ورقة بن نوفلبن سعد بن عبد عزى بن قصي، والده هو إبن عم والد خديجة بنت خويلد، زوجة محمد بن عبد الله (ص) رسول الإسلام.
ورد ذكره في أكثر من مؤلف سواء للديانة الإسلامية و الديانة المسيحية. أتفق معظمها أنه كان يقرأ الإنجيل.
حسب المصادر الإسلامية فورقة هو واحد من أربعة كانوا يبحثون عن دين إبراهيم و هم: ورقة بن نوفل، عبيد اللّه بن جحش و عثمان بن الحويرث و زيد بن عمرو بن نفيل.
و جاء في كتاب البداية و النهاية، ذكر أن:
ورقة بن نوفل تنصر واستحكم في النصرانية، وابتغى الكتب من أهلها، حتى علم علماً كثيراً من أهل الكتاب.
و جاء في فتح الباري، شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني النص:
خرج زيد بن عمرو وورقة بن نوفل يطلبان الدين، حتى أتيا الشام، فتنصر ورقة وامتنع زيد، فأتى الموصل فلقي راهبا فعرض عليه النصرانية فامتنع .
و جاء في كنز العمال، للمتقي الهندي:
عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن أبيه عن جده أن زيد بن عمرو بن نفيل و ورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل فقال لزيد ابن عمرو: من أين أقبلت يا صاحب البعير؟ قال من بنية (بنية: البنية - على فعيلة - الكعبة، يقال: لا ورب هذه البنية ما كان كذا وكذا. المختار 48. ب) إبراهيم، قال: وما تلتمس؟ قال: ألتمس الدين، قال: ارجع فإنه يوشك أن يظهر الذي تطلب في أرضك، فأما ورقة فتنصر وأما أنا فعرضت علي النصرانية فلم توافقني.
و قد ظهر ذكر ورقة في المؤلفات الإسلامية في الفترة التي سبقت ولادة محمد، و ذلك حسب كتاب البداية و النهاية، فالكتاب، في جزءه الثاني، يذكر قصة أخت ورقة أم قتال رقيقة بنت نوفل، عندما مر بها عبد الله بن عبد المطلب، والد محمد، وهي عند الكعبة، قبل أن يدخل بأمنة بنت وهب، و كان مما قالت له حسب الكتاب: لك مثل الإبل التي نحرت عنك وقع علي الآن.
و يكمل الكتاب بأنها كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل - وكان قد تنصر واتبع الكتب - أنه كائن في هذه الأمة نبي فطمعت أن يكون منها.
و القصة مذكورة أصلا في كتاب السيرة النبوية، لإبن هشام، حيث يذكر الكتاب في المجلد الأول في ذكر المرأة المتعرضة لنكاح عبدالله بن عبدالمطلب.
قال ابن إسحاق : ثم انصرف عبدالمطلب آخذا بيد عبدالله ، فمر به - فيما يزعمون - على امرأة من بني أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب (1/ 292) بن فهر ، وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى ، وهي عند الكعبة ؛ فقالت له حين نظرت إلى وجهه : أين تذهب يا عبدالله ؟ قال : مع أبي ، قالت : لك مثل الإبل التي نحرت عنك ، وقع علي الآن ، قال : أنا مع أبي ، ولا أستطيع خلافه ، ولا فراقه .
و تعود علاقة ورقة بنبي الإسلام محمد لفترة طفولة محمد، و أول لقاء بينهما كما ذكر ابن إسحاق في كتاب السيرة النبوية، لابن هشام، عندما وجد ورقة محمد تائها بأعلى مكة بعد عودته مع حليمة السعدية لزيارة جده و أمه.
زعم الناس فيما يتحدثون ، والله أعلم : أن أمه السعدية لما قدمت به مكة أضلها في الناس وهي مقبلة به نحو أهله ، فالتمسته فلم تجده ، فأتت عبدالمطلب ، فقالت له : إني قد قدمت بمحمد هذه الليلة , فلما كنت بأعلى مكة أضلني ، فوالله ما أدرى أين هو ؛ فقام عبدالمطلب عند الكعبة يدعو الله أن يرده ؛ فيزعمون أنه وجده ورقة بن نوفل بن أسد ، ورجل آخر من قريش ، فأتيا به عبدالمطلب ، فقالا له : هذا ابنك وجدناه بأعلى مكة ، فأخذه عبدالمطلب ، فجعله على عنقه وهو يطوف بالكعبة يعوذه ويدعو له ، ثم أرسل به إلى أمه آمنة .
ثم يظهر ذكره في زواج محمد صلى الله عليه وسلم من خديجة، حيث كان ورقة وكيل خديجة في الزواج، ففي كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم(ص: 92)، للدكتور محمد الحبش، يذكر قول ورقة عند الزواج عن محمد هذا البُضْعُ لا يُقْرَعُ أَنفهُ، وزوّجها منه.
من الجدير ذكره ان السيرة المذكورة للدكتور محمد حبش لا يمكن ان تكون باي حال من الاحوال مرجعا للعلماء المسلمين الذين يعتمدون في مراجعهم على امهات الكتب في السيرة النبوية كابن اسحق.
وفي رواية أنه لما أتمّ أبو طالب الخطبة تكلّم ورقة بن نوفل فقال: الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرتَ، وفضَّلنا على ما عدَدْتَ، فنحن سادة العرب وقادتها، وأنتم أهل ذلك كلّه، لا تُنكِر العشيرة فضلكم، ولا يردّ أحد من الناس فخركم وشرفكم، وقد رَغِبنا في الاتصال بحَبْلكم وشرَفكم، فاشهدوا عليّ يا معاشر قريش بأني قد زَوّجتُ خديجة بنت خويْلِد من محمّد بن عبد الله على أربعمائة دينار.
و جاء في كتاب المستدرك على الصحيحين، أن ورقة كان قد إشترى زيد بن حارثة بمال خديجة و ذلك بطلب من محمد صلى الله عليه وسلم ليتبناه.
كما جاء خبر لقائه أبو بكر الصديق في كتاب كنز العمال للمتقي الهندي، حيث ذكر:
قال أبو بكر الصديق: كنت جالسا بفناء الكعبة وكان زيد بن عمرو بن نفيل قاعدا فمر به أمية بن الصلت فقال: كيف أصبحت يا باغي الخير؟ قال: بخير، قال: وجدت؟ قال: لا، فقال: كل دين يوم القيامة إلا ما قضى الله في الحنيفية بور ، أما إن هذا النبي الذي ينتظر منا أو منكم.، و يكمل أبو بكر:ولم أكن سمعت قبل ذلك بنبي ينتظر ولا يبعث، فخرجت أريد ورقة بن نوفل وكان كثير النظر إلى السماء، كثير همهمة الصدر، فاستوقفته ثم قصصت عليه الحديث، فقال: نعم يا ابن أخي! إنا أهل الكتب والعلماء إلا أن هذا النبي الذي ينتظر من أوسط العرب نسبا ولي علم بالنسب وقومك أوسط العرب نسبا، قلت: يا عم! وما يقول النبي؟ قال: يقول ما قيل له إلا أنه لا يظلم ولا يظالم؛ فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنت به وصدقت.
حسب معظم الكتب الإسلامية، فإن ورقة كان قد إصيب بالعمى في هذه الفترة.
كتاب السيرة النبوية في جزءه الثاني يذكر بإختصار قصة ورقة مع خديجة:
إنطلقت إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى بن قصي ، وهو ابن عمها ، وكان ورقة قد تنصر وقرأ الكتب ، وسمع من أهل التوراة والإنجيل ، فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه رأى وسمع ؛ فقال ورقة بن نوفل : قدوس قدوس ، والذي نفس ورقة بيده ، لئن كنت صدقتيني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر (2/ 74) الذي كان يأتي موسى ، وإنه لنبي هذه الأمة ، فقولي له : فليثبت .
فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة بن نوفل ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف ، صنع كما كان يصنع بدأ بالكعبة فطاف بها ، فلقيه ورقة بن نوفل وهو يطوف بالكعبة فقال : يا ابن أخي أخبرني بما رأيت وسمعت ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال له ورقة : والذي نفسي بيده ، إنك لنبي هذه الأمة ، وقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ولتكذبنه ولتؤذينه ولتخرجنه ولتقاتلنه ، ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصرا يعلمه ، ثم أدنى رأسه منه ، فقبل يافوخه ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منـزله.
و في صحيح مسلم، خبر ذهاب خديجة و محمد له
فقالت له خديجة: أي عم! اسمع من ابن أخيك. قال ورقة بن نوفل: يا ابن أخي! ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رآه. فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى صلى الله عليه وسلم. يا ليتني فيها جذعا. يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أَوَمُخْرِجِيَّ هم؟" قال ورقة: نعم. لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عُوْدِيَ. وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا.
و يظهر إسمه ايضا في روايات تعذيب بلال بن رباح فيذكر ابن إسحاق:
وحدثني هشام بن عروة عن أبيه ، قال : كان ورقة بن نوفل يمر به وهو يعذب بذلك ، وهو يقول : أحد أحد ؛ فيقول : أحد أحد والله يا بلال ، ثم يقبل على أمية بن خلف ، ومن يصنع ذلك به من بني جمح ، فيقول : أحلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا.
و قد قال الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء أن هذا النص غير صحيح، و أن ورقة لم يعش لذلك الوقت.
جاء فتح الباري، شرح صحيح البخاري أنه بعد حضور محمد و خديجة إليه، مات ورقة قبل أن يعاود نزول الوحي إلى محمد:
َقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟
فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -خَبَرَ مَا رَأَى.
فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ.
جاء في كتاب المستدرك على الصحيحين لمحمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري أن محمد قال: لا تسبوا ورقة، فإني رأيت له جنة أو جنتين.
كما جاء في سنن الترمذي:
سُئلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وسَلَّم عن ورقَةَ فقالت لهُ خديجةُ إنَّهُ كان صدَّقَكَ وإنَّهُ ماتَ قبلَ أن تظهَرَ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وسَلَّم أريتُهُ في المنامِ وعليهِ ثيابُ بياضٍ ولو كانَ من أهلِ النَّارِ لكانَ عليهِ لباسٌ غيرُذلكَ , و جاءت نصوص أخرى بنفس هذا المعنى في مسند الإمام أحمد.
و جاء في مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي و في معجم الطبراني الكبير:
عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ورقة بن نوفل فقال: "يبعث يوم القيامة أمة وحده".