السَّلام عَلَيكُم وَرَحمَة اللَّـه وَبَرَكَاتُـة ،،
شيخنا الفاضل قرأت لك مقال ذكرت فيه
حكم كلمة مبدع ومبدعه محتوي المقال
أنت مـُبدعــ ... ! وأنتِ مـُبدِعـهــ ...!
قال ابن القيم – رحمه الله – :
( مبدع الشيء وبديعه ) لا يصح إطلاقه إلا على الرب ، كقوله :
( بديع السماوات والأرض )
والإبداع : إيجاد المبدَع على غير مثال سَبق .
انتهى كلامه – رحمه الله – :
وقال شيخه ( أي شيخ الإسلام ابن تيمية ) – رحمه الله –
( قال عن رب العـزة سبحانه ) ::
مبدعٌ للسماوات والأرض ، والإبداع خلق الشيء على غير مثال ، بخلاف التولد الذي
يقتضي تناسب الأصل والفرع وتجانسهما ، والإبداع خلق الشيء بمشيئة الخالق وقدرته
مع استقلال الخالق به وعدم شريك له .
وقال – رحمه الله – :
وأما مبدع العالم فهو المبدع لأعيانه وأعراضه وحركاته ، فليس له نظير ، إذ هو سبحانه
ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله .
انتهى كلامه – رحمه الله –
فـ الله هو المُبدِع
وأما المخلوق فَـمُـبْـدَع ( بفتح الدّال ) .
وقد اطـّـلعتُ على كتاب ألـّـفه وجمعه مهندس إيطالي ،
يعمل في مجال الهندسة ال****ئية المعمارية ،
وقد صمم عدداً من أبنية المساجد في أوربا .
جمع فيه مؤلفه مجموعة من الصور .
وكانت تلك الصور لأشجار وأزهار وحيوانات وقواقع بحرية ... إلخ
ثم أتى بما يُـقابلها من بنايات ومناظر جمالية رسمها الإنسان أو خطـّـتها يد مهندس .
وكان من تلك الصور الأخيرة : صور لبنايات ومنها ناطحات سحاب ،
صور لمناظر جمالية ، صور لأبراج عالية ،
صور لأماكن مختلفة ... إلخ .
ولما يُجري مُقارنة ويُـناظر بين الصورتين بأن يجعل الأصل في صفحة ويُقابله بالصورة في الصفحة المقابلة
يظهر التقليد وتتبيّن المحاكاة .
فالأصل هو إبداع الباري سبحانه .
والصورة تقليد الإنسان ومحاكاته .
تعجّبت كيف أن المهندسين لا يُبدعون في شيء مما صمموه ،
وإنما يُحاكون ما يرونه في حياتهم اليومية ،
أو من عبر نافذة طائرة ، أو من خلال رحلة بريّة ... إلى غير ذلك .
فعلمت أن ذلك المهندس الإيطالي كان يستوحي أفكاره
مما أبدعه بديع السماوات والأرض سبحانه وتعالى .
وإن كان غيره أخفى ( إيحاءاته ) فهو قد أبداها وأظهرها في كتاب ضخم .
فلم يـَعُـد للإنسان دور سوى التقليد والمحاكاة .
وهناك أنواع من الطائرات قد وُضعت فكرتها نتيجة مشاهدة حركات طير أو طيرانه .
فالطائرات المروحية – مثلاً – مستمدة فكرتها من حركات وطيران ووقوع تلك الحشرة الصغيرة ذات الذيل
الطويل ، والتي تعيش في المزارع قرب المياه .
ورأيت شريطا مرئيا عن ( سلوك الإحتيال عند الحيوان ) وكان مما فيه ::
حركات واحتيال طائر ( الفريقيت ) ومنه أخذت فكرة طائرات ( الفريقيت )
فأخذوا الفكرة من ذلك الطائر
وطريقته في الطيران بل سموا تلك الطائرات باسمه
بل إن فكرة الطيران أساساً قد أُستـُـمدّت من الطير بجناحيه وذيله !
كما إن أجهزة المراقبة ( الرادار ) صُـنعت تقليدا لذلك الطائر الليلي الأعشى
( الخفاش ) وما وهبه الله
من ذبذبات ترتدّ عليه إذا اصطدمت تلك الذبذبات بأجسام صلبة .
ثم تأمل بعض الشاحنات وقد وُضِع على جنبيها قرون تراها تقليدا لقرون الاستشعار
في بعض الحشرات
حيث تتلمّس فيها وتتحسس الأشياء من حولها .
أجـِـل بطرفك وتأمل من حولك في البيوت والمصنوعات والبنايات
وغيرها تجد هذا ظاهراً في كثير
من الأحيان ترى (صنع الله الذي أتقن كل شيء)
ثم تأمل : :
(الذي خلق سبع سمـ'و' ت طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفـ'ـوت فارجع البصر هل ترى من فطور *
ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير )
ومهما أوتي البشر من قوة فلن يستطيعوا إيجاد مادة أو إبداعها على غير مثال سابق ، فغاية ما في الأمر
أن يُفرّقوا بين أجزاء المادة أو يجمعوا بين عناصر مادتين .
فالله عز وجل خلق الإنسان من طين ، وجعل هذه المادة بين أيديهم ،
فأي شيء عملوا فيها أو عملوا منها ؟؟
إن كل ما يستطيعه البشر – مهما أوتوا من عِلم –
أن يأخذوا حيوانا منويا ويؤلـّـفوا بينه وبين آخر .
أما أن يوجدوا حيوانا منويا – لا يُرى بالعين المجردة – فهم أضعف وأذلّ .
لقد تحدّى الله البشرية أن تخلق حشرة صغيرة حقيرة ..
( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباولو اجتمعوا له )
بل هم أضعف من تلك الحشرة ( وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه )
لما وهب الله لتلك الحشرة من خاصية في لعابها تقوم على تحويل المواد الممضوغة إلى مادة أخرى تختلف
بتركيبها عن المادة الأصلية .
فسبحان من خلق فأبدع ... ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون )
سبحان من خلق الأكوان من عدم **** وعمـّـها منه بالإفضال والمنـنِ
ألم تر إلى صنع الله الذي أتقن كل شيء في كِلية الإنسان ،
كيف إذا أصيب الإنسان بفشل كلوي ؟
غاية ما يستطيعون أن يفعلوه أن يأتوا له بكلية إنسان آخر .
وقبل ذلك يستطيعون تصفية الدم من شيء الشوائب
ويُحجب المريض عن كثير من الأشربة
رغم أن عملية التنقية تُعمل له مرة أو مرتين في الأسبوع .
فسبحان من ركّبها فيك على غير مثال سابق ، وجعلها تعمل ليل نهار .
( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ )
فإذا أجاد الطالب أو الطالبة في مادة أو في رسم أو تصوير أو فكرة
فلا يُقال له ( مُبدِع ) بل يُقال : إنه أجاد
وأفاد وبرز في هذا الجانب ونحوها من الكلمات .
ومثله كلمة تتكرر كثيرا ، وهي قولهم : قتل الإبداع !
((( مقال للشيخ / عبدالرحمن السحيم )))
منقول للفائدة