1
عالم الأفكار.. بين الظلامية والتنوير
ظل عالم الأفكار مرتكزاً أساسياً لأي انطلاقة حضارية في تاريخنا الإنساني الطويل فهو الحاكم والملهم لعالم السلوك والعلاقات والمشاريع.
صعوده وفاعليته وتوقده تعني صعود كل شيء، وضعفه أو انحساره أو انغلاقه أو تسطيحه تعني تأثر كل ما سبق بهذا السياق العام.
ومن هنا تبرز لنا أهمية الأفكار التي هي منصة تنطلق منها الشعوب والأمم في مشاريعها الحياتية المتنوعة، ويستمد منها الناس إطار حياتهم سواء كان سعادة أو شقاء، نجاحا أو فشلا، رقيا أو تخلفا، في المقابل يوحي لنا ذلك بأهمية وضرورة وجود قراءة متجردة لهذا العالم وما يحوي من مواطن ضعف أو مواطن قوة؛ فهو أساس أي بنيان وعنوان أي مبادرة أو مشروع أو عمل.
وعندما نتناول الكثير من المشاريع التي غيرت وجه العالم في الأقطار المختلفة والعصور السالفة سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع أو المشروع الذاتي الإنساني الشخصي سوف نجد خلفها فكرة مركزية حاكمة وملهمة، في ذات الوقت يطوف حولها الكثير من الجهد، وتدفع بشكل حيوي ومتفاعل في اتجاه له رؤية مستقبلية واضحة معروفة الأثر وواضحة التأثير.
وفي الوقت نفسه عندما نجد الرسائل التي حملها الأنبياء والرسل عليهم السلام عبر التاريخ فهي كذلك حيث تجدها تحوم حول فكرة إفراد العبادة لله ثم الخلاص من أي ممارسة أفرزها الانحراف السابق للبشرية على جميع مفردات الحياة، وهو ما يسمى بمصطلح الجاهلية، وهو مصطلح يوحي بالضياع والتخبط والتيه.
ومن هنا نستمد ونستلهم أن أي تحول في السلوك أو تطور في الممارسة يسبقه تحول في الفكر والمعتقد والقناعات، وهذا جعل الكثير من المهمومين في صلاح الفرد والجماعة أو نهضة الشعوب والأوطان يتعمقون في الأطروحة الفكرية ويحرصون على تفكيكها وتأمل مواطن القوة والضعف والرشاد والتخبط، بل جعلوا منها كائناً متفاعلاً مع محيطه يميز بين العلم والخرافة والحقيقة والانطباع والحق والهوى.
وهذه التأملات أفرزت حالة من الوصول إلى نتائج مختلفة وتوصيات كثيرة تركز على الخلاص والتغيير وإصلاح الواقع والانتقال إلى أفق أرحب وأعمق يفرز واقعاً أفضل ونتائج ذات جدوى قابلة للتطبيق والتفاعل، بالإضافة إلى كونها قابلة للنقد والتصويب والمراجعة كما هي أي تجربة بشرية تتعلم من أخطائها وعثراتها.
ومن هنا أرصد حالة من الرشد بدأت تتخلق في محيطنا العربي والإسلامي؛ حيث عشنا فترة سابقة غلب عليها طرح أسئلة ال