عاقبة من خالف أمر الله ورسوله
قال تعالى :(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النور: من الآية63)
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره) أي أمر رسول الله r . وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته . فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائناً من كان .....إلى آخر ما قال رحمه الله .
قال تعالى :(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:115)
قال تعالى :(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (الفرقان:27)
يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول r وما جاء به من عند الله من الحق المبين الذي لا مرية فيه ، وسلك طريقاً أخرى غير سبيل الرسول ، فإذا كان يوم القيامة ندم حيث لا ينفعه الندم ، وعض على يديه حسرة وأسفاً . قاله ابن كثير رحمه الله.
ثم إن الله جل ذكره أخبرنا عن أهل النار- إذا هم دخلوها – كيف يتأسفون ويتحسرون على ترك طاعتهم لله عزَّ وجلَّ ولرسوله إذ لم يطيعوا الله ورسوله ، يوم كانوا في الحياة الدنيا ميسراً لهم طاعة الله ورسوله ، فندموا حيث لم ينفعهم الندم وأسفوا حيث لم ينفعهم الأسف .[ من كلام الإمام الآجري في الشريعة ص 411].
قال الله تعالى :(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا) (الأحزاب:66) وقال r : [ كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ] قيل : ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال : [ من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ]. وقال r : [ كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول : يا فلان ، عملت البارحة كذا وكذا ،وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه]. ومن المجاهرة حلق اللحية والخروج بدونها والاستخفاف بأوامر الله بدون خجل من معصيته أمام الناس . قال ابن بطال رحمه الله : [ في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين ، وفيه ضرب من العناد لهم ، وفي التستر بها السلامة من الاستخفاف ؛ لأن المعاصي تذل فاعلها ، ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ، ومن التعزير إن لم توجب حداً ، وإذا تمحض حق الله ، فهو أكرم الأكرمين ، ورحمته سبقت غضبه ، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة ، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك ][ انظر: فتح الباري (10/487)].
فهل بعد ذلك أخي الحبيب جهر بمعصية واستخفاف بدين الله ، هو يأمرك وأنت تعصيه ، وياليتك تُقر أنها معصية ولكنك تنكر وتأخذك العزة بالإثم وتسمع كلام المتفلسفة في دين الله ليخففوا ويحللوا لك عصيان الله على قلبك .
ونسيت سنة رسول الله r الذي أمرك بهذا فاسمع كيف كانت لحيته r ، روى النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: [ كان رسول الله r كث اللحية تملأ صدره ] رواه البخاري رقم ( 3344).
فأين الذي يقولون نحن نحب رسول الله r ويقسموا على ذلك : [ قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون ][ سورة النور ، آية : 53].ولقد صدق رسول الله r عندما أخبرنا أن شباب الإسلام ورجاله سيتبعون أهل الكفر والمجون والضلالة في أعمالهم خطوة بخطوة . روى البخاري حديث رقم (7319) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال : [ لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراَ بشبر وذراعاً بذراع ] فقيل : يا رسول الله ، كفارس والروم ؟ فقال : [ ومن الناس إلا أولئك ].
إذاً ما هو حكم حلق اللحى ؟ وهل من حلقها كان مخالفاً لأمر الله ورسوله؟
إليك أخي الكريم أمره صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية والأحاديث الدالة على ذلك ، والرد على بعض أقوال المتفلسفة ، والذين يحاولون دائماً يقللوا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم :
روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر قول رسول الله r :[ خالفوا المجوس ؛ احفوا الشوارب وأوفوا اللحى]. وفي رواية : [ انهكوا الشوارب وأعفوا اللحى ].
وفي رواية :[ خالفوا المشركين ، احفوا الشوارب وأوفوا اللحى ]. وفي رواية مسلم :[ جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس ].
شبهة
فإن قال قائل :[ إن المشركين منهم من لا يحلق لحيته ومن باب المخالفة أن أحلقها أنا حتى أخالفهم ؛ نقول لهؤلاء : أما إعفاء لحاهم فهو من بقايا الدين الذي ورثوه عن إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كما ورثوا عنه الختان أيضاً فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى :(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ )(البقرة: من الآية124)قال : هي خصال الفطرة . وهذا يرشدنا إلى أصل مهم وهو أن مخالفة المشركين تارة تكون في أصل الحكم وتارة في وصف الحكم ، فمثلاً : إذا كانوا يستأصلون لحاهم وشواربهم خالفناهم في أصل ذلك الفعل بإعفاء اللحى وقص الشارب . وإن كانوا يوفرون لحاهم وشواربهم وافقناهم في أصل إعفاء اللحى وخالفناهم في صفة توفير الشوارب بقصها ].[ من كتاب ( أدلة تحريم حلق اللحيةللشيخ محمد بن إسماعيل ،ص(33)].
وإذا كانوا يخرجون الحائض من بيوتهم ولا يؤاكلونها ولا يجامعونها ، خالفناهم في الأصل ، بأن نجالسهن في البيوت ونأكل ونشرب معهن ولنا فيهن كل شئ ، ووافقناهم في عدم النكاح فقط إلا من فوق الإزار كما ثبت ذلك عن النبي r قال:[ اصنعوا كل شئ إلا النكاح]، فهل يقول قائل : هيا نجامع النساء في حيضهم حتى
وروى البخاري حديث رقم (7320 )عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي r قال : لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً حتى لو دخلو جحر ضب تبعتموهم ]، قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : ( فمن).
3- حلق اللحية تشبه بالنساء :
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ( سبحان من زين الرجال باللحى والنساء بالذوائب ). وقال الشيخ الألباني حفظه الله : [ ولا يخفى أن في حلق الرجل لحيته التي ميزه الله بها على المرأة – أكبر تشبه بها ].
ونختم القول بكلام الشيخ الألباني رحمه الله قـــــــــــال : [ ومما لا ريب فيه عند من سلمت فطرته وحسنت طويَّته أن كل دليل من هذه الأدلة كاف لإثبات وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها ، فكيف بها مجتمعة ].
هذا وأسأل الله العلي القدير أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنابه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم .