[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الأُنوثةُ إشراقٌ وجمالٌ روحي ينبعث من أعماقِ المَرأة , فتراهُ في صفحاتِ الوجهِ وقَسماتهِ صفاءً ونقاءً وبِشراً يأخذُ بقلبِ الرجلِ و يتملكُ أحاسيسهُ.
لا يباعُ فيشرى ولا ترسمه يدا أمهرِ مصففاتِ الشعرِ ولا يتكلفُ , أنهُ جبلةُ من اللهِ جلَّ وعلا وضعها في نفسِ المرأةِ وأودعَ حُبَّ هذا الأمرِ في قلبِِ الرجلِ حتى تكون معادلةٌ ربانية تتجلى فيها عظمةُ اللهِ سبحانهُ وتعالى .
نحنُ نجدُ أن المرأةَ قد لا تكونُ جميلةُ ولكنها قد تكونُ زوجةٌ مثاليةٌ تَضرِبُ مع زوجها أروعَ الأمثلةِ في الحبِ والمودِة , وتراها أمٌ رؤوم حنونٌ تمسكُ الطفلَ بقلبها قبلَ يدها لأنها أنثى .
ولا تجدُ هذا معَ تلكِ التي خالفتْ فطرتها وجِبلتها ونزعت خمار الحياء وآلتْ على نفسها حتى تكون ( رجلٌ في ثوبِ أنثى ) .
إنَّ هذه المرأةُ التي نازعتْ كوامنَ فِطرتها وأخمدت جذوةَ الطهرِ والنقاءِ وقاومتْ نداءَ الأنوثةِ فيها لم ( تسترجلُ ) بالصورةِ التي قد يتصورها البعضُ , فهيَ تلبِس آخر الصيحاتِ في عالمِ الموضةِ , وتطاردُ كل جديدٍ في عالمِ ( صفاتِ الشعرِ ) وتضعُ أغلى أنواعِ ( صبَغِ الوجهِ ) ومعَ ذلكَ فهي ( رجلٌ في ثوبِ اُنثى ) !
كيفَ ذلك ؟!
هاتان صورتان موضحتانْ :
1_) امرأةٌ قد احتضنها بيتُها وأظلها خِباؤها وقَصُرُ طَرفها عن كلِ شيءٍ سِوى أثاثِ بيتها وأطفالها ...... طرقَ البابَ عليها زوجها ... فتحتِ البابَ وحملتْ عنهُ الحاجياتِ وأمسكتْ بيدهِ وأجلستهُ وقبلتْ جبينهُ وخلعتْ نعليهِ وغِسلتْ عن قدميه .
2_) امرأةٌ خرجتْ من بيتها إلى حيثُ أرادتْ , سارتْ في ( سيارتها ) , وتراها تارةٌ تُحِدُ النظرَ في هذا لأنه لم يعطها حَقها في الطريقِ وتارةً تُقَطِبُ جَبينها وعيناها تقدحانِ بالشررِ لأن هذا قد سدَّ عليها طريقها .
وتارةً أُخرى ترفع صوتها في ( معركةٍ كلاميةٍ ) مع ( رجل المرور ) حيثُ أنها مظلومةٌ في تلكَ المخالفةِ , عادتْ إلى منزلها وما إن أغلقتِ البابَ حتى دخلَ زوجها , نظرتْ إليهِ ولسانُ حالها يقولُ : ( إليكَ عني فإني متعبة ) .
يا ليتَ شِعري في الصورة الأولى أينَ وصلتْ هذه المرأةُ من قلبِ الرجل ؟ وأيُ شيءٍ قد أخذت من عَواطفهِ ؟ وأيُ أُنوثة قد سقتْ في نفسها بتلكَ التصرفات , وأيُ نقاءٍ جَنَتْ في قلبها .
إنها بكل ثقةٍ ( تملكتْ عروشَ قلبهِ ) شاءَ أم أبى , أبدى ذلكَ أم لم يبدهْ , ويا ليتَ شِعري ماذا يريدُ الرجلُ غير هذهِ اللحظات التي تمسَحُ فيها المرأةُ عنهُ كل همومِ الدنيا المتكالبة ؟.
أما الثانيةُ فيا للهِ كم رأتْ من رجلٍ وكم خالطتْ من إنسانٍ غريبٍ , وكم خدشتْ حياءها وأفسدت أنوثتها مع هذا الصراخ وهذه الاستقلالية عن الرجل التي هي جزءٌ لا يتجزءُ من أنوثتها.
إن المرأة التي تخالطُ الرجال وتزاحمهم وترفعُ شعار ( أنا الجزءُ المُعطلْ ) قد ظلمتْ نَفسها قبلَ أن تظلمَ غيرها , وأخذت تنزفُ من أنوثتها حتى تكادُ أن تكونَ رجلْ .
خصومات ... كدٌ وعناء ... استقلالية ... مواجهةٌ للناس دون ما حاجة ... مزاحمةٌ للرجال ... فأيُ أنوثةٍ وأي خجلٍ وأي حياءٍ يبقى ولو لَبِستْ أجمل الِلباس .
نحنُ لا نقصد تلك المرأةُ التي دارتْ عليها رحى الأيام وشربتْ من كأسِ الحاجةِ حتى خرجتْ تتلمسُ حاجةَ أطفالها ولقمةَ عيشِ أبنائها [ وأبونا شيخٌ كبير ] , مع يقينها في قرارةِ نفسها أنها ( أُنثى ) وأن مكانها في بيتها تحتَ ستارِ حَيائها ولكنها الظروف , ومعَ ذلك لا تخالطِ الرجالَ [ حتى يَصدرَ الرعاءْ ] ولا تخلعُ جِلبابَ الحياءِ [فجاءتهُ إحداهُنَّ تمشي على استحياء ].
مثالٌ آخر :
1_) امرأةٌ تُمسِكُ في يميناها جهازَ ( التحكمِ عن بعد ) وعن يمينها مجلةٌ ماجنةٌ ملئتْ بِصورِ رجالٍ ولكنهم ( ذئابٌ جائعة ) وعن شِمالها أشرطةُ ( غناء ) , تراها وقد غارتا عَيناها من النَظِرِ إلى تِلكَ المحرماتْ وظُلمةُ المعصيةِ تعلو وجهها.
زوجها يَرفعُ قدمهُ بصعوبة على درجاتِ السلم من شدةِ التعبِ , وإذا به يسمعُ صوتَ صراخٌ ولكنهُ صراخُِ الفرحْ ! ما الذي حصلْ ؟
فتحتِ البابَ لهُ فإذا بها تبادرهُ قبل أن يسألها : ( إنهُ هوَ ) .... مَنْ ؟ لقدْ ظَهَر اليوم على الشاشة وما زال حتى الآن ... أرجوك دعني أُكمل متابعتي .. بدتْ الحيرةُ على الرجلِ ؛ منْ هذا الذي جعل زوجتي تتهلل وتكاد الأرض تعجز عنها إمساكها من شدةِ الفرحْ ؟ وجعلها تنسى أن تقول لي حتى كلمة ( حمداً للهِ على سلامتكَ ) ؟! ... كانَ يريدُ أن يستريح .. ولكن العجبَ منعهُ من ذلكَ حتى يعرفَ السر , دخلَ عليها .... فإذا هوَ ( فنانُها المفضلْ ) وقد صُمَّتْ آذانها عَن كل شيءٍ سوى صوتهُ وهو يغني ويتمايل .
2_) أخرى تنظرُ يميناً فلا ترى سوى ( مطبخها ) وشمالاً أثاثَ مَنزلها , لا تعرفُ من الرجالِ إلى زوجها وأبوها ومحارِمَها ولا تعرف من الأصواتِ إلى صوتهم , تستحي أن تُحدَ النظرَ إلى رجلٍ غريب بل قد لا ترفعُ عَينها إليه .
وقد تكونُ ممن أنار الله قلبها وأراد اللهُ لها أن تكونَ من الصالحاتِ , فتراها تُمسكُ كتابَ اللهِ وقد جَلَستْ في مُصلاها تتلو آي القرآنِ ونورُ الطاعةِ يعلو مُحياها.
الأولى :
رأيناها كيفَ تقضي يومها وإلى من تنظرُ طيلة مُكوثِها في بيتها وكيفَ قابلت زوجها بتصرف لعمرُ الله ينسف الحبَ من أساسهِ بل قد يَقضي على الحياةِ الزوجية .
هيَ فعلتْ ذلكَ بغيرِ قَصِدٍ منها فهي تحبُ زوجها وتودهُ , ولكنها إفرازاتُ ما أفنتْ فيهِ وقتها , ولأنها تعتبرُ هذا الكلام أنه أمرٌ طبيعي وأنه من (التحرر والتقدم ) الذي يعتبرُ النظرَ إلى الرجال و (الفنانَ المُفضل ) وسماع الأغاني أمرٌ طبيعي.
إن هذه المرأةُ التي ملئتْ فِكرها بصورِ الرِجال ( الذئابِ ) وقد ملئتْ قاموسها بكلماتِ الأغاني وأفنتْ وقتها في معصية الله جل وعلا , قد أتتْ على ( حيائها ) , ( وعِفتها ) وخدشتهما , وهُما اللذَانِِ يغذيان الأنوثة فيها .
فما هي الأنوثةُ إلى الحياءُ و العِفة ؟
ناهيكَ عن الدعوات التي ملئتْ بها صفحاتُ الجرائدِ والمجلاتِ وشاشاتِ الفضائياتِ , فمن داعٍ إلى ( المساواة ) ومن داعيةٍ إلى ( تفعيلِ النصفِ الآخرِ منَ المجتمعِ ) إلى متباكٍ على الظلمِ الذي يحيط بالمرأةٍ زعموا.
نحنُ نرى الكثير مِنَ النساءِ اللائي يشكينَ من جفافِ الحبِ من قلبِ زوجها , ولا يُدرِكنَ أنهنَ من سببَ ذلكْ.
لأنها تُرَدِدُ دائماً كلماتٌ تنقصُ أنوثتها في نفسها وفي عينِ زوجها , وتَجعل الرجلَ ينظرُ إليها نظرةَ استهجان .
المساواة .... الحرية في الخروج والعمل .... السفر بلا محرم ... التحرر والاستقلالية ....
إن التي تتعالى على أُنوثتها و تسبحُ عكسَ تيارها الداخلي الذي يفيضُ رقةً وحناناً, فترفعُ هذهِ الشعارات المظللة , قد قطعتْ حبل المودةِ من قلبِ زوجها وجنتْ على علاقتها به , لأن الرجلَ لا يريدُ امرأةٌ تساويهِ وتضعُ أنفها بأنفهِ قائلةً ( أنا وأنتَ سواء).
وهي معَ ذلك قد عَرَّضتْ نفسها إلى سخطِ ربها وغضبهِ ونقمتهِ وقد يَحرُمها الله من حبِ زوجها ويضعُ بغضها في قلبهِ عقوبةً لها.
الصورةُ الثانية :
قد أرسلتْ رسالة بليغةٌ , يَفهما الرجلُ ويدركُ معانيها ومغازيها بل ويتلذذ بقرآتها في كلِ حينٍ , فهو أدركَ بتصرفاتها وطهارتها ونقائها إدراكاً كاملاً أنها ( أنثى ) تحتاجُ إليه في كل شيءٍ لأنه ( رجل ) , فهي لا تسافر إلى بكنفه ( لأنه حصنها من كلِ الشرورِ ) , ولا تخرج إلى تحتَ عينهِ ( حتى يحميها من الذئاب الجائعة ) ولا تنظرُ إلى رجلٍ غيره ولا تسمعُ إلى صوتهُ .
و قد حصدت ْبِفِعلها ما يلي :
1_) أرضت خالقها وهو أهم شيء .
2_) أشبعت إحساس الأنوثة لديها وذلك بشعورها بالحاجةِ إلى الرجل .
3_) أصبحَ الرجلُ ينظرُ إليها بنظرةِ الشفقة والرحمة .
4_) جعلتْ زوجها ينظرُ إليها على أنها فعلاً أنثى لا تستغني عنه لأنهُ رجلٌ يحميها.
5_) صنعتْ جواً من الأمان في بيتها , فإن الرجل الذي يرى حالها لا تساورهُ الشكوكُ يوماً حولها , بينما الأولى _ التي استقبلتْ زوجها وهيَ تَهذي باسمِ فَناِنها المُفضلْ _ قد مهدت الطريقَ إلى الشكوكِ حتى تصلُ إلى قلبِ زوجها .
ونحنُ نَجِدُ أن الله جل وعلا قد وضعَ أكمل الصفاتِ الأنثوية في ( حور الجنان ) ومما وصفهنَ اللهُ بهِ أنهنَ ( قاصرات الطَرِف ) , وهذا دليلٌ على أن هذهِ الصفةِ منَ الصفاتِ التي حريٌ بها أن تديمَ المودةَ بينَ الرجلِ والمرأة , وأنها مما يحبهُ الرجلُ.
وفي فعلِ عائشة رضي الله التي كانت أحبُ نساءِِ النبي صلى الله عليه وسلم قدوةٌ لكل النساءِِ وذلك عندما تسترتْ في بيتها لأن عمرَ رضي الله عنهُ دُفِنَ في حُجرتها !
رضي الله عنها وأرضاها ورفعها في أعلى عليين .
راضي الشمري
[/align]