بسم الله الرحمن الرحيم
أحبتي أعضاء ومشرفي الرائدية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
وبعــــد :
موضوع أشغلني كثيراً لا أعرف من أين أبدأ وأين أنتهي ظاهرة انتشرت وعادة عن الصواب ابتعدت . .
ففي الأمس القريب كنا نتحدث عن مصيبة الغيبة
وما أدراك ما هي ! !
أفسدت القلــــوب . . وفرقت الجمــــــــــوع
أظهرت الخلافــات . . وحطمت الصداقــــــات
في الأمس كنّا نكتب عن الغيبة لكن غيبة من
غيبة المسلمين الأحياء . .
أما الآن فالأمر قد تطور خاصة في مجالسنا إلا من رحم الله فبغض النظر عن غيبة الأحياء البعض منا يأتي و يغتاب ويسب الأموات ظنا منه أن هذا لا بأس به . .
لأن الغيبة والسباب وما إلى ذلك في نظره أنها تتعلق بالأحياء فقط . .
أخطأ وربي نسي أن حرمة المسلم ليست مقيدة بحياته بل هي باقية في الحياة وبعد الممات
فالله سبحانه و تعالى جعل حرمة المسلم من أكبر الحُرمات ،
وأوجب صونها على المسلمين و المسلمات ، و هذا ما فهمه السلف قبل الخلف ؛
فقد روى ابن حبان و الترمذي بإسنادٍ حسن أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما نظر يوماً إلى الكعبة فقال :
( ما أعظمَكِ و أعظمَ حُرمتِكِ ! و المؤمنُ أعظم حُرْمةً مِنْكِ ) .
وفي حديث أخرجه أبو داود و ابن ماجه و صححه ابن حبان ( كسْرُ عَظْمِ المؤمن ميْتاً كَكَسرِهِ حياً )
وفي حديث آخر فيه نهي صريح عن سب الأموات روى البخاري و النسائي و أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا ) ، و قد بوَّب البخاري على هذه الحديث في الصحيح ، فقال : ( باب ما ينهى من سبِّ الأموات ) .
و هذه النصوص و غيرها تراعي حرمة المسلم دون تفريق بين حال حياته ، و ما بعد مماته ،
و يستفاد منها مجتمعة أن سبَّ المسلم على العموم كبيرة مفسّقة
وما ارتكب من ارتكب ذلك إلا والوازع الديني ضعيف عنده . .
فحتى النفس الطيبة تأبى مثل هذا العمل . .
فالميت قد أفضى لما عمل إن خيرا فخير وإن شراً فشر
ومع هذا بعضنا لا يذوق طعم الراحة
إلا في الوقوع بعرضهم وإحياء أعمالهم الخاطئة وإظهارها أمام الناس . .
وما درى لعل الله قد تجاوز عن ذاك الشخص فلربما عمل عملاً غفر الله له به . .
وأخيراً اخواني لنكن شهداء الخير في أرض الله . .
ولا نكن شهداء الشرّ وليعلم كل منا أنه محاسب على كل مايقول قال جل وعلا :
( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )
فقد روى الشيخان و غيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال حين مرت به جنازة فأثني عليها خير فقال : ( وجبت وجبت وجبت ) . ثم مر عليه بأخرى فأثني عليها شر فقال : ( وجبت وجبت وجبت ) . فقال عمر : فدى لك أبي و أمي ، مر بجنازة فأثني عليها خير فقلت : ( وجبت وجبت وجبت ) و مر بجنازة فأثني عليها شر فقلت : ( وجبت وجبت وجبت ) ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة و من أثنيتم عليه شراً وجبت له النار ، أنتم شهداء الله في الأرض ، أنتم شهداء الله في الأرض ، أنتم شهداء الله في الأرض ) .
فلنكف إخواني عن التعرض للأموات ولندعوا لهم بالرحمة والمغفرة
فلا يعلم بحالهم أحد غير الله . . نسأل الله لنا ولهم الرحمة والمغفرة . .
هذه تذكرة أحببت أن أذكر بها نفسي أولا وأذكركم بها ثانيا . .
اللهم علمنا ما ينفعنا وزدنا علما . .
وجنبنا الفاحش من القول والعمل . .
بقلم أخوكم راجي عفو ربه / عــابـــد ، ،