يتبادر للذهن عند سماع عبارة الحكومة الالكترونية ( E-Government ) قيام هذه الحكومة بجميع الاعمال الموكلة اليها عن طريق الانترنت أو الانترانيت ، وهذا مفهوم خاطئ ، لايمكن لأي حكومة في العالم ان تدير موارد بلد ما وتحول عملها بالكامل الى عمل عن طريق الانترنت .
فالحكومة الالكترونية هي بكل بساطة : الانتقال من تقديم الخدمات العامة والمعاملات من شكلها الروتيني الى الشكل الالكتروني عبر الانترنت .
ان تحول حكومة ما الى حكومة إلكترونية ينبغي ان يسبقه انتشار واسع للانترنت وان تكون نسبة مستخدمي الانترنت لا تقل عن ثلاثين بالمئة من نسبة سكان هذا البلد ، كي يكون للعملية مردود خدماتي وجدوى واقتصادية وتساهم في عملية التنمية .
وهذا لايعني بالضرورة وصول الانترنت الى بيوت هذه العدد من السكان بل يكفي ان تتوفر لهم امكانية الولوج الى الانترنت ( من مكان عملهم أو من مقاهي الانترنت أو من منازلهم ).
ان مشاكل البيروقراطية في الادارة والصعوبات التي ترافق عملية تعقيب المعاملات ، مع الانتشار الواسع للانترنت دفعا عدد من بلدان العالم الى التفكير بالتحول الى حكومات إلكترونية ، وخاصة تلك البلدان التي تطمح الى جلب الاستثمارت ورؤوس الاموال .
أكثر ما يخيف اصحاب رؤوس الاموال من الاستثمار في بلد ما هو عدم وجود قواني واضحة للاستثمار وحركة حرة لرؤوس الاموال ، والحكومة الالكترنية بالتأكيد تزيل كل لبس أو خوف ، عندما يقوم مستثمر بالاطلاع على جميع القوانين الخاصة بالاستثمار وإنهاء معاملاته في بلد ما دون ان يغادر مكتبه ويحضر الى ذلك البلد .
وبالنسبة للمواطن العادي ، توفر له الحكومة الالكترونة أمرين في غاية الاهمية هما:
الوقت والمال ، فربما تحتاج معاملة ما ثلاثة أو أربعة أيام من التنقل من دائرة الى اخرى بالاضافة الى أجور المواصلات وتعطله عن العمل خلال هذه الفترة ، على العكس من ذلك عند تعامله مع حكومة ألكترونية يكفيه عشر دقائق من العمل على الانترنت لإنهاء معاملته .
ومن هنا ينبع دور الحكومة الالكترونية في تنمية المجتمع ، فتأمين الخدمات للمواطن بأسهل السبل يجعل تركيزه على عمله أكثر، و لايفني جزء من عمره في تعقب المعاملات ، كما يقضي هذا التحول على الروتين القاتل لموظف الحكومة وخاصة أولائك الذين يعملون بتماس مباشر مع الجمهور ، كما يحد بشكل كبير من عملية الرشوة، ان لم نقل يقضي عليها بشكل نهائي.
والتحول لحكومة ألكترونية يتطلب مبالغ طائلة ، من بناء بنوك للمعلومات الى بنية تحتية مطورة للشبكات بالاضافة لإعادة تأهيل العاملين ، كل هذا يكون دون جدوى اذا لم يتحول المجتمع قبل هذا الى مجتمع معلوماتي .
ولذلك نرى عدد كبير من بلدان العالم لم تتحول الى حكومات إلكترونية بعد وتنتظر نتائج تجارب الدول الاخرى التي سارعت الى التحول لحكومات الكترونية كما تنتظر التحول التدريجي للمجتمع الى مجتمع رقمي.
وربما التجربة التي قامت بها الحكومة المصرية مفيدة حيث تقوم عملية التحول على مرحلتين: المرحلى الاولى هي تحديد الخدمات ( الخدمات التي تقدمها كل جهة في الدولة – الاوراق الضرورية لأداء هذه الخدمة أو اتمام المعاملة – وضع الاستمارات في خدمة المواطن – تحديد تكلفة كل خدمة – تحديد المدة اللازمة لأنهاء المعاملة- مكان نقديم الاوراء وتنفيذ الخدمة )
بالاضافة الى الخدمة الصوتية عن طريق الهاتف لمن لايمتلك انترنت أو لا يستطيع الولوج الى الانترنت وكذلك فئة الأميين .
المرحلة الثانية والتي لم تنتهي بعد : وهي مرحلة اتمتة المؤسسات وبناء بنوك معلومات وطنية وتمكين المواطن من الدفع الالكتروني .
ويبدو الأمر أكثر تطوراً بالنسبة لحكومة دبي الالكترونية فقد خطت خطوات كبيرة في هذا المجال ، فعدد كبير من المعاملات يمكنك القيام به دون ان تغادر كرسي مكتبك وتقوم بدفع الرسوم وكل ما تحتاج معاملة ما من استمارات وطوابع وغيرها.
فالنسبة العالية لمستخدمي الانترنت في هذه الامارة وكذلك صغر حجمها وكونها مركز تجاري عالمي وتفعيل الدرهم الالكتروني، كل هذا ساهم في تسريع عملية التحول الى حكومة ألكترونية.
والاهم من هذا وذاك سد الفجوة الخاصة بالتشريعات وصدور القانون الخاص بالتوقيع الالكتروني والتبادلات التجارية الالكترونية والدرهم الالكتروني .
فالعملية هي وحدة متكاملة ، لايمكن اجاد حكومة ألكترونية بدون وجود تشريعات تحكم هذه العملية ، كما لايمكن لحكومة ألكترونية ان تمارس عملها بدون اعتراف قانوني بالتوقيع الالكتروني ، اضف الى ذلك العملة الالكترونية فدفع رسوم معاملة تنفذ عن طريق الانترنت يجب ان يتم عن طريق الانترنت أيضاً.
وعند النظر الى الاولويات ، فهل نحن بحاجة الى حكومة ألكترونية قبل الجامعة الافتراضية أم للتجارة الالكترنية قبل الحكومة الالكترونية ؟
ربما نحن بحاجة الى الفرد الذي يمتلك حاسب شخصي واشتراك انترنت قبل كل شئ
شكرا