يقال : التهاني – من حيث الأصل – من باب العادات ، والتي الأصل فيها الإباحة ، حتى يأتي دليل يخصها ، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر . ويدل لذلك – ما سيأتي – من تهنئة بعض الصحابة بعضاً في الأعياد ، وأنهم كانوا يعتادون هذا في مثل تلك المناسبات .
ويقول العلامة السعدي – رحمه الله – مبيناً هذا الأصل في جواب له عن حكم التهاني في المناسبات - كما في ( الفتاوى ) في المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي (348) : " هذه المسائل وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع ، وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز ، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع ، أو تضمن مفسدة شرعية ، وهذا الأصل الكبير قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع ، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره . فهذه الصور المسؤول عنها ما أشبهها من هذا القبيل ، فإن الناس لم يقصدوا التعبد بها ، وإنما هي عوائد وخطابات وجوابات جرت بينهم في مناسبات لا محذور فيها ، بل فيها مصلحة دعاء المؤمنين بعضهم لبعض بدعاء مناسب، وتآلف القلوب كما هو مشاهد .
وقد سُئل شيخنا الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله – عنها، قال : " طيبة "، وكذلك سئل شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – عن التهنئة بدخول شهر رمضان ، فقال : ( طيبة جداً )، وذلك في يوم الأحد 8/9/1416هـ حال بحثي في هذه المسألة .
وقد سئل العلامة الشنقيطي – رحمه الله – عن الصفة الشرعية للتهنئة برمضان والمناسبات الأخرى كالعيدين ، فأجاب – رحمه الله – بجواب مطول خلاصته : أنه لا يعلم صفة معينة في هذا الِشأن إلا ما ورد في العيدين – كما سبق نقله – وأن الإنسان إذا اقتصر على الوارد كان أفضل ، لكن لو ابتدأه غيره فلا حرج أن يجيبه من باب رد التحية بخير منها ، فلو اتصل الإنسان على أخيه ، أو زاره ، وقال له : نسأل الله أن يجعل هذا الشهر عوناً على طاعته ، أو يعيننا وإياكم على صيامه وقيامه ، فلا حرج -إن شاء الله-؛ لأن الدعاء كله خير وبركة لكن لا يلتزم بذلك لفظاً مخصوصاً ،ولا تهنئة مخصوصة .
منقول عن
عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية