فلسفة سقراط:
تدور فلسفة سقراط حول موضوع واحد هو الإنسان، وإذا ما تناولـت الكـون الطبيعي وموجوداته الحسية وظواهره؛ فإنما لكونها مركز الإنسان وبيئته، ومكان نشأته ونموه، ويمكن القول بأن الأساسين الكبيرين لكل آرائه هما:
1- اعتقاده بوجود الحقيقة، وبإمكان معرفتها.
2- ربطه العمل بالعلم، أي جعله المعرفة أساسًا للسلوك.
والذي يهمنا من فلسفة سقراط أمران، وهما اللذان يمثلان الصورة المتباينة عن فلسفة السوفسطائيين[1]:
الأول: تحديده لمنهج المعرفة لما يترتب عليه من تحول كبيـر فـي موضـوع الفلسـفة ومنهجها في تاريخ الفكر اليوناني.
الثاني: تحديده لمفهوم الفضيلة لما يترتب عليها من وجهة نظره الأخلاقية.
أولًا: المعرفة:
كان السوفسطائيون يرون أن المعرفة مقصورة على الإحسـاس، وهـي لـذلك تختلف باختلاف الأشخاص، فما يراه الشخص حقًا فهو عنده حـق، وإن رآه الآخـرون بخلافه، لأن الإحساسات تختلف باختلاف الناس.
فلما جاء سقراط أنكر قولهم في المعرفة، وأثبت أن العلم إنما هو في المدركات العقلية، وأن المعرفة تتكون من حقائق كلية، يستخلصـها العقـل لا الحـواس مـن الجزئيات المتغيرة، ولما كان العقل عنصًرا مشتركاً؛ لزم أن تكون الحقيقة عنـد شـخص معين هي نفسها الحقيقة عند شخص آخر، وهكذا.
ثانيًا: الفضيلة:
قال سقراط أن الفضيلة أمر بديهي في أساس تكوين الإنسان، لكن الإنسان حين يخطـيء معاينة الفضيلة يظن الباطل حقًا والشر فضيلة؛ لهذا فإن الحقيقة التي يراها سقراط أنه على الناس إعادة فحص ما هم متيقنون من معرفته.
وذهب سـقراط إلـى الربط بين الفضيلة والمعرفة، فالإنسان الذي يرغب أن يكون فاضلًا فلا بـد أن يكـون عارفًا، وبمقدار ما يتحصل المرء من المعرفة؛ معرفة عن نفسه وما تشتمل عليـه مـن مَلَكات وقوى، ومعرفة عن الكون؛ بمقدار ما يكون المرء فاضلًا.
وذلك لأن معرفة الخير ستدفع إلى فعله، ومعرفة الشر تحض المرء على تركه، والإنسان يبتعد عن فعل الخير ويسـلك الشر لأنه جاهل بالخير والشر.
ويرى سقراط أن الإنسان روح وعقل يُسيِّر الجسم ويدبره، ولـيس مركبـًا مـن الهوى والشهوة كما ذهب السوفسطائيون، وذهب إلى أن القوانين العادلة لا مصدر لها إلا العقل، وهي متفقة مع القوانين غير المكتوبة التي رسمتها الآلهة في قلوب البشر، فمـن يحترم القوانين العادلة إنما هو في الواقع يحترم العقل والنظام الإلهي.
بحثه فيما وراء الطبيعة:
بحث سقراط فيما وراء الطبيعة، فذهب إلى أن النفس ليست مجرد مبدأ الحيـاة، بل هي أهم من ذلك، هي" الذات الأخلاقية"، وقال بخلود النفس، وأقام الأدلة على وجـود الإله، وهو في نظره إله خير لا يدركه العقل، ولا يحيط به الوصف، ولا يصـدر عنه إلا كل صلاح، ولا يشبه الحوادث في قول أو فعل، وأنه واحد لا يتغير ولا يتبدل، والواجب على الإنسان أن يطيع أوامره مهما كلفه من مشقة وتعب[2].
وكان سقراط يتحدث كثيرًا عن "الإله "المفرد أو عن الألوهية، مخالفًا ما يتحـدث به الآخرون بلفظ الجمع" الآلهة"، وكان ينهى عن عبادة الأصنام، وشدد في نهيـه علـى الملك، وقال له: ( إن عبادة الأصنام نافعة للملك ضارة لسقراط، لأن الملك يصلح بها رعيته ويستخرج بها خراجه، وسقراط يعلم أنها لا تضره، ولا تنفعه، إذا كان مُقرًّا بأن له خالقًا يرزقه، وجازيه بما قدم من سيئ أو حسن )[3].
تمثال نصفي لسقراط في متحف باليرمو الأثري
منهجه في البحث والتفكير:
ابتدع سقراط منهجًا جديدًا في التفكير والمحاورة يقوم على أمرين:
-1 التهكم: بناه على تصنُّع الجهـل، والتظـاهر بالتسـليم لوجهـة نظـر الخصوم، ثم الانتقال إلى إثارة الشكوك حولها، ثم يستخلص من آراء الخصوم لوازم لا يستطيعون الالتزام بها، لكونها متناقضة مع آرائهم ومعتقداتهم، وبذلك يوقعهم فـي الحرج والتناقض، وكان قصد سقراط من هذا تنقية أذهان النـاس مـن المعلومـات الفاسدة، وتطهيرها من القضايا الكاذبة والمعارف الخاطئـة التـي ورثوهـا عـن السوفسطائيين.
-2التولد: أي تولد الحقيقة من نفوس الخصوم، من خلال استنباطها عن طريق توجيـه الأسئلة إليهم في نسق منطقي وترتيب فكري، ولم يكن حـواره ينتهـي إلـى نتيجـة معينة، وإنما كان القصد منه تنبيه الأذهان إلى ضرورة التزام الدقة في اختيـار الألفـاظ، وإلى أن المعاني موجودة في النفس، ولا سبيل إلى استخراجها إلا بالحوار.
ودمتم بخير
وهذا الموووضوع بنآآآءً على
رغبة من طلب موضوع عن سقراط ..
واتمنى اني وفقت بالنقل ..