|
11-11-2009, 06:36 PM
|
رقم المشاركة : 31
|
|
وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا
وَقَوْله : { وَقَالَ الْإِنْسَان مَا لَهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ النَّاس إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْض لِقِيَامِ السَّاعَة : مَا لِلْأَرْضِ وَمَا قِصَّتهَا يَوْمئِذٍ تُحَدِّث أَخْبَارهَا. كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 29212 -حَدَّثَنِي اِبْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ شَبِيب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , { وَقَالَ الْإِنْسَان مَا لَهَا } قَالَ : الْكَافِر .
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا
{ يَوْمئِذٍ تُحَدِّث أَخْبَارهَا } يَقُول : يَوْمئِذٍ تُحَدِّث الْأَرْض أَخْبَارهَا . وَتَحْدِيثهَا أَخْبَارهَا , عَلَى الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , أَنْ تَتَكَلَّم فَتَقُول : إِنَّ اللَّه أَمَرَنِي بِهَذَا , وَأَوْحَى إِلَيَّ بِهِ , وَأَذِنَ لِي فِيهِ . وَأَمَّا سَعِيد بْن جُبَيْر , فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 29213 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْمَلِك , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر يَقْرَأ فِي الْمَغْرِب مَرَّة : " يَوْمئِذٍ تُنَبِّئ أَخْبَارهَا " وَمَرَّة : { تُحَدِّث أَخْبَارهَا } . فَكَأَنَّ مَعْنَى تُحَدِّث كَانَ عِنْد سَعِيد : تُنَبِّئ , وَتَنْبِيئُهَا أَخْبَارهَا : إِخْرَاجهَا أَثْقَالهَا مِنْ بَطْنهَا إِلَى ظَهْرهَا. وَهَذَا الْقَوْل قَوْل عِنْدِي صَحِيح الْمَعْنَى , وَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى هَذَا الْمَعْنَى : يَوْمئِذٍ تُبَيِّن الْأَرْض أَخْبَارهَا بِالزَّلْزَلَةِ وَالرَّجَّة , وَإِخْرَاج الْمَوْتَى مِنْ بُطُونهَا إِلَى ظُهُورهَا , بِوَحْيِ اللَّه إِلَيْهَا , وَإِذْنه لَهَا بِذَلِكَ , وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله : { بِأَنَّ رَبّك أَوْحَى لَهَا } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29214- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن. قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { وَأَخْرَجَتْ الْأَرْض أَثْقَالهَا بِأَنَّ رَبّك أَوْحَى لَهَا } قَالَ : أَمَرَهَا , فَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ . * -حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { بِأَنَّ رَبّك أَوْحَى لَهَا } قَالَ : أَمَرَهَا . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : " يَوْمئِذٍ تُنَبِّئ أَخْبَارهَا " وَقِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْض تُحَدِّث أَخْبَارهَا مَنْ كَانَ عَلَى ظَهْرهَا مِنْ أَهْل الطَّاعَة وَالْمَعَاصِي , وَمَا عَمِلُوا عَلَيْهَا مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29215 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان { يَوْمئِذٍ تُحَدِّث أَخْبَارهَا } قَالَ : مَا عَمِلَ عَلَيْهَا مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ , بِأَنَّ رَبّك أَوْحَى لَهَا , قَالَ : أَعْلَمَهَا ذَلِكَ. 29216 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَوْمئِذٍ تُحَدِّث أَخْبَارهَا } قَالَ : مَا كَانَ فِيهَا , وَعَلَى ظَهْرهَا مِنْ أَعْمَال الْعِبَاد. 29217 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يَوْمئِذٍ تُحَدِّث أَخْبَارهَا } قَالَ : تُخْبِر النَّاس بِمَا عَمِلُوا عَلَيْهَا
|
|
|
11-11-2009, 06:37 PM
|
رقم المشاركة : 32
|
|
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا
وَقِيلَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { أَوْحَى لَهَا } : أَوْحَى إِلَيْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29218 -حَدَّثَنِي اِبْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ شَبِيب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { أَوْحَى لَهَا } قَالَ : أَوْحَى إِلَيْهَا .
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا
وَقَوْله : { يَوْمئِذٍ يَصْدُر النَّاس أَشْتَاتًا } قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَة التَّأْخِير بَعْد { لِيُرَوْا أَعْمَالهمْ } قَالُوا : وَوَجْه الْكَلَام : يَوْمئِذٍ تُحَدِّث أَخْبَارهَا بِأَنَّ رَبّك أَوْحَى لَهَا. لِيُرَوْا أَعْمَالهمْ , يَوْمئِذٍ يَصْدُر النَّاس أَشْتَاتًا . قَالُوا : وَلَكِنَّهُ اُعْتُرِضَ بَيْن ذَلِكَ بِهَذِهِ الْكَلِمَة . وَمَعْنَى قَوْله : { يَوْمئِذٍ يَصْدُر النَّاس أَشْتَاتًا } عَنْ مَوْقِف الْحِسَاب فِرَقًا مُتَفَرِّقِينَ , فَآخُذ ذَات الْيَمِين إِلَى الْجَنَّة , وَآخُذ ذَات الشِّمَال إِلَى النَّار .
لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ
وَقَوْله : {لِيُرَوْا أَعْمَالهمْ } يَقُول : يَوْمئِذٍ يَصْدُر النَّاس أَشْتَاتًا مُتَفَرِّقِينَ , عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال , لِيُرَوْا أَعْمَالهمْ , فَيَرَى الْمُحْسِن فِي الدُّنْيَا , الْمُطِيع لِلَّهِ عَمَله وَمَا أَعَدَّ اللَّه لَهُ يَوْمئِذٍ مِنْ الْكَرَامَة , عَلَى طَاعَته إِيَّاهُ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا , وَيَرَى الْمُسِيء الْعَاصِي لِلَّهِ عَمَله. وَجَزَاء عَمَله , وَمَا أَعَدَّ اللَّه لَهُ مِنْ الْهَوَان وَالْخِزْي فِي جَهَنَّم , عَلَى مَعْصِيَته إِيَّاهُ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا , وَكُفْره بِهِ.
|
|
|
11-11-2009, 06:38 PM
|
رقم المشاركة : 33
|
|
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ
وَقَوْله : { فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة خَيْرًا يَرَهُ } يَقُول : فَمَنْ عَمِلَ فِي الدُّنْيَا وَزْن ذَرَّة مِنْ خَيْر , يَرَى ثَوَابه هُنَالِكَ
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
{ وَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة شَرًّا يَرَهُ } يَقُول : وَمَنْ كَانَ عَمِلَ فِي الدُّنْيَا وَزْن ذَرَّة مِنْ شَرّ يَرَى جَزَاءَهُ هُنَالِكَ , وَقِيلَ : وَمَنْ يَعْمَل , وَالْخَبَر عَنْهَا فِي الْآخِرَة , لِفَهْمِ السَّامِع مَعْنَى ذَلِكَ , لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ الدَّلِيل قَبْل , عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : فَمَنْ عَمِلَ ; ذَلِكَ دَلَالَة قَوْله : { يَوْمئِذٍ يَصْدُر النَّاس أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالهمْ } عَلَى ذَلِكَ . وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَفْهُومًا مَعْنَى الْكَلَام عِنْد السَّامِعِينَ . وَكَانَ فِي قَوْله : { يَعْمَل } حَثّ لِأَهْلِ الدُّنْيَا عَلَى الْعَمَل بِطَاعَةِ اللَّه , وَالزَّجْر عَنْ مَعَاصِيه , مَعَ الَّذِي ذَكَرْت مِنْ دَلَالَة الْكَلَام قَبْل ذَلِكَ , عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُرَاد بِهِ الْخَبَر عَنْ مَاضِي فِعْله , وَمَا لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ , أُخْرِجَ الْخَبَر عَلَى وَجْه الْخَبَر عَنْ مُسْتَقْبَل الْفِعْل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا مِنْ أَنَّ جَمِيعهمْ يَرَوْنَ أَعْمَالهمْ , قَالَ : أَهْل التَّأْوِيل ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29219 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة خَيْرًا يَرَهُ } قَالَ : لَيْسَ مُؤْمِن وَلَا كَافِر عَمِلَ خَيْرًا وَلَا شَرًّا فِي الدُّنْيَا , إِلَّا أَتَاهُ اللَّه إِيَّاهُ. فَأَمَّا الْمُؤْمِن فَيُرِيه حَسَنَاته وَسَيِّئَاته , فَيَغْفِر اللَّه لَهُ سَيِّئَاته. وَأَمَّا الْكَافِر فَيَرُدّ حَسَنَاته , وَيُعَذِّبهُ بِسَيِّئَاتِهِ . وَقِيلَ فِي ذَلِكَ غَيْر هَذَا الْقَوْل , فَقَالَ بَعْضهمْ : أَمَّا الْمُؤْمِن , فَيُعَجَّل لَهُ عُقُوبَة سَيِّئَاته فِي الدُّنْيَا , وَيُؤَخَّر لَهُ ثَوَاب حَسَنَاته , وَالْكَافِر يُعَجَّل لَهُ ثَوَاب حَسَنَاته , وَيُؤَخَّر لَهُ عُقُوبَة سَيِّئَاته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29220 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , قَالَ : حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّد بْن مُسْلِم الطَّائِفِيّ , عَنْ عَمْرو بْن قَتَادَة , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , وَهُوَ يُفَسِّر هَذِهِ الْآيَة : { فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة } قَالَ : مَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة مِنْ خَيْر مِنْ كَافِر يَرَ ثَوَابه فِي الدُّنْيَا فِي نَفْسه وَأَهْله وَمَاله وَوَلَده , حَتَّى يَخْرُج مِنْ الدُّنْيَا , وَلَيْسَ لَهُ عِنْده خَيْر { وَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة شَرًّا يَرَهُ } مِنْ مُؤْمِن يَرَ عُقُوبَته فِي الدُّنْيَا فِي نَفْسه وَأَهْله وَمَاله وَوَلَده , حَتَّى يَخْرُج مِنْ الدُّنْيَا وَلَيْسَ عِنْده شَيْء . * - حَدَّثَنِي مَحْمُود بْن خِدَاش , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يَزِيد الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُسْلِم الطَّائِفِيّ , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , قَالَ : سَأَلْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة شَرًّا يَرَهُ } قَالَ : مَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة مِنْ خَيْر مِنْ كَافِر , يَرَ ثَوَابهَا فِي نَفْسه وَأَهْله وَمَاله , حَتَّى يَخْرُج مِنْ الدُّنْيَا وَلَيْسَ لَهُ خَيْر ; وَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة مِنْ شَرّ مِنْ مُؤْمِن , يَرَ عُقُوبَتهَا فِي نَفْسه وَأَهْله وَمَاله , حَتَّى يَخْرُج وَلَيْسَ لَهُ شَرّ . 29221 - حَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّاب الْحَسَّانِيّ , قَالَ : ثنا الْهَيْثَم بْن الرَّبِيع , قَالَ : ثنا سِمَاك بْن عَطِيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة , عَنْ أَنَس , قَالَ : كَانَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَأْكُل مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة شَرًّا يَرَهُ } فَرَفَعَ أَبُو بَكْر يَده مِنْ الطَّعَام , وَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي أُجْزَى بِمَا عَمِلْت مِنْ مِثْقَال ذَرَّة مِنْ شَرّ ؟ فَقَالَ : " يَا أَبَا بَكْر , مَا رَأَيْت فِي الدُّنْيَا مِمَّا تَكْرَه فَمَثَاقِيل ذَرّ الشَّرّ , وَيَدَّخِر لَك اللَّه مَثَاقِيل الْخَيْر حَتَّى تُوَفَّاهُ يَوْم الْقِيَامَة " . 29222 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَيُّوب , قَالَ : وَجَدْنَا فِي كِتَاب أَبِي قِلَابَة , عَنْ أَبِي إِدْرِيس : أَنَّ أَبَا بَكْر كَانَ يَأْكُل مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة شَرًّا يَرَهُ } فَرَفَعَ أَبُو بَكْر يَده مِنْ الطَّعَام , وَقَالَ : إِنِّي لَرَاءٍ مَا عَمِلْت , قَالَ : لَا أَعْلَمهُ إِلَّا قَالَ : مَا عَمِلْت مِنْ خَيْر وَشَرّ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ مَا تَرَى مِمَّا تَكْرَه فَهُوَ مَثَاقِيل ذَرّ شَرّ كَثِير , وَيَدَّخِر اللَّه لَك مَثَاقِيل ذَرّ الْخَيْر حَتَّى تُعْطَاهُ يَوْم الْقِيَامَة " وَتَصْدِيق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير } . *- حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَيُّوب , قَالَ : قَرَأْت فِي كِتَاب أَبِي قِلَابَة قَالَ : نَزَلَتْ { فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة شَرًّا يَرَهُ } وَأَبُو بَكْر يَأْكُل مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمْسَكَ وَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , إِنِّي لَرَاءٍ مَا عَمِلْت مِنْ خَيْر وَشَرّ ؟ فَقَالَ : " أَرَأَيْت مَا رَأَيْت مِمَّا تَكْرَه , فَهُوَ مِنْ مَثَاقِيل ذَرّ الشَّرّ , وَيَدَّخِر ذَرّ الْخَيْر , حَتَّى تُعْطَوْهُ يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ أَبُو إِدْرِيس : فَأَرَى مِصْدَاقهَا فِي كِتَاب اللَّه , قَالَ : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير } . 29223 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : يَا رَسُول اللَّه , إِنَّ عَبْد اللَّه بْن جُدْعَان كَانَ يَصِل الرَّحِم , وَيَفْعَل وَيَفْعَل , هَلْ ذَاكَ نَافِعه ؟ قَالَ : " لَا , إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا : { رَبّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْم الدِّين } " . 26 82 * -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : قُلْت : يَا رَسُول اللَّه , اِبْن جُدْعَان كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة يَصِل الرَّحِم , وَيُطْعِم الْمِسْكِين , فَهَلْ ذَاكَ نَافِعه ؟ قَالَ : " لَا يَنْفَعهُ , إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا : { رَبّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْم الدِّين } " 26 82 . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ عَامِر الشَّعْبِيّ , أَنَّ عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه , إِنَّ عَبْد اللَّه بْن جُدْعَان , كَانَ يَصِل الرَّحِم , وَيَقْرِي الضَّيْف , وَيَفُكّ الْعَانِيَ , فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعه شَيْئًا ؟ قَالَ : " لَا , إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا : { رَبّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْم الدِّين } " . 26 82 29224 -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ عَلْقَمَة , أَنَّ سَلَمَة بْن يَزِيد الْجُعْفِيّ , قَالَ : يَا رَسُول اللَّه , إِنَّ أُمّنَا هَلَكَتْ فِي الْجَاهِلِيَّة , كَانَتْ تَصِل الرَّحِم , وَتَقْرِي الضَّيْف , وَتَفْعَل وَتَفْعَل , فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعهَا شَيْئًا ؟ قَالَ : " لَا " . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَلْقَمَة بْن قَيْس , عَنْ سَلَمَة بْن يَزِيد الْجُعْفِيّ , قَالَ : ذَهَبْت أَنَا وَأَخِي إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه , إِنَّ أُمّنَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّة تَقْرِي الضَّيْف , وَتَصِل الرَّحِم , هَلْ يَنْفَعهَا عَمَلهَا ذَلِكَ شَيْئًا ؟ قَالَ : " لَا " . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن صَدْرَان وَابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَا : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ سَلَمَة بْن يَزِيد , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , أَنَّهُ قَالَ : أَمَّا الْمُؤْمِن فَيَرَى حَسَنَاته فِي الْآخِرَة , وَأَمَّا الْكَافِر فَيَرَى حَسَنَاته فِي الدُّنْيَا . 29225 -حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا أَبُو نَعَامَة , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز بْن بَشِير الضَّبِّيّ -جَدّه سَلْمَان بْن عَامِر - أَنَّ سَلْمَان بْن عَامِر جَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِل الرَّحِم , وَيَفِي بِالذِّمَّةِ , وَيُكْرِم الضَّيْف , قَالَ : " مَاتَ قَبْل الْإِسْلَام " ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : " لَنْ يَنْفَعهُ ذَلِكَ " , فَوَلَّى , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَلَيَّ بِالشَّيْخِ " , فَجَاءَ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهَا لَنْ تَنْفَعهُ , وَلَكِنَّهَا تَكُون فِي عَقِبه , فَلَنْ تَخْزَوْا أَبَدًا , وَلَنْ تَذِلُّوا أَبَدًا , وَلَنْ تَفْتَقِرُوا أَبَدًا " . 29226 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى وَابْن بَشَّار , قَالَا : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا عِمْرَان , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم الْمُؤْمِن حَسَنَة يُثَاب عَلَيْهَا الرِّزْق فِي الدُّنْيَا , وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَة ; وَأَمَّا الْكَافِر فَيُعْطِيه بِهَا فِي الدُّنْيَا , فَإِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة , لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَة " . 29227 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا لَيْث , قَالَ : ثني الْمُعَلَّى , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَحْسَن مِنْ مُحْسِن مُؤْمِن أَوْ كَافِر إِلَّا وَقَعَ ثَوَابه عَلَى اللَّه فِي عَاجِل دُنْيَاهُ , أَوْ آجِل آخِرَته " . 29228 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْحُبْلِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ : أُنْزِلَتْ : { إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْض زِلْزَالهَا } وَأَبُو بَكْر الصِّدِّيق قَاعِد , فَبَكَى حِين أُنْزِلَتْ , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا يُبْكِيك يَا أَبَا بَكْر ؟ " قَالَ : يُبْكِينِي هَذِهِ السُّورَة , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْلَا أَنَّكُمْ تُخْطِئُونَ وَتُذْنِبُونَ فَيَغْفِر اللَّه لَكُمْ , لَخَلَقَ اللَّه أُمَّة يُخْطِئُونَ وَيُذْنِبُونَ فَيَغْفِر لَهُمْ " . فَهَذِهِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُنْبِئ عَنْ أَنَّ الْمُؤْمِن إِنَّمَا يَرَى عُقُوبَة سَيِّئَاته فِي الدُّنْيَا , وَثَوَاب حَسَنَاته فِي الْآخِرَة , وَأَنَّ الْكَافِر يَرَى ثَوَاب حَسَنَاته فِي الدُّنْيَا , وَعُقُوبَة سَيِّئَاته فِي الْآخِرَة , وَأَنَّ الْكَافِر لَا يَنْفَعهُ فِي الْآخِرَة مَا سَلَفَ لَهُ مِنْ إِحْسَان فِي الدُّنْيَا مَعَ كُفْره . 29229 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عَلِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , قَالَ : أَدْرَكْت سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَاب عَبْد اللَّه , أَصْغَرهمْ الْحَارِث بْن سُوَيْد , فَسَمِعْته يَقْرَأ : { إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْض زِلْزَالهَا } حَتَّى بَلَغَ إِلَى : { فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّة شَرًّا يَرَهُ } قَالَ : إِنَّ هَذَا إِحْصَاء شَدِيد . وَقِيلَ : إِنَّ الذَّرَّة دُودَة حَمْرَاء لَيْسَ لَهَا وَزْن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29230- حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن وَهْب الْعَلَّاف وَمُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَا : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا شَبِيب بْن بِشْر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { مِثْقَال ذَرَّة } قَالَ اِبْن سِنَان فِي حَدِيثه : مِثْقَال ذَرَّة حَمْرَاء . وَقَالَ اِبْن وَهْب فِي حَدِيثه : نَمْلَة حَمْرَاء . قَالَ إِسْحَاق , قَالَ يَزِيد بْن هَارُون : وَزَعَمُوا أَنَّ هَذِهِ الدُّودَة الْحَمْرَاء لَيْسَ لَهَا وَزْن . آخِر تَفْسِير سُورَة إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْض .
|
|
|
14-11-2009, 08:02 AM
|
رقم المشاركة : 36
|
|
تفسير سورة الاعلى
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى
" سَبِّحْ اِسْم رَبّك " أَيْ نَزِّهْ رَبّك عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ وَاسْم زَائِد " الْأَعْلَى " صِفَة لِرَبِّك
الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى
" الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى " مَخْلُوقه , جَعَلَهُ مُتَنَاسِب الْأَجْزَاء غَيْر مُتَفَاوِت
وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى
" وَاَلَّذِي قَدَّرَ " مَا شَاءَ " فَهَدَى " إِلَى مَا قَدَّرَهُ مِنْ خَيْر وَشَرّ
وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى
" وَاَلَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى " أَنْبَتَ الْعُشْب
فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى
" فَجَعَلَهُ " بَعْد الْخُضْرَة " غُثَاء " جَافًّا هَشِيمًا " أَحَوَى " أَسْوَد يَابِسًا
سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى
" سَنُقْرِئُك " الْقُرْآن " فَلَا تَنْسَى " مَا تَقْرَؤُهُ
إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى
" إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه " أَنْ تَنْسَاهُ بِنَسْخِ تِلَاوَته وَحُكْمه , وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْهَر بِالْقِرَاءَةِ مَعَ قِرَاءَة جِبْرِيل خَوْف النِّسْيَان فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ : لَا تَعْجَل بِهَا إِنَّك لَا تَنْسَى فَلَا تُتْعِب نَفْسك بِالْجَهْرِ بِهَا " إِنَّهُ " تَعَالَى " يَعْلَم الْجَهْر " مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل " وَمَا يَخْفَى " مِنْهُمَا
وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى
" وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى " لِلشَّرِيعَةِ السَّهْلَة وَهِيَ الْإِسْلَام
فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى
" فَذَكِّرْ " عِظْ بِالْقُرْآنِ " إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى " مِنْ تَذْكِرَة الْمَذْكُور فِي سَيَذَّكَّرُ , يَعْنِي وَإِنْ لَمْ تَنْفَع وَنَفْعهَا لِبَعْضٍ وَعَدَم النَّفْع لِبَعْضٍ آخَر
سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى
" سَيَذَّكَّرُ " بِهَا " مَنْ يَخْشَى " يَخَاف اللَّه تَعَالَى كَآيَةِ
وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى
" وَيَتَجَنَّبهَا " أَيْ الذِّكْرَى , أَيْ يَتْرُكهَا جَانِبًا لَا يَلْتَفِت إِلَيْهَا " الْأَشْقَى " بِمَعْنَى الشَّقِيّ أَيْ الْكَافِر
الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى
" الَّذِي يَصْلَى النَّار الْكُبْرَى " هِيَ نَار الْآخِرَة وَالصُّغْرَى نَار الدُّنْيَا
ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا
" ثُمَّ لَا يَمُوت فِيهَا " فَيَسْتَرِيح " وَلَا يَحْيَا " حَيَاة هَنِيئَة
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى
" قَدْ أَفْلَحَ " فَازَ " مَنْ تَزَكَّى " تَطَهَّرَ بِالْإِيمَانِ
وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى
أَيْ ذَكَرَ رَبّه . وَرَوَى عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : يُرِيد ذَكَرَ مَعَادَهُ وَمَوْقِفَهُ بَيْن يَدَيْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , فَعَبَدَهُ وَصَلَّى لَهُ . وَقِيلَ : ذَكَرَ اِسْم رَبّه بِالتَّكْبِيرِ فِي أَوَّل الصَّلَاة ; لِأَنَّهَا لَا تَنْعَقِد إِلَّا بِذِكْرِهِ وَهُوَ قَوْله : اللَّه أَكْبَر : وَبِهِ يُحْتَجّ عَلَى وُجُوب تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح , وَعَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاة ; لِأَنَّ الصَّلَاة مَعْطُوفَة عَلَيْهَا . وَفِيهِ حُجَّة لِمَنْ قَالَ : إِنَّ الِافْتِتَاح جَائِز بِكُلِّ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . وَهَذِهِ مَسْأَلَة خِلَافِيَّة بَيْن الْفُقَهَاء . وَقَدْ مَضَى الْقَوْل فِي هَذَا فِي أَوَّل سُورَة " الْبَقَرَة " . وَقِيلَ : هِيَ تَكْبِيرَات الْعِيد . قَالَ الضَّحَّاك : " وَذَكَرَ اِسْم رَبّه " فِي طَرِيق الْمُصَلَّى " فَصَلَّى " أَيْ صَلَاة الْعِيد . وَقِيلَ : " وَذَكَر اِسْم رَبّه " وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَهُ بِقَلْبِهِ عِنْد صَلَاته , فَيَخَاف عِقَابه , وَيَرْجُو ثَوَابه لِيَكُونَ اِسْتِيفَاؤُهُ لَهَا , وَخُشُوعه فِيهَا , بِحَسَبِ خَوْفه وَرَجَائِهِ . وَقِيلَ : هُوَ أَنْ يَفْتَتِح أَوَّل كُلّ سُورَة بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . " فَصَلَّى " أَيْ فَصَلَّى وَذَكَرَ . وَلَا فَرْق بَيْن أَنْ تَقُول : أَكْرَمْتنِي فَزُرْتنِي , وَبَيْن أَنْ تَقُول : زُرْتنِي فَأَكْرَمْتنِي . قَالَ اِبْن عَبَّاس : هَذَا فِي الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة , وَهِيَ الصَّلَوَات الْخَمْس . وَقِيلَ : الدُّعَاء أَيْ دُعَاء اللَّه بِحَوَائِج الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . وَقِيلَ : صَلَاة الْعِيد قَالَهُ أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ وَابْن عُمَر وَغَيْرهمَا . وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَقِيلَ : هُوَ أَنْ يَتَطَوَّع بِصَلَاةٍ بَعْد زَكَاته قَالَهُ أَبُو الْأَحْوَص , وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْل عَطَاء . وَرُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : مَنْ أَقَامَ الصَّلَاة وَلَمْ يُؤْتِ الزَّكَاة فَلَا صَلَاة لَهُ .
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
" بَلْ تُؤْثِرُونَ " بِالْفَوْقَانِيَّةِ وَالتَّحْتَانِيَّة " الْحَيَاة الدُّنْيَا " عَلَى الْآخِرَة
وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى
" وَالْآخِرَة " الْمُشْتَمِلَة عَلَى الْجَنَّة " خَيْر وَأَبْقَى "
إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى
" إِنَّ هَذَا " إِفْلَاح مَنْ تَزَكَّى وَكَوْن الْآخِرَة خَبَرًا " لَفِي الصُّحُف الْأُولَى " أَيْ الْمُنَزَّلَة قَبْل الْقُرْآن
صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى
" صُحُف إِبْرَاهِيم وَمُوسَى " وَهِيَ عَشْر صُحُف لِإِبْرَاهِيم وَالتَّوْرَاة لِمُوسَى .
|
|
|
16-12-2009, 05:14 PM
|
رقم المشاركة : 37
|
|
تفسير سورة الفيل للجلالين
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ
" أَلَمْ تَرَ " اِسْتِفْهَام تَعَجُّب , أَيْ اِعْجَبْ " كَيْف فَعَلَ رَبّك بِأَصْحَابِ الْفِيل " هُوَ مَحْمُود وَأَصْحَابه أَبَرْهَة مَلِك الْيَمَن وَجَيْشه , بَنَى بِصَنْعَاء كَنِيسَة لِيَصْرِف إِلَيْهَا الْحَاجّ عَنْ مَكَّة فَأَحْدَثَ رَجُل مِنْ كِنَانَة فِيهَا وَلَطَّخَ قِبْلَتهَا بِالْعَذِرَةِ اِحْتِقَارًا بِهَا , فَحَلَفَ أَبَرْهَة لَيَهْدِمَنَّ الْكَعْبَة , فَجَاءَ مَكَّة بِجَيْشِهِ عَلَى أَفْيَال الْيَمَن مُقَدَّمهَا مَحْمُود , فَحِين تَوَجَّهُوا لِهَدْمِ الْكَعْبَة أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ مَا قَصَّهُ فِي قَوْله :
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ
" أَلَمْ يَجْعَل " أَيْ جَعَلَ " كَيْدهمْ " فِي هَدْم الْكَعْبَة " فِي تَضْلِيل " خَسَارَة وَهَلَاك
وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ
" وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيل " جَمَاعَات جَمَاعَات , قِيلَ لَا وَاحِد لَهُ كَأَسَاطِير , وَقِيلَ وَاحِده : أُبُول أَوْ إِبَال أَوْ إِبِّيل كَعُجُولِ وَمِفْتَاح وَسِكِّين
تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ
" تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيل " طِين مَطْبُوخ
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
" فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُول " كَوَرَقِ زَرْع أَكَلَتْهُ الدَّوَابّ وَدَاسَتْهُ وَأَفْنَتْهُ , أَيْ أَهْلَكَهُمْ اللَّه تَعَالَى كُلّ وَاحِد بِحَجَرِهِ الْمَكْتُوب عَلَيْهِ اِسْمه , وَهُوَ أَكْبَر مِنْ الْعَدَسَة وَأَصْغَر مِنْ الْحِمِّصَة يَخْرِق الْبَيْضَة وَالرَّجُل وَالْفِيل وَيَصِل إِلَى الْأَرْض , وَكَانَ هَذَا عَام مَوْلِد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
|
|
|
|
|