عندما تنمُو في نفوسِنا بذور الحبّ والعطفِ والخَير نعفى أنفسَنا من أعباءٍ ومشقّات كثيرة، إنّنا لن نكون في حاجةٍ إلى أن نتملّق الآخرين لأننا سنكونُ يومئذٍ صادقين مُخلصين إذ نُزجي إليهم الثّناء. إننا سنكشفُ في نفوسهم عن كنوزٍ من الخير وسنجدُ لهم مزايا طيّبة نثنى عليهَا حينَ نثنى ونحن صادقُون، ولن يعدمَ إنسانٌ ناحيةً خيرة أو مزيّة حسَنة تؤهله لكلمةٍ طيّبة، ولكنّنا لا نطلعُ عليها ولا نراها إلاّ حين تنمُو في نفوسِنا بذرةَ الحبّ.
كذلك لن نكون في حاجةٍ لأن نحمّل أنفسَنا مؤونة التضايق منهم ولا حتّى مؤونةَ الصبرِ على أخطائهم وحماقاتهم؛ لأننا سنعطفُ على مواضعِ الضّعف والنقصِ، ولن نفتّش عليها لنراها يومَ تنمُو في نفوسِنا بذرةَ العطف .. وبطبيعةِ الحال لن نجشّم أنفسنا عناءَ الحقدِ عليهم أو عبءَ الحذر منهُم؛ فإنما نحقدُ على الآخرين لأنّ بذرة الخيرِ لم تنمُو في نفوسِنا نموًا كافيًا، ونتخوّف منهم لأن عنصر الثّقة في الخيرِ ينقُصنا !.
كم نمنحُ أنفسَنا من الطّمأنينة والراحةِ والسعادة حين نمنحُ الآخرين عطفنا وحبّنا وثقتنا، يوم تنمُو في نفوسنا بذرة الحبّ والعطف والخير !
* سيّد قطب