يوم من الماضي

[بسمه]

يوم من الماضي

اختلفت ملامح الماضي عن الحاضر كثيرا، و أصبحنا نرى الماضي كأنه عصر تخلف و الكثير منا يتساءل كيف استطاع الناس العيش في ذلك العصر


لكننا إذا ابتعدنا عن ما وفر لنا من حياة تكنولوجية مزدهرة فإننا سندرك أن أناس الماضي كانوا يعيشون حياة بسيطة و سعيدة و محافظة أكثر





















تمنيت أن أعيش يوما واحدا بالماضي فعندما أغمضت عيناي و تجهزت للسفر


قيل لي أن المسافة طويلة و أنه إذا أردت الوصول إلى المكان المحدد يجب أن لا أنظر من خلفي أبدا و أن ألبس شيئا مناسبا


بدأت رحلتي و في الطريق التقيت بجماعة من الناس وقفن عندي و بدأ حديثهم بالسلام ، فاستغربت و قاطعتهم قبل أن يبدأ الحديث

فقلت : كيف تسلموا علي و أنتم لا تعرفوني فقالوا : من المؤكد أنها أول مرة لك بالماضي فقلت : نعم ، فقلوا : نحن تربينا على هذا منذ صغرنا رأينا اهلنا يسلموا على الجميع
رأينا اهلنا يسلموا على الجميع فاتخذنهن قدوتنا الوحيدة فنحن كما تعرف ليس لدينا مدرسة نتعلم فيها فقلت : أتعلمون شيئا عن زمني فقالوا : لا

فقلت : صحيح أن لدينا مدرسة لكن أغلبنا لا يسلم على من يعرفه فكيف بمن لا يعرفه ، فقالوا : أهذا هو الزمن الحاضر الذي قالوا لنا أن عاداتنا ستستمر فقلت : أن أصحاب الحاضر تركوا ما أعجبهم من عادتكم من لباس و غناء أما الذي لم يعجبهم فقد شرعوا بنسيانه على مهلهم






سلموا و غادروا دون أن ينطقوا بأي كلمة و انتبهت بأخر لحظة أنهم كن حافيين قلت لهم : انتظروا فقد قيل لي إن أردت السفر أن ألبس جيدا و ها أنتن تمشون حافيين ، فقالوا من بعيد : أكمل سفرك و لا تصدق كل ما يقال لك في الحاضر فقد زيف ماضينا و بقيت منه بعض العيوب التي تمضون وقتكم بذكرها و الضحك عليها


وقتها علمت أنه حتى و إن كنا نعلم الكثير فإننا نجهل أكثر مما نعلم و أننا نسينا الكثير بحجة تعلم


الكثير















أكملت سفري فتوقفت أمام بيت كتب فوقه إن عطشت فتفضل فلدينا ماء يكفي الجميع طرقت الباب فقالوا تفضل يا ضيفنا سلمت عليهم و قلت لقد أعطشت هل أجد عندكم الماء فقالوا طبعا لدينا شربت و بعد أن أكملت رأيت شفاه أهل البيت قد تشققت من الظمأ ، فقلت: ما بها شفاهكم فقالوا : لم نستطع الذهاب إلى الوادي مرة أخرى لإحضار الماء هذا كل ما في الأمر فقلت : و كيف أعطيتموني ماءا و أنتم بأمس الحاجة له فقالوا : إن شربنا فقد


فقد نكون كاذبين ألم تقرئ ما كتبنا أمام بيتنا


فودعتهم و قلت : لقد نسيت أنني في الماضي نحن في زمننا فقد نسينا الإيثار رغم أننا ندرسه و أنتم لا .
















أكملت رحلتي إلى أن وصلت إلى مكان يقيم فيه الماضي و الحاضر معا لكن لا يرى أحد منهما الأخر ، فالماضي جبل شاهق ذو ارتفاع محدود و الحاضر بحر واسع مهما حاول البحث عن نهايته فلن تجدها ، التفتت إلى اليمين فرأيت بنات الحاضر اللواتي أعطيت لهم كامل الحقوق و خففت عنهم الواجبات يسبحون في هذا البحر الشاسع دون أي تفكير في ما ينتظرهم عندما يجف ، ثم التفتت إلى اليسار فرأيت بنات الماضي اللواتي تعشن من دون حقوق


لا تجد فرقا بين حياتهن و حياة الحيوانات تتسلقن هذا الجبل الشاهق كي تصل إلى قمته و تختبئن من عيون الرجال فملابسهن لا تغطي كافة أجسامهم بسبب الفقر من جهة و الجهل من جهة أخرى .


فعرفت حينها أن المرأة منذ أن منحت لها حقوق أصبحت الحرية قناعها و شرفها سلعة قد عرضت للبيع إلا أن الناس لن تشتريه بل تستعيره فقط ،وان كثيرا منهم لم يعد لا الدين و لا العادات و لا التقاليد تحكم هذه المرأة بنت الحاضر .













بعدما أكملت هذا الطريق وصلت إلى قرية كتب على أسوارها مهما كنت فمرحبا بك تفضل لحضور عرس من قريتنا


وجدت القرية خالية إلا بيتا وحدا اجتمع فيه كافة أهل القرية دخلت وإذا بي أرى أجمل منظر رأيته في حياتي ، أبسط منظر رأيته في حياتي ، منظر سعيد افتقدناه الان كثيرا

رأيت كافة المعازيم يجلسن القرفصاء و العروسة والعريس في وسطهن و بعض المأكولات أمام كل منهن بدى علي الاستغراب
فقال احدهم : لا تستغرب فلقد وصلت
وصلت إلى نهاية رحلتك و ستعود إلى عالمك قريبا لكن بالأول أحضر معانا هذا العرس ، هذا هو الماضي جهل و فقر لكن السعادة لا تخلو دقيقة من حياتنا ، و سر سعادتنا هو البساطة و هذا السر ستجدة في قلب كل سكان الماضي صحيح أن هذا العرس خال من الأدوات الحديثة خال حتى من شيء نجلس عليه لكننا سعداء بالقلوب التي نملكها قلوب لا يوجد الكره و البغض داخلها قلوب لا تعرف الأموال و لا تفكر بها ، قلوب تعيش

كي تسعد و ستعد من حولها ، قلوب لا تعرف الغيرة و الحسد ، قلوب تحكمها عاداتها و تقاليدها قبل كل شيء ، قلوب وضعت حدودا لأنفسها و رسمت على قلوبها لوحات السعادة و الابتسامة ، كم تمنينا لو كنا متعلمين مثلكم ، لكننا عندما نتطلع على حاضركم الان نقول الجهل و السعادة أفضل من علم و حياة تعيسة كلها خداع عود و أخبر أصحاب الحاضر أننا نشفق على حياتهم و نتمنى لهم حياة أفضل



















صحيح أننا نعيش حياة مزدهرة لكن الأخلاق و العادات و التقاليد قد تلاشت مع الماضي


غرق حياء المثير من البنات في البحار


و رمي الكثير بالرجولة في بئر عميق

و دفنت المحبة في مقبرة لا مفتاح لها
و قتلت الإنسانية بسكين حاد
و ماتت عقول الكثير من الأباء
من وراء جريانها وراء دنيا زائلة
و أطفئت شمعة اسمها السلام
و أصبحنا نعيش في عالم أبيح فيه كل شي

و لا مكان فيه للحب و المحبين

[دانة الكون]

يا زين الماضي بكل تفاصيله

الف شكر

[شمس الرائدية]

’’


جميلة رآئـحة آلمآضــي ..

آلف شكر ..

[غالي و عالي]

لك../.من..الشكر..ما..لله..به..عليم..
بكل..صدق..جهد..وااضح../
وفَّقك../.الله..لما..يحبُّه..ويرضاااه..