ملاحظه: إذا كان الموضوع طويلا فارجوا استخدام صيغتي {النسخ واللصق} وقرآته فيما بعد.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الإسلام دين الله المتين، لا يقبل من أحد دين سواه، جامع بين العلم والعمل، وسط في العبادة والمعتقد، صدق في الأخبار، عدل في الأحكام، وقد ضلت طوائف عن الصراط المضيء، ممتطيةً كبرها أو جهلها، تكبت طريقًا معتمًا، وسلكت واديًا مجدبًا، وسنة الله ماضية في كشف ستره عن الظالمين ولو بعد تتابع الدهور، قال تعالى"وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبل المجرمين"{الأنعام:55}
واليهود أضل الملل، لاح في ديانتها العوج والخلل، أبان الله في كتابه أحوالهم تصريحا وإسهابا، إيماء واقتضابا، في مئات الآيات، ووصفهم وصفا مطابقا عادلا، حذر منهم ووضعهم في مقدمة صفوف أعداء المؤمنين: قال تعالى "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا" {المائدة:82}
واجهروا الإسلام بالعداء والإباء، واحتضنوا النفاق والمنافقين، وحرضوا المشركين وتآمروا معهم ضد المسلمين، اكتوى المسلمون بنار عداوتهم وكيدهم، تطاولت ألسنة السفهاء منهم على خالقهم، جمع لهم نبيهم بين الأمر والنهي والبشارة والنذارة، فقابلوه أقبح مقابلة، كانوا معه في أفسح الأمكنة وأرحبها وأطيبها هواء، سقفهم الذي يظلهم من الشمس الغمام، وطعامهم السلوى طير من ألذ الطيور، وشرابهم من عسل، ويتفجر لهم من الحجر اثنتا عشرة عينا من الماء، فكفروا النعم وسألوه الاستبدال بما هو دون ذلك، طلبوا الثوم والبصل والعدس والقثاء، وهذا من قلة عقلهم وقصور فهمهم، يعتقدون الصواب والحق من يشدد ويضيق عليهم.
عرضت عليهم التوراة فلم يقبلوها، فأمر الله جبريل عليه السلام، فقلع جبلا من أصله على قدرهم، ثم رفعه فوق رؤوسهم، وقيل لهم: إن لم تقبلوها ألقيناه عليكم، فقبلوها كرها، قال تعالى"وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آيتناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون"{الأعراف:171}
ولما بعث نبينا محمد حرضوا الناس عليه وقاتلوه، آذوه عليه الصلاة والسلام، وتآمروا على قتله والغدر به مرارا، هموا بإلقاء حجر كبير عليه في بني النضير من أعلى بيت كان يجلس تحته، فأتاه خبر السماء، وأهدوا إليه شاة مشوية سم، فلات منها عليه الصلاة والسلام شيئا، وضل متأثرا بما لا ته منها حتى توفي، ومكروا به، فسحروه حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعل، فكفاه الله وخلصه من ذلك.
قوم يشعلون الفتن، ويوقدون الحروب، ويبثون الضعائن، ويثيرون الأحقاد والعدوات: قال تعالى:"كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله" {المائدة:64}
يكتمون الحق، ويحرفون الكلم عن مواضعه، أصحاب تلبيس ومكر وتدليس:قال تعالى" يأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون"{آل عمران:71}
ينقضون العهود، وينكثون المواثيق، قتلوا عددا من الأنبياء الذين لا تنال الهداية إلا على أيديهم، بالذبح تارة، والنشر بالمناشير أخرى، أرقوا دم يحيا، ونشروا بالمنشار زكريا، وهموا بقتل عيسى، وحاولوا قتل محمد مرات، ولا خير فيمن قتل نبيا، قال تعالى:"أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون" { البقرة:87} اليهود لنعم الله وآلاته جاحدون، إن أحسنت إليهم أساؤوا، وإن أكرمتهم تمردوا.
نجاهم الله من الغرق مع موسى فلم يشكروا الله، بل سألوا موسى إباء واستكبارا أن يجعل لهم إلهً غير الله، يعبدون الله على ما يهوون، ولأنبيائه لا يوقرون، قالوا لنبيهم: لن نؤمن لك حتى نرى الله بأعيننا جهرة، "فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون"{الذاريات:44}
قوم حساد، إن رأوا نعمة بازغة على غيرهم سعوا لنزعها، وفي زعمهم أنهم أحق بها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:{إن اليهود قوم حسد} ) أخرجه ابن خزيمة في صحيحة {574} من حديث عائشة رضي الله عنها. رواه أبن خزيمة(
دمروا الشعوب والأفراد بالربا، يستمتعون بأكل الحرام، يستنزفون ثروات المسلمين بتدمير اقتصادهم، وإدخال المحرمات في تعاملهم، يفتكون بالمسلمين لإفلاسهم، ويسعون إلى فقرهم، يتعالون على الآخرين، بالكبر تارة، وبالازدراء أخرى، يتعاظمون على المسلمين عند ضعفهم، ويذلون عند قوتهم، في أنفسهم أنهم شعب الله المختار، وغيرهم خدم لهم، إنما خلقوا لقضاء حاجتهم.
ألسنتهم لا تتنزه عن الكذب والفحش والبذاء، قالوا عن العظيم سبحانه: يده مغلولة، وقالوا عن الغني تعالى: إنه فقير ونحن أغنياء، ورموا عيسى وأمه بالعظائم، وقالوا عن المصطفى: إنه ساحر وكذاب، تتابعت عليهم اللعنات، وتوالت عليهم العقوبات، افتتنوا بالمرآة ونشروا التحلل والسفور، يقول النبي صلى الله عليه وسلم): أول فتنة بني إسرائيل في النساء({أخرجه مسلم في الذكر والدعاء{2742} من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. رواه مسلم}
دعوا إلى الإباحية والفساد مع التستر تحت شعار خداعة كالحرية والمساواة، والإنسانية والإخاء، يفتكون بالشباب المسلم، ويغرونه بالمرآة والرذائل، فتنوا بالمرآة، ويعملون جاهدين لفتنة غيرهم بها، ضاعفوا جهودهم لإخراج جيل من المسلمين خواء ، لا عقيدة له ولا مبادئ ، ولا أخلاق له ولا مروآت، يلوثون عقول الناشئة بتهييج الغرائز و{الملذات} ، تارة بالمرئيات، وأخرى بالفضائيات، يحسدون المرآة المسلمة على سترها وحيائها، يدعونها إلى السفور والتحلل من قيمها ، ويزينون لها مشابهة نسائهم في ملبسها ومعاملتها ، ليحرفوها عن فطرتها ، يزينون للشباب والمرآة الشهوات، لينسخ الجميع عن دينه وقيمه، فيبقى أسيرًا للشهوات والملذات، قال الله عنهم:"ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب القوم المفسدين"{المائدة:64}
يهدفون لهدم الأسرة المسلمة، وتفكيك الروابط والأسس الدينية والاجتماعية، لتصبح أمة لا خطام لها ولا لجام، ينشرون فيها الرذائل والفواحش، ويدمرون الفصائل والمحاسن، " ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل الله وحبل من الناس وباءوا بغض من الله وضربت عليهم المسكنة"{آل عمران:112}
جبناء عند اللقاء، قالوا لموسى:"فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون"{المائدة:24}، يفرون من الموت، ويخشون القتال"لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر"{الحشر:14}، يحبون الحياة، ويفتدون لبقائها، ذهبوا في كفرهم شيعا لا يحصون، “تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون"{الحشر:14}، اختلافهم بينهم شديد، ونزاعهم كليل، الألفة والمحبة بينهم مفقودة إلى قيام الساعة، قال تعالى:"وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة"{المائدة:64}
طم بغيهم، وعم فسادهم، لا تحصى فضائحهم، ولا تعد قبائحهم، أكثر أتباع الدجال، أمرنا الله بالاستعاذة من طريقتهم في يوم كل يوم سبع عشرة مرة فرضا، أفبعد هذا أهم شعب الله المختار أم أبناء الله وأحباؤه؟!
وبعد:
فهذه نعوت في كيد الشيطان وتلاعبه بتلك الأمة المغضوب عليها، يعرف بها المسلم الحنيف قدر نعمة الله عليه، وما من به عليه من نعمة الهداية، وما اتصف به آباء اليهود بالأمس، يسير على ركابه الأحفاد اليوم، ظلم في الأراضي المقدسة، إجلاء من المساكن، تشريد من الدور، هدم للمنازل، قتل للأطفال، اعتداء على الأبرياء، استيلاء على الممتلكات، نقض للعهود، غدر في المواعيد، استخفاف بالمسلمين، هتك لمقدساتهم، وإن أمة موصوفة بالجبن والخور وخوف الملاقاة وفزع الاقتتال حقيق بنصر المسلمين عليهم، ولكن لما ضعف المسلمون أصبحت لهم قوة ودولة تعيش على دماء المسلمين، وواجب على المسلمين مؤازرة إخوانهم في الأراضي المباركة، وتوحيد الصف ونبذ النزاع، مع الإلحاح في الدعاء لهم، ومنذ ميلاد مأساة هذه المنحة من أكثر من نصف قرن، ولهذه البلاد مواقف تحمد عليها في التاريخ لعتق رق الأقصى، لينعم المسلمون بالصلاة فيه، كما ينعمون بالصلاة في الحرمين.
قال تعالى:"ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز"{الحج:40} فالنصر على الأعداء لن يتحقق إلا براية يستظل فيها المقاتلون براية التوحيد، ولن يكون إلا بالأخذ بالأسباب، والرجوع إلى الله، وتقوية الصلة به سبحانه، قال تعالى:" إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )7( والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم"{محمد:8, 7}، وبهذا تقوى الأمة، وترهب عدوها، وإذا انغمست الأمة في عصيانها وغفلتها وبعدها عن خالقها، فالأقصى عنها يقصى.
فعلينا إصلاح أنفسنا من الداخل بالتسلح بسلاح العقيدة قولا وعملا وواقعا، ولنحذر دسائس اليهود في تدمير المسلمين، وواجب علينا الحفاظ على شبابنا وصونهم من المغريات والمحرمات، والاهتمام بنسائنا، وشغلهن بما ينفعهن في دينهن، وعدم تعريضهن للفتن، ومنعهن من التبرج والسفور والاختلاط، وتحصين الجميع بالعلوم الشرعية، وتكثيف ذلك في دور التعليم، مع حسن الرعاية وكمال الأمانة في القيام بهم، وعلينا السعي إلى إصلاح الأسرة المسلمة، وأن لا نهزمها من داخل أروقتها بما تتلقاه مما يعرضه أعداؤها عليها، ففي مراحل التاريخ لا يخلو منه عقد إلا ولليهود في الإفساد يد.
فاتقوا الله، وخذا بأسباب نصركم، وأصلحوا شبابكم ونسائكم، وأصلحوا بيوتكم، وابتعدوا عن مشابهة أعدائكم، واعتزوا بدينكم تنصروا على عدوكم، واحذروا مكرهم وغدرهم، فأنهم لا يألون جهدا في إضعاف المسلمين وإفساد دينهم وعقيدتهم، “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"{يوسف:21}
بقلم
فضيلة الشيخ د/ عبد المحسن بن محمد القاسم
ملاحظه:* أرجوا من المشرف التكرم علينا وتثبيته لكي تعوم الفائدة بين الجميع.
* أرجوا من الجميع نشرها في كل مكان.