18 فبراير 2010 - مجلة الإيكونومست
ظهرت خلال العامين الماضيين، سلوكيات وتعاملات مصرفية كثيرة غير مرغوب فيها بالنسبة إلى المؤسسات المالية حول العالم، لكن الأكثر غرابة على الإطلاق ، ما تم الكشف عنه بالوثائق في نيويورك، من قبل إحدى أعرق المجموعات التجارية في السعودية، شركة «أحمد حمد القصيبي وأخوانه»، المعروفة اختصاراً بـ«أهاب».
عائلة القصيبي متجذرة تاريخياً في مجالات التجارة والزراعة وصيد اللؤلؤ. وعلى مر السنين، توسعت أنشطتها وتشعبت لتشمل الملاحة، والعقارات، والتمويل وغيرها من الأنشطة. وقد أنشئ فرعها العامل في مجال الصرافة في العام 1981م، بهدف تحويل وتبديل العملات للعمالة الأجنبية الموجودة في المملكة. وقد أسست المجموعة أيضاً مصرفاً في البحرين في العام 2002، هو «المؤسسة المصرفية العالمية».
بدأت متاعب المجموعة تظهر إلى السطح في مايو من العام 2009، بعد تعثر «المؤسسة المصرفية العالمية» ونشاط الصرافة من دون اي مقدمات، وذلك عندما قدم رد دعوى قضائية في نيويورك، و قد قدمت المجموعة على أثرها تفسيراً مذهلاً لمحنتها. وادعى محاموها بأنها كانت «ضحية لأكبر عملية احتيال في التاريخ».
تدعي المجموعة من خلال وثائق المحكمة، بأن الاحتيال دُبر وخُطط له من قبل الملياردير السعودي -الكويتي المولد - معن الصانع. والسيد الصانع هو رئيس «مجموعة سعد» ذات الاستثمارات البارزه، والتي صنفت في وقت لاحق بين المجموعات الضخمة بامتلاكها أصولاً عالمية تزيد قيمتها على 30 مليار دولار، من بينها ثاني أكبر حصة في بنك «أتش أس بي سي» (hsbc). كما إن الصانع متزوج من إحدى نساء عائلة القصيبي، هي ابنة أحد مؤسيسي شركة القصيبي.
وفي الأوراق المقدمة إلى المحكمة العليا في نيويورك هذا الشهر، كشف القصيبي النقاب عن تحقيق سري قامت به «إيرنست آند يونج» وقدمته إلى مصرف البحرين المركزي في يوليو الماضي. ووفقا للنتائج التي توصلت إليها «إيرنست آند يونج»، فإن «المؤسسة المصرفية العالمية» كانت بمثابة بنك لم يحضر رئيس مجلس إدارته ولا الأعضاء التنفيذيون، أي اجتماع لمجلس الإدارة على الإطلاق (على الرغم من أن محاضر الاجتماعات تضمنت تواقيعهم). كما أن موظفيه، لم يلتقوا أو يقابلوا المقترضين المفترضين، في حين قدم البنك قروضاً تمت إعادة جدولتها وزيادتها لأشخاص، أنكروا إنكاراً قاطعاً الحصول عليها، حسب ما يفيد التقرير.
لقد وجدت «إيرنست آند يونج» أن جهاز الكمبيوتر الخاص بالسيد ستيوارت، المسؤول الأول عن «المؤسسة المصرفية العالمية» حتى وقت إعلان التعثر، كان «مخترقاً» ويمكن الدخول إليه عن بعد، علماً أن عمليات الدفع الإلكتروني، كانت تتطلب أن يقوم السيد ستيوارت بتسجيل دخوله أولاً على الكمبيوتر، ثم يمنح التفويض اللازم لإتمام هذه العمليات. وحسب «إيرنست آند يونج»، فإن عمليات التفويض كانت تجري من خارج دولة البحرين).
عمليات الخداع لم تكن محصورة في عالم التكنولوجيا الرقمية وحدها. فهناك مزاعم بأن الرئيس السابق للبنك، سليمان القصيبي قام بتوقيع التقرير السنوي للبنك في 21 فبراير 2009 مع أنه وفي الوقت نفسه كان ممدداً على الفراش في قسم العناية المركزة في زيورخ. كما أورد المحققون أيضاً تقريراً من الخبيرة الجنائية أودلي جايلز، التي قامت بدراسة الوثائق المقدمة من القصيبي وتعرفت إلى أكثر من 200 توقيع مزور. وعلمت الإيكونومست» أن التواقيع كانت في أحيان كثيرة عبارة عن نسخ مطبوعة، تمت إعادة الكتابة عليها بقلم حبر بارز.
وأيضاً، وجد المحققون أن المقترضين السعوديين لما مجموعه 2.2 مليار دولار من «المؤسسة المصرفية العالمية» كما في دفتر القروض، لم يكونوا حقيقيين. ولم يتفاعل موظفو «المؤسسة المصرفية العالمية» معهم وبشكل مباشر على الإطلاق. وقد كتب المحققون أن خطابات التعريف من بنوك المقترضين «قد تكون مزورة».
ويحاول التقرير بطبيعة الحال أن يتحرى عن الشخصية التي كانت مسؤولة عن نشاطات المؤسسة المصرفية الدولية . وفي هذاالصدد يذكر السيد ستيوارت، المدير التنفيذي للمؤسسة، للمحققين "أن القرارات الرئيسية ونشاطاته اليومية كانت تجري بتوجيه من السيد الصانع ."ويقول التقرير أيضا أن المذكرات الموجهة إلى اللجنة التنفيذية للمؤسسة المصرفية الدولية والتي كانت تسعى للحصول على توقيع رئيس مجلس الإدارة كانت توجه إلى السيد الصانع.
في اليوم الذي تلقت فيه السلطات البحرينية تقرير «إيرنست آند يونج»، أمرت بوضع «المؤسسة المصرفية العالمية» تحت الوصاية. وقد صرح محافظ البنك المركزي البحريني في نوفمبر بأن «الوضع القانوني سيكون بحالة من الفوضى». وأعرب عن اعتقاده بأنه «تم احتواء الأزمة» ،وإذا كانت إدعاءات القصيبي صحيحة، فالقضية تقترح منطق طبيعي.: «لا تدع زوج ابنتك يقود سيارة عائلتك».