[align=center]ومنها ما ينسب إلى عاد، ومنها ما ينسب إلى ثمود.
وقد اختلف الرواة كثيرا في أسماء شهور عاد وترتيبها، ومن الروايات في هذا الشأن: أولا رواية البيروني: " ويوجد للشهور العربية أسماء أخرى قد كان أوائلهم يدعونها بها، وهي هذه: المؤتمر، ناجر، خوان، صوان، حَنْتَم، زبّاء، الأصم، عادل، نافق، واغل، هواع، بُرَك. وقد توجد هذه الأسماء مختلفة الترتيب كما نظمها أحد الشعراء في شعره:
بمؤتمرٍ وناجرةٍ بدأنا
وبالخوانِ يتبعه الصوانُ
وبالزباءِ بائدةٌ تليه
يعود أصمَّ صمَّ به الشنانُ
وواغلةٌ وناطلةٌ جميعا
وعادلةٌ فهم غرر حسانُ
وَرْنَةٌ بعدها بَرَكٌ فتمت
شهور الحولِ يعقدها البنانُ
وقال ابن دريد: " المؤتمر المحرم، وناجر صفر، وخوان ربيع الأول، وقالوا خوان، وبصان ربيع الآخر، وقيل خوان يوم من أيام الأسبوع من اللغة الأولى، والحنين جمادى الأولى، ويسمى كذلك شيبان، وقيل هو كانون الأول، وربى جمادى الآخرة، ويسمى ملحان، وقيل هو كانون الثاني وسميا شيبان وملحان لبياض الثلج فيهما، شبها بالشيب والملح. والأصم رجب، وعاذل شعبان، وناتق رمضان، ووعل شوال، وورنة ذو القعدة، وبرك ذو الحجة ".
وللمسعودي رواية أخرى، مختلفة عن ذلك تقول: " وكانوا يسمون الشهور المحرم ناتق، وصفر ثقيل، ثم طليق، ناجر، سماح، أمنح، أحلك، كسع، زاهر، بزط، حرف، نعس وهو ذو الحجة ". وقيل " وكانوا يسمون الشهر المحرم ناتق، صفر ثقيل، طاليق، ناجر، أسلخ، أميح، أحلك، كسع، زاهر، برك، حرف أو نعس وهو ذو الحجة ".
وهناك رواية ابن الكلبي، تقول: " كانت عاد تسمي المحرم مؤتمرا، وصفرا ناجرا، وربيعا الأول خوانا، وربيعا الآخر بصانا، وجمادى الأولى ربى، وجمادى الاخرة حنينا، ورجب الأصم، وشعبان عاذلا، ورمضان ناتقا، وشوالا وعلا، وذا القعدة ورنة، وذا الحجة برك ".
وقد شك بعض الباحثين بل والمؤرخين المتقدمين في مثل هذه الأسماء هل هي حقيقية أم منتحلة وأما عن معانيها، فقد أوردها البيروني كالتالي:
1 - المؤتمر:
بأل التعريف أو بدونها، اسم قديم لشهر محرم.
وأكثر المفسرين على أن الشهر سمي بالمؤتمر، لأنهم كانوا فيه " يأتمرون " أي يتشاورون، أو لأنهم كانوا " يأتمرون " أي يمتثلون لما " تأتي به السنة من أقضيتها " .
2 - ناجر:
ويقولون إنه شهر صفر. ويظهر أنهم كانوا يطلقون هذا الاسم على كل شهر من أشهر الحر لا على شهر معين. جاء في اللسان " شهر ناجر، وكل شهر في صميم الحر فاسمه ناجر، لأن الإبل تنجر فيه أي يشتد عطشها حتى تيبس جلودها... " ويقول الجوهري: " .. شهر ناجر وهو كل شهر في صميم الحر ". أما الجذر " نجر " في العربية فيفيد الحر .
3 - خوان:
وهناك اختلاف في ضبط الاسم، فقالوا خَوّان، خُوّان خُوَان، حَوَّان (بالحاء). وقرنوه بربيع الأول. والكلمة وزنا ومعنى، غامضة. وقد أبى ابن فارس أن يعني بها فيقول: " ... فأما الذي يقال إنهم كانوا يسمون في العربية الأولى الربيع الأول خوانا فلا معنى له ولا وجه للشغل به ".
وأكثر المفسرين على أن الاسم مشتق من " الخيانة ". يقول البيروني: " وأما خوّان فهو على مثال فعّال من الخيانة، وكذلك صوان من الصيانة، وهذه المعاني كانت اتفقت لهم عند أول التسمية ". أي أن البيروني يعتقد أن حادثا مشؤوما وقعت فيه خيانة كانت السبب في التسمية. أما في المعاجم العربية فقد ورد لفظ الخوان بمعنى الأسد. ولعل له علاقة بالحادث المشئوم .
4 - بصّان:
واختلفوا كثيرا في ضبط الاسم، فقد ورد صُوان ( كما هو في البيروني ) وبُصان وبُصّان ووَبْصَان ووبُصان. ويقرنونه بشهر ربيع الاخر. والقلقشندي يشتق الكلمة من الوبيص بمعنى البريق. وجاء في اللسان: بصان " اسم ربيع الآخر في الجاهلية " على وزن غراب. قال: والجمع أبصنة وبصنان كأغربة وغربان. وأما غيره من اللغويين فإنما هو عندهم وبصان على مثال سبعان، ووبصان على مثال شقران .
5 - خنتم:
وهذا شهر آخر اختلفوا في ضبطه، فقد ورد خنتم، خنم، حنين حنين. وأنت إذا راجعت الأشهر السبئية وجدت شهرا يعرف بشهر ذو فرع أو خنيم. أيمكن أن يكون هناك صلة بين الاثنين؟
أما لفظة حنتم، وجمعها حناتم، فمعناها السحابة السوداء أو الجرة الخضراء الضاربة إلى الحمرة.
فبأي سمي الشهر الخضرة أم السواد؟ فإن كان سمي بالخضرة وجب أن يكون الشهر شهرا من أشهر الخريف، ففي هذين الشهرين يظهر العشب عند سقوط أول مطر .
6 - زباء:
وزبا، والزباء مؤنث الأزب، أي الخصب أو الكثير الشعر .
7 - الأصم:
وهو شهر رجب. جاء في اللسان: " والأصم رجب لعدم سماع السلاح فيه. وكان أهل الجاهلية يسمون رجبا شهر الله الأصم. قال الخليل إنما سمي بذلك لأنه كان لا يسمع فيه صوت مستغيث، ولا حركة قتال، ولا قعقعة سلاح لأنه من الأشهر الحرم. قال ووصف بالأصم مجازا، فكأن الإنسان في رجب أصم عن صوت السلاح ".
8 - عادل:
ويقال عادلة. ويقال: عاذل، يقول صاحب اللسان " ... وعاذل شعبان، وقيل عاذل شوال، وجمعه عواذل ". ووجه التسمية قائم على فكرة الحر إذ يكون الطقس في هذا الشهر قد أخذ بالدفء. يقول ابن فارس " العين والذال واللام أصل صحيح يدل على حر وشدة فيه، ثم يقاس عليه ما يقاربه. من ذلك اعتذل ( بالذال ) الحر اشتد، قال أبو عبيدة أيام معتذلات: شديدات الحرارة ".
9 - نافق:
وحسب أكثر الروايات ناتق. وهذا بيت من الشعر قديم يذكر فيه الشاعر ناتقا:
وفي ناتق أجلت لدى حومة الوغى
وولت على الإدبار فرسان خثعما
ولعل الشبه الشديد واضح بين نافق وناتق ولا سيما في الكتابة اليدوية، أو في المخطوطات القديمة. والجذران " نفق " و" نتق " وكلاهما سامي مشترك. أما " نفق " فتفيد أصلا الخروج.
وأما نتق، فيفيد الهز والجذب والنفض. والناقة أو الامرأة الناتق والمنتاق الكثيرة الأولاد. وفي الحديث: " عليكم بالأبكار من النساء فإنهن أطيب أفواها وأنتق أرحاما ". ولعل هذا الشهر كان يقع في موسم النتاج، فكانوا يسمونه ناتقا تيمنا بأن تكون الأنعام حسنة النتاج .
10 - واغل:
وواغلة، وفي بعض الروايات بالعين: وعل، وعل والتصحيف بين العن والغين سهل الوقوع.
فإن جذر " وعل " أو " وغل " واحد. ويرد إلى جذر سامي مشترك بمعنى غل، ويفيد الدخول والإيغال. والوعل في العربية نوع من الغزال، أو هو تيس الجبل، ومجازا الرجل الشريف والمقدم والمكان يُلجأ إليه .
11 - هواع:
وفي الرواية العربية اختلاف ظاهر، فالبيروني يثبته " هواع " وكذلك صاحب محيط المحيط. أما ابن سيده، وصاحب تاج العروس، فيذكرونه على أنه ( وَرْنَة ) أما صاحب اللسان فيجعله تحت " هوع "، ويقول: " وهواع ذو القعدة.
قال ابن الأعرابي: التورن كثرة التدهن والنعيم.
وللقلقشندي رأي اخر: " ويقولون في ذي القعدة ورنة، والواو فيه منقلبة عن همزة أخذا من أرن إذا تحرك، لأنه الوقت الذي يتحركون فيه للحج، أو من الأرون وهو الدنو لقربه من الحج " .
12 - بُرك:
وهو شهر ذي الحجة. وهناك شبه إجماع على اسمه دون خلاف. أما وجه التسمية فظاهر: من البركة والتبرك، لأنه كان شهر عيد مقدس في الجاهلية وجذر برك، سامي مشترك، ويفيد أصلا الركوع، والجثو على الركبة. والركبة يجب أن تكون البركة من البروك وهي كذلك في السريانية والعبرية.
الأشهر الثمودية
ذكر البيروني أن ثمودا كانوا يسمون الشهور بأسماء أخر، وهي:
موجب وهو ( المحرم )، ثم موجر ( صفر )، مورد ( ربيع الأول )، ملزم ( ربيع الثاني )، مصدر ( جمادى الأولى ) هوبر ( جمادى الثانية )، هوبل ( رجب )، موهاء ( شعبان )، ديمر ( رمضان )، دابر ( شوال )، حيفل ( ذو القعدة )، مسبل ( ذو الحجة ). قال وإنهم كانوا يبتدئون بها من ديمر، وهو شهر رمضان، وقد نظمها أبو سهل عيسى بن يحيى المسيحي في شعر فقال:
شهورُ ثمودَ موجب ثم موجزْ
وموردُ يتلو مُلزِماً ثم مَصْدَرُ
وهوبرُ يآتي ثم يدخلُ هَوْبلٌ
وموهاءُ قد يقفوها ثم دَيمرُ
ودابرُ يمضي ثم يقبل حيفلُ
ومسبلُ حتى تم فيهن أشهرُ "
وفي تفسير معانيها تكلف وصعوبة لقدمها وغرابة جذورها .[/align]