رؤية حول مشكلة البطالة !!!
مشكلة البطالة التي تؤرق الكثير من الشباب و تؤرق الحكومات أيضاً حتى ظن البعض أنها أصبحت مستعصية على الحل و هذه مشكلة عالمية تعاني منها جميع الدول حتى الدول الغنية و المتقدمة.
و لهذه المشكلة انعكاسات سلبية على الأفراد و المجتمع و الدولة و تتسبب بشروخ و فجوات بين العاطلين و من يعولونهم و بين الحكومات و بينهم و بين أصحاب العمل و بينهم و بين العمالة الوافدة و لدراسة المشكلة و أسبابها و علاجها لا بد من معرفة أطراف القضية و هم :
- الحكومة
- أصحاب العمل
- العاطلين عن العمل من المواطنين
- العمالة الوافدة
مسؤولية كل طرف من هذه الأطراف في هذه المشكلة :
1- الحكومة :
بالتأكيد الحكومات مسئولة عن تأمين فرص عمل لمواطنيها .
إن الحكومة السعودية تتبع سياسة السوق المفتوح في اقتصادها و هذه السياسة لها سلبيات و لها إيجابيات و لكن ايجابياتها أكثر فلو اتبعت السوق المغلق لأصبحت مثل باقي الدول العربية التي تتبع هذه السياسة و من جملة هذه السلبيات هي مشكلة البطالة و لكن يمكن الإقلال من آثارها
و الحكومة السعودية تفعل كل ما بوسعها لحل هذه المشكلة و لكن هناك مرونة في تطبيق القرارات
فهناك قيود كبيرة على الاستقدام , و أغلب الوظائف الحكومية أصبحت وطنية , و هناك نسب معينة من العمالة الوطنية تفرض على أصحاب العمل , و يتم فتح المعاهد المهنية لتأهيل الراغبين في العمل , و يتم دفع جزء من راتب الموظف السعودي من صندوق التنمية , و يتم فتح مشاريع تنموية في شتى أنحاء المملكة .
2 – أصحاب العمل :
حسب السائد الآن إن العلاقة بين العمال و أصحاب العمل هي علاقة مصالح فالذي يحقق مصلحة صاحب العمل هو من يختاره سواء كان وافدا أو مواطنا أي أن الأمر منافسة , و ليس عند الكثير منهم أولويات سوى مصالحهم الشخصية و الإنصاف أن تكون الأولوية للمواطن السعودي.
و متطلبات أصحاب العمل هي :
- أن يكون المتقدم للوظيفة يحمل مؤهل ويمتلك خبرة و مهارة في مجاله و عنده رغبة في التطوير و شعور بالمسؤولية .
- أن يكون عنده قابلية للالتزام بالدوام .
- أن ينجز المهام المكلف بها في وقتها المحدد .
- أن يكون راتبه منافساً و أقل ما يمكن .
- و هناك أمر آخر يستهوي بعض أصحاب العمل و هو طأطأة الرأس من الموظف و هنا يستحضرني قول سيدنا عمر ( متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ).
3- العمالة الوطنية :
بلا شك إن العمالة الوطنية أولى بالعمل من غيرهم فهم أولى بخيرات بلادهم فالأقربون أولى بالمعروف , و من وجهة نظري خيرات هذا البلد المبارك تتسع للجميع و لكن الجشع و الأنانية و ضعف الوازع الديني و الأخلاقي تدفع البعض لتصرفات مؤذية و مضرة .
و من خلال معرفة متطلبات أصحاب العمل في هذا السوق المفتوح نستنتج المطلوب من طالبي العمل السعوديين:
- الحصول على مؤهل مناسب و إتقان مهنة معينة و محاولة تطوير أنفسهم فيها مع التحلي بالشعور بالمسؤولية .
- الالتزام بالدوام
- إنجاز المهام المطلوبة في الوقت المحدد .
- التحلي بالأمانة و المصداقية .
- القبول بالراتب المنافس مبدئياً ففي البداية لا بد من القناعة بالقليل حتى يأتي الكثير , و غالباً إذا رأى صاحب العمل جدية و مصداقية و تطور من الموظف فلن يبخل بالزيادة و حتى إن بخل فالعمل خلال هذه الفترة لها قيمة و فائدة فاكتساب الخبرة تفتح أبواب كثيرة أمام طالب العمل.
- طأطأة الرأس و هذه لا أنصح بها و أنا مع الأحرار, فما قدر لماضغيك أن يمضغاه لا بد أن يمضغاه ويحك كلها بعز و لا تأكلها بذل .
و هذه الصفة غير متوفرة في أغلب الشباب السعودي بسبب حفاظ المجتمع السعودي على قيمه و أصالته .
و للأسف قد تسيء مجموعة إلى الكل بأن لا يلتزموا بهذه الشروط فيأخذ أصحاب العمل موقفاً من العمالة الوطنية بشكل عام .
و يوجد مجال مفتوح و هو المهن الفنية العضلية مثل الميكانيكي و الكهربائي و السباك
و المبلط و ....
فصحيح إنها مجهدة و لكنها تدر ذهباً و يبتعد عنها أغلب المواطنين و تستفرد بها العمالة الوافدة و هذا المجال لو اتجه إليه الشباب لحلت جزء كبير من هذه المشكلة فهذه سنة الحياة , الناس درجات , أما أن يصبح الجميع مدراء فمن يعمل إذاً , و هذا مخالف لسنة الكون ,و هناك من يعمل بهذه المهن من أبناء الدول المتقدمة و الغنية و عندما يعمل الإنسان بمهنة يدوية و هو مقتنع بها ربما يكون أسعد من صاحب الشركة , و هذه الكف يحبها الله .
4- العمالة الوافدة :
هذه العمالة تأتي بناءاً على طلب أصحاب العمل السعوديين و لضرورة العمل لإنجاز المشاريع التنموية , و هناك قيود شديدة على استقدامهم , و غالبهم يعملون في مجال الخدمات و الأعمال العضلية , و هم يسعون وراء لقمة العيش بجهودهم و هذا حق مشروع , و بالنتيجة هم يشاركون في عملية التنمية التي يعود نفعها على ا لمواطن السعودي فالمدارس و المشافي و الطرق و المراكز التجارية و النظافة و المساكن و المصانع و .............
يستفيد منها المواطن و هي ملكه
فهذه النظرة السلبية المتطرفة تجاه العمالة الوافدة بشكل عام غير متوازنة
و لكن لا ننكر وجود مظاهر سلبية تسلكها بعض العمالة الوافدة و هي لا تدخل ضمن ما يفسره البعض صراع بين العمالة الوطنية و العمالة الوافدة و لكنها تدخل ضمن الصراع بين الخير و الشر بشكل عام .
و من جملتها و بكل وضوح محاربة الموظفين الوافدين العاملين في مؤسسة ما لموظف سعودي جديد , و هذا يعود
- من وجهة نظري - للأسباب التالية :
- غالباً المستلم للمناصب القيادية في هذه المؤسسات و الشركات غير سعوديين و هذا منذ فترة بعيدة و حصلت بينهم و بين صاحب العمل ثقة سواء كانوا أهل للثقة أم لا و غالب هؤلاء تربوا في بيئة ديكتاتورية و بالتالي يغلب عليهم طبع حب التسلط و ينتشون لطأطأة الرأس من قبل العاملين تحت إدارتهم و غالباً السعودي لا يرضى بهذا و بالتالي يتم استبعاده بأي و سيلة و هذا يطبق على السعودي و غير السعودي فالأحرار لا مكان لهم هنا .
- و هناك بعض الموظفين الوافدين لهم أعمال غير مشروعة و هم يتسترون على بعضهم لأن المصلحة مشتركة بينهم فعندما يدخل عليهم موظف سعودي يخافون أن يكشفهم فينصبون له المكائد لاستبعاده حتى لا يعكر عليهم الجو و حتى لو دخل عليهم موظف من أبناء جلدتهم و لمسوا منه وفاءاً و إخلاصاً و نزاهةً في عمله فلن يتركوه كذلك .
- و هناك بعض الموظفين السعوديين لا يقومون بواجبهم و يتعاملون بقسوة و عنجهية مع العاملين معهم و هذا يؤدي إلى استياء هؤلاء منهم و محاولة استبعادهم .
و هنا تقع مسؤولية على صاحب العمل بأن لا يصدق كل ما يقال و أن يتثبت و يتحقق مما ينقل إليه و يعرف الدوافع لمثل هذه الوشايات فالثقة المطلقة مشكلة و سوء الظن مشكلة فالوسطية في كل شيء مطلوبة .
و الخلاصة إن مسؤولية البطالة تقع على عاتق الأطراف الأربعة و ليس لطرف دون طرف
و بالتدقيق فيها نجد أنها مشكلة أخلاق و ضمير بالدرجة الأولى و الحل هو العودة للأخلاق الفاضلة
و هذا نوع من أنواع الصراع في هذه الحياة و غالباً ما يذهب في الصراع أبرياء و شرفاء و أحرار .
فالحق أن يبذل أصحاب العمل جهدهم للتعرف على هؤلاء و إنصافهم فتفريج الكربات من أفضل القربات .
والحق أن يبحث أهل الخير و الجمعيات الخيرية عن هؤلاء لمساعدتهم فمنهم من لا يمد يديه و يفضل الموت جوعاً على الوقوف بباب لئيم .
و الحق أن يتقي العاملون في مكان ما ربهم فلا يشهدوا زوراً و لا يوشوا باطلاً و لا ينصبوا مكيدة فقطع الأعناق و لا قطع الأرزاق و فضل الله يسع الجميع .