[align=center]
الجزء الثاني
مرت فترة على الحوار الذي دار بيني وبين سارة..
وفي أحد الأيام عندما ذهبت لأخذها من المدرسة فاجأتني بمجيئها مع جواهر.. ركبتا السيارة وقالت:
والدة جواهر مريضة وتريدك أن توصلها إلى المنزل..
لم أجب.. بل توجهت بنظري إلى جواهر الجالسة في الخلف فلم تعلق بل أنزلت رأسها إلى الأرض.. هل أنت متأكدة من ذلك؟
ردت سارة نعم.. عدت ببصري إلى الوراء.. لا أدري مالذي جذبني إليها.. عيناها.. وجنتيها.. كل شيء فيها جميل.. ضحكت في نفسي على قول سارة بأنها تشبهني.. هناك فرق كبير.. شغلت سيارتي وسألتها عن طريق منزلهم، دلتني على الطريق إلى أن وصلنا.. نزلت قبلها وفتحت لها باب السيارة.. وعندما نزلت أمسكت بيدي
أحسست بقشعريرة تسري في جسدي..
كانت عيناها تنظر إلي برجاء.. وكأنها تود البوح بشيء..
نزلت إلى مستواها أحثها على الكلام.. بينما أذهلني جمود سارة في السيارة دون أن تتفوه بأي كلمة.. اقتربت منها وأنا أتحدث بصوت أقرب إلى الهمس.. مابك صغيرتي؟..
قالت كلمتها وكأني صُفعت على وجهي قالت: (أحمد أنا أحبك)
جمدت في مكاني.. ماذا قلت صغيرتي؟
أجابت: ألا يحق لي ذلك ألست أخي؟!
ومن قال ذلك؟!
أمي..
أمك قالت بأن أحمد أخوك..؟؟!!
تلعثمت ولم تستطع الرد فدخلت مسرعة إلى المنزل وأغلقت الباب خلفها..!!
*********
عدت إلى المنزل وأنا أفكر فيما قالت.. هل من المعقول أن تكون أختي كيف..؟؟ ولم لم يخبرني أحد؟؟ ومنذ متى؟؟
دخلت غرفتي واستلقيت على السرير وسرعان ما خلدت للنوم..
مرت الأيام على هذا الحدث.. كنت قد نسيته أو بالأحرى تناسيته..
سارة نجحت من الصف الثالث بامتياز وأصرت على أمي أن تعمل لها حفلة نجاح لتدعو صديقاتها في الصف.. وبعد إلحاح وافقت أمي.. وبدأت الشروط.. أريد وأريد وأريد.. وكل هذا غير مهم.. إذاً ما المهم بربك إذا لم يكن هذا غير مهم.. أريد أن أشتري فستانان للحفلة.. ولم هذان الفستانان؟!..
لي ولجواهر ..
غضبت أمي.. جواهر.. جواهر.. هل يمكن أن تسير حياتنا بدون ذكرها..
استغربت من رد أمي.. لكني لذت بالصمت، أما سارتي فقد تغيرت ملامحها واغرورقت عيناها بالدموع وذهبت إلى غرفتها وهي تبكي.. لابد أن في الموضوع سر ولابد أن أعرفه!!.. لماذا كل هذه العصبية أماه, طفلة وتريد أن تفرح وتُفرح صديقتها ماذا في الأمر؟
أجابت بغضب فلتفرح بعيداً عنا.. فلا دخل لنا بالغرباء..
لم أرد, بل توجهت إلى سارة محاولاً مواساتها.. بمجرد دخولي أخفت شيئاً كان في يدها.. حتى هذه الصغيرة لديها أسرارها التي لاتريد لأحد الاطلاع عليها..!!
لم أسألها عما أخفت ولكن سألتها عن جواهر ولم كل هذا الاهتمام بها؟!
نظرت إلي وقالت؛ ألا تذكر السر الذي أخبرتك به..
سر!!!
عما تتحدثين؟!..
نظرت إلي مما أدى إلى إطراقي.. أحياناً أخاف من نظراتها..
اقتربت مني وهمست.. ألم أقل لك أن جواهر أختي وأنا أحبها جداً..
سكت قليلاً وأنا أتذكر ذلك.. هي تحبك لأنك صديقتها..
بل أختها.. ألا تفهم؟
بلا.. بلا.. أفهم وسأذهب عصراً لأشتري لكي ما تريدين.. ولكن بشرط..؟؟
ابتسمت بفرح.. موافقة..!!
دون أن تعرفي ماهو الشرط؟
دون أن أعرف..
ولكن..!! ما هو شرطك؟
شرطي ألاّ تعلم والدتي أني اشتريت الفستان لها
من هي..؟
عدت لتسألي.. من غيرها.. أختك الآنسة جواهر..
ابتسمت بمكر وقالت: أختك أيضاً..!!
جاءت إلي والدتي ويبدو عليها الإنهاك جلياً.. أعطتني قائمة بمتطلبات الحفلة..
ولم كل هذه الأشياء ماهي إلا حفلة صغيرة وتنتهي.. أجابت بصوت منهك.. لايهم.. المهم هو فرح سارة.. لا أدري هل سأعمل لها حفلة أخرى أم لا..
المهم.. اذهب بسرعة ولا تتأخر فلدي الكثير من العمل..
أخذت القائمة وخرجت من عندها لأحضر ما طلبت..
********
انتهت الحفلة على خير..
كانت رائعة جداً ؛ سرت بها سارة وصديقاتها.. شد انتباهي اختفاء أمي طوال الحفلة.. فلم أرها..!! ياترى هل أغضبها شيء.. لا لا..
كان يبدو عليها بعض الإرهاق من كثرة العمل..
وأنا في غمرة تفكيري قطعت سارة سكوني..
أحمد.. تعال لنرى ما أحضرن لي صديقاتي من الهدايا..
هززت رأسي ثم قلت: في البداية يجب أن نذهب إلى أمي ونشكرها على ما قدمت.. ثم نريها الهدايا.. حملتها على ظهري كالعادة واتجهنا حيث غرفة أمي.. طرقت الباب.. مرة.. مرتين ثلاثاً.. لامجيب..!! ازداد طرقي للباب.. لا جواب..
أنزلت سارة من على كتفي وفتحت الباب.. وجدتها ممددة على السرير.. تبدو نائمة.. ملامحها هادئة جداً.. اقتربت منها لأتأكد من أنها بخير.. فلم يكن شكلها في الصباح يومئ بذلك.. قربت فمي من أذنها وهمست: أمي.. سارة تريد أن تقول لك شكراً على ما فعلته وتريك هداياها.. أمسكت سارة بطرف ثوبي..
أحمد انظر إلى يد أمي..
التفت بسرعة إلى حيث أشارت فماذا رأيت؟؟!! لقد كانت رافعة إصبع السبابة.. إذن ماتت..!!
خرجت هذه الكلمة لا شعورياً مني.. ازداد تمسك سارة بثوبي..
ماذا تقول أحمد؟
أمي لم تمت.. لم تمت..
اقتربت سارة من أمي.. أمي أنا سارتك الصغيرة أرجوك ردي علي..
أعدك بأني لا أتعبك مرة أخرى.. أعدك بأن لا أذكر اسم جواهر مرة أخرى.. لاتتركيني وحدي.. أرجوك أمي..
لم استطع أن أتمالك نفسي.. أخذت أسحبها حتى لاتؤذي نفسها..
ازداد تشبثها بأمي وعلا صراخها..لا.. لالالالالالا
أمي لم تمت.. أرجوك.. أمي.. قومي.. قومي أثبتي له ذلك.. أحمد لايحبك لذا يقول بأنك قد رحلت.. هيا هيا أمي.. أرجوك..........
[/align]