اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات الرياضية > :: الأخبار الرياضية والمواضيع المنقولة::
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-06-2006, 01:39 PM   رقم المشاركة : 1
عبدالله العوفي
مستشار شبكة الرائدية
تألم حتى تعلم
مدرب كاراتيه وقتال الشوارع
 
الصورة الرمزية عبدالله العوفي
الملف الشخصي






 
الحالة
عبدالله العوفي غير متواجد حالياً

 


 

ثمن المتعة . من يدفعه ؟ ولمن ؟ وعولمة الرياضة

اقرأ في الموضوع:

1 - ثمن المتعة.. من يدفعه؟ ولمن؟

2 - منافع اقتصادية من عولمة الرياضة

3 - "الرعاية الدعائية".. طريق المليارات

4 - المال يصنع جيل المستقبل بلا قيم



1 - ثمن المتعة.. من يدفعه؟ ولمن؟

لا بدّ عند الحديث عن الروح الرياضية والمتعة والترفيه وما إلى ذلك من طرح بعض الأفكار أو بعض التساؤلات ذات العلاقة بهذه المصطلحات المتداولة، وذلك في حدود ما يتطلبه الحديث عن عنصر المال في عالم الرياضة. وإذا كانت المتعة ترويحًا عن النفس، وإثارة للنشاط، وتجديدًا للفكر، وسبيلاً للتعارف، هدفًا مطلوبًا، أو تعامل معها القائمون على القطاع الرياضي كسلعة خاضعة للشروط التقليدية في مراحل التخطيط والتصنيع والترويج والتسويق.. فلا غنى عن التساؤل مثلاً:

ما هو الثمن المناسب على مستوى الفرد، والمجتمع في بلد واحد، والأسرة البشرية ؟.. من يدفع هذا الثمن ومن يقبضه وما هي مواصفات السلعة وشروط الصفقة بين الطرفين؟.. ثم ما هي النتائج المترتبة على هذا القطاع الاقتصادي بالنسبة إلى الفرد والعلاقات البشرية ؟

ولا يوصل مقال أو بحث مختصر إلى أكثر من صور تساعد على الحصول على بعض الأجوبة عن هذه التساؤلات وأمثالها. وكما هو الحال مع مختلف القضايا المتأثّرة بعنصر الاستمتاع والترفيه، وتجاوب الشبيبة، لا بدّ من قدر كبير من الحذر في التعامل مع المواقف تجاهها؛ إذ لا يقتصر الأمر هنا على مجرّد توفير المعلومة لينتشر التصوّر القويم والسلوك السليم.. ولا يتعدّى الحديث هنا حدود طرح بعض المعلومات في إطار البحث عن السبل الأنسب لتقويم التصوّرات والسلوك، بعد تكوين فكرة عامة عن موضع المال في الملاعب الرياضية، سواء بدءاً بأجور اللاعبين والمدرّبين و"أثمانهم" عبر حدود القوميات والنوادي، مرورًا بنقل المشهد الرياضي عبر وسائل الإعلام، وانتهاء بالدعاية التجارية المرتبطة بالحدث أو المترتبة على توظيفه اقتصاديًّا.


.

المرأة في مرمى الدعاية:

وليس مجهولاً أن ارتفاع عدد المشاهدين يعني ارتفاع العائدات من الإعلانات التجارية عبر الشاشة الصغيرة، وقد وصل ثمن الدعاية لكل 30 ثانية بث أثناء الدورة الأوليمبية، إلى 500 ألف دولار أمريكي. ولكن هل لهذا تأثيره على الرياضة والمتعة الرياضية وعلى الشبيبة الراغبة في المتابعة التليفزيونية عن بعد على الأقل ؟.. الجواب في حاجة إلى مثال نطرحه ببعض التفصيل.

لقد شرح رئيس القسم الرياضي في الهيئة التليفزيونية نفسها سياستها الدعائية في التعامل مع الدورة الأوليمبية السابقة في أطلانطا، وكشف من حيث يريد أو لا يريد تحكّم عنصر المال بالعنصر الرياضي، فقال: إن عمليات استطلاع الرأي تقول إن 72% (اثنين وسبعين في المائة) من القرار حول المشتريات في المجتمع الأمريكي تصدر عن النساء؛ ولهذا قررت الهيئة توجيه دعايتها للنساء، فأجرت استطلاعًا للرأي شمل عشرة آلاف شخص لتحديد أصناف الألعاب الرياضية المحببة عند النساء.

ونخرج من دائرة محطة التلفزة التجارية الخاصة هنيهة، ونستمع في تلك الفترة بالذات إلى قول رئيس اللجنة الأوليمبية "سامارانج" في اللحظة المناسبة: "يجب أن نبذل أقصى جهودنا لدعم الرياضة النسائية وتوسيع نطاقها".. ونتساءل هل نربط أم نفصل بين دور المسؤول الرياضي ودور المسؤول التجاري؟.. وإذا فصلنا بينهما فهل ذاك من باب حسن الظن والنية الحسنة، أم من باب السذاجة في دنيانا المعاصرة ؟

ونعود إلى محطة "إن بي سي" الأمريكية، فنجدها بعد البحث والتخطيط تخصص أفضل أوقات البث على الشاشة الصغيرة لتلك الألعاب المفضلة عند النساء، وعلى وجه التحديد عند "المشاهدات الأمريكيات" بالذات فهنّ من شملهنّ الاستطلاع، وهنّ من يراد الوصول إليهن بمنتجات الدعاية التجارية أثناء نقل المباريات، وهنّ من أرادت المحطة الوصول بهنّ إلى الرقم القياسي للمشاهدين.

وسيان بعد ذلك أي مباراة يفضلها المشاهد أو المشاهدة داخل الحدود الأمريكية وخارجها في المحطات التي تنقل عن المحطة التي اشترت حقوق البث المباشر.

وسيان أيضًا كم بقي من لقطات "تاريخية" لفوزٍ ناله غير الأمريكيين غائبةً أصلاً عن المشاهدين، أو اقتصر بثها على أقصر فترة ممكنة.. ناهيك بعد ذلك عن المشاهد الذي يتجاوز الرغبة في رؤية فريقه المحبب وهو يحصّل ميدالية من الميداليات، إلى مجرّد رؤيته في الملعب أصلاً.. انطلاقًا من الروح الرياضية المجرّدة والمتعة الرياضية المحرّرة من سلطة التجارة.

العنصرية تمتطي المال للتحكم في الرياضة:

الروح العنصرية والمطامع المادية المحضة، وليست الروح الرياضية التي تتحكم عبر المال في الرياضة، وليس هذا الاتهام موجهًا إلى محطة البث الأمريكية المذكورة – وأمثالها - من جانب كاتب هذه السطور؛ فقد سبقت إليه وسائل إعلام غربية لأغراض المنافسة أو انتصارًا للرياضة فعلاً، ومن ذلك في تلك الفترة قبل أربع سنوات قول جريدة "سان فرانسيسكو إكساماينر" الأمريكية: "إن محطة إن بي سي تشعل بأسلوبها الأمريكي المتغطرس في نقل المباريات الأوليمبية أوار حرب عالمية ثالثة"، وأطلقت الصحف الألمانية على دورة أطلانطا وصف "كابوس لمدة أسبوعين" و"سوبر ماركت"، وقالت إحداها: "لقد قضت أطماع المسوّقين على حلم روح التضامن الأوليمبي".



2 - منافع اقتصادية من عولمة الرياضة

ما تسدّده محطات البث التليفزيوني، لا سيما تلك التي تشتري حق البث المباشر، تحصل عليه اللجنة الأوليمبية، التي تحوّلت إلى "شركة تجارية" بمعنى الكلمة، ويبدو أنها تحركت على هذا الطريق بروح العصر والعولمة السائدة فيه؛ إذ يمكن ذكر دورة مونتريال الأوليمبية عام 1976م كحد فاصل بين سياستين ماليتين وبالتالي "رياضيتين"، فإلى ذلك الحين كانت العوامل الرياضية المحضة تلعب ولو دورًا جانبيًا في اتخاذ القرارات الكبرى في اللجنة الدولية، وكان من ذلك مثلاً إفساح المجال أمام غير المحترفين للمشاركة في الدورات الأوليمبية؛ ممّا يعتبر تشجيعًا للبلدان التي لا تستطيع دعم الرياضة الجماهيرية فيها دعمًا ماليًا إلى مستوى يجعلها قادرة على الوصول إلى مستوى الإنجازات الأوليمبية العالية، وهو ما يفسر اقتصار توزيع الميداليات على الرياضيين من بضع عشرة دولة ثرية، تحرص على دعم أصناف معينة من الرياضة، وتحرص أيضًا على استضافة الدورات الأوليمبية، وقد باتت مصدر أرباح كبيرة.

تقول دراسة صدرت عن الأكاديمية الأوروبية للرياضة: إن الرياضة قطاع اقتصادي مستقبلي رئيسي، ويمكن أن تساهم إسهامًا كبيرًا في ازدهار البلدان الأوروبية اقتصاديًّا، كما أدرجت المفوضية الأوروبية الرياضة منذ عام 1994م في كتابها الأبيض عن "سوق الأيدي العاملة" باعتبارها مصدرًا رئيسيًّا لتوفير العمل وتحقيق النمو الاقتصادي. وليس المقصود هنا من يعمل مباشرة في القطاعات الرياضية المختلفة فحسب، بل يشمل دعم قطاعات اقتصادية أخرى، وهو ما تشير إليه مثلاً دراسـة أصدرتها "الوكالة الدولية لتسويق الرياضة" وأشارت فيها إلى إنفاق "مئات الملايين" في كل بلد غربي على حدة لشراء السلع والبضائع المختلفة التي تحمل رموزًا وشارات رياضية، مثل الحلقات الخمس رمزًا للدورات الأوليمبية، وتذهب نسبة مئوية معينة من عائدات البيع إلى من يملك الترخيص في استخدام تلك الرموز، بدءاً بالنوادي الرياضية الصغيرة وانتهاء باللجنة الأوليمبية الدولية.

وتقول دراسات وعمليات استطلاعية في ألمانيا: إن حجم إنفاق المستهلكين على شراء ما يحمل رموز رياضاتهم المحببة، يبلغ 600 مليون مارك سنويًّا، وإن أكثر من 11% من السكان يملكون سلعة ما برمز رياضي لكرة القدم على الأقل، وتغطي بعض النوادي الرياضية الشهيرة - مثل نادي بافاريا لكرة القدم في ميونيخ - نصف ميزانياتها من العائدات من رسوم الترخيص تلك.

الأنشط رياضيًّا أنشط اقتصاديًّا:

ومنذ فترة لا بأس بها أصبح البلد الأنشط رياضيًّا أنشط اقتصاديًّا، حتى باتت الرياضة قناة من القنوات الرئيسية لحركة الأموال من الجنوب إلى الشمال، أي إلى البلدان التي يعيش فيها أشهر النجوم الرياضيين، فضلاً عن عائدات البلد الذي يستضيف البطولات العالمية؛ وهو ما يفسر ذلك "الصراع المرير" على اختياره كما لوحظ في اختيار ألمانيا قبل أسابيع لاستضافة البطولة العالمية لكرة القدم عام 2006م، فالعائدات أثناء البطولة أكبر حجمًا من العائدات السياحية على مدار السنة في بعض البلدان النامية المشهورة بالحركة السياحية فيها.

وعلى سبيل المثال.. عندما أقيمت البطولة الأخيرة لكرة القدم في فرنسا، كانت تونس والسعودية والمغرب وإيران تشارك بفرقها الوطنية في المباريات، وكان هذا سببًا كافيًا لعدد لا يحصى من المسابقات التي أقامتها شركات كبيرة وصغيرة في هذه البلدان الأربعة، بهدف الدعاية لنفسها بطبيعة الحال، ولكن كانت الجائزة الأولى في كلّ مسابقة، عبارة عن رحلة جوية إلى فرنسا لحضور المباريات العالمية.. وليس هذا إلا مثالاً واحدًا من بين عشرات الأمثلة على الخلفية المالية الكامنة وراء أشهر اللعب الرياضية وأكثرها شعبية في مختلف أنحاء العالم، وإشارة عابرة أيضًا إلى تلك الأرقام القياسية التي تسجلها البلدان المضيفة من حيث حجم العائدات، وقد بلغت في أطلانطا في الدورة الأوليمبية الماضية أكثر من مليار دولار، أي ما يعادل خمسة أضعاف عائدات الدورة الأوليمبية السابقة على الأرض الأمريكية نفسها، في لوس أنجلوس عام 1984م.

لقد أصبح المقياس الحقيقي لشهرة البطولات الرياضية العالمية، مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بضخامة المردود المالي على القائمين عليها والمستفيدين منها، وهي بطولات الدورة الأوليمبية كلّ أربع سنوات، وسباق السيارات في فرنسا كلّ عام، وكرة القدم العالمية كل سنتين، واستطاع منظمو هذه البطولات غزو العالم بأسره بمخططاتهم المالية، وليس بمبارياتهم الرياضية فقط، وعندما يقول فالتر تروجر - رئيس اللجنة الأوليمبية الوطنية الألمانيـة -: "إن الألعاب الرياضية العالمية تمثّل صورة مبكّرة لظاهرة العولمة".. لا يغفل على الأرجح عن هذا الجانب الاقتصادي والمالي، وإن كانت "عولمة الرياضة" ذات أبعاد أخرى بعيدة الأهمية أيضًا.



3 - "الرعاية الدعائية".. طريق المليارات

في دورة مونتريال عام 1976م وقعت خسارة مالية على غير انتظار، أصابت الدولة المضيفة واللجنة الأوليمبية العالمية في وقت واحد، وتقرر على الفور تبديل "الصيغة التجارية" المتبعة، وبدأ الإعداد لدورة لوس أنجلوس بعد ثماني سنوات، أي عام 1984م، باعتبار ظروف الشيوعية المرتبطة بموسكو في تلك الفترة وكانت هي المضيفة لدورة عام 1980م، فلم يكن سهلاً تطبيق صيغة "رأسمالية" عليها.

وكان الإجراء الأول - كما هو الحال في أي شركة عملاقة - اختيار "رجال أعمال أكفاء" لوضع الخطة التالية وتنفيذها، وكان أحدهم "خوان أنطونيو سامارانج" الذي ترأس اللجنة الأوليمبية والثاني "هورست داسلر" الذي كان يعمل رئيسًا لشركة "آديداس" المعروفة للمنتجات الرياضية، وكان أحد المشاهير في عالم "الدعاية الرياضية" وابتكرت الإدارة الجديدة ما يسمّى "الرعاية الدعائية" وهي اختيار شركات كبيرة معروفة يحق لها دون سواها استخدام رموزها المعروفة في المباريات، على الألبسة، وفي جدران الملاعب، وعلى الشاشة الصغيرة مباشرة، بالإضافة إلى مشاركة المحترفين الرياضيين لجلب مزيد من المشاهدين.

1.5 مليار دولار دخل اللجنة الأولمبية من الدعاية:

ومن أصل مجموع عائدات اللجنة الأوليمبية من قطاع الدعاية في حدود 1.5 مليار دولار لكل دورة، بدأت العائدات من حقوق هذه الرعاية الدعائية وحدها ترتفع باطّراد، من 100 مليون دولار في دورة "سول" عام 1988م إلى 350 مليونًا في أطلانطا 1996م، وهناك كانت شركة "كوكا كولا" على رأس قائمة الشركات العشرة، وقد بلغ مجموع حجم إنفاقها على الدعاية العالمية لنفسـها 1.5 مليار دولار، في 130 بلدًا في أنحاء العالم.. وارتفع حجم مبيعاتها عالميًّا بنسبة 17% خلال الشهور الثلاثة فقط التي سبقت الدورة الأوليمبية.

ويمكن تفسير ذلك جزئيًّا على الأقل بالدعاية عبر التلفاز أثناء المباريات؛ حيث يصل اسم الشركة أو رمزها إلى ملياري مشاهد في أنحاء العالم، يقول أساطنة الفن الدعائي: إن هؤلاء المشاهدين وهم يستمتعون بمشاهدة مبارياتهم المفضلة، يكونون في أفضل حال للتلقي؛ وبالتالي للإقبال على الإنتاج الذي يقترن اسمه أو رمزه بتلك المباريات أمام أعينهم، وهذا ما يطلق الخبراء عليه وصف "الاتصالات البصرية".

وتقول شركة "آديداس" الشهيرة في عالم الدعاية لمنتجاتها الرياضية: إن عدد تلك الاتصالات يناهز أربعين مليارًا أثناء الدورة الأوليمبية الواحدة، والمقصود هو الجزء من الثانية، لحظة وقوع عين مشاهد الشاشة الصغيرة على الدعاية المرافقة لمباراة رياضية يتابعها.

وتضع الشركات في حسابها - علاوة على هذا المفعول للدعاية المباشرة أثناء المباريات الرياضية - مفعولاً أكبر الدعاية غير المباشرة، كذكر اسم شركة ما - مثل آديداس - باعتبارها قامت بتجهيز هذا النجم أو ذاك من نجوم الرياضة المعروفين، وهو ما تتضمنه النشرات الإخبارية والتقارير الإذاعية، وهذا ما لا يقتصر على فترة متابعة المباريات فقط.

ومع ظهور أسماء تلك الشركات على ملابس الرياضيين وفي الملاعب وفي نشرات الأخبار وعلى الألبسة والدعاية في الأسواق عمومًا.. يمكن الجزم بأن الشركة المعنية ستكون الفائزة بتحقيق أغراضها.. سواء خسر الفريق الرياضي الذي ربط نفسه باسمها أم كسب مباراته.

شارة الأولمبياد أشهر من رؤساء الدول:

ويشير معهد الاقتصاد الألماني في كولونيا إلى ما يعنيه ذلك من خلال دراسة يرد فيها مثلاً أن شارة الحلقات الخمس للألعاب الأوليمبية معروفة لأكثر من تسعين في المائة من الألمانيين والأمريكيين واليابانيين والبريطانيين، وهي نسبة عالية تعتبر بمثابة الأحلام عند استطلاع الرأي مثلاً عن مدى معرفة السكان باسم رئيس دولتهم أو اسم الحزب الحاكم فيها. ولا غرابة إذن أن تنفق الشركات عشرات الملايين من أجل أن يقترن اسمها دعائيًّا بذلك الرمز الأوليمبي، الذي تحمله منتجات وسلع لا حصر لها، بدءاً بالقمصان الرياضية وانتهاء بلعب الأطفال.

وما يسري على الألعاب الأوليمبية بهذا الصدد يسري على سواها من الأحداث الرياضية، وعلى سبيل المثال ربطت شركة تيليكوم الألمانية للاتصالات مخططات توسيع أعمالها عالميًّا بمخطط مسبق يتضمن "الرعاية الدعائية" من جانبها للرياضيين الألمان في سباق الدراجات العالمي الأكبر في فرنسا، وعندما تحقق النصر الرياضي للمتسابق بيارني ريس عام 1996م، ثم للمتسابق "يان أولريخ" عام 1997م، بدأت الشركة بالتحرك فعلاً على المستوى العالمي، معتمدة على أن اسمها أصبح معروفًا عند عدد كبير من المشاهدين للسباق عبر التلفزة .

أولى ميادين الدعاية الاقتصادية:

لقد أصبحت الدعاية عبر المباريات فرعًا اقتصاديًّا عملاقًا يقوم على دراسات منهجية مفصلة من جانب المتخصصين في هذا الميدان، ويقول معهد البحوث العلمية للتسويق في كولونيا بهذا الصدد: إنّ الشركة تعطي الأولوية المطلقة لتثبيت مكانتها العالمية، وتسويق بضائعها، وتحقق ذلك عبر ربط ميول المستهلك من المشاهدين إلى لعبة رياضية أو إلى أحد النجوم المفضلين لديه، بميله التلقائي إلى الشركة التي يقترن اسمها بتلك المباريات وأبطالها الرياضيين. بل وتبوأت "الرياضة" في هذه الأثناء المرتبة الأولى بين سائر ميادين الدعاية الاقتصادية في أنحاء العالم، وأصبح حجم الإنفاق الدعائي المقترن بالرياضة عالميًّا يعادل 1.3 مليار دولار في السنة، وهذا مبلغ يناهز ضعف ما يُنفق للدعاية في قطاع الثقافة من كتب ومسارح وصناعة سينمائية وغيرها، وخمسة أضعاف نفقات الدعاية في قطاعات العلوم والبيئة.

إنّما تتبين الاستفادة الحقيقية لصالح الشركات المعنية عبر المباريات الرياضية، عند الإشارة إلى أنها تنفق ما يعادل ضعف المبلغ المذكور إلى ثلاثة أضعافه، في الدعاية "التفصيلية" التي تتبع عادة الدعاية عبر الاسم أو الرمز فقط أثناء مشاهد تصوير المباريات في مواسم البطولة العالمية. ولا يوجد من بينها شركة واحدة لا تحصّل أضعاف ما تنفقه للدعاية عبر زيادة الأرباح نتيجة الترويج لسلعها.



4 - المال يصنع جيل المستقبل بلا قيم

رغم تحكّم المال في عالم الرياضة حتى أصبحت ظاهرة شراء النجوم الرياضيين بالملايين وعشرات الملايين منتشرة انتشارًا واسعًا، لا ينبغي انتشار الانطباع بأن النهضة الرياضية في البلدان المتخلفة رياضيًّا، كالبلدان العربية والإسلامية، ليست مطلوبة. ولكن متابعة الأساليب المتبعة في الوقت الحاضر لجلب المباريات العالمية، أو المشاركة فيها، تشير إلى أمرين رئيسيين ينطويان على خطورة بالغة:

الأمر الأول: أن الأخطاء التي سارت عليها الدول الأخرى حتى أمسك المال بعنق الرياضة والرياضيين، أو أصبح بعضهم جزءاً من اللعبة المالية نفسها، يمكن أن تقع في بلادنا رغم وجود ما يكفي من "الدروس" للاستفادة منها من أجل تحقيق النهضة الرياضية المرجوّة، وفق أهدافها الأصلية: متعة وفائدة، أما السير على الطريق التي سار آخرون عليها وأوصلت إلى تحويل الرياضة إلى تجارة، وتحويل الشبيبة إلى مستهلكين، وتحويل الرياضيين إلى أدوات، وتحويل الإعلام إلى صفقات، فذلك ما لا ينبغي أن يقدم عليه عاقل؛ فقد تتحقق منه المنافع بالمليارات لفئات تتحكم بحركة الأموال عالميًّا.. أما القول: إنه يحقق المنفعة العامة للشعوب، ولا سيما لجيل الشبيبة، فذاك ليس مشكوكًا فيه فحسب، بل ظهر البرهان على عدم صحته بما فيه الكفاية.

والأمر الثاني: وثيق الصلة بالجانب المالي، فتحكُّم المال في عالم الرياضـة لم ينشأ من فراغ، بل كان نتيجة حتمية لضياع القيم في مختلف الميادين في الغرب، الذي يتزعم الميدان الرياضي الجماهيري كسواه، فأصاب ميدان الرياضة ما أصاب سواه.

أهداف سياسية واجتماعية من نشر الرياضة:

على أن النتائج الأشدّ وطأة في قطاع الرياضة الجماهيرية بالذات هو أنها أصبحت وسيلة من وسائل صناعة جيل المستقبل بأساليب يتحكم المال بها وبالغايات الموصلة إليها.. وهنا يمكن ذكر بعض النقاط الرئيسية بإيجاز:

1 - في البلدان العربية حيث لا يشارك جيل الشبيبة في صناعة قرار سياسي أو اقتصادي أو فكري أو اجتماعي، ولا تجري توعيته وتأهيله في هذا الاتجاه إلاّ قليلا.. يلاحظ مدى السخاء في عدد الصفحات الرياضية والساعات الرياضية في مختلف وسائل الإعلام؛ إذ وصلت حصتها إلى نسبة مئوية عالية غير عادية بالمقارنة مع سائر ميادين الإعلام الأخرى. لقد تحوّلت الرياضة بهذا الأسلوب إلى وسيلة "إلهاء" عن قضايا أخرى قد تكون مصيرية، بدلاً من أن تكون وسيلة إعداد الشبيبة لخدمة القضايا المصيرية.

2 - لا يستهان بأهمية الرياضة في حياة الأفراد والمجتمع بمختلف فئاته، وهذا ما يستدعي الحرص على ألا يغلب جانب المتعة على سواه، وأن يتناقض مع المعايير والقيم الخلقية في بلادنا، كأساس لتوظيف الرياضة وسيلة من أهم الوسائل لتكوين الفرد معنويًّا ونفسانيًّا وجسمانيًّا، وكعنصر من عناصر المجتمع الآن وفي المستقبل، ومن الخطورة بمكان التضحية بهذه الأدوار الرئيسية للرياضة في المجتمع، من أجل زيادة بعض الأفراد الأثرياء ثراء فحسب.

3 - تحت تأثير المال على الرياضة ابتُكرت في الغرب ألعاب رياضية تستغلّ الغرائز تحت عنوان المتعة، بما في ذلك تمجيد العنف، حتى تحوّل مرتكبوه على الشاشة الصغيرة باسم الرياضة إلى أبطال ورموز، فهم لا يحصلون على الجوائز فقط، بل يجدون في الوقت نفسه من يحذو حذوهم في الميادين الأخرى من حياته.

4 - كذلك حوّلت الصفقات الرياضية المباريات والبطولات من ميادين متعة محبّبة ومشروعة منضبطة، إلى وسيلة تجعل مجرّد "الفوز الرياضي" هدفًا بحدّ ذاته، وهو منطلق يجري تعميمه في المنطقة الإسلامية، بصورة تنطوي على تكرار إثارة غرائز تعصّب قومي وإقليمي وقطري بات في الغرب من أسباب ظهور مجموعات العنف الرياضي وغير الرياضي المعروفة، وبما يتناقض مع أي شعار عن التسامح لألعاب رياضية عالمية.

كما أن الفوز أو الظهور بمظهر النهضة الرياضية لمجرد الفوز والظهور فحسب، منطلق يجري تعميمه في البلدان الإسلامية بأسلوب لا يتحاشى مثلاً ما تتعرّض له "الفتاة المسلمة" من ضغوط وإغراءات لتسلك سبل رياضيات غربيات، ممن أصبحن جزءاً من تركيبة القطاع التجاري بالرياضة كسلعة رائجة، وليس لديهنّ ما يمكن أن يحفظهن من ذلك، كما هو الحال مع المسلمات من قيم خلقية واجتماعية والتزامات دينية وثوابت سلوكية.

5 - إن توظيف الرياضة مع سواها لتكوين جيل المستقبل من الناشئة والشبيبة، لا يتحقّق من خلال توفير المنشآت وفتح النوادي وتشجيع المواهب فحسب، بل يتطلب أيضًا سياسة حكيمة، تربط الأغراض الرياضية التقليدية بالأغراض المعنوية الأبعد مدى، لتحويل الرياضة إلى "رسالة" ينبغي أن نؤدّيها، دون أن تفقد عنصر المتعة فيها، ودون أن تسوقنا من حيث نريد أو لا نريد، إلى الانحراف بجيل المستقبل وميادين اهتمامه والإنجازات المرجوّة منه على كلّ صعيد، وعلى الصعيد الرياضي نفسه أيضًا.

6 - إن فتح أبواب بعض البلدان العربية والإسلامية لاستضافة مهرجانات أو مباريات رياضية عالمية، لا يؤدّي بحدّ ذاته إلى نهضة رياضية محلية، ما لم يقترن بالجهود الذاتية للارتفاع بمستوى الأداء الرياضي محليًّا.. فلا ينبغي أن تغلب عليه الرغبة المجرّدة لمشاركة "الآخرين" عالميًّا، أو الوهم بالظهور في موقع "عالمي" متميّز، بل ينبغي العمل على وضعه ضمن مخطّط مدروس، لاختيار الأفضل فيما يستضاف من جهة، ولربطه بحركة التنمية الرياضية المحلية من جهة أخرى.

النهضة الرياضية مطلوبة، شريطة توجيهها بضوابط القيم وثوابتها؛ حتّى تكون لنا في بلادنا العربية والإسـلامية صيغة أخرى في رسم معالم السياسـة الرياضية على أعلى المستويات، وفيما نريد أن ننشره ونمارسه عبر النشاطات الرياضية في مختلف الميادين.. وذلك وفق اقتناعاتنا الذاتية وقيمنا العقدية والحضارية والاجتماعية.. وليس وفق ما يسري لدى سوانا، بل ويعاني سوانا من عواقبه في الميدان الرياضي وسواه أشدّ المعاناة !..







التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 26-06-2006, 01:39 AM   رقم المشاركة : 2
سطام الشمري
مستشار الرائدية
 
الصورة الرمزية سطام الشمري
الملف الشخصي







 
الحالة
سطام الشمري غير متواجد حالياً

 


 



مميز يا كابتن عبدالله

يعطيك العافيه







التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 26-06-2006, 01:57 AM   رقم المشاركة : 3
عبدالله العوفي
مستشار شبكة الرائدية
تألم حتى تعلم
مدرب كاراتيه وقتال الشوارع
 
الصورة الرمزية عبدالله العوفي
الملف الشخصي






 
الحالة
عبدالله العوفي غير متواجد حالياً

 


 

الأخ العزيز سطام الشمري

يسعدني مرورك وبارك الله فيك وسدد الله خطاك

مع التحية

والسلااااااااااااااااااااااااااااااااااااام







رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف يذاكر الطالب السعودي الله يحفظه ^_^ سـَمآ ♪ :: منتدى الضحك والابتسامة والفرفشة:: 13 19-06-2011 01:23 AM
&&& رديه ... بيني وبين الوالد الله يحفظه ...&&& محمد بن زميع بــوح القوافي 14 14-01-2007 08:27 AM
هذه قصيده متواضعه للوالد ...الله يحفظه ناصر الهزاع بــوح القوافي 7 08-01-2007 06:02 PM
اكتب لمن تحب ولمن تعاتب ولمن فارق خاص بالعشاق والمجاريح احسـ العالم ـاس منتدى الشعر المنقول والصوتيات 12 07-09-2003 03:02 AM
نشأة المتعة السميري المنتدى الإسلامي 1 22-02-2003 11:07 PM



الساعة الآن 10:31 AM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت