فراجع نفسك يا أبا الحسن فان أصولك الاستدلالية متوافق بعض الشيء مع أصول الفلاسفة و القرامطة و العقلانية الضالة و أنت لا تدري .
ألم تسمع يا أبا الحسن قول معاذ بن معاذ ليحيى بن سعيد : \" يا أبا سعيد ، الرجل و ان كتم رأيه ، لم يخف ذاك في ابنه ، ولا صديقه ، و لا في جليسه \" ( الإبانة . فهل تراه يشترط اليقين في أنهم أهل أهواء ؟؟ !! أم مجرد الظن مع وجود القرائن .
ألم تسمع قول محمد بن عبيد الله الغلابي : \" يتكاتم أهل الأهواء كل شيء الا التآلف و الصحبة \" ( الإبانة .
فهل هذا عمل بالظن أم باليقين ؟!!.
ألم تسمع فقيه هذا الزمان العلامة الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى و هو يقول : \" و هجران أهل البدع واجب \" ( شرح لمعة الاعتقاد ص 110 .
فهل كان يشترط معرفة كل صاحب بدعة بالدليل القطعي اليقيني المتواتر ، أم مجرد خبر العدل الثقة و هو لا يفيد إلا الظن ، و هو أمارة و علامة على بدعية الرجل .
ألم تسمع قول العلامة اليماني الأصولي العبادي في نظمه :
و يستفـاد الظـن بالأمارة و العلـم بالدلائـل المختارة
و معنى البيت : أن الأحكام الظنية تستفاد من الأمارات و القرائن ،كالمجالسة و الدفاع عن رأي أو شخص و بخبر الآحاد ، وهي تقبل المعارضة بمثلها و بما هو أقوى منها ، خلافا لأحكام اليقين .
إن قياسك الظن على اليقين ، و إعطاء الظن أحكام اليقين من أبطل القياس ، ومن لوازم طرده إلغاء أكثر الأحكام الشرعية ، و عدم العمل و الثقة بأخبار الآحاد ، و القاعدة : أن من أكبر الأدلة على فساد قول فساد لازمه ، و ما زال العلماء سلفا و خلفا يستدلون على فساد قول بفساد لازمه ، فلذلك اتفقوا على أن لازم قول الله ورسوله حق و صواب ، فتدبر هذا جيدا
أبو الحسن يتناقض في دقائق معدودات
قال أبو الحسن : \" ما أقر النبي صلى الله عليه و سلم أسامة على تجاوز المعالم و الثوابت و تجاوز الأصول و الدخول في الضمائر \" ( الفهم الصحيح
ثم قال بعد ذلك بقليل : \" من تكلم عمن يذب عن حديث النبي صلى الله عليه و سلم فهو ممن يحب أن يخلو له الجو ليكذب و يفتري \" ( الفهم الصحيح .
و هذا كلام في الضمائر بمجرد الظن ، فهو ينتقد أسامة رضي الله عنه فيما وقع فيه هو ، و هذا تناقض عجيب ؟!!! .
ثم قال أبو الحسن بعد قليل : \" وان تكلم فيه بباطل يرد قوله ، و ننظر هذا الباطل ، هل منشؤه حظوظ النفس فيعاقب بما يستحق \" ( الفهم الصحيح
و هذا كلام في الضمائر ، إذ كيف يعرف أن القول صادر لحظ النفس إلا بالحكم على الضمائر ، و من أصول أبي الحسن أنه لا يحكم على ضمائر الناس ، و إنما على ظاهر حالهم !!! ، و الآن هو يتناقض و يقع في حيص بيص ، و يخبط خبط عشواء في دقائق معدودات .
و السر في تناقضه أنه يعلم في قرارة نفسه جواز الحكم على الضمائر أحيانا لدليل يوجب ذلك ، ولكنه في قصة أسامة رضي الله عنه حرم الدخول في الضمائر ليمنع أتباع الأثر من الحكم على الناس بالبدعة بالدليل الظني ، فوقع فيما نهى عنه و حذر منه في دقائق معدودات .
أبو الحسن يخلط بين الظاهر و اليقين و أحكامهما