[align=center]== من حقوق التوحيد ==
طوبى لِمَنْ أَنصَفَ ربَّه ؛ فَأَقَرَّ له بالجهلِ (1)
في عِلمِهِ والآفاتِ في عَمَلِه ,
والعيوبِ في نفسهِ والتفريطِ في حقِّه والظلم في معاملته ,
فإن آخَذَهُ بذنوبه
رأى عَدله , وإن لم يؤاخذه بها رأى فَضله ,
وإن عمل حسنةً رآها من مِنَّتِه وصَدقتِهِ عليه , فإن قَبِلَها فَمِنَّةٌ وصدقةٌ ثانية ,
وإن رَدَّها فَلِكَونِ مثلِها لا يصلحُ أن يُواجَه به , وإن عَمِلَ سيئة رآها من تَخَلِّيه عنه
وخذلانه له وإمساكِ عصمتِهِ عنه ,
وذلك من عدله فيه , فيرى في ذلك فقره إلى ربه وظلمه في نفسه
فإن غفرها له فبمحضِ إحسانه وجوده وكَرَمِه .
ونُكتةُ المسألةِ وسرُّها :
أنه لا يري ربَّه إلا مُحسِناً , ولا يرى نفسه إلا مُسيئاً أو مُفرطاً أو مُقصراً
فيرى كلَّ ما يَسرُّهُ من فضل ربه عليه وإحسانِه إليه وكل ما يسوءه من ذُنوبه وعَدلِ الله فيه .
المحبون إذا خربت منازلُ أحبائِهم قالوا سقياً لسكانها
وكذلك المحبُّ إذا أتت عليه الأعوامُ تحت التراب ذَكَرَ حينئذٍ حُسْنَ طاعتِهِ في الدنيا
وتودُّدَه إليه وتجدُّدَ رحمته وسقياه لمن كان ساكناً في تلك الأجسام البالية .
( من كتاب فوائد الفوائد لابن القيم رحمه الله الصفحة 26 )
ــــــــــــ
(1) أي أقر هذا الإنسان – الذي يريد أن يُنصِفَ نفسه – لربه , بجهل نفسه [/align]