء الكافرين؟بالطبع كان إيذاء المنافقين لأن الكافرين كانوا يعلنون عليه الحرب أو يقولون عليه ساحر أو مجنون ومثل هذا الكلام الذي ليس له أساس لكن هؤلاء المنافقين هم من أذوه الإيذاء الشديد حتى أنهم هم من شنَّعوا على أعزِّ زوجاته من الذي روَّج هذه الإشاعة ؟ هل هم الكافرون ؟ أم المشركون ؟ أم اليهود ؟أبداً إنهم المنافقون الذين يصلٌّون ويصومون ويمشون مع حضرة النبي ويجلسون معه وآذوه مرة أخرى وهم راجعون " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ " هل يوجد من أهل مكة من يستطيع أن يقولها ؟ هل يوجد أحد من بني النضير أو بني قريظة يستطيع أن يتفوه بذلك ؟ لا ولكن قالها من يصلون ويصومون ويمشون مع حضرة النبي فتحمُّل حضرة النبي للمنافقين - عندما نراه - يعطينا المثل الأعلى لسيدنا رسول الله في أخلاقه التي جملَّه بها مولاه وقد قال أصحابه بعد هذه الفتن : يا رسول الله دعنا نقتلهم . فقال : ماذا يقول الناس علىَّ ؟ أيقولون أن محمداً يقتل أصحابه فيقولون : إنهم ليسوا أصحابك يا رسول الله .قال : إن الناس تراهم معي يصلون ويصومون.. قائد كتيبة المنافقين والذي قال : "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" كان ابنه من المسلمين الصالحين رأى بعض المسلمين يتحرشون به ويريدون أن يقتلوه فذهب لرسول الله ، وقال : يا رسول الله مرني أن أقتله (أى أباه)قال :لماذا ؟قال: إن نفسي لن تسكن وقد رأيت قاتل أبي لو قتله أحد منهم ؟فلا أريد أن أقتل مسلماً بكافر , فقال له رسول الله : لا وعندما قال أبوه : " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ " وقف ابنه على باب المدينة وقال لأبيه : لن تدخل وإلا ضربتك بالسيف أو يعفو عنك رسول الله؟لكي تعرف من العزيز ومن الأذلُّ فالحبُّ لرسول الله جعل الابن يقف في وجه أبيه ومع ذلك كان سيدنا رسول الله عندما يموت الواحد فيهم يذهب ليصلِّي عليه فيقول سيدنا عمر : إلى أين أنت ذاهب يا رسول الله ؟إنه فعل كذا وكذا؟فيقول : دعني يا عمر فيؤيد الله كلام عمر ويقول{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ}فيقول سيدنا عمر لرسول الله لقد قال الله كذا "الآية" فيقول رسول الله: سأزيد عن السبعين انظر إلى رحمة رسول الله ويتوفى قائد كتيبة المنافقين فيصلي عليه ولكي يطيب خاطر ابنه يخلع قميصه ويقول كفنوه فيه
فإذا رحمت فأنت أم أو أب ... هذان في الدنيا هم الرحماء
وهو أكثر من الأم والأب{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}هذا هو النبي الكريم الذي كان يؤلف كل قوم بما يلائمهم لأنه أُرسل للناس لتأليف القلوب وجمع النفوس على حضرة المليك القدوس وهكذا علّم أصحابه أن يكونوا على شاكلتة فلا يغضبون لأنفسهم وإنما يغضبون لله لأننا جند الله{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}وجند الله لا يملكون لأنفسهم قليلاً ولا كثيراً ولا يأتمرون إلا بأمر الله ويتلقون تعليماتهم من الحبيب الأعظم ، الذي عينه الله وقال لنا في شأنه{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}







رد مع اقتباس
قديم 20-01-2012, 08:11 AM   رقم المشاركة : 25
~ افوق الوصف ~
رائدي ذهبي
الملف الشخصي






 
الحالة
~ افوق الوصف ~ غير متواجد حالياً

 


 

بارك الله فيك ...







التوقيع :
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

رد مع اقتباس
قديم 21-01-2012, 05:46 AM   رقم المشاركة : 26
اهل الصفاء
ـ عضو موقوف ـ
الملف الشخصي






 
الحالة
اهل الصفاء غير متواجد حالياً

 


 

تم نقل الموضوع من كتاب (واجب المسلمين نحو رسول الله)
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...ص)&id=7&cat=4







رد مع اقتباس
قديم 21-01-2012, 05:47 AM   رقم المشاركة : 27
اهل الصفاء
ـ عضو موقوف ـ
الملف الشخصي






 
الحالة
اهل الصفاء غير متواجد حالياً

 


 

شكرا أفوق الوصف وبارك الله فيك







رد مع اقتباس
قديم 21-01-2012, 05:49 AM   رقم المشاركة : 28
اهل الصفاء
ـ عضو موقوف ـ
الملف الشخصي






 
الحالة
اهل الصفاء غير متواجد حالياً

 


 

سلوك النهج القرآنى فى الرد على من أساء إلى رسول الله ولاتستوى الحسنة و لا السيئة
:
قدم الله لنا المنهج الكريم في التعامل مع أهل الإساءة لنا أجمعين فقال تعالى{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ}إذاً ماذا نفعل؟{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}ما النتيجة؟{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}هذا هو منهج القرآن الذي أنزله الرحمن على النبي العدنان وعمل به المسلمون في كل وقت وآن وهذا المنهج واضح في أكثر من موضع في القرآن وأول من طبق هذا المنهج هو رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنتم تعلمون جميعا أن أهل مكة قد وصفوه بأقبح الصفات وأشنعها وعلى الرغم من ذلك وتطبيقا لهذا المنهج القرآنى السامى أمره الله عز وجل ألا يرد عن نفسه وقال له في قرآنه{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}فإذا قالوا شاعر يرد الله عز وجل في قرآنه الكريم ويقول{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ}وإذا قالوا مجنون فيرد من يقول للشيء كن فيكون ويقول{وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ}فتولى الله بذاته الرد على إساءة الكافرين والمشركين والجاحدين على حبيبه ومصطفاه وقال له منبهاً ومعلماً{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين}لأن هذا هو الذى يؤدى إلى النتيجة التى ذكرها الله{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}ثم يتناول القرآن الكريم هذا المنهج فى موضع آخر فيبين الله عزوجل لمن يرد على السيئة بالسيئة فيقول{وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}وهنا إشارة لطيفة : فلنقرأ " وجزاء سيئة " ثمَّ وقْفٌ فى القراءة ، ..." سيئة "، ثُمَّ وقفٌ ثانى " مثلها " وهذا يعنى : أن جزاء السيئة ( أى الرد عليها )سيئة أيضا أو بتعبير آخر إنك إن قوبلت بسيئة فى حقك فانتصرت لنفسك ورددت عليها فقد ارتكبت إذا سيئة مثلها فمن يرد على السيئة بالسيئة يصبح مثله ماذا أفعل إذاً؟فمن عفا وأصلح فأجره على الله هذا هو المنهج القرآنى فى الرد على الإساءة وتعالوا نأخذ بعضا من الأمثلة التى طبق النبى فيها هذا المنهج على نفسه وفى بيته وبين أصحابه حتى لم يدع مجالا لمتشكك أو مرتاب فى جمال و كمال و سماحة هذا الدين ومهما اشتدت الإساءات و توالت عل أى أحد فإنه لا يوجد من تعرض لإساءات أشد مما تعرض لها رسول الله من أهل مكة حتى أنه يوضح ذلك فيقول فرعوني أشد علىَّ من فرعون أخي موسى عليه وفرعونه كان أبو جهل ومع ذلك عندما دخل مكة فاتحاً جمع أهل مكة وجاءوا خائفين - فقد فتحت مكة عنوة - وقال لهم كما تعلموا أجمعين : ماذا تظنون أني فاعل بكم ؟فقالوا بأطراف ألسنتهم وليس من قلوبهم : خيراً أخ كريم وابن أخ كريم . قال: إذهبوا فأنتم الطلقاء لا أقول لكم إلا كما قال أخي يوسف لإخوته{لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}ومثال آخر لترى كيف أن عدم مقابلة الإساءة بمثلها يلين الطبع الجافى بل و يحول العدو إلى صديق و افى عندما تيقن ابن فرعون الأمة عكرمة بن أبي جهل أن النبي داخل مكة لا محالة هرب ولم يكن يدري إلى أين يتجه فاتجه إلى اليمن فلما رأت امرأته صنيع رسول الله عند فتح مكة أرسلت إليه رسالة على عجل : يا عكرمة أقبل على رسول الله فإنه يعفو ويصفح ويصل الرحم ويحمل الكلَّ فوصلت الرسالة إلى عكرمة وهو على أهبة أن يركب سفينة إلى بلاد الحبشة فرجع وعفا عنه رسول الله وكانت نتيجة العفو أن نذر أن يجاهد في سبيل الله وظل يجاهد حتى استشهد في معركة اليرموك في فتح بلاد الشام ولو أن سيدنا رسول الله عامله بمثل صنيعه لمات كافراً ولكنه وهو الرحمة المهداة أراد أن يجمع الخلق على الله ويحببهم إلى ذات الله لا أن ينفرَّهم من طريق الله وقد ورد في شأنه وفي خلقه أنه كان لا يغضب لنفسه قط إذا سبّوه أو إذا أهانوه فقد كان لا يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله وخذوا مثالا على ذلك اشتهر فى كتب السنة وفيه أنوار جلية و أسرار سنيَّة فقد جاءه رجل من الأعراب و هو جالس في وسط أصحابه فى عزِّته و منعته وقام بجبذه جبذا شديدا من حاشية ثوبه حتى حمَّر رقبته وهو يقول له في جفاء و غلظة شديدة : يا محمد أعطني فإن المال ليس مالك و لا مال أبيك وعندها غضب أصحابه بشدة و كادوا يهمون بالرجل ليبطشوا به لتطاوله إلا أن النبى اوقفهم بل و أمرهم ألا يتحركوا من أماكنهم حتى يأذن لهم ليحمى الإعرابى من غضبتهم لعلمه بشدة حبهم له وقال له : صدقت إن المال ليس مالى ولا مال أبى ودخل منزله وأحضر له عطاءا و أجزل له ثم سأله : أرضيت ياإعرابى؟هل أحسنت ؟ فقال : لا أحسنت و لا أجملت لكن إعطنى وكررها ثانية فمازال عليه الصلاة و السلام يعطيه و يسأله إن كان قد رضى و يقول لا والنبي يزيده حتى رضي الرجل ومدح رسول الله و زاد فى مدحه فقال له النبى : فإن كنت قلت ذلك فاخرج إلى أصحابي فقل عندهم مثل ما قلت لأنك أغضبتهم بفعلتك فخرج وفعل فرضي أصحابه وطابت نفوسهم فصارت الواقعة مثلا واقعيا يحتذى به و درسا عمليا و افيا علَّمه لأصحابه فى كيفية التصرف مع من أساء إليه صلى الله عليه وسلم وفى هذه الواقعة على روياتها المتعدده وصيغها وطرقها المختلفة إشارات سامية وتوجيهات عالية إلى الآداب السلوكية فى مواجهة الإساءة أو الرد على فاعلها :
أولها : هذا فعله عليه الصلاة و السلام مع مسلم المفروض بديهة أنه يعرف المبادىء الأولية عن قدره الشريف ومدى حب المسلمين له ؟ وعلى الرغم من ذلك فانظر كيف عالج الموقف؟وكيف التمس له العذر فى غلظته و سوء تصرفه؟فما بالنا لو صدرت الإساءة ممن لايعرف قدره لا مقامه؟بل فما بالك لو جاءت الإساءة ممن عمى عقله عن الحقيقة بالدعايات المغرضة والأقاويل الباطلة التى تنزل عليه ليل نهار؟هل كان يواجهه بمثل إساءته بعد أن فقهت هذه الواقعة ؟
تانية : بل أنظر كيف حمى الرجل من غضبة أصحابه ؟ وأمرهم ألا يبرحوا مكانهم إلا بأذنه و الإساءت تتوالى على شخصه الشريف وأصحابه تغلى نفوسهم و يودون لو يطيحوا برقبته لشدة إساءته
وثالثة : أنظر كيف حلم عليه وثابر على ذلك ؟ ولم يزده إغراق الإعرابي فى الإساءة إلا مزيدا من الحلم و الصبر و التماس العذر ّ
ورابعة : وفى رواية أن النبى قال له لا أعطيك ياإعرابى حتى تقيدنى من جبذتك التى جبذتنى ( رواية النسائى عن أبى هريرة)ولكن الإعرابى لم يسمع وكرر طلبه بصلافة و النبى يقول : لا حتى أقتد منك ما فعلته بى ويكررها والإعرابى لايسمع أو يسمع و يقول لا أقيدكها والنبى يكرر ليبرهن لأصحابه أن الرجل قد أصمَّه غضبه فلما استبان للجميع أن الرجل قد أعمته رغبته حتى عن السمع أو الفهم نزلت رحمته و أخذ يعطيه ويعطيه ليعلمنا بذلك أنه : إن عمى خصمك أو أصم أذنيه فأنت أيها المسلم أحوج ماتكون ساعتها للبصيرة ولضبط النفس حتى يمكنك أن تساعده فى رفع الغشاوة عن عينيه أو إعادة الإستماع لصوت العقل ولكن إن عمى المسيىء إليك الجاهل بقدرك وجرَّك بقبح فعله فعميت مثله ؟فما هو الفرق بيننا ؟ وكيف تكون النتيجة ستزداد العداوات و تتقطع الأواصر و يفتح باب الشقاق و الفرقة ودخول أطراف أخر بقصودها – انظر كيف منع أصحابه من التدخل – وعندها تصبح العودة إلى الصواب أصعب وأشد على النفس و أنكى بل قد تستحيل والتاريخ ملىْ بعشرات الأمثلة علي هذا و التى غيَّر مجراه فيها صبر فرد على أذية أو عكس ذلك .
وخامسة : بعد انتهاء الواقعة و عودة الإعرابى إلى جادة الصواب صفح عنه النبى ولم يذكر موضوع القصاص ثانية لأنه لا يهمه سوى تحوَّل الرجل من الغلظة و الشدة إلى اللين و الاستجابة وهذه بداية التغيير وقبلها لافائدة .
السادسة : فى النهاية لم يدعه النبى يمشى حتى طلب منه أن يسمع أصحابه ما قاله له فى بيته عن رضائه وسرور نفسه ليشهدهم بأنفسهم نتيجة الصبر على الأذى وتحمل الإساءة وكيف صيَّرت الأعرابى إلى النقيض فيكون تعليما لهم وليذهب غضبة نفوسهم عليه فيصفو المجتمع من الشحناء وتزول العداوات والبغضاء ولذلك فإن حضرة النبي الأعظم وأنتم تعلمون فلا يوجد إيذاء تعرَّض له رسول الله أكثر من إيذاء المنافقين الذين كانوا معه وتظاهروا بالإسلام هل إيذاء المنافقين له أكبر أم إيذاء الكافرين؟بالطبع كان إيذاء المنافقين لأن الكافرين كانوا يعلنون عليه الحرب أو يقولون عليه ساحر أو مجنون ومثل هذا الكلام الذي ليس له أساس لكن هؤلاء المنافقين هم من أذوه الإيذاء الشديد حتى أنهم هم من شنَّعوا على أعزِّ زوجاته من الذي روَّج هذه الإشاعة ؟ هل هم الكافرون ؟ أم المشركون ؟ أم اليهود ؟أبداً إنهم المنافقون الذين يصلٌّون ويصومون ويمشون مع حضرة النبي ويجلسون معه وآذوه مرة أخرى وهم راجعون " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ " هل يوجد من أهل مكة من يستطيع أن يقولها ؟ هل يوجد أحد من بني النضير أو بني قريظة يستطيع أن يتفوه بذلك ؟ لا ولكن قالها من يصلون ويصومون ويمشون مع حضرة النبي فتحمُّل حضرة النبي للمنافقين - عندما نراه - يعطينا المثل الأعلى لسيدنا رسول الله في أخلاقه التي جملَّه بها مولاه وقد قال أصحابه بعد هذه الفتن : يا رسول الله دعنا نقتلهم . فقال : ماذا يقول الناس علىَّ ؟ أيقولون أن محمداً يقتل أصحابه فيقولون : إنهم ليسوا أصحابك يا رسول الله .قال : إن الناس تراهم معي يصلون ويصومون.. قائد كتيبة المنافقين والذي قال : "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" كان ابنه من المسلمين الصالحين رأى بعض المسلمين يتحرشون به ويريدون أن يقتلوه فذهب لرسول الله ، وقال : يا رسول الله مرني أن أقتله (أى أباه)قال :لماذا ؟قال: إن نفسي لن تسكن وقد رأيت قاتل أبي لو قتله أحد منهم ؟فلا أريد أن أقتل مسلماً بكافر , فقال له رسول الله : لا وعندما قال أبوه : " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ " وقف ابنه على باب المدينة وقال لأبيه : لن تدخل وإلا ضربتك بالسيف أو يعفو عنك رسول الله؟لكي تعرف من العزيز ومن الأذلُّ فالحبُّ لرسول الله جعل الابن يقف في وجه أبيه ومع ذلك كان سيدنا رسول الله عندما يموت الواحد فيهم يذهب ليصلِّي عليه فيقول سيدنا عمر : إلى أين أنت ذاهب يا رسول الله ؟إنه فعل كذا وكذا؟فيقول : دعني يا عمر فيؤيد الله كلام عمر ويقول{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ}فيقول سيدنا عمر لرسول الله لقد قال الله كذا "الآية" فيقول رسول الله: سأزيد عن السبعين انظر إلى رحمة رسول الله ويتوفى قائد كتيبة المنافقين فيصلي عليه ولكي يطيب خاطر ابنه يخلع قميصه ويقول كفنوه فيه
فإذا رحمت فأنت أم أو أب ... هذان في الدنيا هم الرحماء
وهو أكثر من الأم والأب{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}هذا هو النبي الكريم الذي كان يؤلف كل قوم بما يلائمهم لأنه أُرسل للناس لتأليف القلوب وجمع النفوس على حضرة المليك القدوس وهكذا علّم أصحابه أن يكونوا على شاكلتة فلا يغضبون لأنفسهم وإنما يغضبون لله لأننا جند الله{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}وجند الله لا يملكون لأنفسهم قليلاً ولا كثيراً ولا يأتمرون إلا بأمر الله ويتلقون تعليماتهم من الحبيب الأعظم ، الذي عينه الله وقال لنا في شأنه{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}







رد مع اقتباس
قديم 21-01-2012, 12:03 PM   رقم المشاركة : 29
سحر الـالؤـآن
رائدي مميز
 
الصورة الرمزية سحر الـالؤـآن
الملف الشخصي







 
الحالة
سحر الـالؤـآن غير متواجد حالياً

 


 

مـوفقهـ ع الطرح القيم

بارك الله فيك

ودي







التوقيع :



|*


وَ عَقدتُ عهِداً مع النسياان ثُم نكثتُ بِة "(
سبحان اللَه وبحمِدة سبحاان اللَه العظيمَ
ثمَة بوحَ
http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=132238


رد مع اقتباس
قديم 22-01-2012, 05:33 AM   رقم المشاركة : 30
اهل الصفاء
ـ عضو موقوف ـ
الملف الشخصي






 
الحالة
اهل الصفاء غير متواجد حالياً

 


 

شكرا أختى الكريمة سحر وبارك الله فيك







رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العلماء‏:‏ الاستمرار علي الطاعة واجب المسلمين بعد رمضان علاء الدين المنتدى الإسلامي 7 07-09-2011 02:09 AM
اتقوا الله عباد الله في اعراض المسلمين الغريبه المنتدى الإسلامي 7 13-07-2011 01:50 PM
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء ، أو ينفخ فيه ابومنال الشمري :: منتدى الرائدية الصحي:: 6 03-05-2008 12:57 AM
اكره هولاكو واحب افكار بعض التتار وما احب رجعية الشيعة واحب الحسين ظنا وايل منتدى الشعر المنقول والصوتيات 6 26-05-2007 10:09 AM



الساعة الآن 12:31 AM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت