[align=center][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]لماذا كل هذا العجز العربي أمام أمريكا؟! - عبد المالك سالمان....
فضح المأزق الذي وصلت اليه عملية السلام وآفاق تسوية الصراع العربي ــ الاسرائيلي واقع العلاقات العربية ــ الأمريكية ووضع النظم العربية في حرج بالغ.
وباستطاعتنا القول: ان امريكا عندما قررت التعامل بلا اكتراث حقيقي بمصير السلام بين العرب واسرائيل، ووضع هذا الصراع في مرتبة متدنية من الاهتمامات والاولويات في سياسة الادارة الامريكية الجديدة، فانها تكون قد وجهت طعنة حقيقية للأطراف العربية التي طالما تطلعت إلي الدور الامريكي ليكون المنقذ لها من عجزها في التعامل مع التحدي الصهيوني.
واكثر من ذلك يمكن ان نقول : ان امريكا قد تنصلت من تعهداتها التي قطعتها للعرب منذ مبادرة روجرز مروراً بدبلوماسية المكوك لهنري كيسنجر بعد حرب اكتوبر 1973 ثم اتفاقيات كامب ديفيد ووصولا إلي مؤتمر مدريد 1991 بعد حرب تحرير الكويت، والذي تعهدت فيه امريكا صراحة بالتوصل إلي حل نهائي للصراع بين العرب واسرائيل علي اساس قاعدة أو مبدأ الأرض مقابل السلام اي بتطبيق القرار 242 والزام اسرائيل بذلك.
الخداع الامريكي للعرب
فطوال كل هذه المراحل كانت امريكا تقول للعرب انها تريد مساعدتهم لكي يمكن لها ان تقنع اسرائيل بالانسحاب من الاراضي العربية المحتلة والاعتراف بحقوق الفلسطينيين وهذه المساعدة تتمثل في ضرورة اعتراف العرب بوجود اسرائيل وحقها في الامن والدخول معها في مفاوضات مباشرة للوصول إلي اتفاقيات سلام بما يؤكد حقيقة الاعتراف العربي باسرائيل.
وخلال حرب الخليج الثانية تعهدت ادارة بوش ــ بيكر للعرب بالزام اسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالصراع العربي ــ الاسرائيلي اسوة بالتزام العرب مع امريكا بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ضد العراق.
بل اكثر من ذلك فان السعي إلي نزع اسلحة الدمار الشامل من العراق ارتبط بتعهد امريكي بنزع اسلحة الدمار الشامل في كل دول الشرق الأوسط بما يعني ان اسرائيل مشمولة بهذا التعهد وقد تضمن قرار مجلس الامن بشأن نزع اسلحة العراق هذا التعهد. لكن ما الذي حدث بعد كل ذلك؟
ما يعنينا في كل ما جري هو ما وصل اليه الموقف الامريكي الان بشأن التسوية وهو موقف يتسم بالانحياز الصارخ إلي الموقف الاسرائيلي المتعنت ومحاولة التنصل من الالتزام الامريكي بدفع اسرائيل للقبول بتسوية متوازنة مع الاطراف العربية علي اساس مرجعية مؤتمر مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام .
وقد حدد هذا الامر محمد حسنين هيكل في حديثه لتلفزيون المنار مؤخرا بقوله: لقد دعت الولايات المتحدة العرب إلي البحث عن حل لازمة الشرق الاوسط، وعندما ذهبوا اليها بدأت تعلن انها غير مهتمة بالحل وانه مهمة الأطراف المعنية .
اي ان امريكا عمليا اطلقت الوحش الاسرائيلي، وخاصة في عهد شارون لتهديد العرب واستباحة دماء وممتلكات الفلسطينيين، وقالت للعرب: اضبطوا النفس وحاولوا التفاهم مع اسرائيل، وكأن المطلوب هو الرضوخ والاستسلام لما تطلبه اسرائيل.
ويشبه الامر بعد ان ضغطت امريكا علي العرب للذهاب إلي مؤتمر مدريد مَنْ اخذ شخصا في قارب إلي عرض البحر متعهدا بايصاله إلي بر الامان، ثم عندما أوصله إلي منطقة الأنواء والعواصف قرر ان يتركه وحيدا قائلا له: ان عليك الان ان تدبر امورك . ان خطأ العرب التاريخي انهم ألقوا بكل أوراقهم في سلة التعهدات الامريكية، ووصل الأمر إلي حد قول البعض: ان 99% من أوراق الحل هو بيد أمريكا.
وورطة العرب اليوم انهم لم يعدوا أنفسهم لاحتمال فشل التسوية أو خذلان امريكا لهم، وتنصلها من تعهداتها، وقد ادي الرهان العربي الكلي علي امريكا إلي حد استهتارها بالعرب ومعاملتهم بكل الغطرسة والتعالي وخاصة بعد ان ضمن لها العرب تأمين مصالحها الحيوية كافة وخاصة النفط مما جعل امريكا لا تقلق بشأن مصالحها في العالم العربي وان تكرس كل اهتمامها لما يريده الطرف الاسرائيلي.
وحال عملية التسوية اليوم بالنسبة إلي الموقف الامريكي هو ان امريكا لم تلتزم بتعهداتها التي قطعتها علي نفسها عشية مؤتمر مدريد. وانما التزمت فقط بالمبدأ الذي اتفقت عليه مع اسرائيل وهو الا تعمل امريكا علي فرض تسوية لا ترتضيها اسرائيل.
وحيث ان اسرائيل لا تريد الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة ولا تريد الاقرار بحقوق الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال فان امريكا وجدت نفسها في حل من كل ما التزمت به تجاه العرب ولا يمكن للعرب ان يدفعوا امريكا إلي احترامهم أو التفكير في وضعهم في حساباتها عند تحديد سياستها تجاه الشرق الاوسط إلا اذا اتخذوا خطوات محددة لمصارحة امريكا واظهار الغضب من سياستها والتلويح بان مصالحها ليست مضمونة تماما في الوطن العربي.
لكن هل العرب قادرون حقا علي مواجهة امريكا بحقيقة اخطاء سياساتها وخطورة اثارها علي امريكا ومصالحها في المنطقة وعلي مستقبل النظم العربية التي راهنت طويلا علي الموقف الامريكي؟!
ان اعلان وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ان الانفراد الامريكي بعملية السلام كان سببا في فشلها بالاضافة إلي انحيازها إلي اسرائيل بعد بداية موقف عربي مطلوب لافهام امريكا بخطأ سياساتها.
لكن في تقديرنا ان المواقف العربية ربما لن تتجاوز مثل هذه الانتقادات العلنية، لان الواقع العربي كما تقرأه امريكا وكما هو في واقع الحال لا يفضي إلي الخروج من دائرة العجز في مواجهة الغطرسة والاستهتار الامريكيين بالعرب.
وعلي حد تعبير هيكل مرة اخري فان الاسلوب الذي تمارسه امريكا حيال العرب هو اسلوب تجاوز حد الغرور إلي حد الغطرسة لانه يتصرف كما يشاء من دون ان يراعي شيئا لسبب اساسي وهو انه لم يعد لديك (اي لدي العرب) ما تضغط به عليه .
اسباب العجز العربي
ولكن لماذا كل هذا العجز العربي تجاه امريكا؟
بالامكان الحديث عن كثير من الاسباب الظاهرة والخفية التي افضت إلي هذه الحالة التي بات عليها الموقف العربي الان الذي اصبح كحال من يتلقي اللطمات من طرف لكنه يستمر في الرجاء اليه ان يساعده!!
1 ــ الانقسام العربي
يمكن القول ان احد اهم اسباب الضعف العربي في مواجهة امريكا هو استمرار الاجواء التي افضت اليها ازمة احتلال العراق للكويت وما نعنيه ليس استمرار الفشل في تحقيق المصالحة العربية وطي ملف الغزو العراقي للكويت كما حدث في قمة عمان 2001.
ولكننا نعني تلك الشروخ والجروح التي تركتها ازمة الغزو علي موقف الدول العربية ازاء بعضها البعض.
فواقعيا فان ازمة الغزو وجهت طعنة قاسية إلي مفهوم وحدة الامة العربية وباتت دول الخليج بالذات لديها شكوك عميقة ومخاوف من الدول العربية الاخري، وعلي سبيل المثال فان الكويت والسعودية رغم استعدادهما للتعامل بايجابية مع محاولات تنقية الاجواء العربية، واعادة العراق إلي الصف العربي فان شكوكهما تجاه النظام العراقي الحاكم تظل قائمة كذلك فان العراق يواصل توجيه الاتهامات إلي كل من الكويت والسعودية واطلاق التهديدات تجاههما.
وهذه الحال، لا تخدم الموقف العربي اطلاقا، وتفضي إلي اظهار العرب بمظهر الانقسام كما ان امريكا تجد في ذلك فرصة لاستمرار اختراق الصف العربي وتمزيق المواقف العربية ببث الشكوك والمخاوف بين العرب انفسهم. كما تجد في ذلك سبيلا لتكريس نفوذها ووجودها في منطقة الخليج وتأمين مصالحها النفطية الحيوية فيها.
وطالما استمر العرب علي هذه الوضعية من الانقسام والتفكك بسبب اثار ازمة الغزو العراقي للكويت فان امريكا واثقة بان العرب لن يتفقوا علي اتخاذ موقف موحد لتحديها أو مواجهتها مهما علت الانتقادات للسياسة الامريكية علي صفحات الجرائد العربية أو الخليجية.
2 ــ الفشل مع دول الجوار
فالعرب فشلوا في ادارة علاقاتهم مع دول الجوار الاساسية وخاصة ايران وتركيا اللتين تشكلان قوتين اقليميتين مؤثرتين بالذات علي الاستقرار الاقليمي والامن القومي العربي وهنا فان اللوم كله لا يقع علي العرب ولكن ايضا علي مثل هذه القوي الاقليمية ايضا التي اتسمت سياساتها في كثير من الاحيان بالتعالي والتهديد للاطراف العربية وعدم مراعاة المصالح الحيوية للدول العربية.
لكن في كل الاحوال لم ينجح العرب في نزع شبح فتيل التهديد الايراني لامن دول الخليج مثلا واستمرار اجواء الشكوك والتوتر في العلاقات الخليجية ــ الايرانية أو العربية ــ الايرانية عموما، يوفر لواشنطن الفرصة للتدخل في شؤون المنطقة بحجة محاولة حماية العرب في الخليج من التهديد الايراني ورغم ان كلا الطرفين (العرب وايران) يعلنان مناهضتهما لمخاطر التحدي الصهيوني وسياساته العدوانية والتوسعية فان ذلك لم يتحول إلي عامل تضامن وتحالف مشترك للشعور بمواجهة خطر مشترك يفرض ضرورة تسوية ملفات الخلافات الخليجية أو العربية كافة مع ايران لمواجهة التهديد الاسرائيلي المدعوم من امريكا بل علي العكس استمرت اجواء التوتر والشكوك بين ضفتي الخليج سببا في رغبة دول الخليج في الاستعانة بالقوة الامريكية لردع شبح التهديدات الايرانية لامنها.
ومن هنا تكمن المفارقة كيف يمكن مواجهة امريكا في الوقت الذي نستعين بها في الخليج لمواجهة تهديدات اقليمية من الجوار سواء العربي (في العراق) ام الاسلامي (في ايران)؟
ومن هنا فانه مهما تصاعدت الانتقادات الخليجية للسياسة الامريكية في مساندة اسرائيل، فان هذه الدول الخليجية تظل حريصة علي بقاء التعاون مع امريكا لمواجهة اخطار التهديد الاقليمية في منطقة الخليج وذلك بسبب فشل الدول العربية والاسلامية (العراق وايران ودول الخليج) في التوافق علي صيغة للتعايش الاقليمي في سلام ووئام واحترام متبادل في منطقة تزخر بالنفط، وهو ما يوفر لامريكا الذرائع للتدخل في المنطقة والاستمرار في تعزيز أجواء الانقسامات التي تخدم المصالح الامريكية وتجعل وجودها لا غني عنه بالنسبة إلي بعض دول الخليج.
ومن هنا مرة اخري كيف يمكن لنا ان نتوقع موقفاً عربياً موحداً يواجه امريكا ويضغط عليها لتعدل من انحيازاتها الصارخة لصالح اسرائيل؟
3 ــ غياب الديمقراطية
ان افتقار الدول العربية إلي تجارب حكم ديمقراطية مستقرة تضمن تحقيق سلام داخلي وتوافق بين السلطة والشعب يجعل الدول العربية في موقف ضعيف امام امريكا.
فالأمر يتحول إلي ما يشبه المهزلة حين تستخدم امريكا غياب الديمقراطية سبيلا للضغط علي النظم العربية للرضوخ لسياسات واشنطن وعدم معارضتها.
فغياب الديمقراطية الحقيقية يجعل النظم العربية في خشية من شعوبها ويجعلها تسعي إلي التوافق مع امريكا بدلا من مواجهتها بامل ان تقف امريكا في صف النظام الحاكم اذا ما ثار شعبه ضده لتحميه.
ورغم ان التجارب اكدت ان امريكا لا تحمي النظم الحليفة في العالم الثالث في وقت احتدام الازمات اذا ثارت شعوبها ضدها كما حدث لشاه ايران وماركوس في الفلبين وغيرهما فانه لا احد يتعظ .. ان غياب الديمقراطية في المنطقة العربية يجعل امريكا تباهي بان اسرائيل هي الحليف الوحيد الموثوق به في المنطقة لانها في نظرها نظام سياسي ديمقراطي حقيقي.
كما ان غياب الديمقراطية الحقيقية يجعل الدول والنظم العربية عرضة للضغوط الامريكية المتواصلة عبر اتهامها بانتهاك حقوق الانسان وقمع الحريات واضطهاد الاقليات وغيرها من الاتهامات الامريكية التي تصل الي حد التهديد بقطع المساعدات الامريكية لتلك الدول أو النظم العربية فيصبح همّ هذه النظم هو كيفية استرضاء امريكا ومنعها من التشهير بها أو الضغط عليها أو قطع المساعدات عنها، وهذا يجعل الدول العربية غير قادرة علي اتخاذ مواقف حازمة وعلنية ضد الاستفزازات الامريكية ولهذا فان السبيل لمواجهة امريكا وهذه هي من عبر التاريخ هو في ضرورة اتجاه النظم العربية إلي الانتفاح علي شعوبها واحترامها واقامة تجارب نظم ديمقراطية حقيقية تقوم علي احترام حقوق الانسان والحريات بحيث لا تستطيع امريكا استغلال نقطة الضعف هذه للضغط علي النظم العربية أو تهديدها فالديمقراطية تجعل النظم السياسية قوية في مواجهة الضغوط الخارجية، لان النظام السياسي يكون واثقاً من دعم شعبه له ووقوفه إلي خلفه وبالتالي لا تستطيع امريكا استخدام الديمقراطية كورقة للضغط عليه لان امريكا حقيقة ليست مهتمة بتقدم الدول العربية أو بامتلاكها تجارب ديمقراطية حقيقية ولكنها تستخدم الديمقراطية فقط كسلاح لارهاب النظم غير الديمقراطية ولهذا يجب تبني الخيار الديمقراطي بجدية ومصداقية لتدعيم قدرة الدول العربية علي مواجهة امريكا استنادا إلي تأييد شعوبها.
وحينئذ يمكن استغلال قوة الشارع السياسي العربي والرأي العام العربي وتظاهراته ضد السياسات الامريكية كسلاح فعلي لا يخشي منه لمواجهة الضغوط الامريكية والتأثير علي مواقفها وليس كما هو حادث الان حيث ان النظم تخشي المظاهرات التي تندد بامريكا واسرائيل وتعمل علي احتوائها سريعا لان هناك خشية من اعتياد الجماهير علي الخروج إلي الشارع للتظاهر في كل قضية خارجية أو داخلية مستقبلاً.
(4) هيمنة النزعة القطرية
احد جوانب الضعف في المواقف العربية في مواجهة امريكا هو ادراك امريكا ان مواقف التضامن العربي المعلنة ليست جادة أو حقيقية.
فامريكا تعلن باستمرار ان العرب يعلنون غير ما يقولونه لها من وراء الستار أو في الكواليس.
فقد تعلن دولة تنديدها بالسياسات الامريكية لكنها تسارع إلي إخبار امريكا بان هذه المواقف هي فقط للاستهلاك الاعلامي أو المحلي بهدف محاولة احتواء غضب الرأي العام.
وتدرك امريكا ان كل نظام عربي يهمه في النهاية مصلحته الذاتية ورغبته في التودد إلي امريكا لتكون عونا له في حماية بقاء نظام حكمه كما تدرك ان الدول العربية تخشي من بعضها البعض واحيانا تتسابق في ما بينها علي نيل الرضا الامريكي وخطب ود امريكا، حتي لو اقتضي الامر التقرب إلي اسرائيل بل ان اسرائيل نفسها تتحدث عن نظم عربية ترغب في مساعدة اسرائيل علي ضمان امن تلك النظم في مواجهة مخاطر من اطراف عربية واقليمية.
وتلك هي قمة مهازل الواقع العربي وهي نتيجة لانتصار النزعة القطرية في السياسات العربية علي الروح الجماعية العربية والتي تجعل بعض النظم العربية تسعي إلي خطب ود امريكا بكل الاثمان علي حساب الالتزام بمواجهة الخط الصهيوني الذي يهدد الامن العربي ككل وقد تكرست مثل هذه الممارسات العجيبة وخاصة في زمن ما بعد مؤتمر مدريد وبدء عملية السلام.
فاذا كان هذا ما تلمسه امريكا من مواقف بعض العرب فكيف يمكن لها ان تخشي ان يبلور هؤلاء موقفا جماعيا قويا مناهضا لها أو يمكن ان يهدد مصالحها في المنطقة العربية؟
ومن هنا باتت امريكا تتصرف من دون ان تعطي كبير وزن لمواقف السياسات العربية بل استمر هذا الحال المتردي لتتدخل مباشرة في مواقف القمم العربية وتعطي تصريحات علنية بضرورة الا يعمل العرب علي اتخاذ مواقف معينة مناهضة لها أو لاسرائيل من دون ان تراعي حتي امكانية ان يحرج ذلك بعض الدول العربية المعتدلة.
(5) غياب لوبي عربي قوي
الكل يعرف ان السياسة الخارجية الامريكية هي انعكاس في معظم الاحوال لتأثير اوضاع السياسة الامريكية الداخلية ودور جماعات الضغط (اللوبيات).
وفي هذا الصدد يلعب اللوبي الصهيوني دوراً حاسماً في التأثير علي اوضاع السياسة الامريكية الداخلية وخاصة في زمن الانتخابات الرئاسية والتشريعية أو من خلال حملات الاعلام الامريكي الذي يخضع لتأثير اللوبي الصهيوني.
ولهذا يؤثر هذا الدور لقوي اللوبي الصهيوني علي توجهات السياسة الخارجية الامريكية تجاه الشرق الاوسط وتأمين دعم قوي مستمر لاسرائيل.
بالمقابل فان العرب ورغم تبلور بداية لوبي عربي قوي داخل امريكا بفضل الجالية العربية المهاجرة والامريكيين المسلمين الذين لعبوا دورا فاعلا خلال الانتخابات الاخيرة في دعم فوز جورج بوش الابن بالرئاسة فان العرب مازالوا عازقين عن الاهتمام بتدعيم اللوبي العربي في امريكا.
وهذا يعود إلي قصر نظر السياسات العربية واعتماد كل نظام عربي علي محاولة التقرب بنفسه إلي البيت الابيض أو دوائر الخارجية الامريكية من دون ايلاء اهتمام حقيقي للتأثير علي الكونغرس الامريكي ومحاولة النفاذ إلي معاقل اتخاذ القرار وصنع السياسة الامريكية.
وهذا لن يتأتي الا بادراك ضرورة وجود لوبي قوي داخل امريكا يستطيع التأثير علي السياسة الامريكية تجاه القضايا العربية. وتلعب عوامل كثيرة دورا في اهمال الدول العربية لفكرة تدعيم اللوبي العربي داخل امريكا رغم ان النظام الامريكي ذاته يقر بدور جماعات المصالح والضغط وحقها في التأثير علي السياسة الامريكية.
وبرغم كثرة الدراسات والمناشدات للدول العربية لاعادة النظر في هذا التوجه غير الاستراتيجي وضرورة الاهتمام بتنمية لوبي عربي قوي داخل امريكا فان لا احد يتحرك جديا للعمل في هذا الاتجاه.
ونتيجة لذلك فان اي صانع قرار امريكي في البيت الابيض أو الكونغرس لا يري ضرورة لمراعاة خواطر العرب عند اتخاذ اي قرار بشأن المنطقة في حين انه يهتم كثيرا ويحرص بشدة علي ارضاء اسرائيل بل يبادر إلي اتخاذ قرارات واصدار بيانات تؤكد المساندة والدعم والتأييد لاسرائيل حتي لو استباح شارون دماء الفلسطينيين جميعا واسالها انهارا.
وهكذا نري ان مكامن العجز والضعف في المواقف العربية هي في البداية وقبل اي شيء مكامن قصور وعجز داخلي تعود إلي صبغة الارتجال وعدم الجدية والمصداقية في المواقف والسياسات العربية، والتي تكرست مجددا في ما ظهر من قرارات لدعم الانتفاضة خلال قمة القاهرة الطارئة والتي خصصت مليار دولار لدعم الانتفاضة ثم تبين ان الخلافات العربية عميقة نتيجة الشكوك وعدم الثقة بين الاطراف العربية في كيفية تأمين هذا الدعم والنتيجة ان امريكا واسرائيل باتتا لا تعيران اهتماما بكل مواقف الشجب والتنديد واعلان التضامن العربي لانها لا تخرج عن اطار الكلام والضجيج فكل نظام سياسي أو دولة عربية ستعمل في النهاية بما يخدم مصالحها الذاتية كما انه لا توجد توجهات استراتيجية عربية كبري وطويلة الامد لحصار عدوانية اسرائيل وتحجيم النفوذ الامريكي علي السياسات العربية.
ومن هنا، فاننا لا نستغرب كثيرا ان تواصل اسرائيل عدوانيتها وعربدتها وتواصل امريكا استفزاز العرب وتقديم الدعم المطلق لاسرائيل وعدم الاكتراث بالمواقف العربية طالما ان العرب غير جادين في مواجهة تحدي التحالف الامريكي ــ الاسرائيلي ليس بالاقوال فما اكثرها ولكن بالافعال والسياسات الاستراتيجية التي تجبر امريكا علي احترامهم وعمل الف حساب لمواقفهم![/grade][/align]