سأهديك ذاكرتي
كُن هناك في المدى
حتى تلملم لحنَ من غابوا
تجاه المستحيل من الرؤى
ليسألوك
كيف انحنت فيك المدينة وارتوى منك الندى!
كيف عشت حمّى الكلام في لججِ الصدى؟
كن هناك سيدي
راحة لوجعِ السماء!
وارم حزنك في ضريح اللازورد
إني أراك في رماد السنابل
إلى المجاز مسافر من وراء الريح
تحمل غروب شمسي وما تبقى من ردى!
سيدي...كان وجه الطفل أوسع من خارطة حصاري في المدى
كان الياسمين في جنائن وطني مولعاً
برائحة الزيت المعتقِّ والزعتر الأخضر
كان كل شيء أصغر من جرحي المتكئ
على احتضار الزيتون في الثرى!
نم في فرقدِ البنفسج طويلاً
لأصحو أنا من عشّ البحر
وأراك في يقظتي ثائراَ في صمت الحجارة
هادئاً في اشتعال الغبار
نم حيث يرقص المطر
على أنغام سنونوات كانت معك
في الشجن والكرى...
سيدي إني قد حبَوْتُ وحدي في الطريق إلى الحريق
وكنت وحدي في زنازين الغريب
حين ساقوني من المنفى إلى المنفى
إلى أقصى العذاب..
هدِّئ زحام الموت حولك
وانتفض من أنين البرتقال المستباح من اليباب!
ف تلال صمتك أورقت خلف الكروم
أمام بستان يغنّي صامتاً بدمع الغيوم
تعلوه رعشة خمرك المغروس
تحت شرياني وألف قمر وشهاب!
سيدي سأهديك ذاكرتي كي تزرع في الصباح الأمنيات
وفي وقت الحصيد ليلاً تسقي الأغنيات.
سأهديك ذاكرة أكبر من جراح الليل في صوت الحمام
لتكون ملكاً على تفاصيل الرحيل
فقد عشت المراحل والمنافي والمشانق والحصارات الطويلة
عشتَ الشتات في الخراب!
سيدي إني أراك رجلاً على سرير الطفولة
كلما اقتربت من يقظتك احترق فيَّ السّراب
إني أراك مواسم بلابل وإزهار نرجس
لتعود من خلف الحراب
فارساً لكل قصائدي
سيد الوطن في التشرد والضياع
يا سيد الحنّاء والمطر
يا لغة تشرشت في جوف ذاكرتي
أشتاق لأبجديتك في غيابك والضباب...
ذاك انزياح الصوت في رحيق الفردوس
في عقيم الورد وصراخ التراب..!
درويش...
هل احترقنا فيك وصار الرماد هوى؟
هل ماتت العصافير بعد رحلة شتاء وارتحل فيك المنتهى؟
درويش أنَّا لا محالة سنحترق في أرواحنا
ونأخذ رماد قضيتنا وبعض برتقال وزيتون يصرخ اللهب
إلى مملكة أخرى
عندما يصفق الحطب مطرطقاً مستبشراً بالفناء
بعد رقصة التعب
سيموت فينا الجسد ونعجن من رمادنا وجوهاً نرتديها
وننزع أقنعة القلق
لأنه من عاش ...يصعد الى السماء
هناك في موعدنا المؤجل نعيش الوطن بين السُّحب!
ريم الخواجا