غذاء البحر المتوسط .. ريجيم ورشاقة
في ميدان سانتا انا الشهير بالعاصمة الاسبانية مدريد يقبل السائحون على جبن المانتشيجو المدخن وشرائح اللحوم الباردة وبالطبع شرائح الحبار المقلي. لكن هذا الطعام الذي يقدم عادة مع قطع كبيرة من الخبز الابيض ليس شهيا بالنسبة للنباتيين او اي شخص يبحث عن خمس حصص يومية من الفاكهة والخضراوات التي يوصي بها كثيرون من خبراء التغذية للتمتع بصحة جيدة.
وتقول سوزي جودال (28 عاما) وهي مستشارة هجرة بريطانية إنها تحب الطعام في مدريد على الرغم من عدم مراعاته لما يوصي به خبراء التغذية.
وتضيف اذا قدمت لك خضراوات في المطاعم تكون مقلية. حين تطلب سلاطة بندورة (طماطم) تحصل على سبع حبات من البندورة مغطاة بالزيت.
غير ان الحكومة الاسبانية تقول إن ما تصفه بحمية حوض البحر المتوسط طيبة وصحية جدا ولها جذور تاريخية وينبغي نشرها في جميع انحاء العالم.
وتقود اسبانيا حملة تشارك فيها ايطاليا واليونان والمغرب لاقناع منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» بإدراج النظام الغذائي لدول البحر المتوسط على قائمة التراث العالمي.
وقالت وزارة الزراعة الاسبانية في بيان لها إن اسبانيا أخذت بزمام المبادرة... لاقتناعها بان خصائص المطبخ الاسباني التي تمنحه تفوقا واضحا.. تجعله جديرا بهذا التقدير من جانب اليونسكو.
واذا ما تحقق لاسبانيا مرادها، فإن حمية البحر المتوسط يمكن ان تدرج على قائمة التراث الحضاري الى جانب مهرجان الموتى في المكسيك والباليه الملكي في كمبوديا. كما انه يفتح سبيلا جديدا، بل واكثر ربحية لتسويق منتجات اسبانية مثل زيت الزيتون واللحوم.
غير ان تعريف النظام الغذائي لدول البحر المتوسط مهمة تتطلب الكثير من الارتحال، فحين قام خبير الطهي البريطاني ريك شتاين بجولة في عدد من دول البحر المتوسط من اجل اعداد حلقات برنامجه التلفزيوني التي خصصت للمنطقة قدم نماذج لكل شيء من الكباب في جنوب شرق تركيا الى الطواجن والكسكس في المغرب والسمك المملح في اسبانيا.
ويشجع معهد «اولد وييز» لدراسات أنماط الغذاء الذي يتخذ من بوسطن مقرا له على اتباع النظام الغذائي لدول البحر المتوسط، ويصفه بأنه المعيار الذهبي لنماذج التغذية التي تؤدي لصحة جيدة وحياة مديدة.
غير ان النظام الغذائي الذي يروج له المعهد يستند للعادات الغذائية في كريت باليونان وجنوب ايطاليا في عام 1960 بالتقريب حين كانت معدلات الامراض المزمنة عند اقل مستوياتها على مستوى العالم ومتوسط عمر الفرد من أعلى المستويات على الرغم من ان الخدمات الصحية كانت محدودة.
ويروج معهد اولد وييز وغيره من المنظمات للنظام الغذائي لدول البحر المتوسط الذي يعرف بانه متعدد الدهون غير المشبعة مثل زيت الزيتون بدلا من الزبد والسمن ويحتوي على كميات كبيرة من الخضراوات والحبوب والاسماك وكميات معتدلة من منتجات الألبان وكميات صغيرة من اللحم والسكر.
وعلى الرغم من ذلك إلا انه يكثر في اسبانيا تقديم اللحوم على موائد الطعام. وفي وقت الغداء تعلن المطاعم والحانات قوائم الاطعمة على لوحات سوداء خارج ابوابها.
ومن الاطعمة المفضلة شرائح اللحم البقري المقلية وصدور الدجاج وتقدم مع شرائح البطاطس المقلية وكميات قليلة من السلاطة لتزيين الاطباق. وعادة ما يقلى السمك على عكس اطباق السمك التي تطهى في الفرن التي تجيء وصفاتها في كتب طهي خاصة بمنطقة البحر المتوسط تباع بجميع انحاء العالم.
وتعاني اسبانيا أيضا من مشكلة سمنة متزايدة. وتضاعفت نسبة السمنة بين البالغين في غضون السنوات العشر الاخيرة الى 14 في المائة، بينما يعاني واحد من كل ثلاثة اطفال اسبان من السمنة كما هو الحال في ايطاليا واليونان وهي واحدة من أعلى النسب في غرب اوروبا.
وترجع الزيادة لعدة عوامل مثل الافراط في تناول الطعام وقلة الحركة وتناول الاطفال كميات أكبر من الاطعمة سابقة التجهيز والحلوى.
وتعاملت السلطات الاسبانية مع الامر وطلبت الحكومة من المطاعم التوقيع على قواعد طوعية تقضي بعدم الاعلان عن تقديم كميات كبيرة من الطعام لأنها تعتقد ان ذلك يشجع على الافراط في تناول الطعام. وفي العام الماضي في حالة استثنائية بمنطقة «اوستورياس» الشمالية ابعدت اجهزة الرعاية الاجتماعية طفلا في العاشرة من عمره يزن مائة كيلوغرام عن رعاية جديه لانهما لم يتوقفا عن المبالغة في تقديم الطعام اليه.
ويقول خبير الطهي فيران ادريا:«إن مشكلة السمنة في اسبانيا لا تضر بمسعاها لكسب اعتراف دولي بنظامها الغذائي التقليدي».
ويقول ادريا الذي اختارت مجلة المطاعم مطعم «البويي» الخاص به كأفضل مطعم في العالم:«ان المطابخ الايطالية والاسبانية واليونانية والمغربية تجمعها بلا جدال ثقافة مشتركة،هي من الافضل على مستوى العالم». ويضيف ادريا ان التنشئة سبب السمنة، فالطهي الصحي بسيط .. ولكن يجب ان تفهمه.