إذاً فالماضي عدم.. والمستقبل غيب !
فلا تحطمي فؤادك بأحزان ولّت.. ولا تتشاءمي بأفكار ما أحلت !
تجاهلي الماضي.. وارمِ ما وقع فيه في سراب النسيان..
ثم تجاهلي ما يخبئه الغد.. وتفائلي فيه بالأفراح..
تأملي كيف استعاذ النبي من الهم والحزن إذ قال
" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وقهر الدين وغلبة الرجال "
[رواه البخاري ومسلم]
فالحزن يكون على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها والهم يكون بسبب الخوف من المستقبل والتشاؤم فيه.
أختي يومك يومك
استثمري فيه لحظاتك في الصلاة.. في ذكر الله.. في قراءة القرآن..التشاغل بالخير.. في معروف تجدينه يوم العرض على الله..
" يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً "
[آل عمران:30]
ثانياً
تعبدي الله بالرضى
لا تحزني .. اجعلي شعارك عند وقوع البلاء: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها
اهتفي بهذه الكلمات عند أول صدمة .. تنقلب في حقك البلية .. مزية .. والمحنة منحة ..
تأملي في أدب البلاء في هذه الآية:
"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۞ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ۞ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"
[البقرة:155-157]
ثالثاً
افقهي سر البلاء
لا تحزني..فالبلاء جزء لا يتجزء من الحياة لايخلو منه غني ولا فقير,لا ملك ولا مملوك
فالناس مشتركون في وقوعه .. ومختلفون في كيفياته ودرجاته ..
"لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ "
[البلد:4]
هكذا الحياة خلقت مجالاً للبلاء..
"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً "
[الملك:2]
"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ"
[محمد:31]
إذن فسر البلاء هو التمحيص ليعلم المجاهد فيأجر.. والصابر فيثاب !
لا تحزني .. واستشعري في كل بلاء أنك رشحت لامتحان من الله !
تثبتي وتأملي وتمالكي وهدئي الأعصاب ..
أنت الآن في إمتحان جديد ,, فاحذري الفشل .
تأملي قوله صلى الله عليه وسلم
" من يرد الله به خيراً يفقه في الدين "
[رواه البخاري]
ثم قوله
" من يرد الله به خيراً يصب منه "
[رواه البخاري]
البلاء شرف يريده الله لمن يحب من عباده ! يغفر به ذنباً.. ويفرج به كرباً.. ويمحي به عيباً.. ويحدث بعده أمراً لم يكن في الحسبان.
"لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً"
[الطلاق:1]
وفي الحديث
" إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط "
[رواه البخاري]
رابعاً
لا تقلقي
المحزون سيفرح.. والكرب سيرفع.. والضائقة ستزول..
وهذا وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد
"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ۞ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً"
[الشرح:6،5]
لا تحزني.. فإنما كرر الله اليُسْر في الآية.. ليطمئن قلبك.. وينشرح صدرك..
وقال صلى الله عليه وسلم
" لن يغلب عُسر يُسرين "
العسِير يعقبة اليُسر.. كما الليل يعقبة الفجر..
ولرب ضائقة يضيق بها الفتى ** وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ** فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج
خامساً
اجعلي همك في الله
أُخيه.. إذا اشتدت عليك هموم الأرض.. فاجعلي همك في السماء
" من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد، كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك "
[صحيح الجامع: 6189]
لا تحزني.. فرزقك مقسوم.. وقدرك محسوم.. وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم
لأنها كلها إلى زوال..
"وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ"
[الحديد20]
إذا آوى إليك الهم.. فأوي به إلى الله.. والهجي بذكره:
( الله الله ربي لا أشرك به أحداً )، ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث )، (رب إني مغلوب فانتصر )
اطلبي السكينة في كثرة الإستغفار.. استغفري بصدق مرة ومرتين ومائة وألف.. دون تحديد متلذذة بحلاوة الاستغفار.. ونشوة التوبة والإنابة
"إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"
[البقرة:222]
اطلبي الطمأنينة في الأذكار بالتسبيح، والتهليل، والصلاة على النبي الأمين ، وتلاوة القرآن،
"أَلاً بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"
[الرعد:28]
"وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ"
[الإسراء:82]
لا تحزني.. وافزعي إلى الله بالدعاء
" أعجز الناس من عجز عن الدعاء "
تضرعي إلى الله في ظلم الليالي.. وأدبار الصلوات
اختلي بنفسك شاكيةً إليه.. باكيةً لديه.. سائلةً فَرَجُه ونَصره وفتحه.. وألحِّي عليه.. مرة واثنتين وعشراً فهو يحب المُلحين في الدعاء
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ "
[البقرة:186]
لا تحزني ولا تيأسي
"إِنَّهُ لاً يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"
[يوسف:87]
ستنجلي الظلمة.. وتولِّ الغمة.. وتعود البسمة..
فافرشي لها فراش الصبر.. وهاتفيها بالدعاء والذكر.. وظني بالله خيراً.. يكن عند حسن ظنك..