القصيدة الثانية:
أنشودة الفجر
الفجـرُ والطلُّ ووادينا وما نرى من لهفةٍ فينا:
أنشودةٌ تنسابُ في سمعنا فيملآ الدمع مآقينا
تحملُنا عن بؤسنا والأسى إلى ابتساماتِ ليالينا
إلى زمانٍ كان فيه الرضَّا يرقُصُ في ظلَّ أمانينا
تُباركُ الشمسُ ترانيمها والبُلْبلُ الصدّاحُ يُشجينا
شوقاً إلى روضتنا إنها تُسعدنا والبعدُ يُشقينا
كانت روابيها على عهدنا ورداً وريحانًا ونسرينا
ما بالُها قد أقفرت بعدنا وأصبحتْ بالشوكِ تؤذينا؟
تبعثُ في أعماقنا لهفةً تظمئنا ، من حيثُ تَسقينا
يا روضةً كنا على سفحها نلقى أمانينا تنادينا
لا تحسبي أنّ الزمانَ الذي مـرّ علينا ، سوفَ يُنسينا
يا روضةً كنّا بها نلتقي نسكبُ في الوادي أغانينا
لا نشتكي اليومَ سوى لوعةٍ كوّنهـا بُعدُكِ تكوينا
لا نشتكي إلا صفاءاً غدا بشفَةِ الذكرى يناجينا
تبدلتْ حالتنُنا ، أصبحتْ غربةُ هذا العصرِ تشقينا
زماننا والناسُ في غفلةٍ قد ضيّعوا فيه الموازينا
"ليلى" والتي أعرفها أصبحتْ ياضيعةَ الأحلامِ " كارينا"!
وصاحبي أصبحَ – يا حسرتي_ يتخذُ القدوةَ " لينينا"!
الداءُ يا روضتّنا ليس في حبًّ به أصبحتُ مفتونا
فالحبُّ في رحلتنا مركبٌ من سَطْوةِ الآلامِ يُنجينا
وفي هجيرِ الصيفِ ظلٌّ لنا من قسوةِ الصحراءِ يحمينا
الحبُّ يا روضتَنا منزلٌ عن نزواتِ الريحِ يؤوينا
لولاه لم نسمعْ بذي لهفةٍ للموتِ لا يرضى به دُونا !
يُقدَّم النفسَ على بابهِ يَشري بها خُلداً وتمكينا
الدّاءُ- لوتدرينَ- في عالمٍ طوفانُه قد لفَظَ الدَّينا !
الداءُ- في أنفسِنا، لم تزلْ ممدودةً للكفرِ أيدينا !
عِفْنا زُلالَ الماءِ يا ويحنا واستعذبتْ أنفسُنا الطينا
كيفَ نريدُ العزَّ في حاضرٍ ونحنُ نستنكرُ ماضينا ؟!
إلى متى نبقى على حالنا نسيرُ في رَكْبِ أعادينا ؟!
مُلهِمَةَ الشعـرِ التي حولَها غرستُ أشواقي أفانينا
لا تحملي الهمَّ ولا تجزعي فاللهُ يرعانا ويكفينا
أقدارُنا ليس لنا حيلةٌ تنأى بنا حيناً وتُدنينا
[/LEF