اليوم نقف مع هذه القصيدة الجميلة للشاعر أبي إسحاق إبراهيم بن مسعود الإلبيري الأندلسي
[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
تَـفُـتُّ فـؤادكَ الأيـامُ iiفَتَّا = وتَنْحِتُ جِسمَكَ الساعاتُ نَحتا
وتَدْعُوكَ المنونُ دُعاءَ iiصِدقٍ = ألا يا صاحِ : أنتَ أريدُ ، أنتا
أراكَ تُـحِبُ عِرساً ذات iiغَدرٍ = أبـتَّ طَـلاقـها الأكياسُ بَتَّا
تـنامُ الدهرَ ويحكَ في غطيطٍ = بِـهـا حَـتى إذا مِتَّ iiانتبهتا
فـكـم ذا أنتَ مَخدوعٌ وحتى = مَـتى لا ترعوِي عَنها وحَتى
أبـا بـكـرٍ دَعَوْتُكَ لو أَجَبتا = إلـى مـا فيه حَظُّكَ إن عَقَلْتا
إلـى عـلـمٍ تكونُ به إماماً = مُـطاعاً إن نَهَيتَ وإنْ أَمَرْتَا
وتـجلو ما بعينك مِنْ عَشَاها = وتَـهْـديكَ السبيلَ إذا ضَلَلْتَا
وتَـحملُ مِنهُ في نادِيكَ iiتاجاً = ويـكسوكَ الجمالَ إذا اغتربتا
يَـنَـالُـكَ نَفعُهُ ما دُمْتَ حَيا = ويَـبـقى ذُخْرُهُ لكَ إنْ ذَهَبتا
هُوَ العَضْبُ المُهنَّدُ ليسَ يَنبُو = تُـصِيبُ بِهِ مَقاتلَ مَنْ ضَربتا
وكَـنـزٌ لا تخافُ عليهِ iiلِصاً = خَفيفُ الحملِ يُوجدُ حيثُ iiكنتا
يَـزيـدُ بِـكَثرَةِ الإنفاق منهُ = ويـنـقـصُ أن بهِ كفاً شَدَدْتا
فـلو قد ذُقْتَ من حلواه طَعماً = لآثَـرْتَ الـتـعلُّمَ iiواجتهدتا
ولـمْ يَشغلكَ عنهُ هَوىً مُطاعٌ = ولا دُنـيـا بِـزُخْـرُفِها فُتِنتا
ولا ألـهاكَ عنهُ أنيقُ رَوْضٍ = ولا خِـدْرٌ بِـرَبْـرَبِـهِ كَلِفتا
فَـقوتُ الروحِ أرواحُ المعاني = وليس بأنْ طَعِمتَ وأن شَرِبْتا
فـواظِـبـهُ وخـذ بالجدِّ فيهِ = فـإنْ أعـطـاكَـهُ اللهُ iiأخذْتا
وإنْ أُوتـيـتَ فِيهِ طَويلَ باعٍ = وقـال الـناسُ إنَّكَ قد iiسبقتا
فـلا تـأمـنْ سُؤالَ اللهِ iiعنهُ = بتوبيخٍ : عَلِمتَ فهل عَمِلْتا ؟
فـرأسُ الـعِلمِ تَقوى اللهِ iiحقاً = ولـيس بأن يُقال : لقد رأستا
وَضافي ثوبِكَ الإحسانُ لا أنْ = تُـرى ثَوبَ الإساءةِ قد لَبِستا
إذا مـا لـم يُفِدْكَ العِلمُ iiخيراً = فـخـيرٌ منهُ أن لو قد جَهِلتا
وإنْ ألـقَـاكَ فَهْمُكَ في iiمهاوٍ = فـلـيـتكَ ثُمَّ ليتكَ ما iiفَهِمتا
ستجني من ثمار العجزِ جَهلاً = وتَصْغُرُ في العيونِ إذا كَبِرتا
وتُـفـقَدُ إن جهِلتَ وأنتَ باقٍ = وتُـوجَدُ إن عَلِمْتَ وقدْ iiفُقِدتا
وتَـذكـرُ قَولتي لكَ بعدَ حِينٍ = وتَـغـبِـطها إذا عَنها iiشُغِلتا
لَـسوفَ تَعَضُّ من نَدَمٍ iiعليها = ومـا تـغني الندامةُ إن نَدِمتا
إذا أبصرتَ صَحْبَكَ في iiسماءٍ = قـد ارتفعوا عليك وقد iiسَفَلْتَا
فَـراجِعها ودَعْ عنك iiالهوينى = فَـما بالبُطـءِ تُدرِكُ ما iiطَلَبتا
ولا تـحـفلْ بمالِكَ والهُ iiعنهُ = فـلـيـسَ المالُ إلاّ ما عَلِمتا
وليسَ لِجاهلٍ في الناس iiمَعنىً = ولـو مُـلكُ العراقِ لهُ تأّتَّى
سـينطقُ عنكَ عِلمكَ في نديٍ = ويُـكتبُ عَنكَ يوما إنْ iiكتبتا
ومـا يُـغنيكَ تشييدُ iiالمباني = إذا بـالـجهل نَفْسَكَ قد هَدَمْتا
جَعَلْتَ المالَ فوقَ العِلمِ جهلاً = لَـعَمْرُكَ في القضيةِ ما iiعَدَلْتَا
وبـيـنهما بِنَصِّ الوَحيِ بونٌ = سَـتَـعلمُهُ إذا ( طه ) iiقَرأتا
لـئـن رفعَ الغنيُّ لواءَ iiمالٍ = لأنـت لـواء عِلْمِكَ قد رفعتا
وإن جلسَ الغنيُّ على iiالحشايا = لأنتَ على الكواكب قد جلستا
وإن ركـبَ الجِيادَ iiمُسَوَّماتٍ = لأنـت مـناهِجَ التقوى iiركبتا
وَمَـهما افتضَّ أبكار الغواني = فكمْ بِكْرٍ منَ الِحكم افْتَضَضْتَا
ولـيـسَ يضرُّكَ الإقتارُ شيئاً = إذا مـا أنـتَ ربَّكَ قدْ iiعَرَفْتَا
فـمـاذا عِندهُ لكَ مِنْ iiجميلٍ = إذا بِـفِـنـاءِ طـاعَتِه أنختا
فقابلْ بالقبولِ صَحيْحَ نُصحي = فإن أعرضتَ عنه فقد خَسِرتا
وإن راعـيـتَـهُ قولاً وفِعلاً = وتـاجـرْتَ الإلـه بهِ iiرَبِحْتَا
فـلـيـستْ هذِهِ الدنيا iiبِشيءٍ = تَـسُـوؤكَ حِـقْبَةً وتَسُرُّ وَقتا
وغـايَـتُـها إذا فكَّرْتَ فيها = كَـفَيئِكَ أو كَحُلْمِكَ إن iiحَلَمْتا
سُـجِنْتَ بِها وأنتَ لها iiمُحِبٌ = فـكـيفَ تُحِبُّ ما فيه سُجِنتا
وتُطعِمُكَ الطَّعامَ وعن iiقريبٍ = سـتَطْعَمُ منك ما مِنها طَعِمْتا
وتَـعـرى إنْ لبِستَ لها ثِياباً = وتُـكـسى إنْ ملابسها iiخَلَعْتا
وتـشـهـدُ كلَّ يومٍ دفنَ iiخِلٍ = كـأنـكَ لا تُـراد بِما iiشَهِدتا
ولـمْ تُـخْلَق لِتَعْمُرَها iiولكن = لِـتَـعْـبُـرها فَجِدَّ لِما iiخُلِقتا
ولا تحزن على ما فات iiمنها = إذا مـا أنت في أُخراكَ فُزتا
فـلـيـس بنافعٍ ما نِلتَ iiفيها = مِنَ الفاني ، إذا الباقي حُرِمتا
ولا تضحك مع السفهاءِ iiلَهواً = فإنكَ سوفَ تبكي إن iiضَحِكتا
وكيفَ لك السُّرورُ وأنتَ رَهْنٌ = ولا تَـدري أَتُـفْدى أم غَلِقْتا
وسَـلْ من ربك التوفيق فيها = وأخلصْ في السؤالِ إذا سألتا
ونـادِ إذا سـجدتَ لهُ اعترافاً = بـمـا ناداهُ ذو النُّون بنُ iiمَتّى
ولازِم بـابَـهُ قـرعـاً عَسَاهُ = سـيـفـتحُ بابَهُ لكَ إن قَرَعتا
وأَكْـثِرْ ذكرَهُ في الأرضِ iiدَأباً = لِـتُـذْكَرَ في السماءِ إذا iiذَكَرتا
ولا تـقـل الـصِّبا فيه iiمجالٌ = وفـكـرْ كـمْ صغيرٍ قد دفنتا
وقُـلْ لي يا نَصيحُ لأنت أولى = بِـنُصْحِكَ لو بِعقلكَ قد iiنَظَرتا
تُـقـطعني على التفريط iiلَوْماً = وبـالـتفريط دهركَ قد قطعتا
وفـي صِغري تُخَوِّفني المنايا = ومـا تجري بِبالك حين iiشِختا
وكـنتَ مع الصِّبا أهدى سبيلاً = فـمـا لك بعدَ شيبكَ قد iiنُكِستا
وها أنا لم أخُضْ بحرَ الخطايا = كـمـا قد خُضتَهُ حتى غَرِقتا
ولـم أشـربْ حُـمَـيا أم دَفرٍ = وأنـت شـربتها حتى iiسَكِرتا
ولـم أحـلـلْ بـوادٍ فيه iiظُلمٌ = وأنـت حـلـلتَ فيه iiوانهملتا
ولـم أنـشـأْ بِعَصْرٍ فيه iiنَفعٌ = وأنـتَ نـشأتَ فيه وما انتفعتا
وقـد صـاحبتَ أعلاماً كِباراً = ولـم أرك اقتديت بمن iiصَحِبتا
ونـاداك الـكِـتابُ فلم iiتُجِبهُ = ونـهْـنهَكَ المشيبُ فما انتبهتا
لَـيَـقبحُ بالفتى فِعل التصابي = وأقـبـحُ مـنهُ شيخٌ قد iiتفتى
فـأنـت أحـقُّ بـالتفنيد iiمِني = ولـو سكتَ المسيءُ لما iiنطقتا
ونَـفـسَـكَ ذُمّ لا تذممْ سِواها = بِـعـيبٍ فهي أجدرُ مَنْ iiذَممتا
فـلـو بكت الدِّما عيناك iiخوفاً = لِـذنـبـكَ لم أقلْ لك قد iiأمِنتا
ومَـنْ لـكَ بالأمانِ وأنت عَبدٌ = أُمِـرتَ فما ائتمرت ولا أطعتا
ثَقُلتَ من الذنوبِ ولست تَخشى = لِـجـهلكَ أن تَخِفَّ إذا iiوُزِنتا
وتُشفقُ للمُصرِ على iiالمعاصي = وتَـرحَمُهُ ، ونفسكَ ما رحمتا
رجعتَ القهقرى وخَبطتَ عشوا = لعمركَ لو وصلتَ لما رَجعتا !
ولـو وافـيتَ ربكَ دون iiذنبٍ = ونـاقـشكَ الحِسابَ إذا iiهَلِكتا
ولـم يـظلمك في عملٍ iiولكن = عـسـيـرٌ أن تقوم بما iiحملتا
ولو قد جئتَ يومَ الفَصْلِ iiفرداً = وأبـصـرتَ المنازلَ فيه شتى
لأعْـظـمـتَ الندامةَ فيه لهفاً = عـلى ما في حياتك قد iiأضعتا
تَـفِـرُّ مـن الـهجيرِ وتتقيه = فـهـلاَّ عن جهنم قد فررتا ؟
ولـسـت تطيق أهونها عذاباً = ولـو كـنـتَ الحديد بها لذُبتا
فـلا تـكـذبْ فإن الأمر iiجِدُّ = ولـيس كما احتسبتَ ولا ظننتا
أبـا بـكـرٍ كشفت أقل iiعيبي = وأكـثـرهُ ومُـعـظمهُ سَترتا
فقل ما شئت فيِّ من iiالمخازي = وضـاعِـفـها فإنك قد صَدقتا
ومـهـما عِبتني فلِفرْطِ iiعِلمي = بـبـاطـنـتي كأنك قد مدحتا
فـلا ترضَ المعايبِ فهي iiعارٌ = عـظـيمٌ يورثُ الإنسان iiمقتا
وتـهـوي بالوجيه مِن الثريا = وتُـبْـدِلُـهُ مكان الفوق تحتا
كـما الطاعات تنعلك الدراري = وتـجـعلك القريبَ وإن iiبَعُدتا
وتـنشر عنك في الدنيا جميلاً = فـتُـلـفى البَرَّ فيها حيثُ كُنتا
وتـمـشي في مناكبها iiكريماً = وتـجني الحمد مما قد غَرستا
وأنـتَ الآن لـم تُعرف iiبِعابٍ = ولا دنـسـتَ ثـوبكَ مُذْ نَشأتا
ولا سـابـقتَ في ميدان iiزورٍ = ولا أوضـعْـتَ فيهِ ولا iiخببتا
فـإن لـم تَـنأ عَنْهُ نَشِبْتَ iiفيه = ومـن لك بالخلاص إذا نَشِبتا
ودَنَّـسَ مـا تَطهر منك حتى = كـأنـك قـبل ذلك ما طهرتا
وصـرت أسيرَ ذَنْبِكَ في وَثاقٍ = وكـيفَ لك الفكَاك وقد أُسِرتا
وخفْ أبناء جِنسكَ واخشَ منهم = كما تخشى الضراغِمَ iiوالسَّبتنى
وخـالـطـهم وزايلهم حِذاراً = وكـنْ كـالـسامري إذا لَمستا
وإن جَـهِلوا عليك فقل سلاماً = لـعـلك سوف تسلم إن iiفعَلتا
ومَـنْ لك بالسلامةِ في iiزمانٍ = يـنـالُ العُصْمَ إلا إن عُصِمتا
ولا تـلـبـثْ بحيٍّ فيه ضَيْمٌ = يُـمـيـتُ القلبَ إلا إن كُبِلتا
وغَـرِّبْ فـالـغريبُ له iiنَفاقٌ = وشـرِّقْ إن بِـرِيقكَ قد iiشرقتا
ولـو فـوقَ الأميرِ تَكُونُ فِيها = سُـمُـواً وافـتخاراً كنت أنتا
وإن فـرقـتها وخرجتَ iiمِنها = إلـى دار الـسـلام فقد سَلِمتا
وإن كـرَّمـتها ونظرتَ منها = بـإجـلالٍ فـنـفسكَ قد iiأهنتا
جـمعت لك النصائحَ iiفامتثلها = حياتك ؛ فهي أفضل ما امتثلتا
وطـولـتُ العتابَ وزِدتُ iiفيهِ = لأنـك فـي الـبطالةِ قد أطلتا
فـلا تأخذ بتقصيري iiوسَهوي = وخـذْ بوصيتي لك إن iiرَشَدتا
وقـد أردَفـتـهـا ستاً حِساناً = وكـانـت قـبلُ ذا مِئةٍ وستا[/poem]