[frame="2 80"][align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
شهر رمضان والخير ... ورحيله المر
وهاهو أسبوعُِين أيُّها الأحبةُ يمضي بعدَ رحيلِ رمضان ، بعد رحيلك أيُّها الحبيبُ رمضان ، و يا لَهَا من أيامٍ مُرَّةٍ المذاق، ليسألَ كلُّ إنسانٍ منَّا نفسَه : كيفَ حالُكِ أيَّتُها النَّفسُ بعدَ رَمَضَان ؟!
أيُّها الإخوةُ لقد تعمَّدتُ تأخيرَ هذا الموضوعِ إلى هذه الأيامِ لنقارنَ بينَ حالِنا في رمضان و حالنا بعدَ رمضان ، رغم أنَّه لم يَمضِ عليه سوى أيامٍ ..
إيهٍ أيَّتُها النفس ! كنتِ قبلَ أيامٍ في صلاةٍ وصيام ، وتلاوةٍ وقيام ، ذكرٍ ودعاء ، وصدقةٍ وإحسانٍ وصلةٍ للأرحام، قبل أيامٍ كُنَّا نشعرُ برقةِ القلوب و اتصالِها بعلاَّمِ الغيوب .
كانت تُتلى علينا آياتُ القرآن ، فتخشعُ القلوبُ و تدمعُ العيون،فنزداد إيماناً وخشوعاً وإخباتاً لله سبحانه وتعالى، ذُقنا حلاوةَ الإيمانِ وعرفنا حقيقةَ الصِّيَام،ذُقنَا لذَّةَ الدمعةِ، وحلاوةَ المناجاةِ في السَّحَر .
كُنَّا نصلِّي صلاةَ من جُعِلَت قرةُ عينِهِ في الصَّلاة ،وكنَّا نصومُ صيامَ من ذاق حلاوتَه و عرف طعمَه ،وكنَّا ننفقُ نفقةَ من لا يخشى الفقر ! كُنَّا و كُنَّا ممَّا كُنَّا نفعلُهُ في هذا الشَّهر المباركِ العظيمِ الذي رَحَلَ عنَّا ..
وهكذا نتقلبُ في أعمالِ الخيرِ و أبوابِهِ حتَّى قال قائلُنا : يا ليتني مُتُّ على هذه الحال ! لما يشعرُ به من حلاوةِ الإيمان ولذَّةِ الطَّاعة . و هكذا مَضَتِ الأيامُ ورحَلَ رمضان ، ثُمَّ ماذا ؟
والناسُ بعد رمضانَ فريقان ، فائزونَ وخاسرونَ، فيا ليتَ شعري من هذا الفائزُ منَّا فنهنيَه ، ومن هذا الخاسـرُ فنعزيَه ؟! ورحيلُهُ مرٌّ على الجميع .. الفائزينَ والخاسرينَ ..
الرحيلُ مُرٌّ على الفائزينَ لأنَّهم فقدوا أياماً ممتِعَة ، وليالٍ جميلَة .. نهارُها صدقةٌ وصيام وليلُها قراءةٌ وقيام ، نسيمُها الذِّكر والدُّعاء ، وطيبُها الدموعُ والبكاء ..
شعروا بمرارةِ الفراقِ فأرسلوا العَبَرَاتِ والآهَات..كيفَ لا وهو شهرُ الرَّحمَات وتكفيرِ السِّيئاتِ وإقالةُ العَثَرَات، كيفَ لا والدعاءُ فيه مسموعٌ و الضُرُّ مدفوعٌ والخيرُ مجموع ؟!
كيف لا نبكي على رحيلِهِ ونحنُ لا نعلمُ أَمِنِ المقبولينَ نحنُ أم مِّن المطرودين ؟!
كيفَ لا نبكي على رحيلِهِ أيُّها الأحبةُ ونحنُ لا ندري أيعودُ ونحنُ في الوجودِ أم في اللِّحود ؟!
فيا ليت شعري أيُّها الأحبةُ بعدَ هذه الأيام .. من منَّا أشغلَهُ هذا الهاجسُ وقد مضى أسبوعُين على رحيلِ رمضان ؟ مَن منَّا أشغله هاجسُ هل قُبِلَتْ أعمالُهُ أم لا ؟
هل نحنُ من الفائزينَ في رمضانَ أم لا ؟ من منَّا لسانُهُ يلهجُ بالدُّعاء أن يَقبَلَ اللهُ منه رمضان ؟
إنَّنا نقرأُ ونسمعُ أنَّ سلفَنَا الصالحَ كانوا يدعونَ اللهَ ستةَ أشهرٍ أن يقبلَ اللهُ منهُم رمضان ، ونحنُ لم يمضِ على رحيلِهِ سوى أيامٍ فهل دعونا أم لا ؟
أم أنَّنا نسينَا رمضانَ وغَفَلْنا عنه و كأنَّنا أَزَحْنَا حِمْلاً ثقيلاً كان جاثماً على صدورِنا !
أيُّهاَ الأحبَّة ، هَذِهِ مشاعرُ وتَوجِيهات ، عَن رَحيلِ رمَضَان ، قصدتُ تأخيرَهَا بعدَ رَمَضَان بأيَّامٍ لِنَرَى ونَشْعُرَ بالفَرْقِ بَينَ حَالِنَا في رَمَضَان وحالِنَا هَذِهِ الأيَّام ، عَلَى قِلَّتِهَا فَكَيفَ يَا تُرَى بِحَالِنَا بعدَ شَهرٍ وشَهَرَينِ وَأَكثَرَ ؟!
رُغمَ أَنَّني أُؤكِّدُ وَأُكَرِّرُ أنَّنَا لا نُطَالبَ النُّفُوسَ أَنْ تَكُونَ كَمَا هِيَ في رَمَضَان ، وَلَكِنَّنا نُطَالِبُها بالاستِمرَارِ والمُدَاوَمَةِ عَلَى الطَّاعَاتِ والوَاجِبَاتِ ، وَتَذَكُّرِ الله وخَوفِ الله والصِّلَةِ به ، وَلَو كَانَت هَذِهِ الطَّاعَاتُ قَليلَةً فَقلِيلٌ دَائِمٌ خَيرٌ مِن كَثيرٍ مُنقَطِعْ
وفقني وإياكم لما يحبه الله ويرضاه [/align][/frame]